الملك غازي ينقل جثمان حذيفة بن اليمان بجوار سيدنا سلمان

                                       

                إعداد/ الدكتور أكرم عبدالرزاق المشهداني

               

     الملك غازي ينقل جثمان حذيفة بن اليمان بجوار سيدنا سلمان
  

ربما لا يعرف كثير من العراقيين والعرب والمسلمين اليوم قصة نقل رفات الصحابيّين الجليلين سيدنا حذيفة بن اليمان وعبدالله بن جابر الأنصاري رضي الله عنهما عام 1932 بموكب عسكري مهيب يتقدمه الملك غازي وكبار شخصيات العراق ومنهم مفتي الديار العراقية وكبار العلماء حيث تم نقل الجَسدين الطاهرين من ضفة دجلة بالمدائن إلى جوار قبر سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه.. وأن الجسدين الطاهرين كانا طريين وكأنهما دفنا للتوّ.... فما هي القصة وأسرارها؟

حين تزور مرقد سيّدنا سلمان الفارسيّ المدفون في منطقة المدائن (سلمان باك) تجد الى جنبه قبري سيّدنا حُذيفة بن اليَمان وسيدنا عبدالله بن جابر الأنصاري رضي الله عنهم جميعا وهم جميعا من الصحابة الأجلاء (صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقد شهد عام 1932 نقل رفات جثماني الصحابيين الجليلين حذيفة والأنصاري من على ضفة نهر دجلة ودفنهما الى جوار سيدنا سلمان الفارسي ...

فكيف حصل ذلك وما هي القصة؟
يروي سادن مرقد سيدنا سلمان الفارسي أن والده كان ايضاً سادن القبر ومن الصالحين، وقد رأى بمنامه في عام 1932 رؤيا  ان سيدنا حذيفة أتاه في المنام يشكو الغرق، وكان قبر الصحابيين الجليلين حذيفة والأنصاري على ضفة نهر دجلة، وحين زار قبرهما وجد أن مياه النهر باتت تأكل من جرف القبرين، وأنهما مُهدّدان بالإنجراف مع النهر، فقام بإبلاغ مفتي الديار العراقية آنذاك، والذي قام بابلاغ الملك غازي بالأمر، وبعد قيام مهندس الأوقاف بالكشف على القبر أكد في تقريره أنه معرض لخطر التجريف، ونصح بضرورة نقلهما. وحين وصل الأمر للملك غازي يرحمه الله فقد اصدر الملك أمره الفوري بنقل الجثمانين من مكانهما الى جوار قبر سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه. وحضر الملك مراسيم فتح القبر والتشييع والدفن، بنفسه حيث جرى تشييع عسكري مهيب لنقل الجثمانين الطاهرين وبحضور حشد كبير من المواطنين،
المعجزة بل الكرامة التي حدثت ورواها السادن ويعرفها أهالي المدائن ممن حضروا التشييع المهيب انه عند فتح القبرين لاحظوا ان جسدي الصحابيين حذيفة بن اليمان وعبدالله بن جابر الأنصاري مازالا على وضعهما يوم استشهدا في معركة القادسية، بل أن الدم مازال طرياً، بحيث وقعت قطرات الدم على ملابس السادن واحتفظ بقطعة القماش المعطرة بدم الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان ومازال ولده يحتفظ بها
ويروي أحد شيوخ المدائن المعمرين مايلي:
 لقد شاهد كل الحضور من اهالي المدائن، الكرامة التي في جثمان الصحابيين حيث أنه عند فتح القبرين كان الجسدان بحالة طرية جداً وكأنهما دفنا للتوّ... حتى ان احد الجسدين كان فيه جرح بيده مشدود بقطعة قماش والدم موجود عليها كأنه مجروح قبل يومين،  وكانت رائحة الجسدين رائحة زكية عطرة ... وقد تم نقلهما وتشييعهما تشييعاً عسكرياً وملكياً ضخماً في قضاء المدائن بحضور الملك غازي نفسه، وكبار علماء العراق وأهالي المدائن، وتم دفنهما بالقرب من مرقد الصحابي سلمان الفارسي في قضاء المدائن)..
 
يقع مرقد سلمان الفارسي في مدينة المدائن، جنوب شرقي بغداد، بالمسجد المعروف باسمه، ويذكر إبن جرير في تاريخه أن سلمان صار واليا على المدائن عام 638مويتألف مبنى جامع ومرقد سلمان الفارسي من ثلاث أبنية أحدها هو البناء الرئيسي الذي يضم رفات سلمان الفارسي (رض)، أما الثاني فيضم رفات الصحابي حذيفة بن اليمان (رض)، ويقابله مبنى رفات عبدالله بن جابر الأنصاري (رض) وكذلك قبر طاهر بن الإمام محمد باقر (ع)، وهو ملاصق لمبنى ضريح سلمان الفارسي. والجامع واسع كبير وملاصق لمبنى ضريح سلمان الفارسي من الجهة الثانية.

وتعلو هذه المباني قباب أربع هي على التوالي: قبة فوق الجامع وقبة فوق قبر سلمان الفارسي وقبة قبر حذيفة بن اليمان وقبة فوق قبري عبدالله بن جابر بن عبد الله الأنصاري وطاهر بن الإمام محمد الباقر رضي الله عنهم. وكسيت القباب من الخارج بزخارف هندسية بسيطة، وعلى جوانبها ترتفع مئذنتان أسطوانيتان تجلسان على قاعدتين مربعتين شيّدتا من الطابوق (الآجر) والجص، وزينتا بالبلاط المزجج (القاشاني) الرائع.
ويحيط بالمبنى من جميع جهاته صحن واسع، ويحيط بالصحن من جهاته الثلاث غرف تتصدرها مجازات تعلوها أقواس ذات رؤوس مدببة. وفي الصحن يوجد مصلى صيفي كبير ومكان للوضوء والمرافق في إحدى زواياه، وللصحن ثلاثة مداخل موزعة على ثلاث جهات من سور المبنى
كان الصحابي الجليل حذيفة يسمى بصاحب سرّ الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفًا، اختار أمير المؤمنين عمر  لقيادة الجيوش المسلمة النعمان بن مُقَرِّن ، ثم كتب إلى حذيفة  أن يسير إليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر  للمقاتلين كتابه يقول: "إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعًا النعمان بن مقرن، فإذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فإذا استشهد فجرير بن عبد الله..". وهكذا استمر يختار قوّاد المعركة حتى سمى منهم سبعة.
والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان  شهيدًا، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليًا، وأوصى بألاَّ يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا نعيم بن مقرن  فجعله مكان أخيه النعمان تكريمًا له، ثم هجم على الفرس صائحًا: "الله أكبر، صدق وعده، الله أكبر، نصر جنده" ثم نادى المسلمين قائلاً: "يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار". وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس
قال الرسول: "ما من نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة نُجباء رفقاء، وأعطيتُ أنا أربعة عشر؛ سبعة من قريش: عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر، وسبعة من المهاجرين: عبد الله بن مسعود وسلمان وأبو ذر، وحذيفة وعمار والمقداد وبلال" رضوان الله عليهم.
أما الصحابي الآخر فهو عبدالله بن جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي من بني سلمة، يكنى أبا عبد الله وأبوه هو عبدالله بن عمرو الصحابي الجليل الذي استشهد في غزوة أُحد. كان ممن أسلم مبكرًا، وهو أحد الستة الذين شهدوا العقبة، وذلك حينما لقي رسول الله عند العقبة نفرًا من الأنصار، كلهم من الخزرج وهم: أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس، وعوف بن الحارث بن رفاعة، ورافع بن مالك، وقطبة بن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله؛ فدعاهم رسول الله إلى الإسلام، فأسلموا مبادرة إلى الخير، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا إلى الإسلام، ففشا الإسلام فيها حتى لم تبق دار إلا وقد دخلها الإسلام. وكان جابر من المُكثرين الحفّاظ للسنن. أسلم جابر وأبوه عبد الله -رضي الله عنهما- مبكرين، ونال جابر من عطف النبي وحنانه الكثير. ولقد اهتم به النبي اهتمامًا كبيرًا، وكان يسأله عن حياته ومعاشه وأحواله كلها، ويوجِّهه دائمًا نحو الخير.
   رحم الله الصحابة الأجلاء سيدنا سلمان الفارسي وسيدنا حذيفة بن اليمان وسيدنا جابر بن عبدالله الأنصاري وسيدنا طاهر بن محمد الباقر، وجزى الله الملك غازي خير الجزاء


  
مراسم نقل جثمان سيدنا حذيفة بن اليمان وسيدنا عبدالله بن جابر الأنصاري من ضفة نهر دجلة إلى جوار سيدنا سلمان الفارسي في المدائن بحضور الملك غازي الأول في عام 1932

  


جامع المدائن حيث يرقد سادتنا سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعبدالله بن جابر الأنصاري وطاهر الباقر تحت القباب الثلاث

  


إيوان كسرى أو طاق كسري كما يسميه العراقيون في الأرض التي شهدت معركة تحرير العراق القادسية زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يحرص العراقيون شيعة وسنة على زيارة جامع سيدنا سلمان الفارسي للسلام عليه وعلى صاحبيه وأداء الصلاة فيه كما يرتبط المسجد بذكريات فولكلورية بغدادية (والمايزورة لسلمان عمرة خسارة) كما تقول الأغنية التراثية البغدادية هذه المنطقة كانت ومازالت عامل توحيد للعراقيين

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2124 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع