الدكتور / وليد الراوي
تجابه ايران سيناريوهات ثلاث امام عنادها في عدم التعاون مع المجتمع الدولي فيما يخص برنامجها النووي هذه السيناريوهات تتلخص بما يلي:
1.الحصار الاقتصادي وتصاعد وتيرة العقوبات.
2. الضربة العسكرية لتدمير البرنامج النووي الايراني.
3. اذعان ايران للارادة االدولية واجراء مفاوضات لحل المعظلة.
ان احدى هذه السيناريوهات المفروضة على مستقبل العلاقات بين ايران وخصومها في الغرب فيما يخص البرنامج النووي الايراني هو الوصول الى تفاهم كما سبق وان قام به نظام القذافي وان تفتح ايران منشاتها النووية امام لجان تفتيش وكالة الطاقة الذرية والاتفاق فيما بينهما لما يضمن انهاء الازمة بين الطرفين, هذا الامر سيمنح ايران المكافئات الغربية ويرفع الحصار الاقتصادي وستتبع هذا اللاتفاق مكاسب كبرى ستمنح لايران على شكل مكافئات استراتيجية على تعاونها.
الظروف التي تجبر ايران على اختيار هذا المسلك:
سوف تفرض ظروف استراتيجية على النظام الايراني تجبره على اتخاذ قرار الموافقة على التفاوض وابداء التسهيلات لحل مشكلة البرنامج النووي الايراني واول هذه الظروف, سقوط نظام بشار الاسد حيث ستفقد ايران بذلك اقوى حليف لها في المنطقة وبوابه دخولها الى لبنان ومصر وبعض الدول الخليجية , هذا الحدث سيزعزع اركان النظام في ايران وسوف يعمل النظام الايراني على ان يكون العراق بديلا لسوريا أذ سيكون بوابة الدخول الايرانية الى الخليج العربي والى الاردن , كما يتزايد الخوف في ايران وحلفائها في العراق من انتقال الربيع العربي الى العراق .
ان تخوف ايران من توجيه ضربة عسكرية لمنشئاتها النووية وبعض الاهداف الاسترايجية مما قد يطور الصراع الى مستوى اقليمي وستكون ايران هي الضحية الاولى من هذا الصراع وقد تكون عرضة للتقسيم .ان تخوف ايران من تزايد اثر العقوبات الاقتصادية وما صاحبه من انخفاض سعر صرف العملة الايرانية وتاثير الحصار الاقتصادي على المستوى المعيشي للمواطنين الايرانيين وخوفا من تصاعد هذه الاحتجاجات مع احتمال اندلاع ربيع ايراني قد تم تهيئة مقوماته وبالتالي الدخول في صراع داخلي قد ياخذ اتجاهات طائفية وقومية , واخيرا ان المكر والدهاء الايراني في التفاوض واستغلال الفرصة الاخيرة سيجعلهم يقبلون التفاوض للوصول الى اتفاق مع منظمة الطاقة االذرية.
التاثيرات الاستراتيجية على القرار الايراني:
ستحقق ايران مكاسب كبيرة على الصعيد الاستراتيجي مقابل ذلك ستخسر المنطقة العربية وخصوصا العراق ودول الخليج العربي الكثير ويمكن تسمية هذه الخسائر بالخسائر الاستراتيجية, حيث سيعطي الغرب والولايات المتحدة الاميريكية حزمة مكاسب اقتصادية وعد بها الغرب تبدا هذه الحزمة برفع الحصار والسماح لايران بتصدير نفطها واستيراد ما تحتاجه من مواد وتجهيزات. اما على الصعيد السياسي فستكسب ايران الكثير من خلال تفاهمات مع الادراة الامريكية لتقاسم مناطق النفوذ وفق مبدا" تخادم المصالح" وستعاد رسم صيغة التوافق الاميركي - الايراني في المنطقة لاسيما ان هنالك مقدمات كبرى مؤسسة لهذه العلاقة ومن اهمها مايلي:
1. العلاقات الاميركية – الايرانية المميزة في زمن شاه ايران حتى كان يطلق على ايران " شرطي الخليج " لقيامها بحماية المصالح الامريكية في المنطقة وقد بدا ذلك واضحا حيال سكوت الغرب والادارة الامريكية في حينها على قيام ايران باحتلال الجزر العربية الثلاث في 30 نوفمبر 1971 .
2. العلاقات الايرانية - الاسرائيلية عبر تجهيز الاخيرة بصفقات السلاح الى ايران أبان الحرب العراقية - الايرانية والتي بات يطلق عليها ايران غيت.
3. الموقف الايراني المنافق ازاء غزو العراق للكويت عام 1990
4. الدور الايراني المعلوم في مساندة القوات الامريكية في احتلال افغانستان واحتلال العراق عام 2003
5. الدور الايراني المباشر في دعم السياسة الامريكية في العراق بعد احتلاله عبر مشاركة الاحزاب والقوى السياسية الموالية لايران , في تاسيس العملية السياسية في العراق واقرار الدستور وتوقيع الاتفاقية الامنية.
هذا التاريخ الحافل بالانجازات والمصالح المشتركة بين ايران والولايات المتحدة الاميركية سيسهل عودة ايران للمارسة دورها في الخليج العربي وفي هذه المرة لن تكون ايران شرطي الخليج يعمل لصالح اميركا بل ستكون هناك انظمة في المنطة العربية ستعمل" شرطة لدى ايران ".
التاثيرات السلبية على المنطقة العربية: اول من سيتاثر من قرار انهاء الملف النووي الايراني هو دول الخليج العربي, حيث ستاخذ العلاقة الايرانية - الاميركية دورا متقدما وفق المعطيات التالية:
1. النفط:
ستعود ايران لتاخذ موقعها المتقدم في تزويد اميركا والغرب بالنفط ومصادر الطاقة الاخرى.
2. أمن اسرائيل:
بانتهاء ملف البرنامج النووي الايراني ستزال اهم عقبة تهدد امن اسرائيل وسيبقى ملف " حزب الله" عقبة امام تطور العلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية و الغرب , فسقوط النظام السوري المرتقب سيفرض على حزب الله اعادة صياغة استراتيجيته السياسية والعسكرية وسيتم التركيز على الدور السياسي للحزب كجزء من الدولة اللبنانية .
3. الارهاب:
طالما تدعي ايران بانها ضد الارهاب الاسلامي "السني " وهي ضحيته ايضا وان من قام بهجمات 11 سبتمبر هم غير ايرانيون وليس من "الشيعة " وغالبيتهم قدم من المملكة العربية السعودية وبالتالي هم "سنة" , فان الارهاب الذي يستهدف الغرب هو ارهاب" سني " وليس "شيعي " ولاتوجد اشكالات فقهية في موضوع مواجهة الغرب او مشاريعه في المنطقة وخير دليل على ذلك مساندة بعض المرجعيات الدينية الشيعية لاميركا في احتلالها, افغانستان والعراق.
ان اطلاق اليد الايرانية في المنطقة العربية سيكون احد اهم ثمار هذا الاتفاق حيث ستزيد ايران من زخم تدخلها في دول الخليج العربي وعلى وجه الخصوص البحرين وستعمل على تصعيد وتيرة اعمال الشغب والعنف وستلقى دعما اميركيا تحت مسمى " الديمقراطية ".
أن اميركا لايهمها الشكل انما المضمون فالمهم لاميركا في البحرين من يحفض مصالحها سواء كان اسمه " الملك حمد او الشيخ علي سلمان" , وسيمتد هذا التدخل الى المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية في محاولة لاثارة موجه التظاهر والاحتجاجات ومن ثم المطالبه باجراء استفتاء دولي لتقرير المصير وسيدعم الغرب هذا المشروع , اما في اليمن فان حال الحوثيون والتدخل الايراني في دعمهم لحركة انفصال الجنوب بات واضحا, اما العراق فستبارك الولايات المتحدة المشاريع الايرانية في العراق معتبرة انها مشاريع تهدف الى تطوير العراق وارساء تجربته "الديمقراطية " وستعوض ايران في العراق خسارتها من فقدان النظام السوري.
ملامح من استراتيجية المواجهة:
على الدول العربية وخصوصا الخليجية منها العمل على مواجهة تداعيات حدوث مثل هذا الاتفاق والذي يرى الباحث ان ايران ستوافق عليه في نهاية المطاف واهم هذه الملامح:
1. السعي الجاد في اكمال مشروع وحدة اقطار دول الخليج العربي وفق اية صيغة مقبولة وبالحد الادنى الدول التي وافقت على المشروع وليس انتظار موافقة كافة دول مجلس التعاون الخليجي.
2. ايجاد مسمى مناسب لهذا الاتحاد لكي يضم اليمن والاردن بغية دعمها ومنع التاثير الايراني المباشر او الغير مباشر والقادم من "شرطة ايران".
3. دعم القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في العراق واليمن التي تعمل ضد المشروع الايراني وعدم تركهم هدفا سهلا لايران.
4.التركيز اعلاميا على الوعي القومي لشعوب المنطقة في مواجهة المشروع الفارسي وعدم صبغ الخطاب الاعلامي بالصبغة الطائفية لان ذلك سيسبب في فقدان تايد الكثير من الشيعة العرب في دول المنطقة.
5. دعم القوى السياسية الايرانية المناهضة للنظام الايراني وبمختلف توجهاتهم التي تسعى لتغير نظام ولاية الفقيه.
6. دعم الحركات والقوى السياسية التحررية في ايران مثل حركة تحرير الاحواز او بلوشستان والحركة الكردية الايرانية.
7. تكثيف الدعم والاسناد للثورة السورية بغية حسم الملف السوري باسرع وقت كي تكون سوريا جزاء اساسيا من المشروع العربي لمواجهة المشروع الايراني.
8. تامين حشد عربي رسمي وشعبي كبير للمشروع العربي في التصدي للمشروع الايراني.
9. محاولة اصدار قرار عربي عبر جامعة الدول العربية يدين فيه سياسة ايران بالتدخل في الشؤن الداخلية للدول العربية حيث نرى هناك تدخل مباشر في كل من العراق , لبنان, سوريا, البحرين, اليمن, المملكة العربية السعودية. الكويت, وتدخل غير مباشر في بقية الدول العربية.
الدكتور وليد الراوي
821 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع