الأسود الجميل
Silkesvarten
Black Beauty
ذكر المهر الصغير: أول مكان أتذكره هو مرج (مرعى) كبير مع قليل من الماء.
ومجموعة من الأشجار الظلية المنحنية على الماء، وقد نبت القصب وزنابق الماء في الجزء العميق (نوع من الازهار متنوعة الألوان).
تحد مرجنا أراضي زراعية من إحدى النهايات، وفي الجهة الثانية يوجد البيت الذي يسكنه سيدنا.
وأنا أذهب الى المرج مع أمي، وأحصل على الحليب
لما بلغت العمر المناسب لأتناول الحشيش، توجب على أمي أن تعمل النهار كله،
لكن في الليل أنام قريبا منها.
توجد ست مهور في مرعانا، جميعهم أكبر مني. البعض منهم كبير تقريبا بحجم الخيول البالغة.
لقد عشت بمتعة كبيرة مع هذه المهور، وتعودت على الجري حول المرج بسرعة جنونية.
...
يحدث أيضا أن نتعارك، نعض ونرفس بعضنا البعض. وفي أحد الأيام أخذتني أمي على جنب
" المهور هنا طيبة، لكنها خيول عمل وتنقصها تشكيلتنا
فأنت من دم نبيل".
أنك لم تراني يوما ما أعض وأرفس. أتمنى أن أراك تكبر، وتصبح حصانا جيدا.
عليك أن تعمل بجهد، وترفع حوافرك عاليا عند الجري، ولا رفس أو عض أبدا، كذلك لا لعب من الآن.
....
أنا لم أنسَ أبدا هذه الكلمات، وأنا أدرك بأن أمي فرس حكيمة فقد وضعها سيد المرعى في مكانة عالية.
كان إسمها (دوجيس)، لكن كان لها ألقاب أخرى.
كان سيدنا جيد ولطيف.
كان يقدم لنا الكثير من الطعام، ويتأكد من أن الإصطبل نظيف دائما.
وعندما يتحدث إلينا يستخدم نفس النغمة الحنونه التي يستخدمها مع أطفاله.
جميع الخيول تحبه، بالرغم من إني أظن بأن أمي وأنا من المفضلين عنده.
مرت عدة سنوات، كبرت وأصبحت جميلا وقويا.
لون شعر جسمي أسود ولامع، وعندي رقعة وعلامة بيضاء صغيرة في الجبهة.
سيدي سوف لا يبيعني حتى يبلغ عمري أربع سنوات.
لقد قال بأن الخيول الفتية يجب أن لا تعمل مثل بقية الخيول لحد ما يكونوا بالغين.
...
حين أقتربت السنة الرابعة لميلادي، جاء مالك الأرض (كوردون) ليلقي عليٌ نظرة.
لقد فحص عيني وفمي وساقي.
لذا كان علي أن أمشي وأهرول وأجري أمامه.
قال بأنه يحتاجني على وجه السرعة، وأنا أصبحت مستعد لأمتطي وأشد بعربة
ويجب عليٌ ان لا أخاف او اتألم، لقد قرر سيدي مع نفسه ليمتطيني.
سنبدأ في يوم غد.
في حال عدم معرفتك ما معنى ركوب الفرس، يمكن إخبارك بأنه يعني تعليم
الحصان على حمل السرج واللجام، وان يعتاد بأن يحمل رجل على السرج.
في البداية يكون الشعور غريبا، بأن يجلس أحد على ظهرك، لكني لا أزال
فخورا، لأني حملت سيدي.
الشيء الآخر الذي تعلمته هو التعود على لبس العدة (السرج واللجام)
يقودني سيدي دائما بالقرب من أمي، وهي دائما هادئة وذكية.
أخبرتني أمي بأنه إذا تصرفت تصرفا حسنا فإني أحصل على معاملة حسنة.
إنها كلمات حكيمة.
...
لم يمضِ وقت طويل حتى إنتقلت إلى المالك (كوردون) و(بيتويك بارك)
كان البيت كبيرا جدا ومحاطا بالحدائق.
وكان هناك أيضا مزرعة للفواكه في الأملاك، وعدد من الأصطبلات.
كان اصطبلي واسع مع شبابيك كبيرة تواجه الفناء.
حصلت على مكان (على شكل صندوق) بعد حصان بوني صغير ومتين يدعى (ماري لكس) وهو يُمتطى من قبل صغار المالك.
بقرب (ماري لكس) تقف فرس كستنائية تدعى (جنجر)
(جنجر) متقلبة المزاج، علاوة على ذلك فهي توخز وتعض.
..
في اليوم التالي جاء صبي الإصطبل (جيمس) ليعد ليٌ اللجام ويهيأني لإمتطاء المالك (كوردون).
كنت سعيدا عندما إكتشفت بأن سيدي الجديد هو فارس جيد.
عندما عدنا من جولتنا الأولى، كانت زوجته واقفة تنتظره.
قالت بإهتمام: والآن! هل أعجبك؟
أجاب المالك: إنه كما تمنيته
مارأيك في ما يجب أن نسميه.
قالت: نسميه الأبنوس (شجرة أو خشب أسود لامع)، إنه أسود كالأبنوس.
قال: كلا! ليس الأبنوس؟
قالت: وماذا عن الشحرور؟
قال: كلا! إنه جميل جدا لمثل هذا الإسم.
ثم قالت: نعم، وفروته ناعمة كالحرير، ماذا لو أطلقنا عليه اسم الأسود الجميل؟
إبتسم كوردون وقال: حصلنا على الاسم المناسب.
لذا صار عندي إسم جديد.
...
على الرغم من إشتياقي لأمي والمرج، لكني كنت سعيدا ببيتي الجديد
في بعض الأحيان استمتع بالعربة مع (جنجر).
في البداية إنحنت على أذني، وكنت في الواجب، ولكن لم يمضِ وقت طويل لنصبح أصدقاء جدا.
في أحد الأيام أخبرتني (جنجر) عن حياتها الماضية؟
لم يكن أحد لطيف معها، وكان هذا السبب لأن تصبح عديمة الثقة وسريعة الهيجان.
...
عد ذلك عندما جاءت الى لى المالك (كوردون) أصبحت أفضل، وبعد
كل مرة عندما تأخذ قليل من الوقت تكون أكثر لطفا وسعادة.
كانت حياتي عند (كوردون) سعيدة.
والحوذي الذي يدعى (جون وانلي) كان يتفهمنا نحن الخيول.
كان يتكلم معي كثيرا، وغالبا ما يأخذني الى الخارج مع العربة
كما أن فتى الأصطبل (جيمس) كان حسن المحيا والرعاية.
...
في أحد الأيام قرر اللورد وزوجته زيارة أصدقاء لهم، يسكون
بعيدا على مسيرة يومين
سيقود العربة (جيمس) وأنا و(جنجر) سنسحب العربة.
إنها المرة الأولى لتلك المسيرة، وستكون طويلة ومتعبة.
كنا مسروين لأننا سنذهب ونبقى طوال الليل في طريقنا لبيت الضيوف
الصبيان العاملان في الأصطبل إهتموا بنا جيدا.
لقد نظفونا ولمعونا وأنزلونا في الإسطبلات الرائعة لقضاء الليل
وفي وقت متأخر من الليل، جاء أحد الشباب راجلا وفي فمه الغليون لينهي الدردشة.
صاح أحد العاملين في الإصطبل: تاولر! ضع الالغبيون جانبا من فضلك! وأجعل الطابق العلوي أقل إرتفاعا لراحة الخيول. عمل تاولر ما طلب منه.
...
بعدها بقليل جاء (جيمس) ليلقي علينا نظرة، ثم أقفلت الباب.
صحوت لأني شعرت بوعكة.
كان الهواء ثقيلا والظلام حالك.
سمعت (جنجر) تسعل، واحد الخيول تحرك بضوضاء.
كانت عتمة، ولم أكن أرى شيئا، لكن الأصطبل كان مملؤا بالدخان، ومن الصعب التنفس.
كانت باب السلم لا تزال مفتوحة، ثم جاءت أصوات ركلات من فوق.
لم أكن أعرف ما يجري، لكني أرتعبت من الخوف.
وأخيرا سمعت صوت خطوات، فقد جاء احد صبيان الأصطبل وبدأ بإطلاق الخيول للخارج
لكنه كان خائفا للغاية، فإنتقلت عدوى الخوف إلينا، وبعض الخيول رفضت ان تطيعه.
...
ثم سمعت أحدهم يصرخ: حريق!
وبسرعة ظهر صبي الأصطبل الآخر من فوق.
لقد قاد الخيول للخارج بهدوء واحد بعد الآخر.
الشيء الأخير الذي سمعته كان صوت (جيمس)
تعال أيها (الأسود الجميل) ممسكا بالرسن.
"سوف نخرجك بعد قليل من هنا"
ثم لف وشاح عنقه حول عيناي، وبصوت واطيء، ولطيف صحبني إلى خارج الأصطبل.
وعندما خرجنا بأمان إلى الفناء، أزال الوشاح عني، وطلب
من أحدهم الإعتناء بيٌ.
ثم ركض مرة أخرى للداخل. صهلت أنا بقوة.
بعدها أخبرتني (جنجر) بأن صهيلي منحها القول لتتحدى النار والشرار.
كنت اشعر كأنه دهر، قبل أن تخرج (جنجر) وجيمس بصورة نهائية للفناء.
لم يمضِ وقت طويل بعد إحتراق العربة، حيث خمدت النار.
...
بعد يوم سمعت بأن سبب الحريق هو غليون الفتى الشاب.
بعد تلك الليلة المرعبة، لم يكن بإمكاننا العودة بسرعة كافية الى (بريتوك بارك)
لكن كانت هناك عدة ليالي بعدها كنت استيقظ فيها في منتصف الليل، في هذا الوقت حسب ساعة الإصطبل. بعد قليل دخل (جون) مع السرج واللجام.
قال ليٌ: عليك النهوض أيها ( الأسود الجميل): سنذهب للخارج.
وضع عليُ السرج بسرعة، وأمتطى لحد بوابة القصر الرئيسية.
كان المالك ينتظر قرب الباب وبيده الفانوس.
قال: يجب ان تركب الفرس من أجل سيدتك. لا يوجد لدينا لحظة لنضيعها.
إعطِ هذه القصاصة للطبيب (وايت). أعطِ قليلا من الراحة لـ(الأسود الجميل) ثم إرجع إلى هنا.
إندفعنا بكل قوتنا في الطريق خلال الليل لكي نسلم رسالتنا.
حصان الطبيب يكون دائما في الخارج
طالما أنا جريت بأفضل ما عندي، لذا يجب عليٌ ان اعود به الى القصر.
...
بعدها في الليل صرت مريضا، بدأت اهتز وأرتجف من البرد، بالرغم من أني لا أستطيع أن أخبر(جون) كيف حصل ذلك معي، لكنه أدرك مؤكدا من نفسه ذلك.
لقد وضع الكثير من الأغطية الدافئة عليٌ، وطببني نهارا وليلا.
جاء سيدي اللورد أيضا لإلقاء نظرة عليٌ وقال: مسكين (الأسود الجميل) لكنك أنقذت حياة سيدتك.
كنت سعيدا لسماع ذلك، وحسب قول الطبيب بأن الأمر سيكون سيئا لو جئنا متأخرين قليلا.
أخبر(جون) سيدي بأنه لم يرٌ حصان يركض سريعا مثلي، وأني أدركت ما الذي يجري.
وأنا لقفتها بالطبع، لقد أدركت بأن سيدتي في خطر، بعد ذلك بدأت بالتحسن.
وعندما استعدت عافيتي تماما، اكتشفت بأننا مقبلين على تغيرات قادمة، لقد عشت في (بريتوك بارك) ثلاث سنوات .
سمعنا بأن زوجتة ما بين آونة وأخرى تمرض والطبيب دائما في زيارتها، وعلمنا بأنها يجب أن تسافر إلى مكان أكثر دفئا لكي تتحسن صحتها، وسيتم الإستغناء عن العمال والحيوانات.
...
تم إعطاء (ماري ليكس) إلى القس. واحد صبيان الأصطبل سيكون مع السيد ليرعاه، وعرفت بأنه سيكون في حال جيد.
أما (جنجر) وأنا تم بيعنا للأيرل ويكلو (لقب انكليزي)، وسوف نسكن في (بارك هال) للسيد أيرل.
لقد قضيت ثلاث سنوات رائعة مع سيدي المالك، والآن سيبدأ فصل جديد من حياتي.
النهاية
الى اللقاء مع حتوتة جديدة.
1393 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع