"هوس المناصب" في العراق.. "صراع دموي" على الامتيازات بدلاً من خدمة الشعب

شفق نيوز- بغداد:تُعد المناصب الحكومية وسيلة لخدمة المواطنين وتطوير مؤسسات الدولة بما يلبي الاحتياجات، غير أن السلطة التنفيذية في العراق جعلت البعض يحول المنصب إلى مشروع استثماري له ولحزبه، حتى أصبحت ثقافة تقبل تجديد الدماء في الدوائر وقبول أوامر تغيير المسؤولين غيرة واردة في قاموس الحزب أو من يمثله، وقد بلغ الأمر حد الاقتتال كما أمس في بغداد.

وشهدت منطقة الدورة، جنوبي العاصمة، أمس الأحد، اشتباكاً مسلحاً بعد مباشرة مدير جديد مهامه في دائرة زراعة بغداد ورفض المدير السابق تسليم المنصب، ما دفع المدير المكلف للاستعانة بمجموعة مسلحة تتبعه، فنشب اشتباك بين الطرفين أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

وعن ظاهرة التصارع على المناصب، يوضح النائب السابق، رحيم الدراجي، أن "المنظومة السياسية في العراق جعلت المنصب مشروعاً استثمارياً يعود بالنفع على المسؤول وعائلته وأقاربه والحزب الذي يدعمه ويتولى إدارة هذا المنصب، في حين يُفترض أن يكون المنصب لخدمة المواطنين، وسط تفشي سرقة المال العام وغياب المساءلة".

لذلك المناصب الحكومية، بحسب ما يقول الدراجي لوكالة شفق نيوز، "باتت مشاريع استثمارية تتصارع عليها الأحزاب إلى حد الاقتتال من أجل الحصول عليها بحجة الاستحقاق الانتخابي، وبالتالي إجراءات تسليم وانتقال المنصب لشخص آخر أصبحت عملية معقدة في ظل غياب ثقافة التنحي لدى المسؤولين".

ويذهب إلى الرأي نفسه النائب السابق، كاظم الصيادي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بأن "المنصب لا يتخلى عنه أحد لما يمنحه من امتيازات، فيما أصبحت الاستقالة محصورة بين قرار الحزب المستحوذ على المنصب، أو وسيلة للهروب من المسؤولية بعد ارتكابه خطأً جسيماً".

لكن في مقابل الواقع العراقي، يقول المحلل السياسي، محمد الربيعي، إن "الحكومات ذات المؤسسات الراسخة والنظم السياسية التي تتشكل بواسطة انتخابات ديمقراطية حرة تتصف هي ومسؤوليها بثقافة نكران الذات والشعور بالمسؤولية العالية تجاه ما يحصل لأبناء الشعب، على خلاف ما يحصل في العراق".

ويوضح الربيعي لوكالة شفق نيوز، أنه "رغم الكوارث والحوادث المستمرة في العراق منذ سنوات والتي راح ضحيتها كثير من المواطنين، لم يعلن مسؤول عن استقالته بسبب تقصيره، وهذا يُعزى إلى غياب ثقافة نكران الذات وتحمل المسؤولية".

ويؤكد، أن "الاستقالة من المنصب هي خيار بعيد لدى المسؤولين العراقيين، وهذا يدل على تشبثهم بكرسي المسؤولية أو بسبب دعم الحزب أو الكتلة السياسية التي ينتمي لها ويعمل تحت عباءتها، لذلك يشعر المسؤول أنه فوق القانون، ما يتطلب تفعيل وتشديد الإجراءات القانونية أكثر".

وفي السياق القانوني، يشير المحامي محمد جمعة، إلى "عدم وجود نصوص قانونية تجبر أو تلزم المسؤول بالاستقالة في حال الإخفاق أو التقصير، لكن القانون يُلزم المسؤول الأعلى بمحاسبة المقصر كونه يتمتع بصلاحيات قانونية منها قرار الإقالة أو النقل أو غير ذلك بما يتناسب مع حجم الخطأ المرتكب".

وبالإضافة إلى ذلك، يقول جمعة لوكالة شفق نيوز، إن "هناك عقوبات محددة في قانون انضباط موظفي الدولة وهي مخصصة لمن يثبت عليه تقصيراً أو إخفاقاً، مما يستوجب تطبيق القانون بشكل صارم لمحاسبة كل مسؤول يثبت تقصيره، من قبل مرجعه الأعلى".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع