بعض الناس يهوون قصقصة أجنحة العصافير وإعاقة انسياب الأسماك في الماء..وهناك من يهوى تكميم الأفواه.. وبعضهم يريد تعطيل المخ وإلغاء التفكير، وآخرون يكرهون الفرح، بل ويدعون الناس للكآبة والتجهم، وتحميلهم بؤس العالم.
عداء مستمر للكلمة، الضحكة، الموسيقى، البراءة، العفوية، الغضب من الورود وتفتحها، من الأنهار وجريانها، من الحقيقة ومحاولة حقيقية لحجبها بالجهل والتخلف.
ما الذي أودى بنا إلى هذا الحد من ابتكار القباحة والاستياء من الجمال؟ هل لأن الإنسانية وصلت إلى مدى لا يمكن أن يطيق فيه بعضنا البعض؟ ألا تكفينا كوارثنا الطبيعية و«غير» الطبيعية؟ ألا تكفينا المجاعات، الحروب، الزلازل، الصواعق، الدمار، وخراب الديار؟ ألم نشبع من القتل والفتن والتفرقة العنصرية والفئوية والدينية والثورات والثورات المضادة؟ ألم نشبع من محاولات تكميم أفواهنا من مدرسينا، محامينا، إعلامنا، نوابنا وحكوماتنا ؟كل يريد حجب النور عنا، حتى الكتب يريدون تقنينها، ويختارون لنا كـ «قُصّر» ما نقرأ وما لا نقرأ. وهاهم يحاولون ويفتون ويحجبون ويمنعون، وهم يعلمون جيدا اننا نقرأ كل ما نريد وفي أي وقت نريد بمجرد «كبسة زر».
هناك من يكره النجاح لقريب أو زميل، ويعتصره الحسد كلما سمع كلمة مديح بحق غيره، ويعتبر أن نجاح الآخر علامة على فشله، فيقلل من شأنه كي يعلو. يتمنى لك الفشل متخيلاً أن ذلك سيحقق له التفوق. وثمة أناس، يعطونك انطباعاً أنهم ولدوا لكي يتعذبوا، وان لم يفعلوا قاموا بتعذيب غيرهم. بينما آخرون تسلقهم الدنيا بمصائبهم وتشويهم بآلامها، لكنهم يجدون ثغرا لكي يبتسموا وفسحة لكي يضحكوا وبارقة أمل لكي يأملوا.
كم واحدا فينا، فكر في تهذيب نفسه «الأمارة بالسوء»، لكي يعطي ولا يأخذ، يمنح ولا يغتصب، ينتزع منها كل علامات الضغينة الموجهة ضد الآخر؟ فالرفعة ليست بتقليل شأن الآخرين، والسمو حينما يكون لك دور ايجابي في الحياة. هذه الحياة، مسرحنا الذي نقف عليه جميعا، من يؤد دوره بامتياز فسيحصل على الاستحسان عاجلا أو آجلا. لا تضيّعوا أيامكم بالحسد والكراهية، فهي علامات تسحبكم إلى الأسفل، إلى منحدر من الصعب بعده انتشالكم منه.
قد لا تكون الحياة عادلة، وهي كذلك في حالات كثيرة، إلا أن مواجهتها، لا تكون بصبّ نار الغضب على الآخرين، لأنهم ليسوا طرفا وربما هم ضحايا مصادفاتها الغريبة. لست ملاكا ولا أطلب من احد أن يكون ملاكا وحمامة سلام، لكن دعونا نحاول أن نكون منسجمين مع الواقع وما يحيط بنا، فالكره طاقة كبيرة وسلبية لن تحسّن وضعنا بل تدهوره أكثر.
لنجرب البذل والعطاء والكرم في كل شيء: الابتسامة، الكلمة الحلوة، الصدق، الصدقة، المعرفة .. وغيرها من عناصر وجودنا الإنساني وبعدها يمكننا محاكمة الآخرين لتتبينوا إن كان الكره بالفعل يمنحنا الهدوء والطمأنينة والسلام.
904 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع