متابعة: رنا خالد
صحافة الأطفال الى اين؟!
بهدف مباشر أو غير مباشر تقوم صحافة الاطفال بدور أساس في تثقيف الطفل وتعليمه المعارف والمعلومات في شتى ضروب العلم.. من المعلوم ان الخيال في قصص المغامرات يعطي الطفل رؤيا بعيدة المدى وايضا يساعد الطفل على تحليل الأحداث والمواقف، فالقراءات الأولى للأطفال رغم بساطتها في نظر الكبار إلا أنها تكيف وتوجه تطوره وتحدد شخصية الطفل في مقتبل العمر، وتساعد على كشف قدرات الأطفال ومواهبهم في الرسم، القصة، الشعر والمقال وتقوي لديهم القاموس اللغوي من مفردات وألفاظ وجمل وكل ما يسهم في إطلاق خيالهم
صحافة الطفل مهمة كبيرة نحو تعريف الأطفال بقضايا المجتمع فصحف الأطفال متنوعة منها الجامعة، فكاهية، إخبارية، رياضية ودينية ... هذه الصحف تسدّ فراغاً كبيراً في ميول الأطفال وتشبع رغبتهم في القراءة المسلية والممتعة حتى يشاركوا في عملية التنمية، وتغرس فيهم روح الانتماء للوطن
أكثر من 175,000 طفل يستخدمون الإنترنت للمرة الأولى كل يوم، مستفيدين من فرص كبيرة، ولكن معرضين أنفسهم لمخاطر جسيمة (يونيسف) قراءت هذا التقرير وقررت ان ابحث بالموضوع واكتب بهذا الصدد
لطيور التي تولد في القفص تعتقد ان الطيران جريمة
أ.م. د. طاهرة داخل طاهر تدريسية في الجامعة المستنصرية /استاذة بالأدب والنقد الحديث /ادب الأطفال.. حدثتنا د. طاهرة عن بدايات صحافة الأطفال في العراق والخطوات الجديدة فيها.
ظهرت صحافة الطفل في العراق عام 1922 وكان ظهورها في مجلة اسمها (التلميذ العراقي) وقد أصدر منها حوالي 30 عددا ثم اختفت وظهرت عام ١٩٢٩ باسم مجلة (التلميذ) وكان رئيس التحرير سعيد فهيم وظهرت عدة مجلات بعدها مجلة منها (صندوق الدنيا)، (الفتوة)، (الكشاف العراقي)، (النشاط المدرسي) التي ظهرت في عام 1968. وكانت هذه المجلات تظهر وتختفي لأسباب معينه منها عدم وجود وعي كامل بأدب الطفل وعدم توفر تجربة سابقة في الكتابة للأطفال في العراق فضلا عن نقص التمويل وعدم وجود تجربة عربية ناضجة لمحاكاتها وكان هدف الصحافة في المرحلة التمهيدية إصلاحي تعليمي تهذيبي
في السبعينات مر العراق في فترة رخاء وكان هناك نهضة في نشأة جيل مسؤول لديه محفزات لتحمل المسؤولية في العمل والدراسة ويختلف ذلك عن فترة الثمانينيات عندما تحولت ثقافة الطفل الى ثقافة رمزية تعبويه فكرية الا ان وسائطها تنوعت وأصبحت ثقافة الطفل مركزية في توجيهها أي أن الحكومة بدأت تهتم بهذه الصحافة وأصدرت مجلة مجلتي ومجلة المزمار والتي ما زالت تصدر الى الان وان كان هناك تفاوتا في وقت الإصدارات.
الا ان هناك يوجد حقيقة يجب ان نعترف بها ان سنوات الثمانينيات هي الفترة التي ازدهرت بها صحافة الأطفال والمرحلة الناضجة في ادب وثقافة الطفل وأصبحت لدينا مدارس حقيقية في الرسم للأطفال وفي كتابة القصة وفي نظم شعر الأطفال وأصبح انتشار الخبرة العراقية في ادبيات الاطفال على مستوى عربي وليس محلي اذ لا تصدر مجلة عربية للأطفال الا وفيها خبرة عراقية..
وأفضل من كتب للأطفال هم جعفر صادق في القصة عبد الرزاق المطلبي، حسن موسى، محمد جبار، حسن فاضل عباس الكعبي وطلال حسن، والرسامين هم فيصل لعيبي، حنان شفيق، طالب مكي، عبد الرحيم ياسر، ضياء الحجار وكثر في الحقيقة واهتم الكتاب في ذلك الوقت بكتابة وترجمة النصوص لهذه المجلات منهم اول قاص عراقي كتب للقصة عام 1921 محمود احمد السيد والزهاوي وعبد المجيد يوسف واحمد حقي الحلي وحسين الأعظمي وغيرهم، في فترة التسعينات كان هناك استغلال فكري لصالح التعبئة لموضوعة الحصار ...
عام 2003 يعد نقطة تحول فكري وادبي في العراق وفي ادب الأطفال تحديدا
قد اسهمت التيارات السياسية والادبية والدينية الجديدة في اضافة فكرية للكتابة للطفل.. ذلك مع الاهتمام بالطفل وادبه وثقافته.. و كل مؤسسة حسب نظرياتها وتوجهاتها سواء دينية او اجتماعية او غير ذلك وأصدرت تلك المؤسسات مطبوعات مثل وزارة الداخلية مجلة (الصقور) , مطبوع (الجيل الآن ) ,(انا نزيه) الصادران من هياة النزاهة مطبوع (السندباد) الصادر بدعم من منظمة الهلال الأحمر وكذلك إصدارات منظمة اليونسكو وغيرها من مطبوعات منظمات المجتمع المدني ويوجد العديد من المطبوعات التي تدعمها مؤسسات دينية شيعة وسنية ,وذلك ما يثير الحذر والقلق خشية من توجهات فكرية ملزمة وعدم اخضاع تلك الأقلام الى المراقبة لان ادب الأطفال ادب عالمي ويحث على مجموعة من القيم ذاتها كالصدق والأمانة واحترام الاخر والشجاعة الأدبية والتشجيع على التعليم وحب العلم والاكتشاف الخ...وحتى النصوص في المناهج التربوية تحتاج لمتابعة اذ ان اغلبها غير مناسبة وغير ملائمة وغير مطابقة للمراحل العمرية للطلبة حيث النص كبير لغة وتعبيرا وانتقاءً .وقضية صحافة الطفل ليست فقط توجيه وتعليم وانما قضية تذوق وجمال
**متى تتأثر القدرة اللغوية للطفل؟
تتأثر بشكل أساسي في بيئته حيث يواجه الكثير من العقبات في اكتساب عملية تعلم اللغة من اجل تحسين وتطوير قدرته على الاكتساب وتتأثر هذه اللغة بشكل كبير اثناء الحروب والنزوح والهجرة وتوجد دراسة خاصة بهذا الموضوع منشورة لي في مجلة اللغة العربية المتخصصة للأبحاث
**وما هو دور البيئة في تنشئة الطفل؟
للبيئة دور أساسي وخاصة البيئة الاجتماعية تعد الحاضنة الأولى التي توفر احتياجات الأطفال ثم تأتي البيئة الثانية والمتمثلة بالمدرسة وما يحيط بها وطريقة التعلم ومستوى المناهج التعليمة.. والبيئة تسمح وتمنع فهي تسمح للإنسان ان يستفيد عندما تكون مانحه له وتمنع عندما تكون غير داعمه له. لكن يبقى البيت هو مكان الالفة والمرتكز الاول لتكيف الخيال
**متى نضع الخطوط الحمراء في ادب الأطفال؟
(الطيور التي تولد في القفص تعتقد ان الطيران جريمة) قول للكاتب تشلي جودوروسكي.... الثقافة العربية لازالت تفتقر الى الأولويات يجدر بمبدعيها ان يلتزموا بوضع الأسس قبل التفكير في كسر القواعد.. هنا يمكن ان نتساءل هل يكون للكاتب الحرية في الكتابة موضوعات مثل الحب والجنس والموت والسياسة والحرب وكلها مادة الحياة.
**ماهي الرسالة التي يمكن ان توجيهها الى المؤسسات الاجتماعية والتربوية والثقافية والإعلامية تجاه الطفل ومطبوعاته؟
يتطلب من المهتمين بأدب وثقافة الطفل قراءة جديدة ثانية لموضوعات الطفولة بما يتوافق مع الجديد في حياتهم كالفرضية التي جمعت بين الخيال والواقع والتي غزت واقعهم من خلال العابهم الالكترونية، والاهتمام بالطفولة وابتكار موضوعات تعرفهم بواجباتهم وحقوقهم، والتركيز على دور الفتاة والمرأة في مناهج وادبيات الأطفال ونطالب ان لا تتحول المؤسسات بأنواعها الى مؤسسات إخضاعيه قامعة غير محفزة لمواهب ومهارات الأطفال.. فضلا عن إعادة اخراج التراث الشعبي في قراءة جديدة ثانية معاصرة تراعي معطيات التربية الحديثة، فأدب الأطفال في الغرب تأسس من الادب الشعبي، واهتمام الاعلام بمطبوعات الأطفال وإيجاد دور نشر تجيد الطباعة والتوزيع بدعم من الحكومة لتلك الدور الاهتمام بالمؤلفين ممن يؤلفون للأطفال، إقامة مؤتمرات لغرض تطوير القابليات الفنية ودعم التجارب العربية في التبادل الخبرات
الطفل ينجذب بالصورة ويكره الوعظ
عبد الستار البيضاني.. رئيس تحرير مجلتي والمزمار.. دار ثقافة الأطفال.. كان سؤالنا له
**كيف ترى واقع صحافة الأطفال اليوم وغدا؟
صحافة الأطفال تأثرت بالمتغيرات التي حدثت عام 2003 كما تغيرت حال الصحافة بشكل عام.. وتأثرت دار ثقافة الأطفال كونها دائرة حكومية تصدر مجلتي والمزمار وهذا الانكماش الذي أصابها من أيام التسعينات والحصار المفروض قلل من كمية الإصدارات حتى أصبحت محصورة داخل الدار فقط واعداد محدودة جدا عكس ما كان يصدر أيام الثمانينات اصدار اسبوعي منتظم بحوالي مليون نسخة شهريا، اختلف الوضع فالعام الماضي كله ستة اصدارات والعدد محدود.. التوزيع مشكلة رئيسية حاليا، لكن يوجد بديل الان من المطبوعات التي وفرته المؤسسات الاهلية
**المؤسسات الأهلية.. هل تخضع للرقابة
مع الأسف نحن فقدنا الرقابة وأصبح أي شخص يمتلك المال يصدر ما يشاء من صحف ومطبوعات لا يتم فحصها ولا مراقبتها المادة المنشورة يتم إصدارها بغض النظر ان كانت تحرض على العنف او زرع قيم اجتماعية معينة توجهها يخدم توجيه المنظمة وكل المؤسسات مؤدلجة ولا تنطوي تحت احكام المواثيق الشرف التي تنص على عدم التحريض على العنف والفساد
**سينما الفانوس السحري أين هي الان؟
الفانوس السحري كان نشاط اسبوعي وانا حاليا طرحت فكرة إعادة هذه السينما وبالتعاون مع الملحقيات الثقافية بالبلد والحصول على أفلام توجيهيه تعليمية وعرضها ولكن المشكلة تعود للقوانين داخل هذه المؤسسة وباقي الموافقات من خارجها لان دار ثقافة الأطفال قانون مركزي وليس تمويل ذاتي ودخل الذي يأتي من عرض أفلام السينما يعود الى وزارة المالية وليس للدار وليس لدينا واردات لدعم المنتجين ووكل القوانين معقدة وخوفا من تهمة الفساد وصحافة الأطفال كسب مادي من أيام زمان كانت هناك ساعة خاصة لبرامج الأطفال وبثها يتطل عمل مثل أي عمل اخر في التلفزيون
**الانترنت هل هو البديل الان؟
تأثير الانترنت كان بشكل عام وليس على صحافة الأطفال فقط، صحف عالمية تحول نتاجها من الورقي الى الكتروني كالواشنطن بوست والتايمز واخريات
أصبحت الثقافة بصرية وتحول الاعلام الى اعلام صورة.. أيام زمان كان هناك مذيع ربط بين الفقرات والبرامج الان غير موجود تبدأ فقرة وأخرى بشكل تلقائي وحتى نشرة الاخبار بدأت تفقد بريقها بسبب السب تايتل.. كل شيء تغير وابدا تأثيره واضح اليوم.. وبرمجنا تقليدية ولم يظهر مطرب للأطفال أو إنتاج برامج الأطفال جديدة
**مدى التنسيق بين دار ثقافة الاطفال ومدارس الأطفال؟
الدار تعمل قدر المستطاع وهي تقيم سنويا مهرجان ربيع الطفولة ويستمر أكثر من شهر تشارك فيه عدة مدارس وهذا المهرجان متواصل للعام الثالث على التوالي وبدون ميزانية معتمد على التبرعات
**الطفل يحب كل ما يقدم له كما يقول المثل عجينة يمكن تشكيلها كيف نشاء؟
لا.. الطفل رغم بساطته الا انه شديد التعقيد يحتاج الى تعامل خاص والبعض يضع دراسات ويحمل الرسالة التي يرسلها للطفل أكثر من طاقتها.. الطفل يحب الإيقاع والصور.. اتذكر أيام زمان اغنية (طووط طووط طواطه مرت الحجي خياطة) هي ليس فيها معنى ولكن الكل يغني بها الإيقاع يجذب الطفل واتذكر في فترة برامج الأطفال كانت اغنية (باااجر باااجر موعدنا وأياكم باجر) الطفل يجذب بالصورة ويكره الوعظ
عودة قصة المساء للطفل هي رسالتي لكل أم عراقية وان كان ذلك عبأ لكن عبء جميل
د. فاتن الجراح مخرجة مسرحية ودكتورا في الإخراج الصحفي للأطفال ومعاون مدير عام في دار ثقافة الاطفال ...والتي وضحت لنا امور أساسية حول أهمية القراءة للطفل ...
**في دار ثقافة الأطفال يوجد مراقبة عامة للمنشور؟
المتغيرات الحاصلة نحن ليس بمعزل عنها لكن في الدار، نعم يتم فحص المطبوع ونسبة المراقبة عليه عالية كتابةً وإخراجا وهناك لجان فحص متخصصة.
**هل المطبوعات موجه لفئة عمرية معينه؟
نعم.. مجلة المزمار لفئة عمرية أكبر من مجلتي لفئة أصغر يكون الخطاب موجه حسب الفئة العمرية والدار ناجحة في هذا المجال ما ينقصها سوى الزيادة في كميات الإصدارات والتوزيع هذا ليس ذنبها.
**هل يمكن للمنظمات الخارجية والمدارس الاشتراك مقابل الحصول على إصدارات الدار؟
هذه القضايا مقيدة بالدولة ولكن ممكن بعض المنظمات تطلب توجيه خطاب معين يتم الدفع والدار تطبع على نفقتهم لكن لا يوجد مثل هذا التعامل في المدارس لان الدار تمويل مركزي.
**حاليا كيف تقام الأنشطة السنوية كمهرجان الطفل السنوي؟
يقام بمكانيات الكادر فقط وكل ما يقدم بدافع حب الطفولة وانا شخصيا أقدم مسرحية بمجهودي واعرف اشخاص تصنع الدمى والعمل ذاتي يوجد شاعر يكتب الاشعار مجان ولكن الى متى!؟ يوجد 15 ألف مدرسة علينا تغطيتها الحمل كبير والامكانيات ليست قليلة وانما غير موجودة.. من هنا أوجه رسالة للدكتور عادل عبد المهدي والدكتور برهم صالح والى رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي.. أقول فيها ((إذا ارتم ان يعم الامن والأمان فمن هذه الدار يبدا.. اما ان يتم انتشالها او دعمها))
**كيف يمكن مواجه الثقافة الخارجية؟
بفتح قنوات فضائية عراقية خاصة بالأطفال وتوجيه رسالة تحمل الطابع الحضاري مع التعليمي ولتربوي والترفيهي، عودة قصة المساء للطفل هي رسالتي لكل ام عراقية وان كان ذلك عبأ لكن عبء جميل
ونحتاج لمؤلفين موضوعات أطفال جدد وكل المؤلفين أصبحوا كبار في العمر وأيضا عندما يتم التعامل معهم يحتاج الى ميزانية مادية معينة
**دور القراءة في توجيه الطفل وزيادة المعرفة؟
القراءة في تراجع بسبب انتشار الميديا لكن هي ليست خطر.. ان كانت مراقبة من العائلة ويمكن للطفل اخذ الثقافة عن طريق الأفلام والمسرحيات وبعض البرامج الخاصة به ولا يمكن ان ننسى الرسوم المتحركة التي تشد الطفل بشكل يومي كم لها دور في زرع القيم كالحب والمحبة والعطاء والخير والشر والتعاون غيرها.. المشكلة الحقيقية في توجه الأطفال نحو الألعاب الالكترونية التي تحرض على العنف واخذ وقت طويل من يوم الطفل هذا هو الدمار للطفولة، اليوم نحن بأمس الحاجة لنشر السلام ... ولا يمكن ان تكون مجلتي والمزمار بديل عن الألعاب الكترونية ما لم تفتح مراكز متخصصة للحث على القراءة وتكون هناك مكتبات جوالة وأيضا عودة مسرح الطفل لا سيما الكثير من الأسر اليوم تشكو من مرض التوحد الذي يصيب أطفالهم بسبب الألعاب الالكترونية والانزواء بمفردهم المسرح يخلق تفاعل وحركة وانسجام
**القراءة الجماعية أفضل ام الفردية للطفل؟
الجماعية جدا مهمه وقبل أيام كنت مع الدكتورة طاهرة داخل.. استضافة في محاضرة كان عنوانها مسرح المناهج من خلالها تم شرح عن الظواهر الجوية ماذا يمكن ان تسبب وكل واحد اخذ دور كالريح والتراب والمصاب والمسعف وخلقنا جو من المرح مع المعرفة والتعلم لا يمكن ان ينساه الطالب وقت الامتحان وهكذا يجب ان يعمل مدرسة اللغة العربية وغيرهم للمواد المدرسية
الأطفال براعم تتفتح برحيق الحياة أن اعطيناهم غذاءً صحياً من فكر وعلم ومعرفة وحب للوطن والطبيعة تفتحوا وأصبحوا أحلى الزهور وان كان العكس فالعكس نحصد.. القراءة غذاء للفكر وسلاح للفقر ودواء للمرض
824 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع