إنهم ذئاب الصحارى

                                                            

                                 نبيه البرجي

أسوأ بكثير من ان يكون إله الحرب عند الرومان أو إله الحرب عند الاغريق. هو رجل آت من قاع الثقافات، ومن قاع الامبراطوريات، ليتولى ادارة الكرة الارضية بدماغ كاليغولا لا بقيم من قالوا (بنيامين فرنكلين وغيره) ان اميركا ينبغي ان تكون ملجأ وفردوساً للمحطمين في العالم.

اذاً، كاليغولا وبات جزءاً من يومياتنا، قبل اسابيع قليلة كان سيرغي لافروف يتصل ببعض اصدقائه ليبلغهم بأنه متفائل بأن اعاصير الدم في المنطقة ستتوقف في غضون عام او عامين، الآن، كل شيء انقلب رأساً على عقب.
ليس الايرانيون ضحايا الحقبة المقبلة. هؤلاء تمكنوا من التكيف مع العقوبات، بل وطوروا امكاناتهم التكنولوجية والعسكرية، واستطاعوا اللعب في ساحات المنطقة، وفي ازمات المنطقة، لا بل انهم فرضوا اتفاق فيينا على الدول الكبرى التي عجزت او يئست من امكانية ترويضهم..
العرب هم الضحايا لانهم يُدفعون، ويندفعون، الى الصراعات البعثية على انواعها مئات مليارات الدولارات تذهب الى التسلح بدل ان تذهب الى التنمية، التنمية الانسانية بالدرجة الاولى وحيث مجتمعاتنا، مجتمعاتنا اليائسة والبائسة، لم تجد ملاذاً،  او فسحة رجاء، سوى في العالم الآخر...
هكذا بدلاً من ان ننتج اينشتاين (أو الخوارزمي) ننتج أبا بكر البغدادي، وبدلاً من ان ننتج حتى معجون الاسنان (معجون الاسنان يا جماعة) ننتج الفتاوى التي تقشعر لها الابدان.
تريدون آخر مثال؟ رد الأزهر على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي الى اعادة النظر في الطلاق الشفوي (طالق، طالق، طالق) تفادياً لتشتت العائلات ولتبعثر الاطفال على الارصفة.
الرد كان مريعاً فعلاً، ولا علاقة له بالعقل، ولا بالنص او بالرؤية الالهية للانسان، ولا علاقة له بمصر التي انبتت الاهرام، وقالت بالوحدانية منذ سبعة الاف عام، اعطت طلعت حرب، وجمال عبد الناصر، وأحمد زويل، ونجيب محفوظ، وجمال حمدان، ومصطفى عبد الرازق وغيرهم وغيرهم.
تصوروا أن يقول الأزهر (الذي كان وكان ذات يوم) ان دعوة الرئيس المصري تتناقض والاصول، لكنه وجد هذا المخرج المضحك (والمبكي)، اذ لا يصبح الطلاق شرعياً اذا تلفظ الزوج بكلمة «طالق» هكذا «تالق» او «طالىء». يفترض ان يكون اللفظ بالفصحى ليستقيم الشرع.
في اي زمن يعيش هؤلاء الفقهاء الذين يفرضون علينا قيمهم، وثقافتهم، ثقافة ما قبل الكائن البشري، بدل ان يحثوا على العلم، وعلى التنمية، وعلى الدخول في ديناميات العصر؟
هذه الحجة بين يدي المستشار الاكبر لدونالد ترامب ستيف بانوت الذي لا يرى في الاسلام ديانة نزلت من السماء بل ايديولوجيا خرجت من مضارب البدو. وقال «انهم ذئاب الصحارى»، وهو الذي يفاخر بأنه كان ينشر على الموقع الالكتروني كل مآثر برنارد لويس المشككة حتى في البعد البشري للعرب.
هكذا اصابنا الهلع من دونالد ترامب، واعلنا مبايعتنا له في مواقفه البلهاء حيال ايران التي لا بد ان تكون لها عواقبها الكارثية على المنطقة باسرها ما دمنا مجتمعات من زجاج ودولاً من زجاج...
دونالد ترامب في يومياتنا، متغطرس، وفارغ، ومحاط بذلك الفريق من الضباع الذين لا يرون في بقية العالم سوى ضاحية من الصفيح، نحن ضاحية... التنك...
هل يدرك العرب ما تعني وما تفضي اليه سياسات البيت الابيض حيال الشرق الاوسط؟ اسألوا الموتى!!!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

776 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع