حسن حاتم المذكور
حجي الغالب على المغلوب يرهه...
هكذا كانت حكمة اهلنا بليغة المعنى والدلالة , كيف يمكن ان تتعامل حكومات العالم ودولها مع عصيان محلي يستهدف اسقاط الحكومة واضعاف الدولة والأضرار بالوطن والمواطن ؟؟, غير الأسراع الى اخماده وانقاذ الدولة والمجتمع من بشاعات اضراره , كيف تتعامل مع وزراء يقاطعون الحكومة , متضامنون مشاركون مع العصيان , هذا اذا ما عومل الأمر , مؤامرة يجب قمعهم معها ؟؟, كيف تتعامل مع كتل وتيارات واطراف , تفتح بؤراً اضافية لتتسع رقعة العصيان ( المؤامرة ) , ان لم تسارع لتأديبهم واحالة رموزهم للمحاكم الجنائية ؟؟ , كيف تتعامل مع اقليم يواجه الحكومة الأتحادية والدولة والدستور والرأي العام بأحتقار وتحد وهو شريك يتقاسم معها السلطة وحصة الأسد من الثروات ؟؟, ان لم تقف معه عند مفترق الطرق , اما الأستقامة في طريق وطن موحد , واما الأنفصال وحسم الأمر دون تردد ؟؟؟ .
هذا الذي لا يمكن ان يحدث في اي دولة في العالم , يحدث الآن في العراق من داخل حكومة شراكة الغالب والمغلوب , مهزلة غير مسبوقة .
ذهبت بأتجاه معاقل العصيان , وفود ولجان حكومية , ومعها فيض من التنازلات والمكرمات وتراجعات مذلة على حساب سلامة الوطن ومستقبل مكونات المجتمع وعرضت عليهم مكاسب ومنافع لا يستحقونها , قادة العصيان رفضوها " بغداد النه وما ننطيهه ـــ اما ان نكون او لا نكون " معناها ( العدو امامهم والبحر من ورائهم ) ــ وحمل جمال ... ــ .
حصل كل هذا وسيحصل اكثر : لأن قوى عصيان الردة غالبة وحكومة الشراكة مغلوبة .
الوزراء المشاركون في العصيان , قاطعوا جلسات مجلس الوزراء لشعورهم انهم الغالبون وحكومة الشراكة هي المغلوب , شكلت الحكومة الأتحادية قوات دجلة لضبط الأمن في المناطق الغربية المضطربة , اعترضت حكومة الأقليم وسارعت لأحتلال المناطق المختلطة وتطويق القوات الحكومية لتصطدم معها تاركة اكثر من خمسة عشر عسكرياً بين قتيل وجريح, وعندما طالبت بعض الأطراف, ان نسبة الـ 17 % التي تستلمه ثلاثة محافطات الأقليم من ميزانية الدولة , فيها اجحاف بحق المحافظات العراقية الأخرى, طالبت حكومة الأقليم بـ 23 % وستحصل عليها , يحدث كل هذا وسيحصل اكثر, فقط لأن حكومة الأقليم غالبـة والأتحادية مغلوبة .
هل يعلم السيد المالكي , كرئيس حكومة , ان حكومة ضعيفة ممزقة مغلوبة تكون سبباً لضعف الدولة وانحلالها, تلعب دور شاهد زور على انهاك وتجزءة العراق ثم تقسيمه , وهذا لا يقبله عراقي شريف , خاصة وقد وصل بركان الرفض والغضب العراقي ابواب فوهة الدفاع عن النفس والوطن .
ملخص القول , ان حكومة الأقليم تريد ان تتغدى بأكبر حصة من العراق قبل ان يتعشى بـه العصيان كاملاً , وتلك الحقيقة لا يستوعبها المشغولون بسرقة وتهريب ارزاق اهلم من بعض اطراف التحالف الوطني .
العراقيون ورغم قسوة الأزمنة , لم يستسلموا يوماً لضعفهم مغلوبين , كما هي عليه الآن حالتهم مع حكومة شراكة المغلوب , وانتفاضتهم الشعبانية عام 1991 , كآخر دليل على طريق تاريخهم الثوري , وقد جف صبرهم الآن مع اقزام الدلالين والوكلاء من قوميين وطائفيين , ان بنات وابناء الجنوب والوسط العراقي , الذين يشكلون رأس العراق وليس امعائه , يعلمون جيداً , ان كرة الفساد والأرهاب وطغم الرذائل والأنحطاط المستهترة بالدولة والوطن والناس, هي الآن في ملعبهم, وعليهم التعامل مع الأمر بجدية بدأً بتحرير ذاتهم ثم اشقائهم في الشمال العراقي وغربه من عقد التطرف الطائفي القومي , تلك التي فرضتها عليهم قيادات عشائرية متخلفة لا تنتمي الا لنفسها .
على يقين , ان الأنتكاسات والهزائم والتراجعات , التي رافقت التاريخ العراقي الحديث , ستتكسـر هذه المرة عند مشارف بغداد, لأنها واقفة على العمق الحضاري لمجتمع الجنوب والوسط , انها مرحلة ستبدأ مشرقة , فالعقل العراقي قد يكون مضغوطاً , لكن من الف المستحيلات الغائه , وعلى قناعة ايضاً , ان الموجة الطارئة للعصيانات والتمردات والتجاوزات ستكون نهاية مرحلة وبداية اخرى , فيها سيقطع انف المتدخلون ويعاقب العاقون محلياً .
نؤكد هنا ان اقزام التطرف الطائفي القومي , من وكلاء ودلالين وادوات اختراقات خارجية , غير جديين في مشروعهم سحب الثقة من رئيس حكومة الشراكة ثم اسقاطها , ما دامت هي الأضعف في التاريخ العراقي , انهم لا يجازفون بفتح الأبواب , ليخترق كيانهم سهم الكلمة الأخيرة للعراقيين , القادمة من الجنوب عبر الوسط مروراً بغرب العراق لتستقر في شماله , انهم يضغطون فقط كي يبقوها ضعيفة مغلوبة تحت رحمتهم , لتكون سبباً لتمزيق الدولة واستسلام العراق , حتى يسهل عليهم استقطاع ما يستطيعونه من جغرافيته قبل اقتسامه .
نتيجة ضعف العراق , المكتسب من ضعف حكومته , تمددت قوات الأقليم لأكثر من ( 300 ) كيلومتراعما كانت عليه قبل عام 2003 داخل جغرافية المحافظات المجاورة , لتمارس تحقيق احلامها على الأرض , طائفيي المناطق الغربية , تكفي صراحة شعارهم الغبي" بغداد النه وما ننطيهه " وشعارات اخرى اكثر غباءً, يرافق ذلك فتح بؤر لعصيانهم المشبوه في قلب بغداد , الى جانب ثعالب الفساد والرذائل المليشياتية , التي ترفع ذيولها وقاحة امام اعين بنات وابناء الجنوب والوسط .
قالها الكثيرون , ان رئيس حكومة الشراكة السيد نوري المالكي , ليس هو المستهدف , بقدر ما هو العراق شعب ووطن , لكن فات الجميع ان يكونوا اكثر صدقاً وصراحة , فأن اراد السيد المالكي ان تكون حكومته قوية , فبالشعب العراقي فقط , وان اراد ان تكون حكومته غالبة , فبالشعب العراقي فقط , وان اراد حسم المواجهة لصالح العراق , فعليه ان يبدأها من الجتوب والوسط العراقي , وعليه ان يصحح اخطاءً ربما ارتكبت نيابة عنه , قبلها ان يتذكر انتخابات عام 2010 التشريعية , فالثقة والأصوات التي حصل عليها كانت من الشارع العراقي الوطني , مكافئة لمواقفه وانجازاته التي تحققت في حينه وليس للحزب الذي ينتمي اليه حصراً , وكان عليه ان يحافظ على ائتلاف دولة القانون تياراً وطنياً , يتسع وعياً وتنظيماً جماهيرياً مستقلاً داخل المجتمع العراقي , وكان مفروضاً ان لا يسمح بتحجيمه واجهة سياسية ضيقة الأفق , فالجنوب العراقي ووسطه , جغرافية وكتلة بشرية عمرها الاف السنين قبل ان تلد الأديان والمذاهب والقوميات , ولا يمكن اختزالها وكبسها داخل حزب عقائدي , وهنا على السيد المالكي والخيرين من داخل حكومته وخارجها , ان يعتمدوا الأنتماء الوطني للملايين اذا ارادوا مواجهة الباطل المنفلت الآن بوجه العراق , وعليهم ان يدركوا اهمية الدور التاريخي الذي سيلعبه مجتمع الجنوب والوسط العراقي, الى جانب تضامن الوطنيين الخيرين على عموم جغرافية العراق , وتوظيفه وطنياً وانسانياً ليكتسبوا قوتهم وغلبتهم من العراق وليس غيره , ويعلموا ايضاً , ان العراقيين قد سئموا الترقب والأنتظار , ولم يعد لديهم فائض من الصبر والدماء والأرواح , وبركان الدفاع عن النفس والوطن اصبح قريب من فوهة انفجاره , وعليهم ان لا يأتي دورهم متأخرين .
نذكر البعض ممن لا يستحقون التذكير, انه في محافظات الأقليم والمناطق الغربية , لا توجد مدارس من الطين, لكن مثل هذا وأسوأ منه يعم محافظات الجنوب والوسط مع ان جغرافيتهم مخنوقة بالثروات, والذين يمثلون تلك الملايين المفجوعة بهم من داخل حكومة الشراكة , هربوا ثرواتهم وارزاق عوائلهم , حتى تراكمت تحت تصرفهم ثروات فاحشة من المنقول وغير المنقول , وكانوا سبباً مفضوحاً لتتحول مدن الذين يمثلون اهلها الى مجمع للأرامل والأيتام والمعوقين ومستنقعاً لمختلف الأوبئة واجسادهم ملتقى لغرائب الأمراض والعاهات الجسدية والنفسية , هل يخجل لصوص الطائفة عما فعلوه ويفعلوه بمن وثق بهم وصوت لهم .. ؟؟؟ ــ لا اعتقد ــ .
السيد المالكي , معلق الآن , بين حكومة الشراكة في المنطقة الخضراء , وبين الرأي العام المليوني في الشارع العراقي , وسيبقى هكذا معلقاً حتى نهايته فاجعة لملايين الأبرياء ان لم يتدارك الأمر ويحسمه بشجاعة لصالح العراقيين , وهو الآن يمتلك المبادرة , وقد لا تتوفر لـه مستقبلاً ,
اخيراً , ان التطرف الطائفي القومي , يجب لا يواجه بذات التطرف , بل بصدق المواطنة والأنتماء وهوية الولاء للأرض والأنسان .
844 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع