د. يسر الغريسي حجازي
التشوش الذهني
هل ظاهرة "معرفة الأشياء من قبل" انطباع أم شعور؟ لماذا جميعنا يختبر هذه الظاهرة العقلية؟ هل هو مرض نفسي ام خدعة يتسبب بها العقل الباطني؟
علينا ان نعرف ماذا تقول البحوث والمختصين في هذا الموضوع، ولماذا لا يمكننا مكافحة هذه الظاهرة الوهمية؟ هل يقع اللوم على التوتر وهل أصبحنا مرضي نفسيين؟ ومع ذلك، تؤكد الإحصائيات العالمية في طب النفس أن ما لا يقل عن 7 من كل 10 أشخاص في العالم يتعرضون لمثل هذه المعضلة. كما ان غالبية الناس عرضة للأوهام الباطنية، بسبب ان هذا الوضع يخيفهم وهم يخشون الانفصال عن الواقع. يظهر البحث العلمي أيضًا، أن الإجهاد، والتعب، والروتين الممل هي سبب هذه التناقضات. وهذه الظاهرة الذهنية تؤثر بشكل أساسي على الأشخاص الذين، يكررون نفس الطقوس بشكل يومي. ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين يتنقلون كثيرا لديهم الفرصة لتغيير نمط الحياة الروتينية وعيش تجارب مختلفة تجعلهم غير خاضعين لهذه الظواهر.
إذا كانت هذه التجربة الحسية "لمعرفة الأشياء من قبل" تحدث مرتين على التوالي، فيستند التفسير هنا إلى الذاكرة الضمنية. وذلك بسبب ان البحث في الذاكرة، يرتبط بتجربة معرفة الأشياء من قبل (مجلة الأمراض العصبية والعقلية 1097/01). وتسمح لنا ذاكرة التعرف، بإدراك أن الحدث الذي نشهده قد حدث من قبل. عندما نشعر بظاهرة "المشهد المألوف من قبل"، يمكن تشغيل الذاكرة الخاصة والاعتراف بالمشكلة. وذلك من خلال مواقف معينة، لم نشهدها من قبل (ذاكرة التعرف والألفة وتجارب "ديجا فو". كليري،2008). انه بمثابة التفسير المبني على الذاكرة الضمنية. ومع ذلك. ان هذه العلامات تدل على التوتر، والقلق، ويمكن أن تعطل الحياة.
انه الشعور بعدم الواقعية وهو شكل من أشكال اختلال الذاكرة، ووفقًا لعالم النفس السويسري آرثر فانكهوزر، تتضمن ثلاثة أنواع مختلفة: الذي" تم اختباره من قبل" بالفعل، والذي "تم الشعور به من قبل بالفعل"، و"الذي تم زيارته من قبل" بالفعل. تم إنشاء هذا المصطلح في عام 1876 من قبل إميل بواراك (1851-1917)، والذي استخدمه في كتابه مستقبل العلوم النفسية. وكتب اخري مثل " ذكرى الحاضر" (بيرجسون 1908)، وكتاب "هم الألفة" (جاسبر 1954)، وكتاب "تحديد التزييف "(كريبلين 1887). يمكن أن تحدث هذه الاختلالات أثناء أحداث مثل: زيارة الأماكن لم نزورها من قبل، أو تناول العشاء مع ناس لم نتعرف عليهم من قبل. ببساطة، أن هذه التصورات تتعارض مع عدم تحديد الذاكرة لهذه الحالات. هذا اعتراف خاطئ ناجم عن الذاكرة، التي يصحبها أحيانًا قلق او ضغوطات نفسية. يعتقد بعض الناس أن لديهم مواهب خاصة، ويعتقدون أن بإمكانهم التنبؤ بمستقبل الآخرين. لكن هذا غير صحيح، ويستمر هذا الشعور بضع دقائق فقط، من واحدة الي دقيقتين. والأشخاص الذين جربوا بالفعل شعور "معرفة المشهد من قبل" عليهم ان يتدربوا على اخراجها من أذهانهم كلما حدثت معهم. في الواقع، لا يمكن لهذه التجربة المزعجة إلى حد ما أن تختفي بسرعة، ولا تعتبر ظاهرة مرضية. بالأحرى، إنها حقيقة شائعة ليس لها قيمة تنبؤيه ولكنها حالة غير مرغوب فيها. ويجب التغلب عليها واخذ قسط من الراحة لمكافحة الإجهاد والتعب.
وجاءت في الابحاث العلمية الحديثة، ان شعور "اننا نعرف المشهد من قبل"
أمر شائع عند الأشخاص العصبيين، ويحدث تلك التخبط في العقل الباطني للإنسان ليسبب الانتباه. ربما تكون قد شاهدت أيضًا حدثًا مرهقًا أمام عينيك، مثل حادث سير مأساوي، وتعتقد أن هذا المشهد مألوف لك بالفعل. أنت فقط لا تعرف متى أو كيف؟ وأنت لا تتذكره على الإطلاق. كما يمكن لهذه الأوهام أن تتسبب بالتوتر الشديد وبترسيخ احداث ليس لها أساس من الوجود بحياتك في الذكريات الخاطئة، لأنها نظريات مبنية على العاطفة.
انما تتفاعل عناصر المشهد من خلال سلسلة ترابطية غير واعية، وبذاكرة مكبوتة. ويتم ذلك تحت تأثير عاطفة المشهد المنقول في المشاعر الحالية، لنقل جميع تفاصيلها.
اما الإدراك، سيكون فقط حقيقة واقع مرتبط بفاعل العاطفة.
وتستند النظريات الأخرى على تركيز الشخص، وتذكر أن إحساس "المشهد المألوف بنا
يرجع إلى نقص مؤقت في الانتباه، وفقًا لتدخل العقل الباطني في الذاكرة.
عندما يتكامل التركيز، يخضع الشخص لقراءة مزدوجة، قراءة الحاضر وما يوجد في ذاكرته. هي مجرد تصور للذاكرة المتوازية، مع نقص في التزامن بين الإدراك والحفظ.
إن بنية الوعي وتطوره عند الإنسان، هي أساس المعرفة وتواصله مع الآخرين. وذلك يشمل كل مشاعرنا وجميع أفعالنا التي تعتمد على تصرفاتنا والبيئة الخارجية. مما يعني، أن ذكاء الإنسان وشخصيته، وطريقته في تصور العالم ومحيطه، فطري ومتلازم لتجربة البيئة وأفعالها. كما يقع تنظيم الحياة السيكولوجية للإنسان بين الفطرة والاشياء المكتسبة في كيانه النفسي.
3452 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع