علي المسعود
لوحة ("عازف الغيتار العجوز") تصوير لأقصى حدود الفقر والألم والعزلة
يقول بيكاسو عن الفن : الفن مثل الحياة يستعصي على التعريف , عندما أعرف شخصيأ ماهو الفن فلن أصرح بذالك لآحد ما. فسأحتفظ بذالك لذاتي ". وبراي ان اكبر ماشوه الجمال هوالحديث عنه , لكن بعض الحديث مُستثنيّ!!. وفي الحديث عن الفن التشكيلي و وبالتحديد مايخص اللوحة ومايثير المتلقي هو موضوع اللوحة وبعدها تجذبه الشكل و الألوان .وفي لوحة ( العازف العجوز ) وهي لـوحـة شهيـرة رسمـها بيـكاسـو خـلال ما عُـرف بالمـرحلـة الزرقـاء (1901 – 1904 ).
اللوحة تنتمي لما يُعرف بـ"الفترة الزرقاء" وهي الفترة التي أعقبت انتحار صديق بيكاسو، طالِب الفنون الإسباني، كارلوس كاسيغماس، بدأت تلك الفترة عام 1901، و خلالها سيطرت على لوحات بيكاسو في تلك الفترة مواضيع مأساويّة قاسية ، استخدمَ في رسمِها اللون الأزرق ودرجاته بشكلٍ كبير، ولهذا سُمِّيَت بالزرقاء . لوحة ( الرجل العجوز ) هي لوحة تمثل رجل مسن يلعب على الكيتار، وربما أعمى، يرتدي ملابس بالية، يجلس في فضاء قاتم، ويضم عليه آلة الكيتار. وهي إحدى أشهر لوحات الفترة الزرقاء. لأنها كانت تُسلّط الضوء على المعاناة النفسية والمادية، وربُما العقلية، في حياة المبدعين. وكثيرا ما يُنظر لعازف الكمان المُسن باعتباره انعكاسًا لكاسيغماس ذاته، رغم أنه انتحر شابا. في الفتـرة التـي سبقـت المرحلـة الزرقـاء، كـان بيكـاسـو يـركّز علـى رسـم الأزهـار
مستخدمـاً ألوانـاً قاتمـة. وفـي المرحلـة الزرقـاء أصبـح اللـون الأزرق يطغـى علـى اللـوحات التـي رسمهـا فـي تلـك الفتـرة. لوحـات بيكاسـو فـي المرحلـة الزرقـاء كـانت تلخيصـاً لحيـاة الفنـان نفسـه؛ إذ كـان يعانـي الفقـر والحـزن. كمـا كـان واقعـاً تحـت تأثيـر ابتعـاده عن عائلتـه في برشلـونة و لوحاتـه في تلـك الفتـرة تشـي بتعاطفـه العميـق مع المسحوقين والفقـراء والمكفوفيـن وذوي العاهـات. وباختصـار كل من يعيـش علـى هامـش الحيـاة. لوحـة "عـازف الكيتـار العجـوز" تمثـل نموذجـاً ممتـازاً لطبيـعة لوحـات المرحلـة الزرقـاء التـي تعمـد فيـها بيكاسـو رسـم شخـوص لوحاتـه بهيئـات منكسـرة ومشوهـة. في هذه اللوحـة تمكن بيكاسـو من التعبيـر ببراعـة عـن التـدهور الجسمانـي والمعنـوي لشخصيـة ( العازف ) موضوع اللـوحة. هنـا يبـدو العـازف العجـوز الأعمـى بملابسـه الرثـة وجسـده الكليـل وهـو يعزف على كيـتاره بـلا اهتـمام، وقـد اتـخذ وضـع جلـوس غيـر المريـح وبـدا كمـا لـو أنـه لا ينتـظر أي عزاء أو إشـادة من العالـم المحيـط بـه، أو كما لـو أن الحيـاة تسربـت من جسـده الشاحـب ولم تـعد تعنـي لـه شيئـاً. هذا العـازف العجـوز كـان أحـد بؤسـاء المرحلـة الزرقـاء؛ أي نفـس الفئـة التـي وجـد بيكاسـو نفسـه متعاطـفاً مع أفرادهـا بُعَيـد وصـوله إلى بـاريس لأول مـرة وكـان عمـره لا يتجـاوز التاسعـة عشـرة. وقـد أفـرد بيكاسـو لهـذه الفئـة العديـد من اللوحـات الـتي تصورهـم فـي كافـة أشكـال الحرمـان والبـؤس مستخدمـاً اللـون الأزرق، الذي أصبـح بفضـل بيكاسـو ومرحلتـه الزرقـاء رمـزاً للسوداويـة والحـزن وخلـوّ الحيـاة مـن أي معنـى أو هـدف , في هذه اللوحة ( العازف العجوز ) جعل بيكاسو المشاهد أو المتلقي للوحة لايركز عل حالة الشيخوخة عند العازف بقدر التركيز على شيخوخة الروح والتي كان انعكاسها بوضوح في فقر وعزلة العازف الذي لايؤنسه شيء غير آلته البالية، أعمى وفقير ووحيد بملابس تكاد تستره؛ مُنكفئ على نفسه في فضاء موحش .
علي المسعود
المملكة المتحدة
881 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع