علاءالدين الأعرجي
من استقصاء ِ آخر خارطةٍ للكونِ أصدرَتها ”مجلَّة الَجمعيَّة الجغرافيَّة الوطنية“National Geographic
يظهرُ أنَّ هناك ما لا يقلُّ عن مئة بليون مجرَّةٍ تسبحُ في جزءٍ صغير من الكونِ المكتشَف حتَّى الآن، كلُّ واحدةٍ منها تُعادلُ في حجمها تقريبًا مجرَّة ”درب التبّانة“ التي تُشكِّلُ مجموعتُنا الشمسيَّة جزءًا ذَرِّيـًّا منها. وتحتوي كلُّ مجرَّةٍ من هذه المجرَّات، التي تُعتبر ”جزيرةً كونيَّة“، أو أرخبيلاً صغيرًا، في محيطٍ كونيٍّ هائل، على مئات البلايين من النجوم، التي تُقارَنُ بمنظومة شمسنا وتوابعها من الكواكب السيَّارة. وتنتظمُ هذه المجراَّت، بدورها، في عناقيدَ أكبر تُشكِّل جزءًا من مجموعاتٍ عنقوديَّةٍ أعظم superclusters. وبغية أن نتصوُّرِ مدى سعَةِ هذا الجزءِ من الكَون فقط، نُقدِّم هذا المثال المبسَّط عن حجم مجرَّتنا ”درب التبّانة“(التي تشكل واحدة من مئة بليون مجرة): يحتاج المسافر من واحدةٍ من الشموس في طرف منها إلى مئة ألف سنة ضوئيَّة للوصول إلى نجمةٍ أُخرى في الطرف الآخر من نفس المجرة(السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة. علما أن الضوء يقطع 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة، وفي سنة 9,460,000,000,000 كيلومتر) . فهلاّ تصوَّرنا تفاهةَ الإنسان وعظمتَه في آنٍ واحدٍ، تفاهةَ كيانه المادِّيّ في هذا الكون الهائل، من جهة، وعظمتَه لأنه ادركَ وجودَه ومصيره، من جهة أُخرى! (قد تصحُّ المقارنة التشابُهيَّة هنا، بين الحيوان/ شبيه الإنسان المنتصِب القامة Homo Erectus، وبين الإنسان كحيوان فاعل Homo Faber، ثمَّ كحيوان ناطق، أو الإنسان العاقل Homo Sapiens، وهو الذي وصل إلى هذه المرحلة من الوعي والإدراك، والعلم..
سئُل أعرابيّ: ”كيف عرفتَ الله؟“، فأجاب، على السليقة: ”البعرة تدلُّ على البعير، والأثرُ يدلُّ على المسير؛ سماءٌ ذاتُ أبراج وأرضٌ ذات فِجاج، لا تدلاّن على السميع البصير!“
1267 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع