سعاد عزيز
تحقيق بشأن الاعدامات الجماعية عام ١٩٨٨ في إيران
من أصعب المواقف والاوضاع التي تواجهها الانظمة الدکتاتورية والاستبدادية خلال حکمها هو کشف جرائم مروعة وغير عادية قامت بإرتکابها من دون وضع أي إعتبار للقيم والقوانين والمعايير الانسانية والقانونية والاخلاقية، وتظل هذه الجرائم تطل ککوابيس على رٶوس هذه الانظمة وتقض من مضجعها وتٶرقها حتى يأتي يوم دفعها ثمن تلك الجرائم.
جريمة إبادة 30 ألف سجين سياسي في إيران عام 1988، على يد نظام الملالي، من الجرائم البشعة المرتکبة من قبل هذا النظام بحق الانسانية وهي لازالت تطارد هذا النظام وتثير رعبه على الرغم من من کل محاولاته المستميتة من أجل إخفاء معالمها والتستر عليها بحيث إنه قد وصل به الحال في هذا المسعى المشبوه أن يقوم بتحطيم شواهد قبور ضحايا هذه الجريمة على أمل أن يبعدها عن الانظار وعن الاذهان، ولکن خاب ويخيب ظنه بهذا المسعى وبسياق فضع هذه الجريمة وکشف مدى وحشيتها ودمويتها للعالم، فقد أصدر معهد العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران، کتابا تحت عنوان" تحقيق بشأن الاعدامات الجماعية عام 1988 في إيران" تضمن تقريرا وافيا يقدم توثيقا شاملا لهذه الجريمة ضد الإنسانية، بناء على شهادات ناجين ووثائق داخلية وتقارير الأمم المتحدة. ويكشف الكتاب عن صدور فتوى مباشرة من خميني بإعدام السجناء المتمسكين بولائهم لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، دون محاكمة أو أدنى التزام بالمعايير القانونية.
الملاحظ من خلال مطالعة متأنية للکتاب إنه ليس مجرد تقرير، بل هو شهادة دامغة على واحدة من أفظع الجرائم السياسية في العصر الحديث، حيث لم تكن عشرات الكتب لتكفي لرواية ما جرى بحق أكثر من 30 ألف سجين سياسي تمت تصفيتهم جماعيا في صيف عام 1988 في سجون النظام الإيراني.
و يسلط التقرير التوثيقي الذي أعده "الدكتور طاهر بومدرا" (الخبير الحقوقي والرئيس السابق لمكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة بالعراق ومدير معهد العدالة لضحايا مجزرة عام 1988 في إيران) في عام 2017، الضوء على ما يعرف بـ"لجان الموت" التي تولت عمليات الإعدام، وعلى التورط المباشر لمسؤولين كبار في النظام الحالي ممن لا يزالون يشغلون مناصب رسمية. كما يوثق التقرير طمس الأدلة ودفن الضحايا في مقابر جماعية سرية.
إضافة إلى التوثيق، يطالب الكتاب الأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل، كما يذكر الدكتور بومدرا أن العدالة لا تسقط بالتقادم، مشددا على أن الصمت والتجاهل يشكلان إهانة لكرامة الضحايا، وأن العدالة يجب أن تأخذ مجراها ولا بد من المحاسبة، مهما طال الزمن.
إن هذا الكتاب ليس مجرد توثيق لحدث تاريخي، بل هو نداء حي من أجل الحقيقة، والعدالة، والذاكرة التي لا تموت.
800 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع