قراءات في صحف عراقية قديمة

                                         

                     ماجد عبد الحميد كاظم


لم يكن غريبا ان يهب ابناء العراق بكل مكوناتهم واديانهم واعراقهم هبة رجل واحد في تضامنهم مع مأساة الموصل فالتاريخ يخبرنا بأن العراقيين الذين اختلفوا ويختلفون حول امور كثيرة ،

لم بختلفوا يوما ما حول اهمية الموصل للعراق، فهي قلبه النابض ومصدر خيراته، وهذا الكلام بل واكثر منه قاله العراقيون في بداية تأسيس دولة العراق في عشرينيات القرن الماضي ، خاصة عندما طالبت تركيا بهذه الولاية، التي بالمناسبة كانت تضم كل المحافظات الشمالية الموصل، دهوك، اربيل، السليمانية وكركوك واضطر ساسة العراق آنذاك الذين كانوا يطمحون الى استقلال كامل، ان يقبلوا بمعاهدة مجحفة مع بريطانيا الدولة المستعمرة التي هددت البرلمان العراقي آنذاك بالقول ان عدم التوقيع على المعاهدة سوف يدفع بريطانيا الى عدم الدفاع عن حق العراق في عصبة الامم الامم ، وان المقال المنشور في جريدة المفيد بعددها 276 الصادر في 18 / 11 / 1924 الموافق 21 جمادى الاولى سنة 1343 يوضح مشاعر العراقيين آنذاك تجاه الموصل، وهو كما ظهر مؤخرا اثناء نكبة العبارة فهي مشاعر لم تتغير لحد هذا اليوم ، والنماذج القليلة غير الوطنية التي كانت موجودة آنذاك والتي كانت تشكك بعراقية الموصل ، موجودة اليوم بين ظهرانينا ، ولكن في كل مرة تراهن هذه الاصوات النشاز على تقسيم العراق وتفشل في مسعاها ويرتد كيدها الى نحورها

    

     قراءات في صحف عراقية قديمة

     المقال الافتتاحي لجريدة المفيد

الى دعاة السؤ ،لماذا ندافع عن الموصل؟

لقد دلت وقائع الحال على ان العراقيين لم تثبت اقدامهم في قضية من القضايا الخطيرة بمقدار ثباتها في مسألة الموصل فلا نرى عراقيا سوآءأ كان عربيا ام كرديا ام تركمانيا، وسوآءأ أكان مسلما ام مسيحيا ام يهوديا ام صابئيا الا وكان شديد الاهتمام بمصير ولاية الموصل، وعلى قدم الاستعداد لتقديم اثمن الضحايا في سبيل تلك البقعة المباركة،تلك الارض التاريخية التي جعلها الله سياجا طبيعيا لهذه البلاد
لم يطالب العراقييون بالموصل بل لم يصروا على الاحتفاظ بها والدفاع عنها لبترولها الغزير، ومراعيها الخصبة بل لأنها منبت العروبة ومهد القومية، ولأنها عرين الاسد ومربضه، فلو كانت الموصل ارضا قاحلة جرداء، وماؤها غورا ولا شجر فيها فربما كان دفاع العراقيين عنها وهي بمثل هذه الحالة اقل منه عن دفاعهم الحاضر، فليس غنى الموصل وثروة اراضيها بالسبب الوحيد الذي جعل العراق يهتز اهتزاز الكهربآء عندما كان يسمع بالمفاوضات دائرة حولها بل السبب الاكبر هو ذلك الرابط القومي المقدس الذي يربط الموصل بالعراق، سلوا التركي لماذا يحرص على الدردنيل، والافرنسي لماذا يقدس فردون، والانكليزي لماذا يتفانى في سبيل دوفروالالماني لماذا يذود عن الرين والروهر؟ فهم لا يجيبونكم الا بما يجيب به العراقيون كل من يسألهم عن اسباب تناغيهم و تفانيهم في الذب عن مسألة الموصل؟ فالمسألة ليست مسألة ثروة و لا عمران ولا اراضي مخصبة بل مسألة وطن يجب ان يكون كامل الاعضآء ووحدة يلزم ان تبقى مصونة من خطر التصدع والتمزق، وامة يجب ان تحيى داخل حدود آمنة، مطمئنة، ومسألة قومية جامعة ينبغي ان تكون على جانب لائق بها من القوة والمنعة
نحن نعلم وكل عراقي يعلم ان العراق جسد، قلبه الموصل، ولا حياة لجسد من دون قلب نابض وقيمة الموصل في اعين العراقيين ظهرت في المجلس التأسيسي لما وضعت المعاهدة على بساط البحث فان المجلس قد برهن بتصديقه المعاهدة رغم ما فيها من الشروط الثقيلة بين مالية وسياسية على ان الموصل تفتدى بكل عزيز، وان الاستقلال التام الناجز مع فقدان الموصل معناه اسر وعبودية بل موت القومية العراقية العربية وهكذا فان المجلس ابتاع مساعدة بريطانيا للعراق في قضية الموصل بثمن باهظ ولكنه قليل، وقليل جدا في جانب الموصل الثمينة، الغالية جدا، على ان كل دولة تحكم العراق مضطرة ان تحتفظ بالموصل لانها قلب البلاد التي تحكمها، ودماغها المفكر، بل قلعتها الحصينة، ونحن لا ننسى ان انكلترة قد افتدت الموصل من فرنسا بفدية عظيمة، هي مجاراة فرنسة في سياستها تجاه المانيا رغم اعتقاد انكلترة بفسادها هذا فضلا عن المصالح الجسيمة الي تنزلت عنها، بيد ان واجب انكلترة الذي قامت به كدولة محتلة في العراق قد ادته كذلك امام عصبة الامم بشرف ونزاهة كحليفة لدولة العراق التي تتمتع بعطفها وعهدها فالعراق لا يصلح ان يكون حليفا لانكلترة اذا فقدت منه الموصل، وبين المعاهدة وصيانة الموصل روابط متينة لا يجهلها من يعرف الروح السائد في المجلس يوم صادق على المعاهدة البريطانية العراقية . وبعد أفما حان لدعاة السوء، وسماسرة العداء للقومية العراقية، بعد ان تبينوا ما تبينوه من حرص الامة على وحدتها، ويقضتها واستعدادها للطوارئ ان يثوبوا الى رشدهم وان يكفوا، عن ضلالاتهم، وان يعقلوا انهم اليوم يلعبون بالنار ، يلعبون بحياة شعب اثبت حتى في ايام الترك انه لا يمكن ان يموت؟

                       انتهى الاقتباس
مع تحيات معد قراءات في صحف عراقية قديمة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

993 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع