عبدالكريم الحسيني
نبذه عن هذه الفرقه الدينيه
لايخفى على اي دارس للتاريخ الاسلامي ان يلاحظ كثرة الفرق التي تسمت بالاسلام واعتبرت نفسها من هذا الدين بالرغم من الاختلافات الكثيره والكبيره مع الاسس الاسلاميه ومعتقدات الدين وتعارضها مع القرآن والسنه النبويه الشريفه ولذلك فأن الفرق التي تم احصائها منذ ظهر الاسلام ولحد اليوم قد فاق السبعين فرقه بقليل .
ومن هذه الفرق التي لاتزال موجوده ويعتنقها البعض هي فرقة (النصيريه) نسبة الى مؤسسها الشيخ محمد بن نصير (عاش في سنة 835 م ) وهو الذي وضع اسس المذهب النصيري وقد تزامن ذلك ايام الائمه علي الهادي والحسن العسكري والامام الغائب (ع) وقد انشقت مجموعته من الشيعه الاماميه بعد الخلاف الكبير الذي حدث حول الامام بعد الحسن العسكري الذي انقسم فيه الاماميه الى عدة اقسام منهم الجعفريه نسبة الى جعفر العسكري ومنهم من ترك الموضوع برمته واخرين قالوا بوجود امام مستور وهكذا الحال الذي استغله البعض لظهور الفرق الدينيه الاخرى ومنها النصيريه التي بدأ ظهورها في بغداد على يد محمد بن نصير اعلاه ..
التسميه
سميت هذه الفرقه بعدة اسماء واشهرها في بداية تأسيسها هو (النصيريه) نسبة الى مؤسسها وواضع مذهبها محمد بن نصير الذي كان في بغداد اثناء الازمه الاماميه على خلافة الامام الحسن .
ومن ثم استمرت هذه التسميه لسنين طويله ولكن عندما اعتكف النصيريه في الجبال تخوفا من الاضطهاد والملاحقه اصبح من الصعب عليهم الخروج الى المدن ولذلك عملوا بالتحطيب وهو جمع الحطب وبيعه على مفترق الطرقات وسميت الفرقه ( الحطابون) وهذا الاسم ظل متداولا في سوريا لفتره طويله وحتى الاحتلال الفرنسي في 1920م وهو الذي اطلق عليهم اسم العلويين للتفريق بينهم وبين المسيحين والمسلمين لوجود تشابه في الطقوس المسيحيه والاسلاميه وارتاح العلويون لهذه التسميه واصروا عليها وامتنعوا عن اي تسميه اخرى كما سميت هذه الفرقه بالحلوليه والعلااللهيه نسبة الى هذه الفرق .
العقيده
يتفق العلويون مع الشيعه الاماميه في بعض الاعتقادات ولكنهم يختلفون معهم بتفسير القرآن والنظريات الدينيه ويؤمنون بتواتر القدره على معرفة الحقيقه عن طريق الائمه المعصومين بالتواتر ويعتقدون بالتناسخ بين الارواح وبالحلول وهو حلول الذات الآلهيه في الرسول (ص) ومن ثم في (علي بن ابي طالب) (رض) وانتهى بهم المطاف الى اعتبار الامام علي (رض) بانه الله واخذوا بعبادته وتقدسيه ولذلك اطلق عليهم البعض اسما آخر وهو (العلااللهيه) اي عبدة علي بدلا من الله سبحانه وتعالى وان الامام علي يتجلى لهم في السحاب .
لايؤمنون بالتكاليف اي الفرائض ولايصلون وليس لهم مساجد ويؤمنون بالثالوث (الله ، محمد ،علي ) وهم بذلك يتشبهون بالنصارى ويقتربون من المذهب الدرزي في ايمانهم بالتناسخ ويؤمنون بالظاهر والباطن ويعتبرون الافعال الظاهره غير مهمه بقدر الافعال الباطنه لانها هي الاساس ولذلك فأنهم لايقيمون الصلاة وباقي الفرائض (لايصومون ولايصلون في المساجد ويبيحون شرب الخمر وعدم فرض الحجاب) يقول المستشرق البلجيكي هنري لامنس (1862 – 1937م)في كتابه هل العلويون مسيحيون:
انهم مسيحيون اخفوا ديانتهم خوفا وتظاهروا بالديانه الاسلاميه,, وسيتدل بذلك على السريه الشديده المفروضه من شيوخهم على اسرار الديانه وعدم اتاحتها للجميع ويقول المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون(1883–1963م) ,, ان الديانه العلويه هي مزيج من المسيحيه والاسلام والديانه الغنوصيه (وهي ديانه شرقيه قديمه ظهرت في القرن الاول الميلادي وتؤمن بالحلول ) وفيها اي الديانه العلويه الكثير من الديانات الفارسيه القديمه ويحتفل العلويون بعيد الميلاد وعيد الفطر والاضحى وعيد الغطاس وعاشور وفي احد اعيادهم يقيمون احتفال على شكل دائره من الرجال وخلفهم دائره من النساء ويوقدون النار وسط الدائره ويجلس شيخهم الكبير وسط الدائره على صخره ويؤتى بخروف (كبش) ويبدأ بأمراره على الجالسين حيث يتم نتف صوفه ويقول الفاعل ,, هذه لحية عمر واخر يقول هذه لحية ابو بكر وعثمان ,, وبعد ان ينسلخ الصوف يؤتى بالجدي الى الشيخ حيث يقوم وبيده حجر ويبدأ بضرب راس الجدي حتى يموت وهنا يصيح ,, قتلت عمر... قتلت عمر... ويأمر بأطفاء النار ليبدأ الاحتفال وهو عباره عن نهوض الجميع والقيام بالدوران دائره عكس الاخرى وتقف الدوائر ليكون كل واحد قد حصل على حبيبته التي خلفه في ظلام دامس ولذلك يصفوهم في منطقة (عنه ) العراقيه حيث يتواجد البعض منهم فيها ب (هلاسة الجدي) ومنهم من تبوء مناصب كبيره في الدوله العراقيه مثل وزير النفط في السبعينات وعضو القياده القطريه للحزب تايه عبد الكريم ..
تواجدهم
يتواجد اصحاب هذه الفرقه في الجنوب السوري وصعودا الى الساحل التركي وهم مابين 20 – 30 مليون نسمه معظمهم في تركيا ويشكلون حوال 12% من سكان سوريا ومجموع العلويون في العالم بحدود 80 مليون نسمه منهم حوال 2 مليون في المانيا وينتشرون في اوربا ومنهم البعض في العراق في مدينة (عنه) والبعض منهم هاجر الى بغداد والنجف وغيرها.
يختلف العلويون في سوريا عن العلويون في تركيا وايران ومنهم الفرقه (القزلباش ) الصفويه وهم (ذوي الرؤوس الحمراء )والذين منهم العلويون الاتراك والفرقه (البكتاشيه) واما السوريه فهي اقدم من هؤلاء جميعا ولايجمع بينهم رابط سوى الاضطهاد المشترك ولقد قدم لهم الاحتلال الفرنسي فرصة انشاء الدوله العلويه في اللاذقيه عام 1922م ولكنها لم تعش طويلا اذ عادت الى الام بعد الاستقلال السوري عام 1936م وقد ظهرت بعض الحركات المناهضه للحكم السوري وتمرد العلويون في عام 1939 – 1946 - 1952 ..
يعتبر النصف الثاني من القرن العشرين نقطة تحول كبيره للعلويون حيث ظهرت الاحزاب العلمانيه في تركيا وفي الوطن العربي ولذلك وجدوا فيها متنفسا وانخرطوا بها باعداد كبيره وخاصة الى حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي وخاصة بعد ضم الجيش العلوي الذي كان في الدوله العلويه الى الام السوريه وبدأت عملية التسلق في القيادات العسكريه حتى اصبحت سوريا بيدهم بالكامل بعد الانقلاب الذي قام به حافظ اسد عام 1970م وبذلك سيطر العلويون على مقدرات البلد والى يومنا هذا ..
يعاني العلويون اليوم من التخوف من سيطرة الاكثريه السنيه بعد حكم علوي استمر ولايزال لاكثر من اربعين سنه ترك فيها الكثير من الاثار التي ينتظر اصحابها يوم الحساب وخاصة في حماة حيث ارتكبت جرائم كبيره ضد السنه وفي حمص وحلب والتخوف يأتي من احتمالات عمليات الانتقام التي قد تطال الكثير منهم ونهاية دورهم السلطوي في سوريا بعد ان انتقلوا من حالة الاختباء والخوف الى قيادة السلطه والتخوف من العوده الى ماكانوا عليه سابقا ...
مع تحيات عبد الكريم الحسيني
1372 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع