علي الكاش
العراق والحيرة بين الحي الميت، والميت الحي
قال الله تبارك وتعالى في سورة العنكبوت/41 (( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)).
قبل عدة سنوات كتبنا مقالا أثار الكثير من اللغط والمناقشات، تحدثنا فيه عن سلوكيات المرجع الشيعي علي السيستاني، وختمناه بالقول: نتحدى المرجع ان يرد هو او أحد وكلائه عن الإستفسارات التي طرحت في المقال، ومنها مواقفه المتعلقة بدوره السياسي في تأريخ العراق الإحتلالي، والمتناقض من ولاية الفقيه والذي يتعارض مع ما نشهده، فكل ما يحدث في العراق من امور سياسية واقتصادية وغيرها تتم وفق توجيهات المرجعية بإعتراف زعماء العراق أنفسهم، فهو يمارس صلاحيات الولي الفقيه فعلا وليس قولا، علاوة على سلوكه الغريب الذي لا يتفق مع الشرع الاسلامي، ولا مع سيرة النبي (ص) والصحابة او أئمة الشيعة، منها الإمتناع عن إمامة الصلاة، وإلقاء خطبة الجمعة، وعدم ظهوره أمام وسائل الإعلام، او على أقل تقدير أمام أتباعه، فلا توجد اي خطب او فتاوي صوتية للمرجع؟ ولم تنشر اي من الكتب التي إدعى تأليفها على موقعه، فلا وجود حقيقي لها الا في مخيلته، ما عدا الرسالة العلمية التي سرقها من سلفة السيد الخوئي، واضاف لها رتوش لمجرد اقناع العالم بأنه له مؤلفات، علاوة على قيامه بمئات المشاريع في الهند وايران وباكستان وبيروت، وخلو العراق الذي ينعم المرجع الأعلى بخيراته من أي مشروع، وتساءلنا عن نسبه الحقيقي؟ فالمرجع له اصول فارسية، وينتسب الى القائد الفارسي رستم وليس الى أئمة الشيعة كما يزعم. قال عباس العزاوي" في 26 جمادى الآخرة عام 1145هـ ظهر نادر شاه مهاجما العراق بجيش عظيم على حين غفلة. وكان اعتماد دولة الشاه طهماسب. وهو مشهور بالشجاعة. ويقال إنه مرّن جيشه تمرينا زائدا على الشجاعة ... وعوّده على المشاق ثم نهض به نهضة جبارة. مال صرح السلطنة الصفوية إلى الانهيار ، عجّل بذلك هجوم الافغان وصولتهم عليها بقيادة الأمير محمود الافغاني فنال الشاه حسين الصفوي الخذلان. أما ولي عهده طهماسب فإنه تمكن من الفرار فبقي مدة في أنحاء مازندران يتجول وحيدا وبينا هو في هذه الحالة إذ حط رحاله في أنحاء خراسان وخوارزم لاستنجاد من هناك من العشائر التركمانية وغيرها. فاستنفرها فلبّى دعوته فتح علي خان التركماني ، وعشائر أفشار وبيات. وجمشكز. مالت إليه وعاهدته على النصرة. وإثر ذلك استولى على المشهد فأخرج منها محمود السيستاني، ويدعي نسبه إلى رستم فقضي على استقلاله". (تأريخ العراق بين احتلالين5/269).
وتسائلنا: لماذا لا يتواضع المرجع الى مستوى النبي (ص)؟ فقد كان النبي (ص) يؤم المصلين، ويلقي الخطب مباشرة من المنبر، ويجتمع مع الصحابة والناس، ويتواضع معهم، ويعاود مرضاهم، ويحضر مراسم دفنهم، ويقود الغزوات بنفسه، ويشاور الصحابة، وبعيش كإنسان عادي، حتى ان الغرباء لا يعرفونه، بل يسألون من منكم محمد؟
وتساءلنا: لماذا لا يخرج المرجع على اتباعه في رمضان والأعياد ليهنئهم بهذه المناسبات الإسلامية، كما يفعل بابا الفاتيكان مثلا؟
حتى في مرضه المميت كان النبي (ص) يتوكأ على الصحابة ويحضر الصلاة في الجامع ويخطب فيهم، قال ابو الفداء" خرج النبي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب، حتى جلس على المنبر، فحمد الله خطب النبي في مرضه قائلا" أيّها الناس من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقدمني، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستفد منه، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخشى الشحناء من قبلي فإِنها ليست من شأني. ثم نزل وصلى الظهر ثم رجع إِلى المنبر". (المختصر في أخبار البشر1/151).
فلماذا لا يخطب السيستاني في اتباعه؟ هل هو أعلى منزله من النبي (ص)؟
حج النبي (ص) لمرة واحدة فقط، ولم يحج السيستاني ولا مرة، وهذا ما يقال عن سلفه الخميني والخامنئي وجنتي وبقية المراجع في ايران. ذكر ابو الفداء" خطب رسول الله (ص) في الناس خطبة في الحج، بين فيها الأحكام، منها: يا أيها الناس إِنما النسيء زيادة في الكفر، فإِن الزمان استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، وتمم حجته وسميت حجة الوداع، لأنه لم يحج بعدها، ثم رجع رسول الله (ص) إلى المدينة؛ وأقام بها حتى خرجت السنة. ثم دخلت سنة إِحدى عشَرة". (المختصر في أخبار البشر1/150).
فهل السيستاني لا يعتبر الحج فريضة، والا لماذا لا يحج؟ وان كان يؤمن بأن زيارة قبر الحسين تعادل مليون حجة الى بيت الله حسب أقوال منسوبة للأئمة زورا، فلماذا لا يزور قبر الحسين ولا علي بن ابي طالب وهما على مقربة منه.
ذكر ابو الفداء" إِن رسول الله (ص) كان في أيام مرضه يصلي بالناس، وإنما انقطع ثلاثة أيام، فلما أذن بالصلاة أول ما انقطع فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس". (المختصر في أخبار البشر1/151). فلماذا لا يصلي السيستاني بالناس او يأمر احد المراجع الثلاثة بإمامة اتباعه؟
كان النبي (ص) يؤآكل المسلمين سيما الفقراء منهم، فقد ذكر ابو الفداء" من الصحابة أهل الصفة وكانوا أناساً فقراء لا منازل لهم ولا عشائر، ينامون على عهد رسول الله (ص) في المسجد ويظلون فيه، وكان صفة المسجد مثواهم فنسبوا إِليها، وكان إِذا تعشى رسول الله (ص) يدعو منهم طائفة يتعشون معه، ويفرق منهم طائفة على الصحابة ليعشوهم، وكان من مشاهيرهم أبو هريرة وواثلة بن الأسقع وأبو ذر رضي الله عنهم". (المختصر في أخبار البشر1/155).
فلماذا يسكن فقراء النجف في مقبرة السلام قرب مقام السيستاني، ويأكلوا من المزابل؟ في حين يمتلك المال اللازم لإسكانهم واطعامهم من واردات الخمس، وهي بالمليارات سنويا.
قال المبرد" روي عن رسول الله (ص) أنه قال: لا ترفعوني فوق قدري فتقول في ما قالت النصارى في المسيح، فإن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني رسولاً". هَمٌ السراج ليلة بأن يخمد، فوثب إليه رجاء بن حيوة ليصلحه، فأقسم عليه عمر بن عبد العزيز أن يجلس، ثم قام عمر فأصلحه.
قال له رجاء: أتقوم يا أمير المؤمنين؟
فأجابه عمر: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز". (الكامل1/ 190)، هذا هو تواضع خلفاء المسلمين، فأين السيستاني منهم؟
وذكر ابو حامد الغزالي" أتى صلى اللّه عليه وسلم برجل فأرعد من هيبته فقال له:هوّن عليك فلست بملك إنّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد. وكان يجلس بين أصحابه مختلطا بهم كأنه أحدهم، فيأتي الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل عنه، حتى طلبوا إليه أن يجلس مجلسا يعرفه الغريب". (إحياء علوم الدين 7/145).
إن تواضع النبي (ص) مع المسلمين، وتكبر السيستاني معهم يجعلنا في حيرة، ونحن نجري مقارنة لا تتعلق بصفة النبوة، وانما بالسلوك الإنساني فقط. لنضع هذه التساؤلات جانبا، لأنه لا أحد يمكن ان يجرأ على مناقشتها لا المراجع ولا أتباعهم، لأنه عندما يكون معيار المقارنة النبي المصطفى (ص) بكلامه واعماله سلوكه، لا يمكن لأحد ان يقنعنا بجوابه، لأنه سيتنافى مع المنطق السليم.
الفضيحة الكبرى
الكثير من الناس يتساءلوا: هل غياب السيستاني بسبب وفاته واخفائها لغاية ما؟
بالطبع لا يمكن لأي فرد ان يتوصل الى الحقيقة، لأن هذا الأمر واحد من طلاسم المرجعية، وربما اعداد لا تتجاوز اصابع اليد تعرف الحقيقة، ولأن السيستاني هو المرجع الأعلى للشيعة، فمن حق الشيعة معرفة هل ان مرجعهم على قيد الحياة من عدمه، لأنه في الأحداث الماضية ومنذ العام الماضي 2019، إختفت صورة السيستاني من الأحداث تماما، وخرجت للعلن صورة ابنه محمد رضا السيستاني، فبدأ يتحكم بالمشهد العراقي كله. مثلا صرح رئيس الوزراء السابق في حيدر العبادي حديث متلفز بتأريخ 30!2/2019 ، إن " مقتدى الصدر نقل له بأن ترشيح عادل عبد المهدي كان بطلب من محمد رضا السيستاني على الرغم من نفي الأخير، وأن الصدر اختار عادل عبد المهدي من بين ثلاثة أسماء كانت مطروحة، والصدر لم يكن متحمسا لهذا الترشيح إلا انه لم يكن يريد مخالفة المرجعية". وكشف عضو اللجنة المالية النيابية، النائب جمال احمد كوجر في7/3/2020 عن حجم الفساد في إيرادات الدولة" إن العتبات المقدسة توفر إيرادات كبيرة ايضا نحو 7 مليارات دولار لا تدخل خزينة الدولة بل تحت سيطرة نجل السيستاني (محمد رضا)، ولكن بالمقابل الدولة تصرف عليها دون ان تتحدث عن مصير ما يتم استحصاله منها". لاحظ إنه يتحكم بسياسة واقتصاد العراق!!
هروب محمد رضا الى بريطانيا
في الإسبوع الماضي سافر محمد رضا السيستاني بطائرة سويسرية خاصة الى بريطانيا يصحبه وكلاء المرجع الأعلى (احمد الصافي/ يحمل جواز اسرائيلي) و(عبد المهدي الكربلائي/ يحمل جواز برتغالي)، كانت الطائرة محملة بعشرات الصناديق التي تحتوى على ملايين الدولارات وليس بالطبع على ملابسهم الخاصة وعماماتهم المزيفة، واحيطت الزيارة بتكتم خاص من قبل وسائل الإعلام البريطانية على أساس ان ابن السيستاني يحمل جنسية بريطانية (دولة الإستكبار العالمي)، علاوة على بنات السيستاني وازواجهن وابنائهن، كلهم بريطانيون!! كما ان ابن السيستاني هو رئيس إدارة (مؤسسة السيستاني المالية) في لندن، وبريطانيا كما هو معروف من الدول التي تسمح بدخول الملايين من الدولارات اليها، وهذا امر طبيعي تمارسه كل دول العالم لزيادة رصيدها من العملات الأجنبية، ولكنها لا تسمح بخروج العملات الصعبة الا وفق ضوابط معينة، وبكميات محدودة، وبريطانيا من اكثر الدول التي تمارس فيها عمليات غسيل الأموال علاوة على الإمارات وقطر ولبنان ودول اخرى.
بقيت الزيارة سرية الى أن أعلن عنها المعارض العراقي (لطيف يحي) عبر قناته الخاصة، مما عرضة لإستضافة من قبل الأمن البريطاني، حول كيفية معرفته هذا السر على إعتبار انه يمس الأمن البريطاني حسب قولهم!! ولأن الكثير يعتبرون السيد يحي معارضا للعملية السياسية الفاسدة، لذا ربما يكون موضع شك من قبل أنصار السيستاني، لكن مصادر أخرى أكدت ان محمد رضا ووكلاء المرجع حاليا في لندن، ونتحدى من يثبت خلاف ذلك، وانهما في العراق حاليا.
ولأن الأمر اشيع في وسائل الإعلام بعد تصريح السيد يحي، قام محمد رضا بتوكيل محاميه اليهودي الشهير (جفري كوهين) للتدخل في الموضوع، ووضع حد لتدخلات السيد يحي في شؤون المراجع، وكشف فضائحهم، لأن امر وجود محمد رضا في بلده بريطانيا يفترض ان يكون سريا، لكنه كُشف من قبل السيد لطيف يحي، فصار الوضع هاجسا يهدد وضعه الأمني والعائلي، حسب قول محاميه.
ان مغادرة محمد رضا السيستاني ووكلاء المرجع مع ملايين الدولارات انما تدل على ان موضوع رجوعهما الى العراق أصبح من رابع المستحيلات، ومن هذا يمكن الإستدلال بأن السيستاني ربما غادر الحياة فعلا، فليس من المعقول ان يغادر محمد رضا العراق بلا رجعة، سيما ان انتشار وباء الكورونا، وانخفاض سعر النفط، وعزف مئات الآلاف من الشيعة عن تقديم الخمس والنذور بسبب الفقر والبطالة وعدم القناعة بوجوب دفع الخمس للمرجعية الثرية، إنما يعني ان واردات الحوزة قاربت على النضوب. كما ان الأصوات تعالت مؤخرا عن سبب عدم دعم المرجع الأعلى حملة مكافحة وباء الكورونا في العراق، في حين قام بتمويل مستشفى كبيرة جدا في ايران، أفتتحت مؤخرا ـ الفيلم متوفر على اليوتيوب ـ في الوقت الذي قامت فيه مؤسسات الدعارة والقمار والمشروبات الكحولية والمئات من نجوم السينما والغناء والرياضة واصحاب الثروات بدعم حملات مكافحة الفيروس في العالم؟ ان صمت المرجع الأعلى وعدم قيامه بأية ردة فعل تجاه دعم مكافحة الوباء بإستثناء بيان حول تلافي التجمعات، يثير الحيرة حول حقيقة وضعه. حتى سماحة القلب الكبير بابا الفاتيكان صلى من أجل المسلمين وارسل أجهزة تنفس صناعي ووسائل وقاية من الكورونا الى سوريا، ولم يحرك السيستاني ساكنا ولو اتجاه شيعته فقط.
ان القوادم من الأيام وبعد الفضيحة التي نشرت في وسائل الإعلام عن هروب ابن المرجع الأعلى الى بلده الأصلي بريطانيا، لا يمكن تحديها إلا في حالة واحدة، وهي خروج السيستاني أما الملأ ليعلن انه على قيد الحياة، وليس عبر التصوير التلفازي وما يرافقه من دبلجة والاعيب باتت معروفة للجميع. ان التكتم على مثل هذه الأمور لا يمكن أن تطول كثيرا، وكما يقول المثل العراقي " خبر اليوم بفلوس، وخبر باجر (غدا) بلاش (مجانا)".
بعد (مؤسسة الخوئي المالية) و (مؤسسة السيستاني المالية) في بريطانيا، هل ستكون المؤسسة المالية القادمة في بريطانيا بإسم جنتي او الشهروردي أو غيرهما؟
كلمة أخيرة
هل يمكن ان يجيبنا أحد ما على السؤال التالي: يطلق شيعة السلطة في العراق ومراجع ايران وذيولها في العراق ولبنان وسوريا واليمن على الولايات المتحدة (الشيطان الأكبر) ويرفعون شعارات (الموت لأمريكا)، ومن المعروف ان بريطانيا والولايات المتحدة وجهان لعملة واحدة، وكلاهما من دول الإستكبار العالمي، وكلاهما احتلا العراق، وما تزال قواتهما موجودة على أرضه، فلماذا لا تُرفع شعارات (الموت لبريطانيا)؟
أذكر الشعب العراقي بقول طرفة:
فَكُلُّهمُ أرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبٍ ... مَا أشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَه
(ديوان طرفة بن العبد/19). والله والشعب العراقي عامة وأهلنا الشيعة خاصة من وراء القصد.
4736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع