د.سعد العبيدي
الزراعة بين التمني وبين القدرة على التنفيذ
اهتم رؤساء مجالس الوزراء الذين تعاقبوا على الحكم في العراق الحديث في تصريحاتهم للإعلام بملفي الزراعة والمياه، وتمنوا مثل غيرهم عودة الزراعة الى سابق عهدها، قادرة على تأمين الحاجة، وأضاف اليهم السيد السوداني، مبادرة حكومية لزراعة خمسة ملايين شجرة، وهي مبادرة جيدة من الناحية النظرية، لكنها تصطدم مثل غيرها من المبادرات والتوجهات بمسألتين أساسيتين الأولى ضعف دافعية الادامة، أو غيابها لأي مشروع بعد إتمام الإنجاز، والدليل على هذا نرى في غالب مشاريعنا، وعند تقديم دراسات الجدوى تأكيداً على النجاح الحتمي، وتصنيفاً له يأتي الأول باستمرار، وتوقعاً للإنتاج كما يغطي الحاجة المحلية، ويزيد لأغراض التصدير، لكنه وعند التشغيل، وبعد فترة من البدء بالإنتاج نلمس التباطؤ في كم المنتج، والتردي في مستوى الجودة ونلمس الإهمال كأنه يتسلل الى الأرجاء، لأن من يدير المشروع ويشرف عليه أو يعمل فيه لا يهتم الى جوانب الادامة اللازمة لديمومة وسائله وأبنيته والآلات، وهذه طبيعة لا تتوقف عند مشاريع الصناعة والزراعة الحكومية، بل وكذلك على الخدمات فالشوارع والمجاري، والأرصفة لا تدام، عليه يمكن القول أن مشروع الخمسة ملايين شجرة يسهل تنفيذه، لكنه قد يواجه مصاعب في الاستمرار حتى بدء الإنتاج ثماراً وخضرة، إذا لم تحسب هذه الهنة في الادامة، ويستعاض عنها بالتكنلوجيا التي تعوض عن كسل الانسان.
والمسألة الثانية نقص المياه المتواصل في عموم البلاد، وفي مجاله إذا لم تغير الزراعة نهجها في السقي التقليدي سيحاً، وإذا لم تضع قيوداً على التبذير في المياه، سيكون من الصعب إدامة إرواء هذا العدد من الأشجار، وإن وضعت بعض الوسائل الحديثة لريها بداية، لأن المشكلة ستكون في تأمين مصادر مياه مستمرة تبقيها على قيد الحياة.
إن العراق في جوانب الزراعة، والمياه يواجه أزمة حادة، تحتاج الى تغيير في نهج التفكير والتعامل، وتحتاج الى تضحيات من الانسان العامل في المجال ومن الفلاح، وتحتاج الى حكومات قوية تفرض رؤيتها العلمية الصحية، وتحسن تنفيذ المبادرات وتطبيق القوانين.
982 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع