عباس العلوي
ابن سينا ــ الشيخ الرئيس
فيلسوف الأسلام الذي اوتي من حدّة الذهن ما يكاد يكون خارقاً
القسم الأول
أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس / علم الأعلام وفيلسوف الفلاسفة وحكيم الحكماء وأمير الأطباء / نسخة فريدة لم تتكر في التاريخ !
ـــ علومه الجمّة في الفلسفة والحكمة والطب واللغة والفلك والطبيعة والرياضيّات والأخلاق والموسيقى هي دوائر معارف متكاملة قائمة بذاتها ارتقت بمدارك الانسان العقلية والفكريّة لترسي حجر الأساس للنهضة العلمية الحديثة / فكان بحق العبقري الفذ الذي اشعل السراج في دياجي الظلام من اجل بناء صرح الأنسان .
وعلى الرغم من مرور اكثر من الف عام على رحيل الشيخ الرئيس او بما يكنيه علماء الغرب بأرسطو الإسلام وأخرى بفيلسوف الشرق / يبقى موضع اللغز الأكبر الذي لم يرَ الحَل لغاية الآن / لا أحد من العلماء على مختلف العصور كشف لنا السرّ الكامن في ذلك العقل الجبّار عندما يفكر في موضوع علمي يرى سيل الإجابة ماثلاً امام عينيه كالقارئ الذي يقرأ الكتابة المكتوبة امام
اللوحة / وأكثر من هذا حينما يجد حلول مائله العلميّة المعقدة في عالم الرؤيا او اثناء الصلاة والابتهال الى الله في الجامع / وقد اعترف صراحة بذلك عند دنو أجله وقال : [ ان الذي كان يمدّني بقوّة قد امسك عني ] ومع هذا فقد اعترف الأوائل والأواخر بمنزلته العلميّة الفريدة
نذكرها تباعاً :
ـــ بعد ان عدّه الشهرستاني في < الملل والنحل > من فلاسفة الإسلام الذين فسرو ونقلوا من اليونانيّة للعربية قال :
[ وعلامة القوم ابن سينا كانت طريقته أدق ونظره في الحقائق اغوص ] .
ـــ ابن خلكان : [ كان نادرة عصره في علمه وذكائه وانتفع الناس بتصنيفاته ] .
ـــ الشيرازي الكازوني : [ هو أستاذ الحكماء الإسلاميين / لم ينفع اهل الحكومة النظرية والأطباء بعد ارسطو وافلاطون إلا به / ولهذا لقبوه بالشيخ الرئيس ] .
ـــ الطبيب ابن مندويه الاصبهاني : [ ابن سينا فيلسوف الاسلام وشيخ الطب والفلسفة والحكمة والفقه والشعر والحساب / وأوتي من قوة الحفظ وحدّة الذهن والصبر والاجتهاد ما كاد يكون خارقاً للعادات ] .
ـــ منير بعلبكي في المورد : [ الشيخ الرئيس يُعتبر منظم الفلسفة والعلم في الإسلام كما ارسطو في اليونان ] .
ـــ العالم ابرفيك : [ ابن سينا اسمه تردد على كل شفة ولسان في العصور الوسطى / هو مفكر لكل العصور / وكان من كبار عظما الإنسانية على الأطلاق ] .
ـــ البروفيسور جورج ماطون : [ ابن سينا من اعظم علماء الأسلام ومن اشهر مشاهير العلماء العالميين ] .
*ولد الشيخ الرئيس بقرية أفشنة في بخارى سنة 375 هجري وقيل ايضاً 370 وكانت وفاته في همدان سنة 428 هجري . والده فارسيّ الأصل من مدينة بلخ من أفغانستان وأمه من قرية خرمتين الواقعة في بخارى / وبما انه من نوادر التاريخ التي تعتز به كافة الأمم فقد اختلف في جنسيته ! / فأهل بخارى ينسبونه لهم بحكم مسقط رأسه وتعليمه الاول في مرحلة الصبا / بينما اهل فارس يعتبرونه واحداً منهم وجزءاً لا يتجزأ من تراثهم العلمي وقد قضى الشطر الأول من حياته في بلادهم / اما العرب يرونه علماً من اعلامهم لأن القسم الأكبر من علومه وفكره وشعره ناطقة بالعربيّة ولولا ذلك لما نال الخلود !
ومع هذا يبقى ارسطو الأسلام ملكاً للتراث الإنساني اينما كان / وسيرة هذا العالم الانساني المجدد الذي خالف الفارابي في بعض المطالب الحكيمة وخالف جالينوس في بعض المسائل الطبيّة حافة بالعجائب / كقوة الذاكرة ومتابعة البحث بقوّة الصبر وتحمل متاعب السفر والتجوال وحسد بعض معاصريه الى الحد الذي اتهموه بالكفر والزندقة على ما جاء في معاركه ضد رجال الدين الذي نشروا الضلالة بين الناس .
ـــ وما قال من كلام بليغ في هذا الخصوص :
بلينا بقوم يظنون ان الله لم يهدِ سواهم / يدعون الناس الى الجنة وهم عاجزون عن دعوة [ اس الى الجنة وأوطانهم مليئة بالمتسولين وماسحي الأحذية / يتيم الى مائدة / يدعون النحمقى البلاد وقطاع الطرق اخذوا مال الأرض وورثوا بيت السماء / أي ربّ ربكم ؟ وأي دين دينكم ؟ ثم أضاف ساخراً :
] .اكبر اللحية واقصر الثوب والبس العمامة تظفر بالجنة !
لم يزده حسد الخصوم وجهل الجاهلين إلا عزيمة وثباتاً في مواصلة العطاء العلمي الحافل بالأبداع الأسطوري .
ـــ لقد تحدث الشيخ الرئيس عن هذا المشوار الطويل بنفسه لتلميذه ابي عبيد الجوجزائي / أورد لنا صاحب كتاب " طبقات الأطباء " النص الكامل له نقتطف منه بعض المقاطع المهمة :
*قال الجوجزائي حدثني الشيخ الرئيس عن سيرته وقال :
كان ابي رجلاً من اهل بلخ وانتقل الى بخارى واشتغل بالتصوف وسكن بها وولدت انا بقرية أفشنة / لمّا أكملت العشر من عمري أتيت على القرآن والكثير من الأدب حتى كان يقضي مني العجب / وجاء الى بخارى الرجل الذي لقبه الناس ب < المتفلسف > وهو أبو عبد الله النائلي وأنزله أبي في دارنا / وقبل قدومه كنت اشتغل بالفقه على يد إسماعيل الزاهد / ثم ابتدأت بكتاب < إيسا غرجي > على النائلي وصيفاً لم يذكر لي حدّ الجنس / اخذت تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله / وتعجب مني كل العجب / وحذر والدي من شغلي بغير معلم / وكان كل مسألة يقولها لي اتصورها خير منه ! حتى قرأت المنطق عليه / ثم اخذت أقرأ الكتب على نفسي حتى احكمت علم المنطق / أمّا كتاب < اقليدس > فقد توليته بأسره / ثم انتقلت الى المجسطي ولما فرغت مقدماته وانتهيت الى الأشكال الهندسية / قال لي النائلي : تولّ قراءتها وحلها بنفسك كي اعرف الخطأ من الصواب / ولكن النائلي فارقني متوجهاً الى " كركانج " بينما انا انشغلت بتحصيل الكتب من النصوص والشروح من الطبيعي والإلهي / وصارت أبواب العلن تنفتح عليّ .
ـــ بعدها رغبت في علم الطب وقرأت الكتب المصنفة فيه / وهو ليس من العلوم الصعبة / فلا جرم ان برزت فيه بأقل مدّة حتى بدأ فضلاء الطب يقرأون عل هذا المعلم ! وتعهدت المرضى فانفتح عليّ من أبواب المعالجات المقتبسة من التجارب ما لا يوصف / ومع ذلك كنت اقرأ الفقه وأناظر فيه ومازلت انا ابن ست عشرة سنة ! ثم اعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة في خلال سنة ونصف وفيها لم انم ليلة واحدة بطولها ولا اشتغلت بالنهار في غيره وجمعت بين يدي ظهوراً / وكنت ارجع في الليل الى داري واضع السراج بين يدي وأشتغل بالقراءة والكتابة / وإذا غلبني نوم كنت أحلم بتلك المسائل بعينها / حتى ان كثيراً منها اتضح لي حلها في
المنام ! / استحكمت في جميع العلوم ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنساني / وكل ما علمته في ذلك الوقت ظل كما هو لم ازدد فيه الى اليوم .
ـــ خاض الشيخ الرئيس تجارب الحياة بكافة ألوانها / وبدافع من حب الشهرة والطمع في حكومات السلاطين ونفع الناس بعلمه / كان كثير التجول والترحال الى بلاد عديدة وقد تعرض الى ما يتعرض له المشاهير في كل وقت من حسد وكيد وبغض حتى اقتيد الى السجن وصودرت أمواله وكان قاب قوسين او ادنى من القتل !
قال المؤرخون :
دعته الضرورة للانتقال الى نسا وبارود وطوس ومنها الى شقان ونحيقان و جاجرم < رأس حد خراسان > ثم الى جرجان وقد قصد فيها الأمير قابوس < من اراء بني زياد في العراق > وبعدها مضى الى دهستان ومرض فيها وعاد الى جرجان / وانتقل الى الري وأشرف على علاج مجد الدولة وظل فيها حتى استولى عليها شمس الدولة < أبو طاهر بن فخر الدولة البويهي > حاكم همدان وكرمانشاه وقد احضره الى مجلسه بسبب قولنج قد أصابه وعالجه حتى شفاه الله وفاز من ذلك المجلس بخلع كثيرة وصار من ندماء الأمير / ثم سألوه الوزارة فتقلدها وعندما توفى الأمير تولى ابنه الحكم وطلب استيزار الشيخ الرئيس فأبى بينما كاتب سراً علاء الدولة < من امراء بني كاكويه المتوفي عام 1029 > بطلب خدمته واللجوء اليه وقيل : اقام في دار بني العطاء متوارياً عن الأنظار وقد طلب من تلميذه استثمار هذا الوقت بإتمام كتاب الشفاء / واستجاب الشيخ وكتب بخط يده عشرين جزءاً عن ظهر قلب .
الشيخ الرئيس ــ بن سينا
إنما النفس كالزجاجة ... والعلم سراج
القسم الثاني
ابن سينا الذي حاجج الأوائل من اساطين العلم في نظرياتهم كجالينوس وافلاطون وأرسطو والفارابي وجاء بثروة علميّة جديدة للإرتقاء بالحضارة الإنسانية ظلت لمئات السنين الكنز العظيم للمعرفة جديراً بالاعتراف الذي يفوق الوصف لأنه المعجزة التي لم تتكرر في التاريخ / ومادام حديثنا عن الطب فالشيخ الرئيس امير الأطباء وزعيمهم في القرون الوسطى تشهد بهذا المعنى . ومن نصائحه الطبية البليغة :
ـــ احذروا البطنة فأن اكثر العلل إنما تولد من فضول الطعام .
ـــ الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر اول خطوات الشفاء .
ـــ المستعد للشيء تكفيه اضعف أسبابه .
اقترن اسم الشيخ الرئيس بكتاب [ القانون ] الذي شكل موسوعة طبيّة مترامية الأطراف احتوت على علوم متعددة في الصحة ووظائف الأعضاء الجسدية وطرق علاجها / وقسم آخر في الصيدلة بحث فيه نحو سبعمائة وستين من العقاقير والأدوية المبتكرة / كما ضمّت الموسوعة استطرادات متفرقة في الفلسفة .
والحق يمكننا اعتبار كتاب القانون مفخرة العرب والمسلمين لمختلف الأجيال بعد ان انتشر انتشاراً هائلاً لم يسبق له مثيل حينما ترجم الى اللاتينيّة وطبع بطبعات متعددة ابتداءاً من الثلث الأخير من القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن السابع عشر الميلادي لكي يُدرّس في معاهد الطب الأوربيّة / وهنا نسجل بعض المدونات القيمة للباحثين العرب المعاصرين :
ـــ قال الإبراشي : وظلّ هذا الكتاب قروناً عديدة الكتاب المفضل عند الأطباء العرب والفرس واللاتين .
ـــ قال جلال مظهر : بلغ بمجهودات ابن سينا عميد الأطباء في القرون الوسطى اوج عظمته / وربما لم يُدرس كتاب في الطب على مرّ العصور مثلما درّس كتاب القانون .
ـــ قال الدكتور علاء القزويني . وترجع شهرة كتاب القانون لما امتاز به من حسن التنظيم والسبك مع الإحاطة بكل ما يحتاج اليه الأطباء .
*يُعتبر ابن سينا من علماء النفس / انفرد بمدرسة خاصّة حينما ذكر قبل عشرة قرون :
[ بأن للمخ مكاناً محدوداً ] وبقى هذا المعنى مجهولاً حتى تمّ التأكد منه في مطلع القرن الماضي / كما ان له آراء فلسفية في النفس كنفيه المعاد الجسماني وإثباته للمعاد النفساني وقوله :
[ إن الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي بل بعلم كلي ] ممّا جعل عدداً من علماء الأسلام يرمونه بالكفر والألحاد والزندقة كالغزالي وابن الأ ثير وغيرهم .
ـــ ولم يأبَ الشيخ الرئيس بذلك ومضى قدماً بآرائه لقناعته الكاملة بها / ووصف من اعترض طريقه بالحسّاد وقال فيهم هذه الأبيات الرائعة :
عجباً لقوم يحسدون فضائلي / ما بين غيابي الى عذالي
عتبوا عليّ فضلي وذمّوا حكمتي / واستوحشوا من نقصهم وكمالي
إني وكيدهم وما عتبوا به / كالطود يحقر نطحه الاوعال
وإذا الفتى عرف الرشاد لنفسه / هانت عليه ملامة الجهال
ـــ ثم شكى امره الى الله وقال :
أشكو الى الزمان فصرَفة / أبلى جديد قواي وهو جديدُ
محنٌ إليّ توجهت فكأني / قد صرت مغناطيس وهي حديدُ
*آثارهُ العلميّة
هذه العبقرية الفذة التي تفوقت على نفسها وأغنت البشرية بعلومها الجمّة تركت الكثير من الآثار المخطوطة / على سبيل المثال احصى الأب < جورج قنواتي > لأبن سينا مائتين وستة وسبعين كتاباً ورسالة اودعها في كتاب ضخم له / وكانت فلسفته تدرّس بالجامعات الأوربية / وما زال جانب منها يُدرّس الى اليوم بالجامعات الكاثوليكية / ومن اشهر مؤلفاته في الطب كما ذكرنا كتاب "القانون " صنّفه في جرجان وأكمله في همدان / وكتاب الأدوية القلبيّة / وكتاب < الشفاء > الذي جلب له المتاعب / مقالة في النبض باللغة الفارسيّة ومقالة تعرّض رسالة الطبيب في القوى الطبيعيّة / تعاليق مسائل حنين في الطب / قوانين ومعالجات طبيّة / مسائل طبيّة تضمنت عشرين عنواناً / كتاب < الملح > / كتاب < فصول النفس > إضافة الى عشرات الكتب الأخرى الي صنفها في الفلسفة والحكمة والزهد والإلهيات والطبيعيّات والفلك والمنطق واللغة والشعر والموسيقى والأخلاق وغيرها .
*وصيّة بليغة
ــــ ومن وصاياه البليغة الى بعض أصدقائه :
ليكن الله تعالى اول فكر له وآخره / وباطن كل اعتبار وظاهره / ولتكن عين نفسه مكحولة بالنظر اليه / وقدمها موقوفة على المثول بين يديه / مسافراً بعقله الى الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربّه الكبرى / فأذا انحط الى قراره / فلينزه الله تعالى في آثاره / فأنه باطن ظاهر تجلى لكل شيئ بكل شيئ ثم أضاف :
ففي كل شيئ له آية / تدل على انه واحد
*قصيدة النفس
ــــ تعتبر قصيدة النفس من أروع القصائد التي نظمها عالمنا الفذ ورددتها الأجيال عبر العصور بحكم ما تحوي من معاني شريفة مقدسة وألفاظ بلاغيّة ساحرة تشد القلب والعقل
معاً .
هبطت عليك من المكان الأرفـــع / ورقـــــاء ذات تعــزُّزٍ وتـمنــــعِ محجوبةٍ عن كلِّ مقـلـة ناظــــــٍر / وهي التي سفرت ولم تتبرقــعِ وصـلت على كـرهٍ إليك وربـمــا / كرهت فراقك وهي ذات توجُّـع أنـفت وما أنسـت ولمــا واصـلـت / ألفت مجــاورة الخـراب البلقـــع وأظنهـا نسيت عهـودا بالحمـى / ومــنــازلا بفراقهــــا لم تقـــنـع حتى إذا حصلـت بهــاء ثبوتهـــا / في ميـم مركزهــا بذات الأجـرع علقت بهــا ثاء الثقيل فـأصبـحـت / بيـن المنـازل والطلـوع الخضَّـع تـبكي إذا ذكرت عهودا بالحمـى / بمدامــــعٍ تهــمــي ولمـا تقلـــع وتظلُّ ساجعـة على الدمـن التـي / درست بتكـرار الريـاح الأربـــع إذ عاقـها الشكل الكثيف وصدها / نقـصٌ عن الأوج الفسيح الأرفـع
وغـــدت مفـارقـِـــةٌ لكل مخلِّــــفٍ / عنهـا خليـف الـترب غير مشيِّـع حتـى إذا قـرب المسير إلى الحمى / ودنا الرحيل إلى العطاء الأوسع سجعت وقد كُشف الغطاء فأبصرت / ما ليس يدرك بالعــيون الهجَّـــع وغـدت تـغرِّد فـوق ذروة شاهـــقِ / والعلـم يرفـع قــدر من لم يرفــع فلأي أمـرٍ ُأُهـبـطـت من شاهـــقٍ / سامٍ إلى قصر الحضيض الأوضـع إن كان أهبطهـــا الإلـه لحـكمـــةٍ / طويـت عـن الغــزِّ اللبـيب الأروع فهبــوطهـــا لاشـكَّ ضـربـة لازبٍ / لتعــود سامعـــةً لمـا لم تسـمـع وتكــون عالمــةً بـكلِّ خفـيَّــــــةٍ / في العـالمين وخرقهــا لم يرقـع وهي التي قطع الزمان طريقهــا / حتى لقـد غربت بعـين المطلـــع فكأنهـــا برقٌ تألـَّـــق بـالحمــى / ثمَّ انطـــوى فكأنــه لـم يلمــــع
ومن شعر الحكمة :
هذب النفس بالعلوم لترتقي / وذر الكل فهي للكل بيت
إنما النفس كالزجاجة والعلم / سراج وحكمة الله زيت
فأذا أشرقت فأنك حيّ / وإذا أظلمت فأنك ميت
ومن الطرائف :
كتب الشيخ الرئيس وصفة طبية بأبيات من الشعر لوزير قد شكاه من مرض ألمّ به شعراً
الله يشفي وينفي ما بجبهته / من الأذى ويعافيه برحمته
أما العلاج فإسهال بقدمه / فتحت آخر أبياتي بنسخته
وليرسل العلق المصاص يرشف من / دم القذال ويغني من حجامته
واللحم يهجره إلا الخفيف ولا / يدني إليه شراباً من مدامته
والوجه يطلبه ماء الورد معتصراً / فيه الخلاف مدافاً وقت هجعته
ولا يضيق من الزر مختنقاً / ولا يصيحن ايضاً عند سخطته
هذا العلاج ومن يعمل به سيرى / آثار خير ويكفي امر علته
ملاحظة :
نشر هذا المقال لأول مرّة [ بشكل مختصر] في جريدة الزمان الصادرة في لندن
يوم 18 / 4 / 2000 ثم تناقلته الفضائيات والإذاعات العربية والعراقية فيما بعد .
4832 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع