مبروك لمحمد الدايني براءته دوليا وبرلمانيا ، متى يستفيق حكَّامنا من غفوتهم ؟
في 8 حزيران 2011 كنت قد ناشدت بمقالة عنوانها " لماذا الصمت عن قرار الاتحاد البرلماني الدولي بحق محمد الدايني يا برلمان العراق ؟ " وفيها توضيح كامل لإلتباسات قضيته وكشف حقائقها . واليوم وفي اجتماع الجمعية العامة للإتحاد البرلماني الدولي خلال انعقاد دورته 127 في كندا للفترة من 22-26 تشرين الأول الحالي اتخذ قرارا بالإجماع ببراءة الدايني المحكوم بالإعدام غيابيا في العراق الصادر في 24 كانون الأول 2010 من جميع التهم الموجهة له على ضوء قرار الاتحاد البرلماني الدولي السابق في 16 تشرين الاول 2011 في جنيف ومن خلال متابعة ثلاث دورات دولية متتالية تبنت القضية . كما عرضت في أروقة المؤتمر الأخير الشهر المنصرم كل الوثائق والقرارات للجان التحقيقية والقضائية التي أقرت براءته وادانت محاكمته الصورية والتعسفية الغيابية في بغداد كما جاءت الإفاقة المتأخرة لوفد البرلمان العراقي المشارك بتبنيه قرار التبرئة بناء على نتائج تحقيقات البرلمان الأخيرة في العراق والتي تثبت زيف التحقيقات القسرية التي استند اليها القضاء العراقي وعدم صحتها في حينه وأظهرت تسجيلات الفديو النائب جعفر الموسوي وهو يحقق مع أحد الضحايا المتوفين زورا بسبب الدايني وهو حي أمامه يرزق يعمل حاليا بصفة ضابط في احد المعسكرات في ديالى وهو ينكر معرفته بالدايني جملة وتفصيلا .
لم تعد قضية الدايني شخصية فحسب لكنها قضية تضع القضاء العراقي والبرلمان العراقي والقابضين على السلطة أمام فضائح وإجراءات مسيَّسة بإسم القضاء لصالح المتفردين بالسلطة مما يجعل أي عراقي معرض وبسهولة للتعرض لنفس الإجراءات والتفاصيل التي تعرض لها الدايني ، وبالتالي فأن الوفد المشارك في هذا الاجتماع قد وصلت له الرسالة الواضحة بما تعرض له من إجراءات قبل إدراجه بجلسات ونشاطات المؤتمر ، بأن المجتمع الدولي قد فقد مصداقيته بما يجري في العراق الجديد من أساليب وإبتزازات سادت القضاء والبرلمان والحكومة .
لقد أعطت قضية الدايني وإثارتها بجهده وفعله المتواصل والحثيث والفرص التي سنحت له لرفع الظلم عنه امام المحافل الدولية والتي لولا توفر فرصة الإفلات في حينها له بإعجوبة نادرة من ملاحقات السلطة لكن الدايني اليوم في عداد الأموات سواء تحت التراب أو أعماق الأنهار أو بين أنقاض المزابل إذ لو كان قد أُلقى القبض عليه لعوامل حاله كحال المفقودين من خلال إنكار القبض عليه، وبهذا تنتفي الحاجة للجان التحقيق ان تسوقه وفق المادة 4 ولا حاجة لانتزاع اعترافات تحت التعذيب حاله حال ألآلاف المفقودين الذين اختفوا بلا ذكر لهم ولا سجل في دولة القانون ! .
قضية الدايني حالة موثقة فاضحة لأجهزة النظام الديمقراطي الجديد ! الذي لا يريد السيد المالكي وحكومته الاعتراف بواقعه، مع أن بإمكانه أن يجعل منها فرصة لتبرئته بالذات مما تقترف بطانته وأجهزته إن لم يكن له فيها يد أو كيد وتبريرا كبيرا في تسهيل إصدار العفو عن من هم على شاكلة الدايني وأعدادهم بالألوف من الشباب والشيوخ بل حتى النساء والأطفال الذين يرسخون اليوم في سجون معلنة وغير معلنة ، والذين لو سنحت لهم الفرصة لإثبات براءتهم لكانوا في عداد عتقاءه ، لكن فرص الحكم والتعنت والتفرد والانتقام والتمييز الطائفي والفساد واجتثاث الآخر هي ميزة السلطة الحاكمة اليوم في العراق الجديد المنكوب .
كلمة الحق هذه لم تكتب لحسابات محمد الدايني الشخصية ، فالرجل أثبت شجاعة وصلابة كشفت حقيقة الزيف والظلم الذي تعرض له ، سواء رضخ القضاء العراقي والبرلمان والحكومة لقرار الاتحاد الدولي بحقه أو لم يرضخ ، ولكنها تذكرة لمن ألقى السمع من أزلام العملية السياسية والسلطة الحاكمة مفادها ، أن الظلم لن يدوم ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، فهل من رحمة بالموقوفين والسجناء الأبرياء ، والعوائل التي لا معين لها إلا الله ؟ ، إن الله يمهل ولا يهمل ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ، لعلكم تتقون ).
في 23 تشرين الثاني 2012.
1214 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع