عائشة سلطان
لو أردت الحديث بصراحة لقلت إن سنة 2016 التي ودّعناها منتصف ليل البارحة لم تكن سنة سعيدة أبداً، كانت مرهقة ومليئة بالكثير من الألم، لكن هذا التوصيف السطحي لـ365 يوماً لا يبدو عادلاً بالفعل، إلا من حيث نظرتنا الضيقة أو طريقتنا الانتفاعية المباشرة في التعامل مع الزمن، بمعنى أن اليوم يكون ممتازاً، إذا حصلنا فيه على ربح مادي فقط، كأن نترقى في وظيفتنا، أو أن ننجح في عقد صفقة مربحة، وإذا نجح الأولاد بمعدلات عالية في المدرسة، وغير ذلك مما يحق لكل منا أن يحلم به ويتطلع إليه دائماً.
لقد ودّع كثيرون عام 2016 على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مقالات الصحف، بالحديث عما حفلت به من أحداث مأساوية على مستوى العالم وعلى مستوى المنطقة العربية، لقد تحدث كثيرون عنها باعتبارها سنة مثقلة بالآلام والأمراض والإخفاقات، مستنتجين أنها لم تكن سنة موفقة أبداً!
وهنا يبدو السؤال مشروعاً: متى نعم العالم والإنسانية في كل مسيرتهما بسنوات سلام خالية من المآسي وصور الأطفال الذين يركضون هرباً من حرائق الحروب والقنابل أو صور القتلى المتناثرة جثثهم في الطرقات أو صور النساء الباكيات أو أخبار المجاعات؟ صحيح أن الإنسانية تذهب حثيثاً إلى نفقها المعتم، لكن هذا النفق لطالما كان قائماً دائماً، والإنسان هو من يتناساه عامداً، كي يستمر في الحياة محتملاً مشاقها بالنسيان والابتسامات.
إنه حتى ونحن نعبر طريق الآلام فإننا نتعلم، بينما تهمس الحياة في قلوبنا وآذاننا بأسرارها العميقة في المرض كما في الصحة، وفي الفرح كما في الحزن، وأن الأرباح ليست دائماً في الصفقات، فما نتعلمه من التجارب القاسية، ومن نتعرف إليه من الأصدقاء وما نقرؤه في الكتب، وما نتعرف إليه في المدن، هذا كله وغيره يضاف إلى رصيد حياتنا، وستظهر نتائجه في قادم الأيام بلا شك.
علينا فقط أن نمعن النظر في الأيام، في الأشخاص، في الطرقات التي قطعناها في هذه السنة التي انصرفت بحلوها ومرها، ونوقن أن عمرنا قد زاد 365 يوماً، هي عبارة عن أصدقاء وتجارب وخلاصات عميقة جاءت عبر منافذ ومواقف كثيرة، ومن هذا التبصر نستطيع أن نعرف أن الصراع هو إحدى السنن الكونية التي وجدت مع الإنسان دائماً وستبقى، وأن هذا الإنسان ببصيرته وخياراته يستطيع إن أراد أن يجنّب نفسه الويلات إذا أعطى الأولوية لإنسانيته أولاً، وإذا تعامل مع الزمن باعتباره حياة مليئة بكل شيء، ولذا عليه أن يتقبلها.
368 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع