د.عبدالقادر القيسي
ارتفعت الأصوات للمطالبة بتعجيل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق المئات من المدانين في العراق بالتزامن مع التقدّم نحو إقرار قانون للعفو العام من البرلمان، الذي كان بدوره بائسا ولم يكن بمستوى ما يمر به العراق من تجاذبات وشحن طائفي، يحتاج لأنزيم قوي له فعالية الانتشار في المجتمع العراقي والمشهد السياسي ليعطي اوكلوه، وكان قانون العفو ذلك الانزيم؛ لكنه وفق ما اقره مجلس الوزراء لم يكن سوى دواء منتهي الصلاحية وقانون لا ينسجم ومضامين الاتفاق السياسي.
يقبع في السجون العراقية المئات ممن صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في قضايا متعدّدة بانتظار التنفيذ الذي ظلّ معلّقا لرفض رئاسة الجمهورية التصديق عليه، لوجود هناك شبهات بعدم تمتع من أصدرت الاحكام بحقهم بمعايير المحاكمة العادلة، وقد اقر مجلس الوزراء القرار رقم 94 الصادر بتاريخ 19/11/ 2014 والمتضمن:
((متابعة شكاوى المحكومين الذين صدرت بحقهم الاحكام القضائية من خلال تشكيل لجان قضائية تتابع دراسة هذه الشكاوى وبيان إمكانية إعادة محاكماتهم وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية وتقديم ما لديهم الى رئاسة الادعاء العام لاتخاذ ما يلزم وفقا للقانون))
والمثير للاستغراب والتناقض مع قرار 94، صوت مجلس الوزراء في 16 /6/2015 على اجراء تعديل على نص المادة(286) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته، من خلال الاستغناء عن تصديق الرئيس على عمليات الإعدام ويمكن لوزير العدل بدلاً منه أن يصدق على الأحكام إذا لم يبادر الرئيس، خلال 30 يوماً من صدور حكم بات من محكمة التمييز إلى التصديق على الحكم أو إصدار قرار باستعمال الرأفة أو العفو، أو تخفيف الحكم، وفي ذلك التعديل مطبات كثيرة، منها:
الف: كيف يقر مجلس الوزراء القرار المرقم 94 في 19/11/2014، والذي يقر ضمنا بان هناك احكام قضائية قد صدرت بدون ان يتوفر لها أجواء محاكمة عادلة، ويطلب من مجلس القضاء الاعلى لتأسيس لجان قضائية تراجع هذه الاحكام ويطلب من المحكومين تقديم طلبات لأجل إعادة المحاكمة، هذا في 2014 بعد تشكيل حكومة الدكتور العبادي واليوم مجلس الوزراء نفسه، يطلب بتنفيذ احكام الإعدام بدون ان تمر بمرحلة تصديقها من خلال اصدار المراسيم الجمهورية من رئيس الجمهورية، اليس الامر في ذلك تناقض كبير ونسف واسقاط لمضامين القرار 94 لعام 2014؟
باء: ان قرار مجلس الوزراء رقم 94 لعام 2014 مخالف للقانون ويعد تدخل بعمل السلطة القضائية وقانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ رسم طريق لإعادة المحاكمة، غير متناسين، ان الطلب من مجلس القضاء الأعلى بتشكيل لجان قضائية لأجل دراسة هذه الشكاوى وبيان إمكانية إعادة محاكماتهم، وبعدها يحيل الموضوع الى الادعاء العام، أي انه فسر الماء بعد جهد جهيد بالماء؛ خصوصا ان المادة 271 وما بعدها رسمت طريقا لإعادة المحاكمة واولها تقديم طلب للادعاء العام، وبعد موافقة الادعاء العام تحال الى محكمة التمييز الاتحادية لاتخاذ قرارها وفق القانون، فما هو دور هذه اللجان القضائية التي طلب مجلس الوزراء تشكيلها، هل تقديم توصيات بصدد إجراءات قضائية ام اصدار قرارات لها قوة القانون؟ خصوصا ان إعادة المحاكمة بعد موافقة محكمة التمييز الاتحادية عليها، منوطة حصريا بمحكمة الموضوع التي أصدرت حكم الاعدام.
ان قرار مجلس الوزراء رقم 94 لعام 2014 مخالف للأصول القضائية وقبلها الدستور النافذ ويعد تدخل بعمل القضاء، ولا يحق لمجلس الوزراء الطلب من القضاء تشكيل لجان قضائية تدقق وتدرس الاحكام القضائية لان ذلك خارج مهام السلطة التنفيذية، أضف ان طرق الطعن بالأحكام واضحة ولها مدد قانونية قطعية.
ان تحوّل تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق المئات من المدانين في العراق إلى مدار معركة حامية، ظاهرها قانوني، لا يخلو من أبعاد سياسية وطائفية، كون أعداد من المحكوم عليهم بالإعدام في العراق خصوما سياسيين لشخصيات نافذة في الدولة او كانوا وقود لحرق شخصية سياسية من باب تعزيز الاتهامات وتأكيدها بحق تلك الشخصية السياسية، ويشكو أغلبهم من محاكمات سياسية مفتقرة إلى معايير العدالة.
وطالب موفق الربيعي مستشار الأمن القومي السابق، رئيس الجمهورية إلى تخويل نائبه (نوري المالكي) صلاحية المصادقة على أحكام الإعدام، “مراعاة للدستور وخفضا للنفقات”، وتصريحات أخرى تتذرع بالأوضاع الأمنية التي تتطلب في رأيهم صرامة ضد المحكومين في قضايا الإرهاب.
هذه الضغوط السياسية والإعلامية دفعت اللجنة القانونية النيابية وبسابقة خطيرة، ان تؤيد قرار مجلس الوزراء الذي خوّل فيه وزير العدل المصادقة على أحكام الإعدام في حال مضي شهر ولم تصادق رئاسة الجمهورية عليها، معتبرة أن هذا الأجراء لا يتضمن أي خرق للدستور أو القانون.
وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد أكد في 23 شباط عام 2015(..عدم امتناعه عن المصادقة على أحكام الإعدام .. واشار الى انه متردد في التصديق على 500 حكم اعدام تنتظر تصديق رئاسة الجمهورية لوجود اعتراضات وطعون سياسية وجنائية فيها .. داعيا الى مراجعة بعض هذه الاحكام لوجود شك في الاجراءات المتعلقة بالاعترافات والادلة.)، وقطعا ان الإصرار على المطالبة بتنفيذ تلك الأحكام وإنّ تطلب الأمر تجاوز سلطة رئيس الجمهورية أو الالتفاف عليها بإقرار آلية قانونية جديدة، فيه مغالطات كثيرة ليس لها أدنى ما يزكيها من الوجهة القانونية او ما يصدقها من الوجهة الدستورية، ولنا على ذلك عدة أمور قانونية وغيرها ومنها:
الامر الأول: أن قضية الإعدامات في العراق اتخذت بعدا دوليا، وهناك انعكاسات لأحكام الإعدام على منظومة القضاء بالعراق؛ وتمثل ذلك بما يلي:
الف/ حيث طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش البرلمان العراقي برفض مقترح مجلس الوزراء الذي يسمح لوزير العدل المصادقة على أوامر أحكام الإعدام بدلا من رئيس الجمهورية، ونقل التقرير عن مديرة هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الأوسط سارة لي ويتسون قولها إن “تعجيل تنفيذ أحكام الإعدام عن طريق تقليص فرص الحماية للمتهمين سيعرض حياة الكثير من الأبرياء للخطر”، مضيفة “على العراق أن يحارب إرهاب داعش من خلال محاكمات عادلة وشفافة تعكس العدالة ولا تسهل الإعدامات المستندة إلى اعترافات قسرية”، باء/ وجه مركز جنيف الدولي للعدالة نداءً عاجلاً إلى الدول الأعضاء في المنظومة الدولية لتسليط الضوء على “خطورة التعديل الذي أجرته الحكومة العراقية منتصف الشهر الحالي على قانون أصول المحاكمات الجزائية، الذي من شأنه التسريع بتنفيذ أحكام الإعدام في ظل نظام قضائي يفتقد إلى أبسط مقومات العدالة والاستقلالية، ويتعرض إلى ضغوط سياسية كبيرة”.
جيم/ بحسب تقارير سابقة لمنظمة العفو الدولية، فإن معظم أحكام الإعدام التي صدرت خلال السنوات الأخيرة بالعراق طُبقت بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2005، الذي يشمل عبارات رأت المنظمة أنها مبهمة، من قبيل التحريض على أعمال الإرهاب، أو التخطيط لها، أو تمويلها، أو دعم آخرين لارتكابها... وتفرض عقوبة الإعدام في أفعال غامضة الصياغة وغير مميتة بالضرورة... كما يحظر دستور العراق استعمال الرأفة أو العفو في قضايا الإرهاب، في مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تمنح المحكوم عليه بالإعدام الحق في طلب الرأفة أو العفو أو تخفيف العقوبة في أي وقت.
دال/ اتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون العراق العام الماضي باستخدام أحكام الإعدام بشكل طائفي.
هاء/ وما أكده المدعي العام الأميركي، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء العراقي السابق مارس دورا في هذا التسيس بتعيين بعض القضاة المحسوبين على حزبه.
واو/ هناك سابقة بان الشرطة الدولية(الإنتربول)لا تعترف بقرارات المحاكم العراقية.
الامر الثاني : ان دستور عام 2005 النافذ منح صلاحية حصرية دستورية لرئيس الجمهورية في المصادقة على احكام الإعدام في نص المادة( م73/ ثامنا) منه :ـ (المصادقة على احكام الاعدام التي تصدرها المحاكم المختصة)، لا يمكن تجاوزها او اسقاطها من خلال تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ، ودستور 2005 ليس في نصوصه ما يجيز التدخل في هذه الصلاحية، لذا فمشروع القانون مخالف للدستور، وبداية، يستوجب تعديل الدستور أولا وليس تعديل في نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية، والصلاحية الدستورية في نص المادة 73 /ثامناً، مصانه ومثبتة دستوريا ولا يجوز القفز عليها بقانون يعد اقل مرتبه هرميه من الدستور، ونص المادة(285/ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اوجبت ان يكون حكم الإعدام الصادر من المحكمة المختصة قطعيا ومؤطر دستوريا بمرسوم جمهوري صادر من رئاسة الجمهورية والمادة 286 من نفس القانون رسمت الطريق للكيفية المطلوبة لأصدار المرسوم الجمهوري، واكدت على أن جميع أحكام الإعدام التي أيدتها محكمة التمييز يجب أن تُقدم إلى رئيس الجمهورية الذي يحق له المصادقة على الحكم أو تخفيفه أو إصدار عفو .. مشيرة الى ان المادة (6) من الأمر رقم (3) لسنة 2004، أدخلت تعديلاً على المادتين (285 ب) و (286) من القانون، نص على أن تنفيذ أي حكم بالإعدام يقتضي موافقة رئيس الوزراء فضلًا عن مصادقة رئاسة الجمهورية، وذلك استثناء مما نصت عليه الأنظمة السابقة.
الامر الثالث: ان الدستور منح رئيس الجمهورية المصادقة على احكام الإعدام ليس اعتباطا وليس اجراء بروتوكولياً او تشريفياً حسب ما يصفه البعض؛ لان في ذلك اجحاف لمضامين الدستور ونية المشرع الدستوري، عندما اعتبر نفاذ احكام الإعدام بتصديقها بمراسيم جمهورية من رئيس الجمهورية وهذه الصلاحية الدستورية ليست اجبارية التنفيذ وانما تخضع لدراسة وتدقيق وتمحيص ولا علاقة لها بالتدخل بإحكام قضائية قطعية؛ لان رئيس الجمهورية عندما لا يصادق على احكام الإعدام ليس معناه ان المتهم المحكوم بالإعدام سوف يفرج عنه ويغادر السجن وتنتهي محكوميته وانما يبقى في السجن بحكم المحكوم بالمؤبد.
الامر الرابع: مسودة القانون الصادر من مجلس الوزراء تتعارض جملة وتفصيلا مع نص المادة 73 التي حصرت صلاحية المصادقة على احكام الاعدام الصادرة من المحاكم العراقية برئيس الجمهورية، وهذا عرف معمول به في كل دول العالم، والرئيس العراقي بموجب الدستور له صلاحية تمكنه من العفو أو التخفيف على المحكومين تمييزيا بالإعدام في بعض الجرائم، وهو امل ينتظره المحكوم عليه.
الامر الخامس: اذا كانت الكتل السياسية او السلطة التنفيذية ترى ان في ذلك تجاوز للدستور وانتهاك لنصوصه فعليها الذهاب لنصوص المادة(61/سادسا/ أ، ب) والطلب من مجلس النواب بتقديم طلب مسبب، مسائلة رئيس الجمهورية، لأنه في عدم مصادقته على احكام الإعدام قد انتهك الدستور في تصور البعض، وبعدها يتم التصويت على ذلك الطلب بأغلبية مطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وليس عدد الحاضرين من الاعضاء.
الامر السادس: ان الصلاحية الدستورية الممنوحة لرئيس الجمهورية في المصادقة على احكام الإعدام جوازيه ورئاسة الجمهورية اعلى هرم بالدولة وقد ترى بان عقوبة الإعدام، لا تتفق والكرامة المتأصلة في الشخص، لا سيما ان العقوبة تنفرد بقسوتها ونهائيتها وقد يكسوها التعسف او يعتريها الخطأ، ورئاسة الجمهورية حريصة على التدقيق بالملفات لا سيما تلك التي تتضمن ادعاءات بوجود تهم كيدية او اعترافات اخذت بالإكراه، وعند ممانعة رئيس الجمهورية على تصديق مراسيم الإعدام يحق لكل جهة متضررة من ذلك، إقامة دعواها امام المحكمة الاتحادية العليا.
الامر السابع : ان الإعدام؛ قرار قضائي فاصل بين الحياة والموت، وعليه ينبغي أن يكون هذا الحكم دقيقاً، وسائراً وفقاً للإجراءات القضائية، وبعيداً عن الضغوط السياسية والبرلمانية والإدارية، وتجاوز سلطات رئيس الجمهورية في مسألة تنفيذ الإعدامات يفتح الباب لإعدامات سريعة ويلغي فرصة مراجعة قسم من الأحكام التي صدرت بعد محاكمات مشكوك في شفافيتها ومهنيتها، وسيكون سبباً لمزيد من الشعور بالظلم .
الامر الثامن: ليس هناك ما يجبر رئيس الجمهورية على تفويض صلاحياته في المصادقة على احكام الاعدام لاحد نوابه وهناك صورتان من صور التفويض (تفويض الاختصاص وتفويض التوقيع) وتفويض الاختصاص يؤدي الى تعديل قواعد الاختصاص، فتنتقل السلطة بالتفويض الى الجهة المفوض اليها وتفويض التوقيع، يتحلل
به رئيس الجمهورية من بعض الاعباء المادية مع امكان ممارسته لاختصاصه بجانب الاختصاص المفوض اليه، وان صاحب الاختصاص (رئيس الجمهورية) ملزم بان يمارس اختصاصه المعين له بمقتضى المبادئ الدستورية او القوانين، والاصل ان الاختصاص شخصي، يجب ان يمارسه رئيس الجمهورية بنفسه، ولا يستطيع ان يفوض بعض اختصاصه الى غيره، الا اذا اجاز المشرع ذلك صراحة لان مباشرة الاختصاص واجب قانوني على الرئيس وليس حقا له، ومن ثم فانه لا يجوز النزول عنه او الانابة فيه الا في الحدود او الوجه المبين في الدستور او القانون، كما لو كان ثمة قانون يرخص في التفويض والاجازة، ولم ينص الدستور العراقي على اي صورة من صور التفويض، حيث ذكرت المادة (138/ أولا) بان يعاد العمل بالأحكام الخاصة برئيس الجمهورية بعد دورة واحدة لاحقة لنفاذ الدستور، والصلاحيات الواردة في الدستور لرئيس الجمهورية خصوصاً م 73 منه لم تنص على منح تفويض لنائبيه او لرئيس الوزراء او غيره اي صلاحية من هذه الصلاحيات والدستور العراقي عندما اعطى هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية فان رئيس الجمهورية عليه ان يقوم بهذه الاختصاصات وليس له كأصل عام ان يفوض نائبه الا اذا اجاز الدستور ذلك.
وينبغي التمييز بين التفويض والانابة (الحلول) بالرغم من التشابه في التنظيم القانوني، والانابة هو ان يتغيب صاحب الاختصاص الاصيل او يقوم به مانع يحول دون ممارسته لاختصاصه، فحينئذ يحل محله في ممارسة الاختصاص وتكون سلطاته نفس سلطات الاصيل بعكس المفوض اليه الذي تقتصر سلطاته على ما فوض اليه على المدى الزمني المحدد لممارسة السلطة المفوضة مع قابلية التفويض للسحب في كل وقت من قبل الاصيل، ولا حلول في مزاولة الاختصاص الا إذا نظمه المشرع، فاذا غفل المشرع عن تنظيمه أصبح الحلول او الانابة مستحيلة قانونا، والمادة (138/رابعا)ً من الدستور العراقي النافذ، اعطت الحق لأي عضو من اعضاء مجلس الرئاسة (أي في الدورة الأولى)انابة احد الاعضاء مكانه، وسكت الدستور عن الانابة فيما يخص رئيس الجمهورية في الدورة اللاحقة، وهذا معناه لا يحق لرئيس الجمهورية في هذه الدورة اعطاء التفويض او الانابة لنائبيه الذي ليس لهم صلاحيات عضو من اعضاء مجلس الرئاسة كما كان سابقاً .
ان التفويض او الانابة يجب ان تكون لضرورة وفي الاحوال الاستثنائية وليست الاحوال العادية، اي ان التفويض في الاختصاص الدستوري هو نوع من انواع الاستثناء الذي لا يجوز الا عند الضرورة وبنص دستوري اي لا يجوز اعطاء تفويض لا تبرره ضرورة ولا ظروف استثنائية حاكمة، لذا يصبح التفويض لا سند لوجوده، وهذا الممارسة حصلت في عهد الرئيس السابق السيد جلال طالباني(شافاه الله)، لأسباب يعلمها الجميع.
الامر التاسع: ان المضي قدما في تعديل مجلس الوزراء، الذي يسمح لوزير العدل بالمصادقة على قرارات تنفيذ احكام الاعدام بدلاً من رئيس الجمهورية، سيصنع من وزير العدل وزيرا للإعدامات، وبالنتيجة سيكون مصيره الطعن به بعدم دستوريته امام المحكمة الاتحادية العليا وسيكون نتيجته الابطال لكونه مخالف للدستور.
الامر العاشر: ان المضي بالتعديل الذي من شأنه السماح لوزارة العدل بتنفيذ أحكام الإعدام دون الرجوع لرئاسة الجمهورية، ُتعد ضربة للدستور، وتعد بمثابة جريمة قتل عمد مما سيمكن ذوي المحكومين بالإعدام بمقاضاة السلطة التنفيذية باعتبارها خالفت نصوص الدستور أولا والقانون في تنفيذه ثانيا.
الامر الثاني عشر: يفرض القانون العراقي عقوبة الإعدام في 48 جريمة وأكثرها نص عليها قانون مكافحة الإرهاب المرقم 13 لسنة 2005، وعدة جرائم أخرى مما يبعد العراق كثيراً عن المعيار العالمي الذي يقصر عقوبة الإعدام على جرائم خطيرة جدا وبعد تقيد صارم بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وفي البلدان التي تجيز قوانينها العقابية عقوبة الإعدام، وهي بحدود 68 دولة.
الامر الثالث عشر: هناك ترابط بين قضية الإعدامات بمسألة أعم هي المصالحة الوطنية التي ترعاها رئاسة الجمهورية ووفق ذلك، يرى كثير من السياسيين ان المصالحة الوطنية غير ممكنة دون إنصاف الكثيرين ممن صدرت بشأنهم أحكام يرونها غير شفافة.
الامر الرابع عشر: شهد العراق جدلا سياسيا حادا حول عدد المحكومين الذين لم يصادق على مراسيم اعدامهم حيث وصلت اعدادهم الى7 الاف حكم، وردت رئاسة الجمهورية على ذلك بالقول ان عدد المحكومين بالإعدام بتهم ارهابية هو 160 فقط وليس 7 الاف داعية النواب والسياسيين الى توخي الدقة في تصريحاتهم.
الامر الخامس عشر: ترجح أطراف قانونية برلمانية ان رئاسة الجمهورية أخرت المصادقة على مراسيم الإعدام لأجل إعطاء قانون العفو العام فسحة في مدى ان يوقف العفو تنفيذ بعض احكام الاعدام، التي تعكف رئاسة الجمهورية على دراستها، لحين تمرير او رفض القانون.
الامر السادس عشر: عارض رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في29 حزيران، 2015، تنفيذ الاعدام لرغبات سياسية وليس لسياقات قضائية ورفض محاولات بعض الجهات السياسية تحويل المصادقة على أحكام الاعدامات من رئيس الجمهورية فواد معصوم إلى نائبه رئيس الحكومة السابقة نوري المالكي، عاداً هذه الخطوة محاولة الالتفاف على الدستور، وقال الجبوري خلال لقائه بممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الامم المتحدة بالعراق، إنه “يجب على كل الأطراف احترام صلاحيات رئاسة الجمهورية وإتباع السياقات الدستورية فيما يخص أحكام الإعدام، وعدم تحويلها لطرف آخر”
زادت في الآونة الاخيرة المطالبات الشعبية لرئيس الجمهورية لعدم التوقيع على احكام الإعدام، وجاءت هذه المطالبات بعد اصدار المحكمة الجنائية احكاما بالسجن المؤبد بحق 4 متورطين في تفجير عزاء في منطقة الشعلة وراح ضحيته العشرات عام 2011، وعللت ذلك بـ"كونهم اصحاب عوائل وإعطائهم الفرصة لإصلاح ذاتهم وهي ظروف تستدعي الرأفة بهم"، وعلى اثر ذلك، اعلنت السلطة القضائية عن تشكيل لجنة رفيعة المستوى لتدقيق اضبارة المتهمين بالتفجير.
وأخيرا نحتاج التذكير بقولين لقانون العدل ورسالة التسامح الامام علي (عليه السلام):
(شيئان لا يوزن ثوابهما: العفـو والعـدل)
(أحمق الناس من يمنع البر ويطلب الشكر، ويفعل الشر ويتوقع ثواب الخير).
1051 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع