بقلم: هدى أمّون
صحوة
ترى شخصًا، يعجب بك عن قرب، تتحدثان، تضحكان وتمرحان. تخافان على بعضيكما. وأن حصل مكروه لشخص منكما؛ فالآخر يحزن. لا يمر نهار من غير أن تتحدثا، أو تريا بعضاكما البعض. يخبر الشاب جميع من حوله بأن هذه الفتاة ستكون له، ولن يقترب منها أحد. تسافر الفتاة بضعة أيام، ويشتد الاهتمام عند الشاب؛ فيكثر من الاتصال والسؤال. ولا يسمح بأن تمر ثانية من غير الاطمئنان والاستفسار. تبدأ الفتاة بالإفصاح عن مخاوفها. ويبدأ الشاب بإخراج كلماته والإبداع فيها. لكننا لسنا في فيلم، مدته ساعه ونصف، ونهايته سعيدة.
من يحب، لا يمل، ومن يحب فتاةً، ويبتعد عنها، فهو يحيا في الملل. هو ليس رجلا. وأنا لست كذلك، قال الشاب. إنك لم تتعرفي علي جيدا بعد. فأنا إن أحببت، أحببتُ بصدق، ولا أترك من أحب. وهذا وعد رجال أمام الله وأمامك. تقبل الفتاة في الشاب كحبيبٍ لها، فقد نجح ذلك المخادع في خداعها واستعارة قلبها. تبدأ المحادثات بالنقصان، تبدأ المشاكل باسم الغيرة والهذيان. فما هو مسموح للشاب غير مسموح للفتاة. وتغير جميع الكلام السابق. فهو الرجل الآن، والآمر الناهي. فهو من يتخذ القرار، ورأيك فليبق لديك. لم يكن هكذا في البداية، لكننا جميعا رائعون في البداية. تمر الساعات ولا يتحدثان. وهنالك طبعا بعض الأسباب، الاختبارات والامتحانات الجامعية. يتحدث مع الفتاة عندما يريد شيئا، وعندما يحصل على ما يريد، فلا يعود هنالك مكان لها في جدول أعماله. فهنالك الأصدقاء والاختبارات والدراسة. تتجاهل الفتاة كل هذه الأمور، وتقول، بأن الوضع سيتحسن، وسيتغير للأفضل، لأنه مهما كان مرًا كالعلقم، سوف يمر في فترة من الفترات. فهي فقط مسألة وقت، لا أكثر. يبقى الحال نفسه لأشهر، حتى تصبح الفتاة خارج اللعبة وخارج المسرحية والفيلم. وهي لا تعرف ما السبب، فقط قد أخرجها من حياته بطريقته الخاصة. وتذكروا ما قلته في البداية، وهي ذات الجملة التي قالها، والوعد الذي قطعه أمامها وأمام ربه. فهو وعد رجال، وهو ليس رجلا. تبحث الصغيرة عن سبب هروبه ونفوره منها. لا تبحثي، فلم يكن الذنب ذنبك. ولكنها تكتشف الكثير من الأكاذيب والأمور المخفية عنها، فيسقط ذلك المتبجح برجولته من عينها. وفي قلبها يترك شيئا واحدا، وهو الانتقام على ما حل بها. ولكنها رقيقة لطيفة، تنسى وتسامح بسهولة. ولكن هذه المرة لن تسمح بأن تقع في فخ مشاعرها الساذجة. وستبقى تعمل على أن تراه متألما ضعف ألمها. ومتى ستفهمين، يا حواء، بأن كلام آدم ليس بكتاب مقدس. وما قيل فيه هو حقائق، عليك تصديقها، ولا يمكنك تغييرها. الحياة الهنيئة الجميلة، والكلام المعسول وما ستعيشانه هي مجرد خرافات، ليستعير قلبك حتى يمل منك. فلتفتحي عينيك جيدًا، ولتختبري من يتقدم لك بأذكى الأساليب. وعندما ترسين على أنه جدير بالثقة، ويعلم ما هو الحب، سلمي قلبك له. ولكن، دائما اجعلي قلبك وعقلك صاحيين؛ كي لا تقعي في قصص الحب الطبيعية، وإنما قصص الحب السرمدية الأزلية.
734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع