الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
عرقنة لبنان ولبننة العراق
في مقتبل حياتنا في عالمي الاعلام والسياسة كنا نسمع ونقرأ مصطلحات عدها البعض غريبة عن واقعنا العربي مثل الفتنمة والبلقنة وكنا نرى فيها شذوذ ونشاز سياسي ومع زيادة عمليات استهداف الوطن العربي وتنفيذ المخططات التي اعدت منذ عقود طويلة وتفاقم القضايا التي ماعادت تستهدف الامة العربية بعد تقسيمها الى دويلات (سايكس بيكو) بل اخذت طريقها الى استهداف هذه الدويلات وكانت البداية الخطيرة بالاحتلال فلسطين 1947 .
ولان احتلال فلسطين لم يكن سوى المقدمة الاساسية لابتلاع الوطن العربي صهيونيا ...توالت علينا كعرب النكبات حتى انسونا مآسينا كأمة لنعيش مآسينا كأقطار ممزقة فعدى مسلسلات الانقلابات والاضطربات في داخل بلداننا والحروب التي استغلت بها اطماع جيراننا الذين لم يكفيهم ما تبرمك به عليهم الفرنسيين والانكليز من اراضينا العربية والتي مازلنا نعاني من نتائجها الكارثية وسنبقى مالم تصحى هذه الامة وتستعيد وعيها بشكل سليم لتسترجع حقوقها المغتصبة بكل السبل المتاحة والوسائل المشروعة.
ومن المصطلحات التي بدأنا نتعامل معها اعلاميا وسياسيا هو مصطلح "اللبننة" بمعنى انقسام الشعب على أسس هويّاتية. إليكم مجموعة من الأسئلة والأجوبة تساعدكم على فهم طبيعة لبنان ونظامه السياسي ، إن مصطلح اللبننة كان سباقاً، واول استخداماته كان أثناء الحرب اللبنانية في السبعينيات اذ قالها سعيد عقل أردنا أن نلبنن فلسطين ففلسطوا لبنان . فذهبت كلمته مثلا وصرنا نتحدث عن عرقنة لبنان ولبننة العراق وهلم جرا. وإن هذا التعبير أصبح شائعاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إذ لم يجد المحللون تعبيراً أكثر بلاغة من «اللبننة» باعتبارها تفوقت على كل البلدان المصدّرة الحروب، فلا البلقنة، ولا الأفغنة كانتا كافيتين للاستعارة للدلالة على مدى العمق الذي بلغه الصراع في العراق. لذلك، لاقى مصطلح اللبننة لوصف الواقع العراقي شعبية كبيرة رغم أننا كنا نتمنى لو اتخذت اللبننة طابعها الإيجابي بحكم قيمة لبنان الحضارية وليس الحربية.
صدمنا وصدم كل ذي ضمير حي حجم الدمار الهائل الذي يحصل في لبنان الذي اغتالته منظومة الفساد السياسي المستشرية بين شرائح من النخبة السياسية اللبنانية المتنافسة بينها المتوحدة على خراب البلاد وقتل العباد إن الإقطاع السياسي قد زج بوطنكم العزيز علينا في أتون جحيم الفقر والفساد والتشرذم وضياع الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهوية الفرعية، التي أفقدت لبنان لحمته ووحدته السياسية والاجتماعية؛ لقد حوّلوا لبنان إلى أرض غارقة بالقمامة المتراكمة في شوارعه .. وان نشعر بالحزن والاسى على مايحصل في لبنان والعراق الذي يعاني من الكوارث منذ احتلاله في نيسان 2003 وربما كان تعاطف العراقيين مع اشقائهم في لبنان الاكثر مصداقية بحكم عمق معانتهما من التشابه بالعوامل المشتركة.
لقد باتت هذه المصطلحات خير تعبير عن التماثل القائم بين المحللين حتى لنكاد نشعر بأنهم يستمتعون بإطلاق هذه الأوصاف في معرض تشبيه واقع بلد «تعيس»، فلبنان «يعرقنونه» والعراق «يلبننونه» والانفتاح العربي على الولايات المتحدة يفسرونه بالأمركة. وإذا أمعنوا في التخوين، وهي الموضة السائدة في السياسات المتضاربة، فيذهبون الى حد التهويد، ليفصلوا رداءات نسبية على مقاس منظارهم الفكري والسياسي وليس على مقاس من يطلقون عليه الأوصاف.
وكما قالت الكاتبة كاتيا دبغي ما معنى أن نقول للبناني الذي لم يزل يحتفظ بالحد الأدنى من الإقبال على الحياة بأن بلده مقبل على «العرقنة» وقد تشبّعت في ذاكرته وتغلغلت الى عمق بصره مشاهد القتل اليومي والتفجير الهمجي والصراع الخارج عن المنطق الجاري في العراق، علماً أن البارومتر الأمني والسياسي في لبنان يكاد يصل الى المستوى العنفي الذي بلغه في العراق؟ وما معنى أن نقول للعراقي الذي لم يعايش بالطبع 30 عاماً من الحروب، أن ما يشهده هو «اللبننة» بعينها، وأن حروبه مرشحة للتمديد على الطريقة اللبنانية؟ وما معنى أن نستنسخ مانشيتات العرقنة واللبننة ونحدث تبادلاً حربياً وتحدياً مفتوحاً للبلد الذي يتخطى في صراعاته الآخر، فنتبارى بعدد القتلى وحجم التفجيرات وكمية المؤامرات، ثم يأتي من يقول إن أنصار الأمركة هم وراء العرقنة واللبننة، وبأن العولمة تقضي بأن نستعير مآسي شعوبنا وآلامه، لتغدو بعض المصطلحات مخيفة في وقعها أكثر من فعل الحرب بحد نفسه.
واخيرا نتسائل هل هناك ثمة أمل لدى اللبنانيين في التخلص من هيمنة "حزب الله" على السلطة، في لبنان؟ وكذا الحال هل يمكن للعراقيين التخلص من احزاب الاسلام السياسي في العراق سيما وان هذه الاحزاب السياسية المتأسلمة والمليشيات المرتبطة بالنظام الايراني ستواصل حروبها للحفاظ على مكاسبها ونفوذها السياسي والأمني والاقتصادي من خلال الدفاع عن النظام السياسي المتهرئ في العراق ومنع سقوطه من قبل الشعب عبر موجات الانتفاضات و الاحتجاجات التي تشهدها اغلب المدن في لبنان والعراق... ناهيك عن ما يحدث من حراك في سوريا واليمن وواضح حقا ان ادارة بايدن في نهاية حقبتها ليست على استعداد لان تعدل مسارات سياسات اسلافها الكارثية في المنطقة وتحديدا في العراق ولبنان ؟هذا ما كشفته الاسابيع الماضية من احداث جسام في غزة وهي حبلى بالاحداث الاخطر والاهم الغير متوقعة والمفاجئة!!!!!!
1143 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع