عدنان أبوزيد
اقرأ قبل الحذف
تحوّلَ "التشهير" الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيسبوك" و"تويتر" من الحالات الفردية، - حيث يسدّد ناشط او مدون سهامه لآخر-، الى الاستثمار في الأزمات الوطنية، مثل الاحتجاجات، والترويج لأخبار مفبركة تخاطب المجتمع بأكمله.
..
يتّضح ذلك جليا في التظاهرات الشعبية التي عمّت مناطق الجنوب والوسط، حين ضخ ّناشطون مقاطع فيديو ملفّقة، تزيد من إثارتها عبارة "شاهِد قبل الحذف"، وصور مركّبة، و لقطات مفصولة عن سياقها، متبوعة بعبارات "اقرأ قبل الحذف" تصْرف المتابع عن حقيقة الحدث، فضلا عن مفردات القواميس الفضائحية، سعيا وراء إثارة آلاف المتابعين وتسويقا لوجهات نظر منحازة. وقد وقع في هذا الخلط، مستطرقون، وموظفون حكوميون، ومثقفون مؤدلجون، كشفوا عن كونهم متحزبين، لا موضوعيين.
..
من أولئك، ناشطون وإعلاميون، يتبجحون بمبادئ أخلاقية، وحرية تعبير، نزعوا الأقنعة، وراحوا يضخون الأخبار غير الصحيحة، من مثل اغتيال محام في البصرة على أيدي فصائل مسلحة، ونشْر مقطع فيديو لشاب انفلق رأسه، على أيدي قوات الأمن، ليتبين ان الفيديو في اليمن، وقد مضى عليه سنوات.
إنها منشورات دعائية تهدف إلى الاسترزاق السياسي، على حساب الحقيقة، حتى اذا وقفت السلطات والقوانين بوجهها، استشاط مروجوها غضبا، بان حرية التعبير في خطر.
..
وبعيدا عن تداعيات السلوك المتجاوز لخصوصيات الأفراد، أو انزياحاتها وتصيّدها للحياة الخاصة للأفراد، والطعن بهم، فان التشهير على مستوى الأحداث الوطنية والأزمات الكبرى، تحوّل إلى إعلام مهيّج للفتن والحقائق المقلوبة، تحت ستار من الحريات الفردية المتهورة، والسبْق الصحافي الأرعن، المستخف بالمواثيق الأخلاقية.
..
الذي يحمل هؤلاء على هذه الأفعال الفاضحة، استعجالهم المكسب السياسي، والإعلامي السهل، وعدم توقّع أثمان تجاوزاتهم، فضلا عن اعتقادهم، بأن الأمر مجرد استثمار مسلّ في تحقيق غايات معينة يؤمنون بها، على حساب الجهة التي وضعوها خصما أمامهم.
..
سوف تزداد أعمال التشهير، وتصبح ذات تأثير جمعي طاحن، وسيبتكر أولئك، الطرق الشتى لتطوير الخطط، على أمل ان تصبح طروحاتهم، مواد دسمة تتداولها الناس بالخطوط العريضة في وسائل الإعلام والمنتديات، لينتج عن ذلك، تضخيما غير مبرر للازمات الوطنية، وهو ما حدث تحديدا في التظاهرات الأخيرة، حين نصّب أولئك الرقميون، أنفسهم، زعماءً افتراضيين، لحراك الشارع، ورفعوا الشعارات الرقمية التي تحث الناس على الاعتداء، على الممتلكات العامة ورجال الأمن.
..
ثمة حاجة ماسة الى تعزيز القوانين الرادعة لـ"التشهير الإلكتروني" والحيلولة دون الخلط بينه وبين حرية التعبير، وتفعيل دور المتضررين ودفعهم الى المطالبة بحقوقهم، لكي تتوازن الكفة مع الفاعل الافتراضي الذي يتصور نفسه في مأمن من العقاب، طالما أن جريمته رقمية، وان من الصعوبة على يد العدالة إن تنال منه، ولن يتحقق ذلك الا بتطوير السياسة الجنائية.
وقبل القوانين، هنالك البصيرة والوعي، الذي لا يعتبر تقنين حرية النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، سالبا للحرية، بل إجراءً حازما ضد فبركة الحقائق، ذلك انّ النت والتواصل الاجتماعي الذي أتاح، أدوات نشر آنية ومباشرة، يجب أن لا يكون فرصة لتجاوز الموضوعية والاعتدال في تفسير الأحداث، بعيدا عن التعصب السياسي والديني، وهو أمر وقع فيه الكثير من الإعلاميين والمثقفين، والناشطين.
إيميل: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
فيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100009970938700
788 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع