بقلم / سهيلة داود سلمان*
الكثير من الروايات تأتينا من غابر الأزمان ، منها ما هو مختلق أصلا ومنها ما هو محرف. هذا ما اريد طرحه هنا فيما يخص الرواية التي تناولها المسلمون قبل غيرهم, من أن النبي الكريم كان أميا. . وما أستندوا أليه وما أختلقوه من قصص.
أولا ـــــ نحن نعرف ان اول سورة نزلت على سيدنا الرسول الكريم ، أو أوحى اليه بها هي : اقرأ بأسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ، علم الانسان ما لم يعلم . من كلمة ( اقرأ ) رووا القصص بأن محمدا لم يكن يقرأ ، حجتهم أنه أجاب الوحي قائلا " ما أنا بقارئ" لو كان هذا صحيحا فلنحلل الجملة :
"ما " هي للنفي والجملة تكون معناها " لست بقارئ" ، ولكن "ما" أيضا تأتي للأستفهام ، فتكون الجملة " ما الذي أقرأ" أذ لم يكن أمامه شئ ليقرأه . وهذا أكثر منطقيا.
أن كلمة " قرأ " و " يقرأ " و " واقرأ " في اللغة العربية لاتعني القراءة بالأحرف والكلمات فقط ، بل هي تعني ايضا " هل كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أميا؟
بلغ " . فيقال " اقرأه السلام " أي بلغه السلام. و" اقرأ عني السلام " أي بلغ عني السلام. يقول الشاعر :
اقرأ عني السلام احباب قلبي
ابلاغ السلام بعض التلاقـي
أي بلغ السلام عني أحباب قلبي . ولما لم يكن امام النبي الكريم شيئا يقرأه ، فالمقصود انذاك " بلغ وليس اقرأ". فالجملة " مالذي ابلغه ؟ " والجواب " بلغ بلغ ياسم ربك ...
ثانيا ـــــ نأتي الان الى كلمة " الأمي " وهي صفة الذي لايقرأ ولا يكتب وقد وصف بها النبي ووردت في القران الكريم مؤكين بها أميته.
•( الذين يتبعون النبي الامي الذي يؤمن بالله) . من سورة الأعراف.
•( وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين) من سورة الجمعة .
هاتان السورتان من القران تؤكدان ان النبي كان أميا. وهل يعقل ان الله بعث الرسول في الناس الذين لايقرأون ولايكتبون فقط ؟. وكيف يتلو أي يقرأ عليهم آيات القران الكريم أذا لم يكن يجيد القراءة؟.
لننظر الى كلمة ألأمي وماذا كانت تعني ايضا.
1 /ان مكة في ذلك الزمان كانت تدعى بأم القرى ( ولد الرسول عام 570 في مكة) . فلماذا لايكون نسبه الى أم القرى , التي ينسب اليها أميّ وأميوّن , أسوة بما نقول هذا بغدادي او هذا مصري او لبناني.
2 /ان مكة في ذلك الزمان يقطنها عرب من عبدة الأصنام ويهود .كان اليهود يطلقون على العرب أبناء " الأمة " الأمة هي "الجارية".
انقل هنا بأختصار القصة التي وردت في الكتاب المقدس " العهد القديم " ، وتحديدا في سفر التكوين ، وهي قصة سيدنا ابراهيم الجد الأكبر للمسلمين واليهود ، فالعرب من نسل اسماعيل بن ابراهيم واليهود من نسل أسحق بن ابراهيم . انقلها بدقة كما وردت في سفر التكوين .
( كانت سارة زوجة ابراهيم عاقرا لاتلد حتى بلغت الشيخوخة. وكان لسارة " أمة " مصرية أسمها " هاجر" ، فقالت سارة لزوجها : قد حبسني الرب عن الولادة فأدخل على " أمتي " فسمع ابراهيم لقولها , فأخذت سارة أمتها هاجرالمصرية وزوجتها لأبراهيم . بعد عشر سنين من مقام ابراهيم في أرض كنعان " كان ابراهيم من أور في جنوب العراق ، ثم نزح الى ارض كنعان العام 1800 قبل الميلاد " . وهكذا دخل ابراهيم على هاجر وحملت منه ، فلما حملت هانت مولاتها في عينيها فأضطهدتها سارة مما جعلها تهرب منها. فوجدها ملاك الرب على عين ماء في البرية فقال لها : ياهاجر يا أمة سارة ارجعي الى
ارجعي الى مولاتك فأنك حامل وستلدين ابنا تسميه اسماعيل لأن الرب قد سمع صوت شقائك وسأبارك لك اسماعيل وأكثره جدا جدا وأجعله امة عظيمة . وعادت هاجروولدت اسماعيل كما وعدها الرب. ثم حملت سارة بعد ذلك وولدت ابنها أسحق وكان لها من العمر 90 عاما وكان اسماعيل صبيا عمره 13 عاما. فلما رأى سارة تضع طفلها سخر منها فقالت لأبراهيم " أطرد هذه الأمة وابنها فأن ابن الأمة لايرث مع ابني اسحق . فكلم ملاك الرب ابراهيم قائلا له: أسمع ماتقوله لك سارة لأن باسحق سيكون لك نسلا وأبن الأمة أجعله أمة ) .
هذا ماورد في سفر التكوين في الفصول من 16 الى 21 .
أليس هذا دليلا على ان الأميين هم ابناء هاجرومفردها الأمي ان لم يكن صفة لشعب " أم القرى " ؟. " وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " . ليس هذا دليلا واضحا ان الله بعثه قومه ؟.
القصص كثيرة تروى عن العظماء ومنهم سيدنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . من ذلك مارواه العلامة الشيخ جلال الحنفي رجل الدين المتنور والمثقف , الذي كان معتكفا في جامع يعود الى العصر العباسي وكان يؤم المصلين كل يوم جمعة. روى في احدى خطبه يوم الجمعة عن تلك الروايات المختلفة روايتين :
الاولى /ان محمدا الذي توفى ابوه وهو في بطن امه ثم لحقت به أمه وهو رضيع , فتكفله جده عبدالمطلب . روى ان جده كان يفتش عن مرضعة ترضع حفيده وان المرضعات كن يهربن قائلات ماذا سنحصل من يتيم يتيم . يقول الحنفي ان جده عبدالمطلب كان أمير مكة ومن أسياد بني هاشم , وان اي مرضعة تتمنى ان ترضع حفيده . أذن فالقصة مختلقة أصلا.
ثانيا /قصة الحجر الأسود يوم اراد سدنة الكعبة رفعه فأختلفت القبائل ، كل قبيلة تريد شرف رفعه , فقرروا الوقوف في باب الكعبة بأنتظار ان يمر اول طارق . وصادف ان مر محمد , فطلب اليهم ان يحضروا قطعة قماش ويضعوا الحجر الاسود عليها وكل رئيس قبيلة يمسك بطرف منه . يقول الحنفي ان محمدا كان مشهورا بسداد الرأي . وكل قريش تنعته بالصادق الأمين منذ شبابه . وكانت الكعبة على عكس ما تقول الرواية خالية كي ينتظروا اول مار بها. كانت مركزا مهما مكتضا بالناس على الدوام . اضافة الى انها مركزا دينيا لعبادة الأصنام . وهي مركز تجاري وثاقي .وهي على الدوام مليئة
بالناس ولايعقل بانهم كانوا بانتظار محمدا شخصيا ليحكم بينهم .
نحن نعرف ان سيدنا الرسول قبل زواجه من خديجة بنت خويلد , كان يقوم على تجارتها من مكة الى الشام وبالعكس . فكيف يكون أميا وهو تاجر مرموق تثق به خديجة ؟.
وهناك قول للنبي الكريم يقول " اطلب العلم ولو في الصين ". فكيف يكون أميا من يدعو الى هذه الدعوة ؟. واين تقع مكة من الصين؟.
هناك حقيقة ان النبي تربى في كنف جده وعمه "ابو طالب" وابو طالب هو والد الامام علي رضي الله عنه أشهر رجالات زمانه علما وثقافة وفقها . فهل من المعقول ان يعلم اولاده كلهم ويترك ابن اخيه محمدا أميا؟.
*مراجعة لغوية بدار المأمون للترجمة والنشر.. مديرة مدرسة الموسيقى والباليه سابقا
الگاردينيا:اهلا بالأستاذة القديرة/سهيلة داود سلمان .. نورتي حدائقنا ..ننتظر جديدكم.
921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع