الدكتورة/ نوف علي المطيري
إلى أين سيقودنا هوس عمليات التجميل؟ سؤال تبادر إلى ذهني عندما كنت أقرأ في أحد المواقع النسائية المشهورة عن تجارب العضوات مع عمليات التجميل.
وأكثر ما أثار دهشتي وعجبي وأنا أقرأ التجارب سواء الناجحة منها أو الفاشلة أن معظم المشاركات من فئات عمرية صغيرة. وإقدام أغلب الفتيات على هذه الخطوة ليس بهدف إخفاء آثار الحروق والندبات. أو تصحيح عيب خلقي منذ الولادة عكر على المرأة صفو حياتها. أو تعديل بعض التشوهات الجسدية نتيجة تقلبات الوزن أو الولادات المتكررة. بل مجاراة لموضة عمليات التجميل التي بدأت تنتشر بصورة كبيرة في عالمنا العربي. ورغبة المرأة في أن تكون جذابة ومثيرة وتلفت أنظار الرجال من حولها حتى لو كان الثمن تغيير ملامحها وتحولها إلى شخص آخر. فبسبب الصورة المثالية وغير الواقعية التي تروج لها وسائل الإعلام المختلفة حول الجمال والجاذبية أصبحت كثير من النساء محبطات ويشعرن بعدم الجاذبية أو حتى ربما بالبشاعة. والمراهقات هم من أكثر الفئات عرضة لهذه المشاعر وتكوين صورة سلبية عن أجسادهن مما يؤثر على نفسية الفتاة وتحصيلها الدراسي. وكذلك تفاعلها مع المحيط من حولها بحيث تميل للعزلة وعدم المشاركة في الأنشطة الأسرية والاجتماعية. وقد يؤدي عدم رضا المراهقة عن أجزاء من جسدها إلى وقوع الفتاة تحت ضغوط نفسية فاعتقاد الفتاة أنها بدينة أو أنفها كبير – حتى لو كانت ليست كذلك على الإطلاق - يؤدي إلى تدني الثقة بالنفس ونقص احترام الذات ثم الاكتئاب. والذي تعالجه بعض الأسر للأسف إما بإنكار وجود المشكلة. أو بسلوك طريق عمليات التجميل دون الوعي بمخاطر هذه العمليات. والأخطاء الطبية الفادحة التي يرتكبها بعض الأطباء. والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تشويه الفتاة بدلاً من تحسين مظهرها.
لست ضد عمليات التجميل التي تهدف لتحسين المظهر الخارجي لمن تعاني من مشاكل حقيقية تحتاج لتدخل جراحي. ولكني ضد فكرة الهوس بالجمال الصناعي المليء بحقن البوتوكس. والأشكال المتشابهة والمكررة عن الفنانات العربيات فما دام الخالق منح المرأة جمالا طبيعيا وشكلا مقبولا خالي من التشويه فما الحاجة لتغيير خلقة الله والعبث بملامح الوجه وشكل الجسد بدعوى الحصول على الجمال؟! فالجمال كما نعلم جميعا أمر نسبي ويجب أن لا يكون هاجسا للمرأة الواثقة من نفسها. فالهوس بالكمال والرغبة في الحصول على وجه جميل وجسد رشيق دفع بكثير من الفتيات إلى طرق أبواب العيادات التجميلية وصرف الأموال الطائلة بحثا عن الجمال الصناعي. ويداعب خيال كل واحدة منهن حلم الحصول على جسد جديد وجميل. وأن مبضع الجراح السحري قادر على تحويلها إلى ملكة جمال. وكذلك مساعدتها على امتلاك قوام كقوام اللبنانيات وغاب عن بالها وبال الكثير من المهووسات بعمليات التجميل كيف أصبحت النساء اللبنانيات متشابهات في تفاصيل مظهرهن الخارجي وكأنهن خضعن لمبضع نفس الجراح. كما أن العملية التجميلية في النهاية ليست سهلة ولا مضمونة النتائج وستتعرض فيها المرأة لمشرط الجراح ومخاطر التخدير. فهل يستحق هذا الهدف الجمالي خطر إجراء العملية الجراحية وتحمل أوجاعها؟
قد تكون الحاجة أو الضرورة هي التي تفرض على بعض النساء الخضوع لمثل هذه العمليات التجميلية. وفي المقابل قد تكون هناك أسباب ودواعي أخرى تدفع بالمرأة للجوء أو تمادي في إجراء مثل هذه العمليات إما بسبب الفراغ. أو الترف. أو وجود اضطراب نفسي بحيث تشعر المرأة على الدوام أنها قبيحة أو شكل جسدها غير سوي مما يستلزم على الجراح مناقشة المريضة. ومعرفة أسباب لجوئها لإجراء العملية التجميلية. وعدم الخضوع لرغبات المريضة التي لا تحتاج لمثل هذه النوعية من العمليات. فهو بالنهاية طبيب وصاحب رسالة. وعليه مسؤوليات تقتضي منه الحرص على حياة المرضى وليس المادة.
د.نوف علي المطيري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
673 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع