حقائق وآراء عن العرب والشرق الأوسط بمنظور غربيين

                                                   

                              يعقوب أفرام منصور
                                        أربيل

حقائق وآراء عن العرب والشرق الأوسط بمنظور غربيين

1ـ  كثيرًا ما وقفتُ متأمّلاً ومقيّمًا إزاء مقاطع من الحق العربي وآراء عن الحاضر العربي، صادرة من فم غربيٍ نزيه، لم تُعطَ حقّها الوافي من الإصغاء والإتعاظ.هوذا `(جاك بيرك) الإستشراقي الفرنسي، صديق العرب، وحليف الحق والحقيقة والمنطق، يقول من حديث في حوار أجرته معه الصحافية اللبنانية (ميراز عكر) في ربيع عام 1978 بشأن " أزمة الشرق الأوسط"، الناجمة عن إقامة كيان صهيوتي لاشرعي، مسخ، ما يأتي: " ...باختصار، لقد ارتكب العرب أخطاءً كثيرة، وما يزالون كذلك، مع العلم أن التاريخ والشرعية الدوَلية والحق، كما يؤمن بها الضمير العالمي، هي لصالح العرب بصورة شبه مطلقة. من هذه الأخطاء الدعم البسيط جدًا الذي قدّمه العرب للقضية الفلسطينية في عام 1948.  فبعض الجيوش العربية القليلة تحرّك بأوامر متفرّقة ومشتّتة. وفي عام 1956، تحملت مصر وحدها مَهَمَة الدفاع. وعندما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان، لم يتحرّك غير الفلسطينيين! أهذه هي الوحدة العربية المزعومة حيال قضية فلسطين في الأقل، المعروفة " بوحدة منطقة الشرق الأوسط، المسمّاة اليوم:  سورياـ لبنان ـ فلسطين ـ الأردن ـ العراق ؟ "  ".
" ألأخطاء مستمرّة حتى الآن بالأشكال القديمة، وبأشكال مغايرة، وبالأمس فقط (شباط 1998) قال الأستاذ (المسفِر) في بغداد، مدرّس العلوم السياسية في جامعة قطّر : ما برح العرب يرتكبون الأخطاء"، مصداقًا لمقولة (بيرك) الذي فاهَ بها قبل عشرين عامًا. فمتى يتعلّم الساسة العرب من أخطائهم الماضية والحاضرة كي يخدموا وطنهم وشعبهم بأمانة وإخلاص ؟ "
2 ـ  ألإستشراقي الإنكليزي (ديزموند ستيوارت) كاتب وروائي، عمل في التدريس الجامعي في العراق في عام 1948، حيث بدأت إهتماماته بالسياسة والأدب العربي، وصادق كثيرين، منهم جبرا إبراهيم جبرا من المفكرين الفلسطينيين والعراقيين، ثم درّس أعوامًا عديدة في لبنان، وفي أواخر الخمسينيات كرّس جهده للكتابة فقط.
 رأى ديزمومد ستيوارت أن التعايش مع الصهيونية مستحيل، نظير التعايش  بين البيض والسود في جنوب أفريقيا، وأن فضيلة الصبر العربية تجعله يرى بالفعل، على المدى الطويل، أرضًا مقدّسة هي فلسطين . إنه رفض بعنف طردَ الفلسطينيين من وطنهم، وبشأن هذا الموضوع كتب وحاضر بمنتهى الحماسة والقوة. من المشهور عنه رفضه أن يصف آخرون الشرقَ عادةً بالغموض، فهذا عنده بلا معنى، لأن الناس في نظره هم الناس أينما كانوا، متفاوتون: إذ ليس هناك جنس آدمي يمكن القول عنه بكونه يحتكر الحسنات والفضائل، وآخر يحوز السيئات والرذائل.
 أصدقاؤه من العرب تقبّلوا آراءه كما لو كان واحدًا من الذين نذروا أنفسهم للقضية العربية، وكان يستاء كثيرًا من الإنقسام الذي يحصل في ما بين العرب من حين لآخر وفي أحايين لا يجب أن يكونوا فيها منقسمين.
 فماذا يسعنا أن نقول بشأن أفراد وجماعات من العرب يكرّسون هذا الإنقسام والتشرذم، برغم كل ما حاق بالأمة العربية من مصائب وويلات وكوارث بسبب الإنقسام والتشرذم؟!
 لقد برهن هذا الإستشراقي النبيل في كتابه عن حياة (هرتزل) وعن حياة (لورنس العرب) مقدرة فائقة على إلقاء أضواء جديدة على موضوعين، كان يُظَنّ أنهما قُتِلا بحثًا وندقيقًا، بالرغم من كون الرجل معدودًا ضمن الرومنطيقيين العالميين، إذ هو لم يعتنق أفكارًا مسبقة مصبوبة حيال الناس والأدب والفكر.
3ـ  في  فصل عنوانه (أليهود والغرب الحديث) من كتاب (توينبي) الضخم الشهير بعنوان " دراسة في التاريخ"، قال (أرنولد توينبي) : " إن جرائم إسرائيل أفظع من جرائم النازية"، فهاجمته الصحافة اليهودية في أميركا،  وهاجت وتزعّمت الحملة على المؤرّخ البريطاني  النزيه الموضوعي، جريدة صهيونية أميركية تُدعى " جويش فرونتير" ـ أي "الحد اليهودي " ـ ، فأرسل إليها ردًا نشرته في عددها الصادر في 5ـ2ـ 1955، ورد فيه : "...وأول المتعصّبين الذين عرفتهم في التاريخ ليسوا أقربائي البرابرة ( التيوتون والمسيحيين الفيزيغوت)، بل هم المكابيون (أنظر سفر المكابيين التوراتي)؛ هذا إذا كانت كلمة "متعصّب" تعني ـ كما أعتقد ـ  ليس مجرّد ظالم، بل الشخص الذي يضطهد شعبًا من غير دينه بسبب إختلافه عنه في الدين والعقيدة. والمكابيون أجبروا (الأدوميين والجليليين) على اعتناق اليهودية بالقوّة، وبذلك مهّدوا لأن يكون هيرودس والمسيح يهوديين وليسا من الأمميين. وإنه لمُحزنٌ حقًا أن تكون مجرِمًا بالتعصّب أو تكون ضحيةً له. إن مأساة التاريخ اليهودي الحديث هي أن اليهود ـ بدلاً من أن يتعلّموا من مصائبهم وآلامهم ـ قد صنعوا بغيرهم (العرب) ما صنعه الآخرون بهم ـ أي النازيّون ".
 وقبل توينبي بنصف قرن تقريبًا ، فال جبران خليل جبران في أمريكا في معرض فنون الشعوب : " فن اليهود في النكبة !"، وهي كلمة تُعدّ مصداقًا سابقًا لمقولة توينبي.
4 ـ   ألكاتب الفرنسي (شارل سانت بروت) في كتابه ( فرنسا والإنبعاث العربي) خاطب مواطنيه الفرنسيين، قائلاً: " إن رجل المستقبل العربي ليس هو ذلك المقيم في كازينوهات الريفييرا، ولا هو ذلك العامل المهاجر المقيم في ضواحي مدننا الصناعية. رجل المستقبل العربي يدرس في أحسن الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية   أوبريطانيا وفرنسا، وكذلك في الجامعات العربية المتزايدة. هو يتخصص في أكثر أنواع التقنية تطوّرًا، ويركّز اهتمامه بشغف في قضايا التقدّم الإقتصادي ـ الإجتماعي. وهو قد يكون سعوديًا أو كويتيًا أوعراقيًا أو جزائريًا أو فلسطينيًا. وهذا الرجل يجد خلفه حضارة عريقة جدًا، يستمد منها العزّة والمسؤولية، في حين يلقى أمامه إمكانيات هائلة يستمد منها الأمل."
 صدر هذا الكلام من يراعِ فرتسيٍ متخصص في شؤون الشرق الأوسط، وهو مدير لإحدى مجلات العلاقات الدوَلية في باريس، وقد أسس قبل أعوام (جمعية السلام في الشرق الأوسط) على أساس الحق الفلسطيني الكامل في وطن ودولة. ومحتوى الكتاب يعكس وجهة نظر واتجاه الجيل الصاعد الحالي في أوربا بعامّة، وفي فرنسا بخاصّة حيال حقيقة العرب وقضاياهم المصيرية والمستقبلية. وهو في جوهره يُعدّ بذرة جيدة من البذور التي غرستها الديغولية في حقل التفاعل الخصب المثمر بين أوربا والعرب. وفي فقرة من كتابه، أضاف الكاتب ـ بقصد التنبيه والكشف، لإخراج الفرد الأوربي من طوق تجاهله حقائق العرب وقضاياهم ـ قائلاً:
 " إن العربي، في الحقيقة، لم يخرج لتوّه حديثًا من الصحراء، فليس هو ذلك البدوي القابع في خيمته منذ القِدَم، بانتظار مكتشفي النفط ليشعروه بوجوده، فحتى قبل الإسلام ـ الذي أسس حضارة عالمية لا تُنكَر ـ كانت ثمة حضارات عديدة متطوّرة في المنطقة العربية قبل الميلاد، عندما كانت البلدان الغربية في طور البربرية. ولهذا، فإن العربي المعاصر ينظر بتهكّم، وأحيانًا بغيظ، إلى كل أولئك الذين يبدو أنهم لم يكتشفوه إلا في هذا النصف الثاني من القرن العشرين".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1310 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع