فوبيا القطة السوداء

سالمين غريب دوحي


فوبيا القطة السوداء

احتلت القطط بكل أنواعها والوانها منزلة رفيعة عند قدماء المصريين. فحميت بقانون من الأذى والموت فظل القط الحيوان المدلل يحظي بإعجاب الناس وعنايتهم. تعتبره العائلة كأحد أفرادها ــ مهما كانت غنية اوفقيرة ــ وكانت تعتني بجثمان القط الميت عناية رفيعة فتكفنه بقماش کتان وتضعه في صندوق مصنوع من المواد النفيسة مثل الخشب النادر الوجود في مصر. لقد اکتشف العلماء مقابر کاملة لقطط محنطة. ولاحظ المصريون أن القطط تقاوم العديد من السقطات المميتة. فاعتقدوا أن لها (تسعة أرواح). عمت شعبية القطط الكثير من الحضارات وتظهر کتابات ترجع الى (الفي عام) دورالقطط في حياة الشعبين الهندي والصيني ففي عام (500 ق م)

احتفظ (کونفو شيوس) الفيلسوف الصيني الشهير بقط محبوب لديه. وخطب الرسول (ص) ذات مرة فيما كان هنالك قط يداعبه بيده . بدأ اليابانيون أيضاً بالاحتفاظ بالقطط في معابدهم لحماية المخطوطات المقدسة
في بريطانيا
اعتبر مرور القط أمام شخص في تلك الفترة مؤشرا ً للفأل الجيد لکن فيما بعد ظهر الخوف من القطط وخصوصاً السوداء وذلك في العصور
الوسطي في أوربا وخصوصاً في بريطانيا. وکان من صفات القطط العناد والتسلل والسرقة. وكانت أعدادها كثيرة. ولكثرة خوف الناس منها زاد الأمر سوءا مع انتشار موجة السحر في أوربا ولجوء العجائز مع قططهن السوداء الى ممارسة السحر الأسود . ويروي أحد السجلات البريطانية قصة تقليدية توضح الاعتقاد الذي ساد آنذاك في ستينات القرن السادس عشر : ارتعب أب وابنه في أحدى الليالي غير المقمرة عندما اندفع أمامهما مخلوق صغير إلى فجوة في الجدار فقذفوا بالحجارة في الفجوة،وإذا بقط اسود مفزع ينطلق منها كالسهم متجها صوب منزل امرأة يعتبرها من أهل البلدة ساحرة. وفي اليوم التالي التقى الأب وأبنه بالمرأة في الشارع. کان وجهها مخدوشا وذراعها مضمدة بالأربطة وتعرج في سيرها !
ومنذ ذلك الحين عدّ سکان البلدة كل القطط السوداء ساحرات متنکرات بزي ليلي. واستمر الاعتقاد وانتشرت فكرة الساحرات للواتي يحولن أنفسهن قططا سوداء بغية التجول المموه في الشوارع وأصبح اعتقاداَ راسخا آنذاك. وبتلك الطريقة المزعومة أنقلب الحيوان الذي كان محبوباً
مبجلا الى مخلوق محتقر باعث على الخوف. وقد حاولت مجتمعات عدة القضاء على القطط ودفعها الى الانقراض في العصور الوسطي. لقد بلغ السحر حدا جعل الكثيرين يعانون من (جنون الارتياب) وهو الشك الشديد حيث واجهت بعض النساء البريئات وقططهن المسالمة حتوفهنّ بالإعدام. ، كما وضع الطفل الذي يولد بعينين براقتين ووجه جميل وشخصية مبكرة النضج قرباناً لخوف الناس من أن يکون رهينة لروح قد تصبح بمرور الزمن ساحرة في النهار وقطة سوداء في الليل ؛ وأحرقت في فرنسا ألاف من القطط شهريا حتي جاء الملك (لويس الثالث عشر ) في ثلاثينيات القرن السابع عشر وألغى ذلك الإجراء . ولا زالت الناس ــ الى يومنا هذا ــ تخاف من القطط السوداء معتقدة بأنها من الجن أو أن الجن يتلبس القطط السوداء. ومن عجائب المخلوقات ان القائد االجسور (نابليون بونابرت) كان يخاف من القطط السوداء بينما كان الاسد ملك الغابة يخاف من الديك الابيض والذئب المفترس الغدار يخاف من الكلب رغم أنه من نفس فصيلته. اما الفيل الحيوان الضخم المرعب فيخاف من النحلة، وهكذا کان الرعب من القط الأسود ينتقل من جيل إلى جيل والى يومنا هذا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

686 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع