بقلم : غـانـم الـعـنّـاز
عهد جميل مضى و عصر رذيل أتى
عهد سعيد مضى
لقد مضى اكثر من ستين عاما عندما كنت واقفا في عام 1956مع صديقي الدكتور فاضل علي القاضلي في شارع (المال) الشهير في لندن ، الذي يؤدي الى قصر الملكة ، بين جموع اللندنيين لاستقبال موكب الملك فيصل الثاني وهو جالس بجانب الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا في عربتها التي تجرها الخيول المطهمة في طريقهما الى قصر بكنكهام الشهير. فقد كان الملك فيصل في سن العشرين وكانت الملكة الشابة اليزابيث في الثلاثين من عمرها وكانت الصفوف مرصوصة من قبل المرحبين بالتصفيق والهتافات للملكة وضيفها الملك.
قصر بكنكهام في لندن
لقاء الأمير عبد الإله
لقد كان عهدا زاهيا يحترم فيه المواطن حيث لم تنس السفارة العراقية في لندن ان تقوم بارسال بطاقات الدعوة لطلاب البعثات في بريطانيا لحضور حفلة الشاي التي اعدت للامير عبد الاله خال الملك والوصي سابقا على عرش العراق.
ذهبت الى تلك الحفلة وانا في سن التاسعة عشر في شيء من الحذر والترقب عن كيف سأتصرف بحضور الوصي على عرش العراق.؟ حيث انني حتى ذلك الوقت ، لم اكن قد رأيت ملكا ولا وزيرا ولا حتى محافظا ، لاستقبل بحفاوة من قبل احد موظفي التشريفات في السفارة العراقية لاجد نفسي بين مجموعة من الطلاب من امثالي في قاعة الاستقبال. فقد وقفنا في عدة حلقات من الطلبة نشرب العصائر وكان الوصي في حديث مع احدى تلك الحلقات. ولم يمض الا قليل من الوقت حتى اتى الوصي الى مجموعتنا فيا لها من لحظات ممزوجة بالفرح والشعور بالفخر مع شيء من الرهبه.
لقد قدم الرجل الينا ليصافح كل واحد منا ويسأل عن اسمه وجامعته ودراسته وغير ذلك ليهدئ من روعنا. لقد كان الرجل كريما رحيما لتتبدد الاجواء الرسمية بسرعة ليدور الحوار معه في جو هادئ في سؤال وجواب وحتى بفكاهة من الفكاهات.
فيا لها من ذكرى جميلة اعيشها الآن وانا اشاهد هذا الفيديو.
الملكة اليزابيث والملك فيصل الثاني في العربة الملكية
https://www.facebook.com/muhannad.alsheikhly/videos/10212327977047499/?fref=mentions
عهد رذيل أتى
كما لا يسعني الآن ايضا الا مقارنة ذلك العهد الذي يتنازل فيه الوصي الى مستوى الطلبة للسؤال عن احوالهم ودراستهم بطريقة ابوية سمحة هيّنة تنم عن الاهتمام بهم والخوف عليهم في بلاد الغربة بعيدا عن اهلهم.
حيث لم يكن في ذلك الزمان ما نراه اليوم من وسائل الاتصالات من تلفونات وحاسبات وغير ذلك التي تمكن طلبة البعثات من التواصل مع اهلهم يوميا ان ارادوا ذلك. فلقد أمضى معظم الطلاب في ذلك الزمان طوال سنين دراستهم البالغة خمس سنوات دون مكالمة اهلهم وانا واحد منهم.
أقول لا يسعني الآن الا مقارنة ذلك العهد والعهود التي تلت ذلك خصوصا في وقتنا الحاضر الذي اصبح فيه الحكام يعيشون خائفين خلف جدران اسمنتية في منطقتهم الخضراء لا يبرحونها الا محاطين بالعربات المسلحة لا بل المدرعة ضد الاسلحة والقنابل والتفجرات.
فيا ترى لماذا ذلك؟
هل لانهم خدموا شعبهم الذي اوصلهم الى مراكز السلطة ليستقبلوا بالهتاف والترحاب بدلا من القنابل والمتفجرات والمظاهرات؟
أم هل لانهم قاوموا الغزاة دفاعا عن الوطن ؟ ام لانهم مهدوا السبيل للغزاة ليدمروا البلاد ويفتكوا بارواح العباد لينشروا شريعة الغاب ومبادئ الخيانة والغدر بمواطنيهم واهلهم.؟
أم هل انهم حافظوا على ارواح مواطنيهم وسلامة ممتلكاتهم ليطلبوا بالمقابل ان يسلموا على ارواحهم وممتلكاتهم؟
أم هل هم حافظوا على اموال الشعب وثروة البلاد من السرقات والاختلاسات؟ أم انهم خانوا الامانة ونهبوا المال العام بدل ذلك ليعيش المواطنون اصحاب الثروة الحقيقيون على الفتات؟
أم انهم نشروا العدل والأمان بين الناس وحموهم من القنابل والمتفجرات الاخرى التي تزرع في الاسواق والمناطق المزدحمة التي تفتك بالمواطنين الابرياء من رجال ونساء واطفال ومن جميع الملل والاديان.؟ هذا ان لم يكن للبعض منهم يدا في تلك الجرائم.؟
فيا ترى الى متى سيصبر المواطنون على حكم جائر غاشم غادر وظالم.؟
ويا ترى متى سيستفيق هؤلاء الحكام من غفلتهم هذه؟ نرجو ان يكون ذلك قريبا.
والله الموفق
حزيران 2017
1114 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع