د.سعد العبيدي
التبعات النفسية في إطالة أمد الصراع
لقد تطور الصراع بين الاطار والتيار، كبر الحجم وتضخم من مجرد أفكار، واختلافات في المواقف والنهج الى فراق وافتراق على طريق لا يمكن فيه اللقاء. طال أمده حداً خَرقَ فيه القادة القائمون على وقعه مواد الدستور. أخذ أشكالاً متعددة تراوحت بين التنافس جلوساً على كراس البرلمان، وبين الملاواة تدافعاً في الشارع والمدينة، دون الوصول حتى الآن حافات الصدام المسلح، لكن لا أحداً قادراً على ضمان عدم الوصول، وكلاهما طرفان متصارعان، يمتلكان مشاجب من السلاح بجميع العيارات خارج سيطرة الدولة، ورغبة في استخدامه دون ضوابط ومحددات. نَقلا معاً ساحته من قاعة البرلمان الى شارع يغلي انفعالياً، مستعداً لأن يكون طرفاً مع هذا أو ذاك.
ان الفترة الزمنية التي استغرقها الصراع، ما يقارب العشرة أشهر بعد آخر انتخابات، تعطلت خلالها مصالح الدولة والمجتمع، وتقيدت صلاحيات الحكومة الى مجرد تصريف أعمال يومية، وتحددت التجارة ومصالح البيع والشراء، وشعر المواطن طوالها قلقاً، وخوفاً من يومه والغد، أضيفت انفعالاتها الى خزين خلايا العقل من انفعالات سلبية كبتت طوال هذه السنين، خزين لا يمكن أن يبقى خاملاً الى الأبد، وخلايا لا يمكنها من النواحي النفسية استيعاب المزيد من الخزين، إذ يشير في مجالها علماء النفس الى ضرورة التنفيس، ويؤكدون في حال عدم حصول التنفيس أو التصريف، احتمالات خروج هذه الانفعالات المكبوتة المضغوطة، دفعه واحدة بطريقة غير نظامية، قد يفقد فيها المواطن السيطرة على سلوكه ليتحول الى استخدام العنف والتجاوز والتخريب، بطريقة الفوضى التي يخسر فيها الجميع بينهم المواطن والوطن، وبينهم القادة والرموز أصحاب الشأن في دائرة الصراع، مما يتطلب التنبه الى هذه الحقيقة النفسية، والسعي الحثيث الى الحد من إطالة أمد هذا النوع من الصراع غير المجدي، ثم التحرك الجاد للملمته بحلول وسط، وحدود خسارة مقبولة لهم قبل فوات الأوان.
3869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع