تراجيديا السلطة - الطغاة يجلبون الغزاة

فارس حامد عبد الكريم

تراجيديا السلطة - الطغاة يجلبون الغزاة

عرف الفيلسوفان أرسطو وأفلاطون الطاغية بأنه: (شخصٌ يحكم دون اللجوء إلى القانون، مستخدمًا أساليب متطرفة ومتوحشة ضد كلٍ من شعبه والآخرين).
بينما يقول مؤسس علم الاحتماع ابن خلدون:
ان (الطغاة لا يجلبون الخراب والاستبداد والفقر والتخلف فقط، بل يجلبون الغزاة أيضا، وربما يكون الغزاة أرحم منهم، وربما لفرط طغيانهم تضطر شعوبهم لطلب النجدة من الغزاة ليخلصوهم من طغاتهم).
ومنها قوله
حُكْمُ الطُّغَاةِ إلى الأعداء مَجْلَبَةٌ ** والظٌّلْمُ مِنْ قِدَمٍ للظُّلْمِ جَلَّابُ.
كيف يتحول الحاكم الى طاغية؟
افضل من وصف تحول الثوريين الى طغاة هو غابريل غارسيا ماركيز في رواياته المتعددة، مستعرضاً حياتهم وأفكارهم وكيف تغيروا تدريجياً تحت تأثير السلطة، وفي النهاية أصبحوا مثل أعدائهم القدامى ، طغاة بزي ثوري.
في الواقع هذه هي تراجيديا السلطة.
ويبدو ان هذا الامر يتكرر عبر التاريخ في كل مكان وزمان
قبل إعدام *دانتون بأمر من روبسبيير، صاح قائلا : «ها أنت يا روبسبيير تحولت إلى ديكتاتور!»
اكثر ما يزعج الطغاة هو وصفهم بالطغاة!!اذ انهم يعلنون انفسهم كمصلحين قال تعالى
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" (البقرة: 11)
الطاغية والحرب
الطاغية لايعيش بدون عدو محتمل يبرر وجوده ولذلك فإن كل الطغاة في كل العصور اشعلوا الحروب المتعاقبة
كان وجود هذا العدو الغازي، الفعلي أو المحتمل المُختلق ، ذريعة مناسبة لاستمرار الطغيان، على النحو الذي تنبه إليه شاعر الإسكندرية في العهد الإغريقي
**قسطنطين كانافيس حين قال في إحدى قصائده: “لأن الليل قد أقبل ولم يحضر
البرابرة / ووصل البعض من الحدود / وقالوا إنه ما عاد للبرابرة وجود /ماذا
سنفعل الآن بلا برابرة؟/ لقد كان هؤلاء الناس حلاً من الحلول” .
.........
* جورج دانتون: (1759 - 1794 ميلادية)
زعيم ثوري فرنسي ومحامي وخطيب بارع من زعماء الثورة الفرنسية وكان من ألمع محامي باريس.
ومن أقواله: "الشيء الوحيد الذي أندم عليه أنني سوف أعدم بالمقصلة قبل الحيوان الذي يُدعى روبسبييرو".
**استوحى الشاعر النص من حكاية فحواها أنه قد شاعت في المدينة أخبار أن البرابرة
قادمون لغزو المدينة، ومنذ الصباح الباكر لبس الحاكم أفضل ثيابه ووضع
نياشينه وانطلق على رأس وجهاء المدينة نحو الحدود بانتظار قدوم البرابرة
لمقابلتهم وصدهم، لكن حل المساء من دون أن يأتي البرابرة، حينها قال الحاكم
بأسى: “واأسفاه . . لم يأتِ البرابرة، فلقد كان في مجيئهم نوع من الحل” .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

757 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع