تحيّة بَصريّ صميم لمتظاهري المثنّى والبصرة

                                                                

                                يعقوب أفرام منصور


تحيّة بَصريّ صميم لمتظاهري المثنّى والبصرة

ما أروع وأبدع أن تتزامن إحتجاجاتكم وتظاهراتكم المطلبيّة، يا أهل المثنّى في الديوانية، ويا أهل الفيحاء في البصرة في تموز المجيد، شهر الثورات العالمية الكبرى، وخصوصًا ثورة 14 تموز العراق 1958 ـ أي قبل 60 عامًا ! وتحيتي هذه إليكم في المحافظتين لا تعني عدم شمولها محافظات ذي قار وميسان والنجف وكربلاء وبابل، بل هي حتمًا ضمن هذه الموجة العارمة والغاضبة غضبًا ثوريَا مقدّسًا، مع توخّي الإختصار في مفردات العنوان، إذ إنّ همومكم وشجونكم ومظلوميتكم، كما غاياتكم ومطالبكم الشعبية والوطنية مماثلة تمامًا لتلك التي أفصحت عنها شعارات ولافتات وهتافات المحافظتين.

كان تحديد مطالبكم في مجال توفير الخدمات الحيوية الضرورية من ماء نقي وكهرباء متواصل ونظافة بيئة وعناية صحية وتعبيد وترميم طرق ونشر الأمن وتهيئة فرص عمل للأيدي العاملة والخرّيجين، أمر مطلوب منكم، وكان مطلبكم محاكمة الفاسدين أمرَا حيويًا لازمًا لتغيير أحوال البلد نحو الأحسن، ولضمان إرتقاء مستوى العيش المنشود بعد انحداره إلى الدرك الأسفل منذ 15 عامًا، لكن الحكومة الحالية لم تستجب لتلبية المطاليب العديدة سابقًا، وتركت الفاسدين يسرحون ويمرحون، بل يتربّصون ويخططون للعودة إلى تبوّء المناصب وإشغال الكراسي
منذ عام 2015 طالبت جماهير الشعب ووسائل الإعلام في أغلب المحافظات الوسطى والجنوبية في مظاهراتها الغاضبة بتوفير لوازم العيش الكريم وفرص العمل ومحاكمة الفاسدين المحميين بأحزاب شتّى مسلّحة، فلم تلقَ الجماهير المطالبة والمُحِقّة في نقمتها على تمادي المساوئ الكثيرة، غير العزوف عن التلبية وعن الإهتمام بتحسين الأوضاع، بل تطارشت آذان المسؤولين الكبار والصغار حتى وصلت الأحوال إلى أسفل درك من الإنحطاط والتخلّف، وإلى أدنى مستوى من الفقر في العالم، في حين يُعد العراق أغنى وطن نفطي ! وهكذا تضاءلت الثقة المتبادلة بين الحكومة وبين االشعب عمومًا ، وبينها وبين المحرومين والمضنكين والمهمَلين خصوصًا، حتى غدت الآن معدومة.
ومع ان السيد رئيس الوزراء، منذ أربعة أعوام، لم يفعل شيئًا واحدًا لتلبية أيّ مطلب من المطالب الحقانية المكررة بصوت عالٍ مُجلجِل ومُزلزِل في أثناء ولايته، نراه الآن في ما صدر عنه من كلام عِبر وسائل الإعلام المُتًلفز في 14 و15 تموز، قد تحاشى الإقرار بوجود أسباب غضب ونقمة أوساط غالبية الشعب من خلال احتجاجات ومظاهرات شباب وكهول وشيوخ صرخوا ونادوا وطالبوا بأصواتهم وشعاراتهم ولافتاتهم، وسمعناه يلوم المحتجين والمتظاهرين في تجاوزهم على حرمات ومقرّات أحزاب سياسية، في حين هو يعلم جيدًا أن هذه الأحزاب والحرمات هي المولّد والمغذّي الأساس للمفاسد والعجز والفشل الذريع في الأداء الإداري الجيّد النزيه. وإذا كانت هناك شكوك في وجود بعض مندسّين ومخرّبين بين صفوف المتظاهرين والمحتجّين، ألا يجدر بقوات الأمن إلتقاطهم وإقصائهم عن تلك الصفوف؟!
إن إدارات المحافظات ومجالسها الغارقة في الفساد والإفساد، وحرمات الأحزاب الأنانية جدًا تروم ضمان إستمرار سوء الأوضاع في الوطن والشعب ـ من تخلّف ومساوئ وخيانة الأمانات ـ وبذا يعملون لإطالة بقائهم الضار المؤذي، في حين أحجم السيد رئيس الحكومة عن لوم الذين قاوموا المحتجّين والمتظاهرين بخراطيم المياه وقنابل الغازات المسيّلة للدموع، بل وجّهوا الرصاص القاتل والجارح لمجرّد عزم الجماهير، الغاضبة المستاءة طويلاً من سوء الأوضاع، عل اقتحام مقرات رؤساء المحافظات ومجالسها المقصّرة والفاسدة. فهل منع السلطات الأمنية الجمهور الغاضب من الإقتحام يكون برشقات من الرصاص، أم يجب ان يكون بالحسنى والإقناع الموصَى بهما في التعامل مع تلك الحالات الحرجة ؟ّ! وماذا يُقال عن السكوت إزاء صدور الرمي بالرصاص الحي عن أفراد أحد الأحزاب المسلّحة وليس عن الشرطة؟ وماذا يقال عن فئة وصفت المتظاهرين والمحتجّين بكونهم (رعاع) وعن فئة أخرى بكونهم خائنين ؟!
إن الفاسدين ـ الذين بلغ بهم السوء درجة الخيانة ـ قد أساؤوا طيلة 15 عامًا؛ فهل تتناسب إساءات طويلة الأمد مع إساءة محاولة اقتحام أو حدّة كلام أو عنف بسيط في التعاطي عند صدور ذلك عن اامتظاهرين وهم في حالة غضب وشعور بالغبن والظلم؟!
وفّقكم الله في مسعاكم النبيل لنيل مطالبكم المشروعة لخير الشعب والوطن، وقديمًا قيل في أمثالكم ( ما ضاع حقٌ وراءه مُطالِب).

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

890 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع