د.سعد العبيدي
في سيكولوجيا الأثر
علم العراقيون من الاعلام وجولة السيد رئيس مجلس الوزراء أن المعدات التي سرقت من مصفى بيجي العملاق، إبان عملية تحريره من رجس الشيطان الداعشي، قد أعيدت كاملة، وإن المصفى سيؤهل كسابق عهده، منتجاً للمشتقات النفطية بالطاقة القصوى، وإنه مع مصفى كربلاء سيسدان حاجة البلاد اليها، ويوفران عدة مليارات من الدولارات لخزينة الدولة.. أمر مفرح، يحسب إنجازاً الى الحكومة والدولة، لكن العقل الإنساني بطبعه في التعامل مع المعلومة وعلى وفق بعض النظريات النفسية (الجشطلت) ينظر الى الكل من خلال الأجزاء، بحيث يكون لكل جزء وظيفة يؤديها في هذا الكل، أي أن العقل لا يكتفي بالقدر الذي يسمع، اذا كان المسموع، أو المرئي ناقصاً بعض الأجزاء، لأنه وحسب تركيبته النفسية يريد المعلومة كاملة كي يحاكمها منطقياً ويقنع، وإذا ما أبقيَّ في السياق نقصاً لبعض الأجزاء، ولأي اعتبارات أمنية أو شرعية أو سياسية، فإنه يبدأ من جهته صياغة الأجزاء المتبقية لإكمال النقص، وهنا تكمن المشكلة، مشكلة في صياغة تلك الأجزاء، حيث العودة المشتتة لعموم المتلقين الى خزين معلوماتهم، والى مواقفهم من الحكومة والآراء الشخصية، وصياغة الأجزاء الناقصة كل على هواه، صياغات تأتي أحياناً مشوهة أو بعيدة عن الواقع، وغالباً ما تكون في غير صالح الحكومة. هذا وبالعودة الى موضوع المصفى مثالاً رأينا كيف أن الحكومة في إعلانها عن عودة المعدات المسروقة قد أبقت ما يتعلق بالجهة التي سرقتها ونقلتها في وضح النهار، وخزنت بعضها في تخوم بغداد وأربيل ناقصة لم تعلن عنها، ورأينا كيف بادر العقل الجمعي في سد هذا النقص، باتهام بعض الجهات التي شاركت في التحرير، وجهات أخرى في الاقليم، وبهذا قل وقع التأثير النفسي للخبر، وزاد حجم الضرر، الأمر الذي يدفع الى القول: كان الأجدى بالحكومة تسمية تلك الجهة أي إعطاء الصورة كاملة، وهي تسمية في ميزان الأثر ستكون لها فائدة كبرى للدولة التي تريد بناء عراقها بأجزاء كاملة.
4360 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع