ومضات من نور في آداب ورقائق الحج المبرور

أحمد الحاج جود الخير

ومضات من نور في آداب ورقائق الحج المبرور

هاهي جموع المسلمين في أرجاء المعمورة كلها تهفو لتشد الرحال إلى الديار المقدسة ملبين ومهللين ومكبرين ومسبحين وعابدين وتائبين عسى أن يكون ذلك قريبا للجميع وما ذلك على الله بعزيز ، نعم لقد استبد الشوق بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لزيارة الحرمين الشريفين -المكي والمدني- وشد الرحال إليهما في مواسم الحج والعمرة للصلاة والإعتكاف والتهجد والتعبد والتضرع كما جرت عليه عادة المسلمين على مدار قرون ،وإنطلاقا من هذا الشوق الكبير أرسل لي أحد الإخوة الأحبة مقطع فيديو لأنشودة جميلة تتغنى بمكة والاسلام من قبل المؤدي الكندي من أصول باكستانية"عرفان مكي"وكان على الديانة المسيحية قبل أن يعتنق الإسلام ويتخصص بالإنشاد الإسلامي .

ومن رقائق رحلات الحج المبرور قصة المستشرق والفنان التشكيلي الفرنسي المعروف ايتيان دينيه ، فبعد رحلته إلى مكة المكرمة عام 1929 لأداء فريضة الحج وكان قد أشهر إسلامه وغير إسمه الى ناصر الدين دينيه ، ألف كتابه الشهير (الحج إلى بيت الله الحرام) ضمنه لوحات بريشته بينها لوحة الوقوف في عرفة ، ولوحة صلاة المغرب في الحرم المكي، ولوحة منظر عام للكعبة ، ولوحة جبل النور ، قائلا على صفحات كتابه وبين دفتيه "لقد تركت هذه الرحلة في نفسي انطباعات لم أشعر بما هو أسمى منها في كل حياتي. فلا أحد في العالم يمكنه أن يعطي فكرة عما شاهدته من جوانب هذه العقيدة الوحدانية من حيث المساواة والأُخوة بين الناس ومن مختلف الأجناس وكانوا مزدحمين الواحد الى جانب الآخر " ،أما عن المسجد النبوي الشريف فكتب دينيه "إن عجائب الأرض لا يمكن أن تقارن بمسجد الرسول ﷺ من حيث قوة الانفعالات وعمق الأحاسيس التي تنتاب الكائن أمام هذا الصرح العظيم " ليؤلف كتابا آخر عن سيرة النبي المصطفى ﷺ بالاشتراك مع أحد الكتاب الجزائريين بعنوان " محمد رسول الله "، ولله در القائل عن رحلة الحج المباركة :

يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي ..هَيَّجْتُمُوا يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي

سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي ..الشَّوْقُ أَقْلَقَنِي وَصَوْتُ الْحَادِي

ولا ريب فإن لكل شعيرة ومنسك في فريضة الحج وهي الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة ، من الجمالية والألق والدفق الإيماني الكبير وبما يخلب الألباب ما لن ينسى على مر العصور والدهور ، قال رسول الله ﷺ :" بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ؛ شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ ، وصومِ رمضان ".

و لكل شعيرة ومنسك في الحج معنى عميق ،وهدف سام نبيل ، ومقصد شريف ، بدءا من الطواف حول الكعبة عكس اتجاه عقارب الساعة تماما كما يدور كل شيء في هذا الكون بدءا من الالكترون حول نواة الذرة ،الارض حول مركزها ، القمر حول الارض ،الكواكب مع الارض حول الشمس ، الشمس بكواكبها حول مركز المجرة ،المجرات حول مركز الكون ، وكلها تدور عكس اتجاه عقارب الساعة في تسبيح وتوحيد وتسبيح كوني رائع ومتواصل ومنتظم خلاصته ما جاء في محكم التنزيل : " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ،وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ " .

وصولا الى الثياب البيض غير المخيطة وغير المعطرة - ثوبا الإحرام - فهذان ينهيان التمايز الطبقي ، ويذيبان الفوارق الاجتماعية ، ويمحوان النظرة القطرية والعنصرية والقومية الضيقة ويجعلانك لا تعلم حقيقة وانت وسط الجموع البيضاء من هو الأمير ومن هو الحقير، من الغني ومن الفقير،فالكل هاهنا سواسية كأسنان المشط يرتدون زيا واحدا يشبه - الكفن - مذكرا إياهم بالموت ونهاية الرحلة الدنيوية القصيرة مهما طال العمر ولابد من الاعداد والاستعداد لها كما ينبغي لها أن تعد.

ومن روائع الحج ورقائقه ماحدث لزعيم المسلمين الزنوج في أمريكا ، فعندما ذهب الى مكة حاجا عام 1964،ولبس الاحرام الابيض عقدت الدهشة لسان الداعية مالكوم اكس ، وقد سبق رحلته الى الديار المقدسة بإشهار إسلامه وتغيير اسمه الى " مالك شهباز "،هذا الزعيم الكبير الذي وقف ندا ضد سياسية التمييز العنصري في بلاده ،ذهل يوم وقع بصره على وحدة الصفوف وعلى حجم الألفة والمحبة بين مختلف الاجناس والأعراق في رحلة الحج المباركة ، حيث لا فرق بين أسود ولا أبيض ، ولا بين أحمر ولا أصفر إلا بالتقوى فقال قولته الشهيرة :"في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها" .

وأنوه الى أن لون اللباس الأبيض وكما يقول علماء النفس هو من أفضل الألوان ،مؤكدين بأن من يفضل اللون الأبيض يتميز بالقلب الطيب والإخلاص والصدق وهو رمز للنقاء والصفاء والطهارة والسلام والحب، ولذلك يرتديه الأطباء والممرضون وتطلى به المستشفيات ومراكز العلاج الطبي حول العالم ، وفي استحباب لبس البياض قال رسول الله ﷺ" البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم وإن خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر" ولله در القائل في ليس الإحرام الأبيض :

وصرنـا كأموات لـفـفـنـا جسومنـا..بأكـفانـنـا كـل ذلـيـل لـمـولاه

لعل يـرى ذل الـعـباد وكسرهـم..فـيـرحـمهم رب يـرجـون رحماه

الحقيقة لقد أعجبني جدا رأي الدكتور مجدي عاشور، في قضية السبعة بمناسك الحج ، حيث الطواف بالكعبة سبعة أشواط ،والسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط ،ورمي الجمرات سبعا قائلا ،أن " تكرار رقم سبعة في مناسك الحج كأنه رسالة بأن كل شوط أو حصوة يسد بابا من أبواب جهنم السبعة لقوله تعالى (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُوم)" وكأنه يرمي النفس الأمارة بالسوء + شياطين الانس + شياطين الجن وهؤلاء الثلاثة هم أعداء الانسان طوال سني حياته في ثلاث رميات "الصغرى، والوسطى، والكبرى" في كل مرة بسبع حصيات يكبر فيها ربه وهذه كلها بمثابة محاكاة لأبرز ما في الكون وسننه فأيام الأسبوع سبعة أيام ، ألوان الطيف الشمسي سبعة ، السماوات سبع ، الأرضين سبع ، سورة الفاتحة هي السبع المثاني ،الموبقات الأخطر سبع ، السجود في الصلاة يكون على سبعة أعظم ، السلم الموسيقي يتألف من سبع درجات نغمية أساسية ، كما إن الرقم سبعة لايقبل القسمة وليس له جذر تربيعي !

ومن رقائق الحج ما حدث مع بطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل ثلاث مرات مايك تايسون ، وكان قد أشهر اسلامه وغير اسمه الى مالك عبد العزيز، يوم وقف في رحلة العمرة باكيا أمام قبر الرسول الكريم ﷺ لمدة ساعة ونصف كاملة وهو يتأمل ويذرف الدموع على الخدين مدرارا ، قائلا " لن أنسى ما حُييت تلك اللحظة التى شعرت فيها بحالة من الهدوء النفسي لم أشعر بها من قبل، وما زلت أذكر لحظة وقوفي في حضرة النبى الكريم ﷺوصلاتى فى الروضة الشريفة"، وذلك على خطى أستاذه بطل العالم السابق كاسيوس مارسيلوس كلاي ، الذي أشهر إسلامه وصار اسمه محمد علي كلاي ، وكان قد ذهب الى العمرة ونطق الشهادتين هناك ، وكان المطوف المعروف بـ" مطوف المشاهير " جميل سليمان جلال ، قد قال عن تلك اللحظة الفارقة " لقد كان كلاي كثير التأثر والبكاء عندما شاهد الكعبة المشرفة " ولله در القائل :

يا خير من دُفِنَتْ بالقاع أعْظُمُهُ.. فطاب من طيبهن القاع والأكم

ولم يختلف الحال مع الدكتور المجري جيولا جيرمانوس ، الذي أشهر اسلامه وغير اسمه الى عبد الكريم جيرمانوس ، ليؤلف كتابه الشهيرعن الحج بعنوان " الله اكبر " بعد رحلته بمعية زوجته التي اشهرت بدورها اسلامها ليحجا سوية فقال من جملة ما قاله عن الاسلام "وليس في تعاليمِ الإسلام ما لا يُمكِن تحقيقُه عمليًّا، وهي معجزة عظيمة يتميَّز بها عن سواه؛ فالإسلام دينُ الذهن المستنير، وسيكون الإسلام معتقد الأحرار..أنه دينُ الطُّهر والنظافة والسلوك الاجتماعي، والشعور الإنساني".

كذلك الحال مع الدبلوماسي والمفكر الالماني الرائع الدكتور ويلفريد هوفمان،الذي اشهر اسلامه وغير اسمه الى ، مراد هوفمان ، حين ذهب الى رحلة الحج العظيمة وحج مرتين واعتمر سبع مرات وألف كتابه المدهش (الرحلة الى مكة) واصفا يوم عرفة وهو خير يوم طلعت عليه شمس والذي قال فيه رسول الله ﷺ : "ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبدًا من النار، من يومِ عرفةَ، وإنَّهُ ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكةُ، فيقول: ما أراد هؤلاءِ ؟" ، ويذكر هوفمان في كتابه المترجم الى عدة لغات عالمية ،إن "ملايين من الناس يتشحون بأكفان، ويتركون في هذا اليوم كل شيء وراء ظهورهم فوجودهم اليوم مكرّس لله وحده يتوقّعون موتهم، يصلون ويتضرعون في خشوع ويقين لم يحدث من قبل، ولن يحدث في الغالب من بعد".

وكيف لا يكون ذلك وقد قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ :" الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ".

وقال ﷺ : "مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث، ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه"،وقال ﷺ :"عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجة أَوْ حَجَّةً مَعِي ".

ولله در القائل عن رحلة الحج المبرور :

يـقــولُ عبـــادي قــد أتـونـي محبةً .. وإنــي بهم بــــرُّ أجـــود وأكـــــــرمُ فأشـهـدُكــم أنـي غــفــرتُ ذنـوبهــم .. وأعطــيـتـهـم ما أمَّــلـــوه وأنـعـــمُ فـبـُشـراكُـم يـا أهل ذا الموقـف الـــذي .. به يغـفـرُ الله الــذنـوبَ ويـرحــمُ

المخرج الاميركي مايكل وولف، وهو من عائلة يهودية وبعد أن اشهر اسلامه أخرج فيلما وثائقيا عن الحج بعنوان "أمريكي في مكة " قبل أن يؤلف كتابين عن رحلة الحج ، الأول بعنوان " رحلة أمريكي إلى مكة" والثاني "ألف طريق إلى مكة"، ومن ثم أخرج فيلما وثائقيا عن سيرة النبي محمد ﷺ، ويقول عن ذلك كله" الإسلام يمحو الفوارق المادية والعنصرية التي تسيطر على العالم ..وبما أني من المولعين بالترحال فقد كان وقت الرحلة الأهم في حياتي بعد إسلامي هي زيارة مكة المكرمة وكان ذلك في شهر رمضان وأعددت لتغطية الحج وتقديمه للعالم من خلال أشهر القنوات الفضائية لتصل الصورة إلى العالم الغربي وإلى غير المسلمين".

فـفــي ربـعـهم لله بـيـت مـبـارك ..إليـه قلوب الخلق تهـــوى وتهـــواه

يـطـوف بـه الجـانـي فـيـغـفر ذنبـه ..ويـسـقط عـنه جــرمه وخطـايـاه

ومثلهم فعل الإعلامي والمفكر النمساوي الشهير ليوبولد فايس الذي أسلم عام 1926 وغير اسمه الى " محمد اسد " وكان يهوديا ، حيث ألف كتابا بعنوان "الطريق الى مكة"قال فيه "إن شعوري لم يكن قط قويا كما كان الآن أمام الكعبة "،ولله در القائل :

إلـيــك إلــهــي قــد أتـيـت مُـلـَبـيـاً...فـ بارك إلهي حـجـتـي ودعائيا

قـصـدتــك مـضطـراً وجـئـتـك باكيًا ...وحاشاك ربـي أن تـرد بـكائـيا

نصائح للتنبيه وليست فتاوى لحجاج بيت الله الحرام !

لا شك بأن حجاج بيت الله الحرام ولاسيما أولئك ممن يحجون ويعتمرون للمرة الأولى في حياتهم فإنهم قد يقعون ببعض الأخطاء ،أحيانا جهلا بآداب الحج وأحكامه ومحظوراته ،وأخرى سهوا، وبعضها عمدا وفي جملة النصائح التي سنوردها آتيا سنحاول من خلالها مع بعض اللهجة الدارجة أن نلفت انتباههم الى بعض ما لابد من تجاوزه،أو الالتزام به ليعود أحدهم بحج مبرور ،وبذنب مغفور ، وسعي مشكور ، وتجارة لن تبور :

-أخي الحاج لا تنشغل بقضايا الطعام والشراب مطلقا ،فمعظم اللغط واللغو في رحلات الحج يدور حول الطعام ، كما أو نوعا ، وجودا أو عدما !

- الذهاب الى منى في الثامن من شهر ذي الحجة، وهو يوم التروية ،والمبيت فيها وإن كان ليس بواجب - أعني المبيت - إلا أنه أفضل من العودة الى مكان الاقامة أو الفندق ليلا والاشتغال بالقيل والقال وكثرة السؤال واضاعة المال .

- عدم مقدرتك للوصول إلى الحجر الأسود لتقبيلة من شدة الزحام لا يعطيك الحق بالتدافع بغية الوصول اليه،حسبك الاشارة والتكبير .

- لا تشغل نفسك أبدا بالثرثرة والخصام والمراء والجدال واللغو لأنك إن فعلت ذلك فستضيع عليك أجرا عظيما لن يتسنى لك في قابل الايام وربما طوال سني حياتك - دع التسوق بعد الانتهاء والفراغ من المناسك كاملة وأجل تسوقك الى اليومين الأخيرين قبل العودة الى بلدك ، ولكن أن تقضي حجك جله في الأسواق ومنذ اليوم الأول - واكفه - الأمر الآخر هو أن معظم ما ستتبضعه عبارة عن بضاعة صينية وتايوانية ولا سيما الدشاديش والسبح والطاقيات والسجادات، وكلها موجودة في بلدك وبسعر موازي وربما أرخص ثمنا ..عن العراق هاهنا أتحدث حصرا !

- عندما تفقد أحد - دبات - ماء زمزم في الفندق أو الحافلة أو المطار وانت في طريق العودة فحاول أن لا توزع الاتهامات على عواهنها جزافا لتتهم بعض أو كل من حولك ، فأما أن تشتري أخرى وأما أن تكتفي بواحدة ..وأبوك الله يرحمه ، ولا تضيع أجر حجك ،رحمه لأهلك !

- لا تلتزم كثيرا بالذهاب والاياب مع ثلة من رفاق الحج إلا للضرورة ،واترك التقيد الزمني والمكاني للظروف الموضوعية لأنكم ستهدرون أوقاتكم بالنقاش والجدال والملامة والعتاب نحو " احنه مو متواعدين يم باب أجياد ...شوداك يم باب السادة ..بله هو هذا حجي ؟! " وليكن اتصالك بالخالق وحده فحسب .

- لا تنشغل بالتقاط وارسال عشرات السيلفيات والصور اليومية ...حسبك صورة واحدة للذكرى في كل منسك وشعيرة ، صورة واحدة في منى ، واخرى في عرفة ، وفي مزدلفة ، و عند رمي الجمرات ، و عند الطواف والسعي بين الصفا والمروة ، كذلك في مسجد قباء ،و جبل أحد ، ومسجد القبلتين،اضافة الى صور في المسجد النبوي.

- اياك والنعرات الطائفية و القومية والقطرية والاثنية ،ولاتشغل نفسك بوفود بقية الشعوب والدول نحو " دير بالك على جيبك من الافارقة ...عطر الهنود والبنغلاديش يلعب النفس ...طعام اليمانيين فاهي ...شوف الاتراك شكد حلوين...باوع الايرانيين شديسون..انظر الى الماليزيين والصينيين ما اقصرهم ..انظر الى الأفغان ما أطولهم ...انظر الى الخلايجة ما أسمنهم ...انظر الى البوسنيين والألبان ما أبيضهم ..." يا أخي انت هنا للحج والعمرة ، أم لتقييم طعام وعطور وأداء وجمال ورشاقة وطول أو قصر الأمم والشعوب ؟!

- اياك وما يسمى بالحيل الشرعية والتزم بمناسك وشعائر الحج الصحيحة كاملة وغير منقوصة ومن غير – بدع ولا فيكات - شخصية كانت أم اجتهادية .

- إذا كان في الغرفة المشتركة التي تضم 4- 6 اشخاص على الاقل - وسيكون - أحد الحجاج وهو يشخر أثناء النوم وبصوت عال فلا تحول الموضوع الى قضية رأي عام لتشهر بالرجل و تغتابه صباح مساء ...عيب !

- إذا كنت مصابا بالامساك المزمن فدع الجميع يفرغون من - التواليت - ومن ثم ادخل آخرهم أو - وهذه مجربة - استعمل الحمامات خارج مكان الاقامة والسكن وفي غير أوقات الصلاة لأنك إن دخلت أولهم أو في توقيتات قريبة من موعد الصلاة فستتعرض لضغط نفسي كبير يسبب لك ازعاجا أنت في غنى عنه .

- لاتهدر مالك في المطاعم باهظة الكلفة وانصح بالفطور في مطاعم البنغال أو اليمانيين أو الباكستانيين ( رخيصة ومقبولة ) ...أما الغداء ففي مطاعم المصريين أو السودانيين ، وأما العشاء ففي مطاعم الطاجيك والأوزبك " لذيذة رخيصة وقريبة من طعام العراقيين والسوريين" أما أن تتناول سائر طعامك يوميا في " دجاج البيك ،وستيك هاوس ، والعوالي ، والرحاب ، والمطعم التركي ...وكبسة سعودية ..منسف أردني ..طواجن مغربية " ففي هذه الحالة حبيبي وتاج راسي " يرادلك مصرف الرافدين!".

- لا داعي للتزاحم على الحمامات وغسالات الملابس ويفضل تقسيم الأوقات بين نزلاء الغرفة الواحدة بالتعاقب ولا ضرر ولا ضرار .

- لا تبدل العملة الاجنبية التي معك - الدولار- الا من مكاتب الصيرفة المعتمدة حصرا .

- إذا كان في الغرفة معك من يحتاج الى المساعدة - من كبار السن ،أو من اصحاب الاوزان الزائدة أو المعاقين فساعده وادفع كرسيه المتحرك بنفسك فكل دعوة يدعوها لك أثناء الطواف والسعي سينالك نصيبها أضعافا مضاعفة .

- لايفوتنك اطعام حمام الحرمين "المكي والمدني" ما أمكن لك ذلك اضافة الى توزيع الطعام الزائد عن الحاجة بين عمال النظافة والخدمة وحجاج الدول الفقيرة .

- رمي الجمرات - ليست معركة حجارة - فاحرص على أن لا تتدافع ، وأن لا ترمي الجمرات من مسافات بعيدة وبطريقة متشنجة وكأنك في معركة حامية الوطيس .

- لقد أفسد كثير من السياسيين عليك حياتك منذ أن ولدتك أمك ، فلا تقحمهم في حجك لتفتح مواضيع سياسية غير مجدية ليلا ونهارا نحو "سمعت فلان ماذا قال ...هل علمت بعلان ماذا فعل ؟!"لأن مثل هذه المواضيع ستوغر الصدور ، وستؤلب القلوب ، وتثير المواجع .

- احرص على المشي في كل الشعائر أكثر من الركوب إذا كنت قادرا عليه فإنه وفضلا على أجره وثوابه الكبير وكونه مفيد للصحة ويعمل على تخفيض الضغط والسكري وحرق الدهون ،فإنه سيخلصك من الازدحامات المرورية الخانقة التي قد تدفعك الى التوتر وربما الثرثرة.

- عندما تضل الطريق أو تفقد من برفقتك لشدة الازدحام فلا تقلق ولا تتوتر فالعلامات والاشارات والمكاتب الإرشادية في كل مكان ، اتبعها وستصل الى أي مكان تريد الوصول إليه بمعنى " ما راح تضيع لتسجل في عداد المفقودين ، اطمئن ولا تقلق " .

- تكليف الحج بالنيابة لمتوفى أو عاجز من الأقارب المقربين كذلك نحر الاضاحي يجب أن يكون من خلال المكاتب المجازة والشركات المعتمدة والموثوقة حصريا .

- إذا نسيت أين وضعت حذاءك أو نعليك بعد الخروج من الحرم ما أسفر عن فقدانها لهذا السبب أو ذاك فإنه أمر طبيعي جدا ولا داعي للقلق والشعور بالإحراج ،اذهب الى أقرب محل لبيع الاحذية واشتر - شحاطة - جديدة ورخيصة وانتهى الموضوع وحاول أن لاتحولها الى قصة عنتر،أو الى حكاية أبو القاسم الطنبوري ،وتذكر بأن اللغو والجدال والخصام في الحج من الأمور المنهي عنها !

- الالتزام بالتوقيات والمواقيت مهم جدا في كل مناسك الحج "ولا يوجد شيء كيفي أو مزاجي أو اجتهادي ، فالخروج من منى بعد الشروق = بعد الشروق ، الخروج من عرفة بعد المغرب = بعد الغروب ، الخروج من مزدلفة قبل الشروق = قبل الشروق ،المبيت في منى في أيام التشريق " أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة " يعني المبيت هناك إلا لمن له عذر شرعي،

فلاتحاول أن تأتي بشعائر ومناسك جديدة ، أو لا أصل لها في الشريعة الغراء على الاطلاق لأن بعضها وربما كلها قد تفسد عليك حجك ، ولأن بعض الهفوات والأخطاء عليها كفارات مالية أو بدنية قد لا تتحملها ولا تطيق صبرا لأدائها ولن يشفع لك قولك " تره ما أدري .. هاي مو آني ..أشو ما كالولي ...جماعتي ورطوني !!" .

- احرص على الدعاء الطيب والصادق بظهر الغيب للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والاموات .

ولقد أبدع محمد بن جميل زينو، في كتابه ذائع الصيت" كتاب صفة حجة النبي " باستعراضه أجمل القصائد التي قيلت في شعائر ومناسك الحج والعمرة ، ومنها واضافة الى بعض ما ذكرناه سلفا :

وما زال وفد الله يـقـصـد مكة ..إلى أن بدا البيت العتيق وركناه

فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا..وكبرت الحجاج حيـن رأيناه

مختصر المنهج في العمرة والحج

في هذه الفقرة سنطلع على مختصر منهج الحج والعمرة وكما ورد في بطون الكتب والكراسات التعريفية، فالحج فريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة، وشعيرة من شعائره سبحانه ، قال الله تعالى فيه :((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) ، ويقول النبي ﷺ (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) .

والحج على ثلاثة أنواع ، إفراد وقِران وتمتع ، والتمتع هو الأشهر والأيسر على الناس في الحج وهو الغالب على حجاج العراق ،و ميقاتهم هو - ذات عرق – على بعد 94 كم من مكة المكرمة فإذا أحرم الحاج يقول (لبيك عمرة)، ويسن للرجال رفع الصوت بالتلبية خلافا للنساء ، مرددين : "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك" ليتوقف المعتمر عن التلبية عند البدء بالطواف.

وتبدأ العمرة بالإحرام من الميقات ويستحب معها الاغتسال وتطييب البدن مع التجرد من المخيط ولبس رداء وإزار أبيض علماً بأن الشمسية والنظارة والحزام والخاتم والساعة كل ذلك جائز للمحرم .

وأما المرأة فإنها تغتسل وتلبس ما شاءت شريطة توافر شروط الحجاب في اللباس ولا تتبرج بزينة ولا تتطيب ولا تتشبه بالرجال، وليس ثوب المرأة للإحرام محدد بلون معين.

أما عن محظورات الإحرام فتتمثل بحظر إزالة الشعر، تقليم الأظافر، استعمال الطيب، قتل الصيد البري ،لبس المخيط للرجال وهو المفصل على البدن كالثوب والفانيلة والسروال والبنطلون والجورب، أما ما فيه خياطة ولم يكن مفصلاً فلا يضر كالحزام أو الحذاء أو الساعة، ومن المحظورات تغطية الرأس أو الوجه بملاصق كالغترة والعمامة والقبعة ويجوز الاستظلال بالشمسية والخيمة والسيارة.

أما عن الطواف وإذا ما وصلت إلى المسجد الحرام فقدم رجلك اليمنى ثم إبدأ بالطواف من الحجر الأسود واستقبله وقل(الله أكبر) واستلمه بيمينك وقبله وإلا فلا تزاحم الناس وأشر إليه بيدك مرة واحدة ، تفعل ذلك بداية كل شوط، ثم الطواف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يسارك ، وترمل في الأشواط الثلاثة الأولى وامش في الباقي (والرمل = سرعة المشي مع تقارب الخطا) مع الاضطباع في الأشواط جميعاً ،والاضطباع هو جعل وسط الرداء تحت العاتق الأيمن مع جعل طرفيه على العاتق الأيسر ، ويسن أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" و تشترط الطهارة لصحة الطواف ، حتى إذا انتهيت من الطواف غط كتفك الأيمن واذهب إلى مقام إبراهيم عليه السلام واقرأ قوله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) ويسن للحاج أن يصلي ركعتين خلف المقام ويسن بعدها الذهاب إلى زمزم للشرب منه والدعاء .

أما السعي بين الصفا والمروة فيكون بسبعة أشواط يسرع فيها الخطى بين العلمين للرجال دون النساء ، فإذا وصلت إلى المروة فاستقبل الكعبة وقل كما قلت على الصفا وهكذا تصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط آخر حتى تكتمل الأشواط السبعة ونهايتها تكون بالمروة ويسن خلال السعي الاكثار من الذكر والدعاء .

- إذا انتهيت من السعي فاحلق شعرك أو قصره، ولا يكفي تقصير بعض الشعر بل لا بد من تقصير شعر الرأس أو أكثره ، وأما المرأة فلا تحلق وإنما تقص من كل ظفيرة من شعرها قدر رأس الأصبع ليتحلل المعتمر من إحرامه بعدها وبه تتم عمرته .

وأما أعمال الحج فتبدأ في اليوم الثامن من ذي الحجة" يوم التروية " ويستحب للحاج أن يغتسل قبل إحرامه، ويسن الإحرام بالحج قبل الزوال، قائلا "لبيك حجا" في طريقه الى منى للمبيت بها ليلة التاسع وعدم الخروج منها إلا بعد طلوع الشمس ليؤدي فيها خمس صلوات قصرا ولكن من دون الجمع .

أما اليوم التاسع من ذي الحجة فيسير الحجيج إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ومن ثم النزول بنمرة إلى الزوال إن تيسر ذلك، ليؤدوا صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً (جمع تقديم) و يستحب للحاج في هذا الموقف العظيم أن يجتهد في ذكر الله تعالى ودعائه والتضرع إليه ولاسيما عند الوقوف على جبل عرفة حتى غروب الشمس،اضافة الى الإحسان إلى الحجاج بسقي الماء وتوزيع الطعام إن تيسر له ذلك .

وعند السير من عرفة إلى مزدلفة بعد مغيب الشمس وأداء صلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين قبل أن يحط الحاج رحله ليبيت بمزدلفة ويبقى فيها حتى أداء صلاة الفجر .

ومن أعمال يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة الذهاب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس لرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبة يرفع يده عند كل حصاة ويكبر، اضافة الى ذبح الهدي، وحلق شعر الرأس أو تقصيره ، والحلق أفضل، أما المرأة فتقصر من كل ظفيرة قدر أنملة، ليباح للمحرم بعد الحلق والتقصير كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويسمى "التحلل الأول" ويسن للحاج خلالها بالتطيب قبل التوجه إلى الكعبة ليطوف بها طواف الإفاضة مع السعي بين الصفا والمروة.

أما أيام التشريق وهي أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة فمن أعمالها رمي الجمرات الصغرى والوسطى والكبرى بسبع حصيات والتكبير عند كل واحدة منها، ثم المبيت بمنى ثم طواف الوداع وهي آخر أعمال الحج وتقبل الله تعالى من جميع الحجاج والمعتمرين ، وكتبها الله تعالى لكل المتمنين والمشتاقين .

أودعناكم اغاتي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

967 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع