النسبية--- بمفهوم السياسي المتأزّمْ

                                                        

                               عبدالجبارنوري*

النسبية أو النظرية النسبية The theory of relativity  من أشهر نظريات الفيزياء الحديثة ، والتي غيّرت الكثير من المفاهيم بما يتعلق بالمصطلحات الأساسية في فيزياء (الزمكنة ) التي تخص الكتلة والطاقة ، وأن جردنا المفاهيم الفيزيائية من التعقيد الرياضي لحصلنا على عدمية السكون في المادة والكون بل تبدو ككل في حركة مستمرة ..قد تختلف (نسبيا) في المكان والزمان المعينين .


وحين نربط بين تلك النسبية العلمية وبين الحركة السوسيولوجية للمجتمعات البشرية في كل العالم نجد أن الموازين والمعايير الخلقية تختلف من حيث نظرة المجتمع اليها - عدا الثوابت الدينية – مثلا العنف الأسري مرفوض  في المجتمعات المتحضرة بينما يكون مباحاً في المجتمعات القبلية والصحراوية ، وحتى الأفكار ذات المضمون الخير والهادف تهتز أمام التأثيرات الخارجية ، ولمستُ شخصياً مصداقيتها بشكلٍ واقعي وتطبيقي ( في ثمانينيات القرن الماضي كنت في سفرة سياحية إلى قبرص وبالذات في عاصمتها نيقوسيا شاء القدر أن تمرّ مظاهرة جماهيرية حاشدة للحزب الأشتراكي العمالي اليساري تطالب الحكومة بأبقاء القاعدة البريطانية الضخمة في شمال البلاد ، فأندهشت وأستغربت مما دفعني أن أسأل قادة التظاهرة فكان جوابهم ---- أخي أن تلك القاعدة الأجنبية يعتاشُ عليها أكثر من نصف مليون من عمال وكادحي قبرص ، حينها أدركتُ أن جميع الظواهر تخضع للنسبية والتغيير الحركي .
واليوم ثمة ظواهر وأتجاهات غريبة مؤطرة بفنتازية تأريخية غير واقعية لا تخضع لمبدأ العقلانية ، تستعمل الوجه النسبي السيء لأغراض فئوية وكتلوية أبطالها أولئك السياسيون المتأزمون في العراق من أبطال الفنادق والخنادق في أربيل وعمان الأردن ، ومن كوادر خيم المنصات ، أومن سياسي الدعشنة المتجلببين بالعباءة والعمامة والزيتوني رافعين شعار أرجاع القديم إلى قدمه للدكتاتورية السياسية ذات الأربعين سنة ربما أصيبوا بقصر ذاكرة ونسيوا ما تسببت به تلك السياسات الهوجاء المصابة بالضمور الفكري ، يحملون بدواخلهم برامجهم (المفيرسة) الضارة  وهؤلاء هم أصحاب المشاريع الأجنبية التي كانت عقوبتها الأعدام ، واليوم يستقبلون بالتصفيق ، بينما هم اليوم ربما قادة المعارضة السالبة ، وفي العالم العربي والخليجي أستثمروا تلك الظواهر النسبية بعد تجريدها من القيم الوضعية والسماوية ومن جميع الضوابط الأجتماعية والأخلاقية لتحقيق وأرضاء ( الأنا ) وهذه بعض تلك الظواهر ذات الأقطاب السلبية الملوّثة بترسبات كلس الخيانة والتجسس والتي تفتقد التوصيل فيما أذا رُبِطتْ مع الأقطاب الأيجابية ، حينها لا نحصل على طاقة وطنية أيجابية ( لذا يمكن الحكم على مشروع التسوية المعلنة اليوم بأنها وُلِدتْ ميتة لكون البطارية الوطنية لا تستجيب )
1-سياسيو الدعشنة الذين هم في السلطة أو في خارجها ، جماعة الهشاشة والضحالة السياسية ، وأصحاب الخطاب المكوناتي ، ربما لم يعدو في أكثر الأحوال بأنّهم يجترون التخلف السياسي بالحنين إلى البيان رقم -1- والقائد الرمز ، فهم مفصولون عن الواقع لهبوط في قدراتهم الذهنية ، والأنفصال عن الواقع الوطني في تأجيج النعرات الهوياتية ، فأتخذوا السفرات المكوكية إلى واشنطن لتحريض الأجنبي على وطنه الأم { وأترك الأجابة للقاريء بالسؤال الذي يفرض نفسهُ : أليست هي خيانة عظمى ؟  يحاسب عليه القانون العراقي المغيّبْ اليوم }.
2- داعش أو ما تسمي نفسها بتنظيم الدولة الأسلامية ، تسير بعقيدة أسلامية جديدة – ليست لها علاقة بالدين الأسلامي المحمدي -خرجت من الرحم الوهابي وأبن تيمية سنة 1703 فهم كالروبوتات المسيرة ، ريمونتهم مع نبيهم ( عبد الوهاب وأبن تيمية ) فيتحركون في أتجاهات حسب نزوات نبيهم ، وبوركرام ذلك النبي ذو السمات المحلية المبتكرة والمنتهية الصلاحية ، فتكون أمام بهيمة متحجرة بلا فلسفة ، في الأيام القليلة الماضية أسقطوا رأس السفير الروسي في تركيا ، وأغتالوا بابا نوئيل ألمانيا ، بنسبية هوياتية متشددة { والسؤال هنا لماذا هي مقبولة في أكثر دول الخليج ؟ وبأستنساخ أخواني في مصر وتركيا ! ، وبشرعنة الأزهر الشريف الذي أفتى بأنّهم ليسو بكفار !} .
3- النسبية في نظر " العبادي " بأستقطاع نسبة 8-3 % من أفواه وأرانب الموظفين والمتقاعدين ، وشرعن القرار بالتصويت عليه ،ربما هي ديمقراطية نسبية حتى وأن كانت عرجاء ، وأختها في السويد متعافية شملت المتقاعدين برعاية مجزية لكبار السن وخدماتهم وعطاءاتهم للوطن ، { والسؤال هنا لماذا نظرت الحكومة لهذه الفئة التعبانة و الكحيانة بعين واحدة مصابة بالأستكماتزم ، بينما نظرت إلى رواتب الرئاسات والنواب بعينين درجة ستة على ستة ؟) .
4- وأخيراً النسبية في نظر فيصل القاسم الأعلامي في فضائية الجزيرة بتصريح خالي من أبسط أخلاقيات اللياقة الأعلامية  والمروءة  بعد  تحرير حلب :  " أن لم نستطع أسقاط بشار الأسد فقد أسقطنا لهُ سوريا فليعيد بناؤها أن تمكن !!! " فهو واحد من جموع الرأي المعاكس والمشاكس ، وأحسن الفيلسوف أرسطو عندما قال : { العقل الضيق يقود دائماً ألى التعصب } -------
*كاتب ومحلل سياسي مغترب

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

327 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع