بثينة خليفة قاسم
الكرة أفيون الشعوب
كارل ماركس قال: “الدين أفيون الشعوب”، وكان مخطئا، ولو كان موجودا في زماننا لقال إن الكرة أفيون الشعوب، أو على الأقل أفيون الشعوب العربية. وقال الكاتب وحيد غازي في رواية “مدام شلاطة”: “نحن في عصر، السيقان تدر فيه أكثر من العقول، سيقان الراقصات، وسيقان لاعبي الكرة”، وهذه مقولة صحيحة مئة بالمئة، فسيقان لاعبي الكرة تدر الملايين على أصحابها من اللاعبين والمدربين ومساعديهم، أما الجماهير العاشقة للكرة فلا تحصل على أية منفعة مادية، بل إنها تخسر كثيرا من المال والوقت لتتمكن من حضور مباراة في كرة القدم.
إذا الجمهور بهذا المنطق - الذي لن يتقبله إلا القليل جدا من الناس – هو الطرف الخاسر دوما في هذه المعادلة الكروية. لا أستطيع أن أكون في جرأة الرئيس معمر القذافي، عندما قال في “الكتاب الأخضر” إنه لا بأس من ممارسة الرياضة من أجل بناء الأجسام وتحسين الصحة، ولكنه لا يجوز أن يضيع الإنسان وقته في مشاهدة المباريات في أرض الملعب أو أمام التلفزيون، هذا الكلام الذي قاله يتعارض مع درجة الجنون الكروي التي وصلت إليها الشعوب وفي مقدمتها الشعوب العربية بطبيعة الحال، لذلك لا يستطيع إنسان أن يطالب بتطبيق هذا الكلام، لأن الغالبية العظمى من الناس ستنظر إليه وكأنه من كوكب آخر غير الكوكب الذي نعيش عليه.
ولكن لو قلنا إن الجنون الكروي قاصر على شعوبنا العربية، فقد ظلمنا هذه الشعوب التي ننتمي إليها، لأن هذا الجنون موجود أيضا في كثير من الدول التي تسبقنا في كل شيء، ولكن هناك في هذه المسألة الكروية خيبات تخص العرب أكثر مما تخص غيرهم، فالعرب هم الوحيدون الذين يعطون علماءهم ونوابغهم للغرب ويأخذون في مقابلهم مدربي كرة قدم، والعرب دون غيرهم أصبحت انتصاراتهم وفتوحاتهم في كرة القدم دون سواها، والعرب دون سواهم يقبلون الهزيمة الرياضية من أية دولة في العالم، ولكنهم لا يقبلونها من بعضهم، والعرب وحدهم لم يعد لديهم مجد يسعون للوصول إليه إلا المجد الكروي.
هذه الخواطر التي سجلتها، تزاحمت في رأسي وأنا أتابع ما جرى في العالم جراء مبارايات نادي برشلونة الأخيرة مع منافسيه، وما صاحب ذلك من صخب جماهيري مجنون!.
958 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع