أ.د. ضياء نافع
مئوية حمزاتوف في ليتيراتورنايا غازيتا
ولد رسول حمزانوف في 8 ايلول / سبتمبرعام 1923 في داغستان , وتحتفل الاوساط الادبية الروسية منذ بداية ايلول عام 2023 بالذكرى المئوية لميلاد الشاعر الداغستاني الكبير , وقد خصصت صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا) الاسبوعية كثيرا من صفحات عددها الصادر في 6-12 ايلول 2023 للحديث عن الذكرى المئوية لميلاد رسول حمزاتوف هذه لدرجة يمكن القول , ان هذا العدد من ( ليتيراتورنايا غازيتا ) خاص تقريبا بهذه الذكرى , ونعرض في مقالتنا هنا للقارئ العربي قراءة وجيزة جدا ( او بتعبير أدق نظرة سريعة ليس الا ) للمواد العديدة والمتنوعة التي نشرتها هذه الصحيفة , وهي تحتفل بهذه المناسبة , لاننا نرى في تلك المواد وقائع جديدة وطريفة عن هذا الشاعر , الذي يعرفة القراء العرب حق المعرفة ويتقبّلون ابداعه باهتمام واعجاب كبيرين .
في الصفحة الاولى لذلك العدد من الصحيفة توجد صورة كبيرة للشاعر رسول حمزاتوف وهو يلقي قصائده على ما يبدو , وفوق الصورة مانشيت عريض عن الذكرى المئوية لحمزاتوف ومقطع من مقالة منشورة باكملها على الصفحة 22 حول تلك الذكرى , وتبدأ الصفحات المكرسّة لحمزاتوف في العدد المذكور من الصفحة 18 و19 و 20 و 21 و22 و23 و24 و 25 و26 و27 , اي(10) صفحات باكملها ( نكرر باكملها ) عدا الصفحة الاولى , التي أشرنا اليها .
يكتب محمد محمدوف , وهو بدرجة بروفيسور وحاصل على شهادة دكتوراه علوم في الفيلولوجيا ( اللغات وآدابها) ورئيس شعبة الادب الافاري في اتحاد ادباء داغستان , يكتب مقالا ( وهو واقعيا بحث علمي واسع و عميق ) وعلى صفحتين اثنتين ( 18 و19 ) بعنوان – ( داغستان مهد الشعر لرسول حمزاتوف) , وتحته يأتي عنوان اصغر وهو – (... جيد النظر الى العالم , عندما تشعر بارضك الحبيبة تحت قدميك ...) , وهو مقطع من قصيدة لحمزاتوف , واختيار هذا المقطع لم يكن عفويا ابدا , اذ ان جوهر هذا البحث الكبير يكمن بالذات في هذا المقطع , فالباحث اثبت بما لا يقبل الشك , ان رسول حمزاتوف وصل الى مكانته العالمية في دنيا الفكر لانه كان يقف بثبات على ارض وطنه داغستان , ولانه كان يتحدث في ابداعه عن مشاعره الجيّاشة حول شؤون شعبه الانسانية الاعتيادية ليس الا. لقد جاء هذا البحث عن حمزاتوف في اول تلك الصفحات عن مئويته , اذ ارادت الصحيفة ان تتكلم عن الشئ الاهم والاكبر في مسيرة حمزاتوف , وهو الموقف من الوطن ( اي داغستان ) , اذ ان حمزاتوف اصبح الان رمزا لداغستان , فعندما نذكر حمزاتوف نتذكر داغستان , وعندما نذكر داغستان نتذكر حمزاتوف , وما أعظم هذا التمازج بين الفن والوطن , والذي استطاع حمزاتوف ان ينجزه عن طريق ابداعه .
في الصفحتين 20 و 21 نجد ملحمة في سونيتات بعنوان ( ازمان وطرق) لرسول حمزاتوف مع صورة كبيرة له وهو يجلس قرب والده عام 1983 عندما كان رسول شابا , علما ان والده شاعر داغستاني شهير ايضا , وتشغل هذه الملحمة كل الصفحتين 20 و21 وتحتوي على 33 سونيت , ومضمون تلك الملحمة الكبيرة يتناول موضوع انهيار الدولة السوفيتية ويعبّر بشكل واضح وصريح عن موقف حمزاتوف الرافض لتلك الاحداث رفضا قاطعا , وهذه مسألة معروفة في الاوساط الثقافية الروسية , والتي ازداد الحديث عنها في الوقت الحاضر بالذات , لان هذا الموضوع يرتبط الان بالوضع الحالي للدولة الروسية , اذ غالبا مانسمع بين الناس الرأي القائل , ان هذه الاحداث المأساوية التي تجري الان( بما فيها الحرب الروسية – الاوكرانية) لم تكن ممكنة الوقوع في اطار الدولة السوفيتية الموحدة آنذاك , وغالبا ما يذكرون هذه الآراء محبو حمزاتوف بفخر شديد.
لا يمكن الاستمرار حتى بهذا العرض الوجيز لكل ما جاء في صفحات ( ليتيراتورنايا غازيتا ) عن مئوية حمزاتوف , ولكننا لا يمكننا ايضا عدم التوقف عند صفحة رقم 23 , والتي نشرت في نصفها الاعلى وبترجمة مراد أحمدوف مقاطع من كتابات رسول حمزاتوف تحت عنوان ( المسموع و المبتكر ) , وهي كتابات نثرية قصيرة و مليئة بالحكمة والرشاقة والابتكار , وكلها صفات امتاز بها ابداع حمزاتوف ,وتذكرنا بالقصة القصيرة جدا , وتذكرنا بقصيدة النثر , وتذكرنا بالحكم والامثال عند الشعوب ,وباختصار , فانها لوحات فنية مرسومة بالكلمات تعبّر عن مواقف الشاعر الكبير حول شؤون الحياة عموما , ونقدم للقارئ نماذج مختارة منها –
الانسان الشرير لا يرى حبيبته في الاحلام .
+++
لا توجد جروح اكثر ألما , من الجروح التي تؤلمنا اليوم .
+++
الشجرة الكبيرة القديمة تحمينا من الشمس ومن الثلوج ومن المطر . وكذلك الانسان العجوز .
+++
ما فائدة الكراسي الكثيرة حولي , اذا كنت لا اقدر ان اجلس على اي كرسي منها .
+++
عندما يبكي الطفل يصبح أكبر , وعندما يبكي العجوز يصبح أصغر .
+++
اطلق تسمية بابا و ماما حتى على مئة شخص , فانك لن تجد ابا و اما بينهم , وكذلك لا يمكن ان يصبح البلد الغريب وطنا .
+++
الذهب , حتى عندما يبقى لمدة عشرين سنة في الاوساخ , يبقى ذهبا برغم ذلك, والقصائد الجيدة مهما تبقى مجهولة طوال سنين عديدة , فانها تبقى رائعة برغم ذلك .
+++
لا يمكن حلاقة اللحية من قبل اثنين رأسا , فواحد يحلقها بشكل قصير , والثاني يريد ان يحلقها أقصر, وهكذا الامر بالضبط مع القصائد في ايدي المحررين والنقاد .
+++
تحية للذكرى المئوية لميلاد رسول حمزاتوف , وتحية لصحيفة ليتيراتورنايا غازيتا على احتفالها الابداعي بذكرى الشاعر الداغستاني والعالمي رسول حمزاتوف......
1382 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع