أ. د. وليد محمود خالص
باحث متفرغ
عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
في الشأن المجمعي المجمع العلمي العراقي بين الواقع والمأمول
"... وقد دلّني الاستقراء في الشرق، والغرب على أنّ معيار حبّ الاستقلال في الأمة يكون على قدر حرمتها للغتها، وسعيها لإنعاشها، وأنّ الذي لا يغار على لغته لا يغار على أمته". (مجلة المقتطف. الجزء الأول من المجلد الرابع والثمانين. الأول من يناير/ كانون الثاني. سنة 1934). هذا ما يكتبه السياسي السوري الدكتور عبدالرحمن شهبندر قبل ثمانين سنة، وتزيد شهوراً. فكأنّ إشكالية (اللغة)، ونريد بها هنا (اللغة العربية) هي أشبه بذلك القديم المتجدّد، والهمّ المستديم، والشغل الشاغل لتلك القلّة من السياسيين، والعلماء، والباحثين. أولئك الذين يحملون شجون أوطانهم، وأوصاب أمّتهم، وخصوصاً، وهم يلحظون هذه (الفوضى) اللغوية التي تلفح الوجوه بشواظها، وتكاد تعمي الأبصار ببريقها، وهو، أي ذلك البريق، برق خلّب، وسراب في متاهة.
وواهمٌ مَن يعتقد أنّ بمكنته حلّ الإشكال اللغوي بترياق لغوي فقط، فكم جُرِّب هذا الترياق، وفشل. وليست (الحماسة)، و(الحفظ اللاهوتي)، و(لذّة النقاء اللغوي) سوى قطرات من ذلك الترياق الذي ما فتئنا نتجرّعه، ونأخذ بأسبابه، فلم تكن النتيجة سوى ما نلمسه من هذا الوضع المؤلم للعربية، وهي تؤخّر، ويتقدّم غيرها من اللغات، وتُقصى، وهي في أوطانها. وكيف لا؟ ونحن نستظلّ بغيوم هي من حميم، وغسّاق على مقتضى الآية السابعة والخمسين من سورة (ص) بسبب هذه (الحرب اللغوية) التي تستعر بلا نار، وتتقدّم بلا جيوش، وتهدم بلا عتاد، أو ذخيرة. خططها متباينة، وأسلحتها مختلفة عمّا سبقها من خطط، وحروب، ومنفّذوها أشباح، أو كالأشباح. سلاحها الحواسيب، والتقنية الحديثة، وهما من أمضى الأسلحة، فبإمكانها أن تذيع ما تريد، وتحجب ما ترغب فيه، ذاك الذي يتعارض مع مصالحها. جيوشها التسلّل الخفيّ إلى القلوب، والعقول بوسائل شتى، منها الإعلام، والترغيب، وتجميل القبيح، وصنع النمور التي تتكشّف بعد التأمّل أنّها نمور من ورق، وإضفاء الغَبَش على الحَسَن كي لا تظهر معالمه، وتبدو إشراقاته، فيفيد منه الناس. والمستقبِلون لهذا التسلّل الخفيّ فئات. منها المرحّب، المنبهر، وهم الكثرة، ومنها المتحفّظ الذي يقدّم رِجلاً، ويؤخر أخرى، وهم أقلّ، ومنها المستنير الواعي، ذو القلب الذكي، والعقل الناقد، وهم الأقلّ من الأقلّ، ذاك الذي لا تعشو عينه إزاء البريق، بل يديم النظر، والسؤال، و(الحفر). باحثاً ومفتّشاً عن هذا الثاوي في الأعماق، الموجِّه لتلك (الأنوار)، وهي، في الحقّ، (أنوار) مظلمة، مؤذية. ألم نَقُل إنّها (حرب)؟ ولأمر قريب من هذا، يضع اللساني الفرنسي الشهير (لويس جان كالفي) عنواناً لافتاً لكتابه، هو (حرب اللغات)، يروح يفصّل فيه الحديث عن هذه (الحرب)، وأسلحتها، وجيوشها، والحكومات التي تتستّر خلفها، والأموال التي تُبذل لكسبها، وتنال (العربية) في شمال إفريقية نصيبها من اهتمامه، فيبيّن صراعها مع الفرنسية، وغيرها من اللغات المحلية. لقد كشفت هذه الحرب عن ساق، ونحن مكتوون بنارها، قابضون على جمرتها، متحسّرون على ما وصلت إليه العربية من تراجع، وما تلقاه من إبعاد، وهوان بين أهلها، ناهيك عن الأباعد. فهي شجى في حلوقهم، وغصّة في حناجرهم، وشوكة في مآقيهم. فلا عجب بعد هذا، أن يحاولوا جاهدين إماطة ذلك الشجى، ومعالجة تلك الغصّة، ونزع تلك الشوكة، وليس من سبيل لتحقيق ذلك سوى إقصاء العربية، والنَّيْل منها، والحطّ من قدرها، بدعاوى كثيرة، وأقاويل جوفاء، نراها مبسوطة في كتب، وبحوث تستعصي على الحصر، مع ردود وافرة على تلكم الأقاويل، والدعاوى، ومنها كتابي (معضلة اللغة العربية بين الجابري وطرابيشي)، ويسنده كتابي الآخر (أمّ المشكلات. أهل العربية في واقعنا الحاضر. رصد وحلول)، وفيهما تفاصيل متشعّبة لا يسمح المقام بالتوقف عندها هنا.
ألَن يبدو من نافلة القول، وفضوله، وزيادته، بعد الذي تقدّم، أن نتحدّث عن أهمية (المجمع اللغوي) في مسيرة أيّ بلد؟ وألَن يكون الكلام معاداً، مكروراً، ونحن في ظلّ هذه (الحرب) اللغوية، أن نشير إلى خطورة وجود المجمع العلمي العراقي، وقيامه بأعبائه المعروفة، وتحمّله ثقل الأمانة التي عُرضت عليه؟ إنّ الذي فتح مسارب الحديث عن هذا الموضوع، وبثّ الحياة في رياضة القول فيه هو الحال الذي نرى المجمع العلمي العراقي عليه اليوم. فمنذ تأسيسه رسمياً سنة 1947، وحتى سنة 2003، كان سنداً للحركة الثقافية في العراق، وركناً ركيناً من أركانها. أمّا (العربية) فكانت بؤرة مشاغله، وسيّد عمله، من حيث درسها، وتطويرها، وتحرير المعاجم المتخصّصة فيها. والمجمع بذلك التألّق الذي كان عليه، إنّما هو استمرار لما تحمّله العراق منذ دهور، من أعباء علمية جسيمة، لم يستطع توالي النكبات، وتتابع المحن أن يفلّ من عزمه، أو يحرفه عن غاياته النبيلة التي اضطلع بها، وكان المجمع العلمي العراقي ذلك النجم الساطع في سماء العراق. يصدر الكتب، ويشارك في مؤتمرات المجامع العربية، ويعمل أعضاؤه الأفاضل على نشر اسم مجمعهم، ومعه بلدهم، العراق، من خلال مشاركاتهم النوعية، والفاعلة في المحافل العلمية العربية، والدولية على حدّ سواء. أمّا مجلّته الغرّاء، فهي واسطة العقد بين مجلات المجامع العربية. كتب فيها أعلام العراق، والوطن العربي، مع جملة من أفاضل المستشرقين. ولعلّ في الإفاضة في هذا الموضوع نوعاً من التزيّد، والعارف لا يُعرّف كما يقال.
فما حاله اليوم؟ وندع الإجابة لِعَلَم من أعلام العراق، هو الأستاذ الدكتور داخل حسن جريو الذي تولّى رئاسة المجمع العلمي العراقي من سنة 2004 إلى سنة 2007، فهو، إذن، من أهل الدار، وأهل الدار أدرى بالذي فيها. يكتب: "...تعرّض المجمع العلمي للنهب، والسرق، والحرق في محاولات التدمير، والتخريب التي سادت البلاد في العام 2003، وقد كان لي الشرف، بكلّ تواضع، إعادة إعماره عندما كُلّفت برئاسة المجمع العلمي للفترة من 2004-2007، وحاولت بكلّ الوسائل المتاحة، استكمال عدد أعضاء المجمع في أكثر من مفاتحة لأمانة مجلس الوزراء بكتب رسمية، بعد أن تناقص عددهم إلى عدد أصابع اليد الواحدة، خلافاً لقانون المجمع الذي حدّد أعضاء المجمع العاملين بها لا يقلّ عن (25) عضواً، ولا يزيد على (37) عضواً. وهو أمر أعاق، ويعيق عمل المجمع في الوقت الحاضر إلى حدّ الشلل تقريباً. ولغرض تسهيل عمل المجمع بما يتلاءم ومستجدات حالة العراق الجديد، فقد أعيد النظر بقانون المجمع العلمي رقم (93) لسنة 1995، ودُقّقتْ صيغة القانون المعدّل من قِبل مجلس شورى الدولة، ورُفع إلى مجلس النواب السابق لتشريعه، وتمّت قراءته قراءة أولى، ولم يصدر التشريع حتى يومنا هذا"، ويطلب الدكتور داخل جريو من أولي الأمر، بعد ما سبق "إصدار قانونه (المجمع) المعدّل أولاً، واستكمال عدد أعضائه ثانياً. (أعلى مرجعية علمية عراقية في طيّ الإهمال والنسيان. أ. د. داخل حسن جريو. موقع العراق تايمز، بتاريخ 3/12/2014). هذا ما يكتبه رئيس المجمع العلمي السابق، وهو ما يشير بجلاء إلى الحالة المؤلمة التي انحدر إليها المجمع العلمي العراقي الذي هو بحقّ، أعلى مرجعية علمية في العراق على حدّ وصف الدكتور داخل جريو نفسه.
وممّا يضاف هنا إلى ما سبق أنّ مجلس النواب الحالي قد نشر مسوّدة قانون جديد على موقعه الرسمي هو أشبه بالقانون المعدّل المشار إليه سابقاً، وقد تمّت قراءته الأولى في مجلس النواب بتاريخ 28/10/2014، "من دون الإشارة إلى التعديلات المطلوبة، وأسباب تأجيل إقراره، ولا إلى كونه تعديلاً للقانون السابق". (قانون المجمع العلمي العراقي. ماله وما عليه. أ. د. محمد الربيعي. موقع كتابات بتاريخ 12/12/2014). ولنا على ذلك القانون، وتعقيبات أ. د. محمد الربيعي ملاحظات كثيرة لا يتّسع المجال هنا لسردها، غير أنّنا نكتفي بواحدة هي أقرب إلى أن تكون (باقعة) لغرابتها، وابتعادها عن المنطق، والعرف السائد في التعامل مع المؤسسات العلمية العريقة، ونريد بها المادة الأولى التي تقول ما نصّه: "يؤسس مجمع يسمّى (المجمع العلمي العراقي) يرتبط بمجلس الوزراء، ويتمتّع بالشخصية المعنوية، ويمثّله رئيس المجمع، أو مَن يخوّله، ويكون مقرّه في مدينة بغداد". فماذا تعني هذه المادة؟ إنّها تعني، من ضمن ما تعنيه، أنّ المجمع المزمع تأسيسه جديد بالمقاييس جميعها على جمهورية العراق، وأنّ مجلس النواب أخذ على عاتقه تأسيس مجمع، إذ لم يكن في العراق أيّ مجمع فيما سبق. وهي تعني، أي هذه المادة، أنّها قد ألغت، بل شطبت سبعة وستين عاماً من عمر المجمع العلمي العراقي الذي تمّ إنشاءه سنة 1947، كما هو متعالم، بموجب إرادة ملكية في وقتها، وتولّى رئاسته منذ العام التالي، أي سنة 1948، الشيخ محمد رضا الشبيبي (1888- 1965) رحمه الله. فأين ذهبت تكلم الأعوام، وهي مترعة بجلائل الأعمال التي أُنجزت بيد علماء عراقيين، يمثّلون أديان العراق، ومذاهبه، وطوائفه؟ وهي، ثالثة، تعني، من ضمن ما تعنيه، أي تلك المادة، أنّ مجلس النواب قد حجب الثقة عن المجمع (السابق) خلال مسيرته الطويلة، متجاهلاً إنجازاته، وما قدّمه للحركة الثقافية في العراق، والوطن العربي، بدليل تحريره تلك المادة التي لا تُفَسّر إلاّ بتلك التفسيرات السابقة. ومعلوم أنّ التعامل مع مؤسسات عريقة كهذه يقوم على ما يسمّى بـ (التراكم المعرفي)، أي أنّ اللاحق يبني على ما قدّمه السابق، ويفيد من صالحه، ويتجنّب أخطاءه، لا أن يلغيه، كما هو الشأن مع هذه المادة.
ويطول الحديث، لو أردنا الاسترسال، بَيْد أنّنا نريد أن نفرغ لموضوعنا الرئيس، وهو الخروج من المأزق الحقيقي الذي هو عليه حال المجمع اليوم. وسأتقدّم بمجموعة من الخطوات العملية التي أراها كفيلة بانتشال المجمع من حالته الحاضرة، وهي خطوات قابلة للمناقشة، ومن الممكن اعتبارها أفكاراً تمهيدية ذات علاقة وثقى بهذه المرحلة، على أن تعقبها خطوات أخرى بغية تحسين العمل، وتجويده. وستنضوي هذه الخطوات تحت أرقام يُسلم الأول إلى الثاني، والثاني إلى الثالث، وهكذا، تسهيلاً للمتابعة:
أولاً: تكفّل الفصل الثاني من مسوّدة قانون المجمع العلمي العراقي المشار إليه سابقاً، ذاك الذي تمّت قراءته الأولى بتاريخ 28/10/2014. أقول: تكفّل الفصل الثاني بالحديث عن (رئاسة المجمع)، وجاء في المادة الرابعة ما نصّه: "ترشّح الهيئة العامة من بين أعضائها العاملين رئيساً للمجمع العلمي العراقي بالأكثرية المطلقة لعدد الأعضاء..." إلى آخر المادة، غير أنّ القانون لم يوضح ماهية هذه (الهيئة العامة). بمعنى: مَنْ الذي قام باختيارها، أو تعيينها؟ وما عدد أعضائها؟ وما درجاتهم العلمية؟ وما خبرتهم الأكاديميّة؟ وما منزلتهم العلمية، وإنتاجهم البحثي؟ وتتكاثر الأسئلة، وهي أسئلة مشروعة؛ لأنّ هذه الهيئة هي الخطوة الأولى، والمنهجية للبدء بالعمل، ونرى مشروع القانون لا يوليها اهتماماً من حيث إيضاح ماهيتها، ومصدر تعيينها.
ولعلّ تأجيل البتّ في ذلك القانون يكون خيراً. إذ لا غنى عن النظر فيه، وتدبّره، وتقديم الأفكار بغية إنضاجه، وتطويره، وأقترح هنا أن يقوم مجلس الوزراء بتشكيل لجنة، يطلق عليها اسم (لجنة المجمع العلمي العراقي)، لا يزيد عدد أعضائها عن أحد عشر عضواً، من ضمنهم رئيسها، تضطلع بجملة من المهام، سأفصّل الحديث عنها في النقاط المقبلة، ويكون رئيس هذه اللجنة، وأعضاؤها من ذوي تخصّصات مختلفة: إنسانية، وعلمية بحتة، ومن ذوي السمعة العلمية المعروفة، ويستندون على تاريخ علمي متميّز. وتُمنح هذه اللجنة نوعاً من الصلاحية، مثل إمكانيتها في مخاطبة الجهات الرسمية كالوزارات، والجامعات الحكومية، والخاصة، أو الأشخاص المعروفين من ذوي التاريخ العلمي، والبحثي الرصينين، كما يسبغ مجلس الوزراء عليها شيئاً من الحماية المادية، والمعنوية كي تتمكّن من أداء أعمالها بحرية، ومرونة.
ثانياً: تقوم هذه اللجنة بمخاطبة الوزارات ممثّلة بالوزراء، والجامعات العراقية ممثّلة برؤوساء الجامعات، بغية تزويد (لجنة المجمع) بأسماء أعضاء هيئة التدريس ممّن هم بدرجة (أستاذ)، مع سيرهم الذاتية المفصّلة في التخصصات جميعها.
ثالثاً: تحدّد اللجنة أمداً لا يتعدّى ثلاثة أشهر لاستقبال الأسماء، والسير الذاتية المفصّلة، وذلك بعد شهر من تسلّمها عملها.
رابعاً: تنشر اللجنة من خلال موقعها على الشبكة العنكبوتية إعلاناً تطلب فيه من الكفاءات العراقية المقيمة خارج العراق، التقدّم بأسمائهم، وسيرهم الذاتية إلى اللجنة، بغية إدراجهم مع الكفاءات العراقية الموجودة داخل العراق، وذلك لحفظ حقهم في التنافس، مع الإشارة إلى انضوائهم ضمن الشرطين السابقين، وهما: الرتبة العلمية، والمدة الزمنية، وهي ثلاثة أشهر.
خامساً: تتفّق اللجنة قبل بدء عملها، على جملة من المعايير توجّه عملية الفرز، إذ على ضوئها سيكون الاختيار، ومن هذه المعايير:
1- سنة الحصول على المؤهل العلمي (درجة الدكتوراه).
2- الجامعة المانحة لدرجة الدكتوراه.
3- سنوات التدرّج الأكاديمي، والوظيفي.
4- سنة الحصول على درجة (أستاذ).
5- التخصص النادر، أو الحديث جداً.
6- الكتب المنشورة.
7- الأبحاث المنشورة في مجلات علمية محكّمة، ويفضّل النشر في مجلات أكاديمية محترمة، سواء داخل العراق، أو خارجه.
8- يدخل في الاعتبار إتقان المتقدم لغة ثانية غير العربية بسبب التشابك المعرفي الذي يشهده عصرنا في ظلّ ثورة المعلومات، والفضاء المفتوح.
9- وجعلت هذا المعيار آخر المعايير لأهميته، إذ هو الفيصل في الأمر كلّه. عنيت به إتقان اللغة العربية إتقاناً تاماً، ولمزيد من الإيضاح، إتقان مستوى من العربية الفصيحة المأنوسة تتيح لصاحبها كتابة خالية من الخطأ اللغوي، والأسلوبي؛ لأنّ سنام الأمر، وذروته في عمل المجمع هو خدمة اللغة العربية، وإشاعتها، وتطويرها، ولن يتمّ أيّ شيء ممّا سبق بغير هذا المعيار.
سادساً: بعد انتهاء الأجل المحدد، تبدأ اللجنة بفرز ما وصلها من أسماء، وسير ذاتية للمتقدمين على وفق المعايير السابقة، بحيث لا يتجاوز عملها مدّة ستة أشهر، وعند حدوث أيّ عائق يؤخر إنجاز العمل خلال المدة المضروبة، يعمد رئيس اللجنة إلى الكتابة إلى مجلس الوزراء مستأذناً في مدّ عمل اللجنة لمدة أخرى، مع ذكر الأسباب.
سابعاً: بعد انتهاء اللجنة من عملها، واختيارها مجموعة من الأسماء، تكتب تقريراً مفصلاً، ترفعه إلى مجلس الوزراء، يتضمّن الأسماء التي وقع عليها الاختيار مشفوعة بأسباب الاختيار الموضوعية.
ثامناً: تتّفق اللجنة على عدد الأسماء التي سترفع إلى مجلس الوزراء، ولعلّ خمسين اسماً عدد كافٍ في هذه المرحلة، كي يتاح لمجلس الوزراء النظر في الأسماء، والسير الذاتية المرفقة، ومبررات الاختيار، وبعد هذا يختار العدد النهائي، وهو بحدود ثلاثين اسماً.
تاسعاً: بعد انتهاء مجلس الوزراء من اختيار العدد النهائي، ترفع الأسماء إلى مجلس النواب مع الصيغة القانونية المعتادة في أمثال هذه السياقات، لتدخل ضمن القانون المشار إليه في بداية هذا المبحث، أو يكون ملحقاً له، أو أيّة صيغة قانونية أخرى يراها مجلس الوزراء.
عاشراً: بعد الإقرار النهائي لتلك الأسماء يطلق عليها (الهيئة العامة)، وهي التي ستمارس مهامها الأخرى الواردة في القانون مثل اختيار رئيس المجمع، ونائبه، وتشكيل اللجان، إلى غير ذلك من المهام المعروفة.
إنّ ما تقدّم يضع أمام أنظار أولي الأمر خطوات عملية لإعادة الحياة إلى المجمع العلمي العراقي، مع التأكيد على أنّ قانون المجمع المعروض على مجلس النواب بحاجة إلى إعادة نظر، وتغييرٍ في بعض مواده، ممّا يستحقّ أن يفرد له مبحث خاص، ونأمل أن يكون هذا المبحث الذي بين الأيدي خطوة أولى، وعملية على الطريق الصحيح، كما نرجو أن يكون هو، وغيره من المباحث دافعاً مخلصاً للنظر بعناية إلى هذا الصرح العلمي العراقي العريق كي يستعيد مكانته التي كان عليها، ويحتلّ منزلته العالية بين المجامع العربية كما هو عهده دوماً.
أ. د. وليد محمود خالص
باحث متفرغ
عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
1158 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع