'يوم للستات' يفتتح المهرجان
تشهد القاهرة في 15 نوفمبر المقبل انطلاق الدورة الـ38 لمهرجان القاهرة السينمائي، وكالعادة في كل عام قبل انطلاقه تتكاثر “الأزمات”، التي أصبحت الغائب الحاضر؛ من ميزانيات محدودة، ونوعية الضيوف، ولماذا استضفتم هذا وليس ذاك؟ ثم الرقابة، وما الذي يجب أن يشاهده الجمهور وما لا ينبغي أن يراه؟
العرب /سارة محمد:تواجه إدارة مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ38 المرتقبة تحديات كبيرة، ويتعجب المرء حين يعلم أن تأثير ارتفاع سعر الدولار تجاوز الاقتصاد ليصل إلى مجال السينما، حيث أثّر ذلك على كل ميزانيات ومصاريف المهرجان، كما أن الدعم الحكومي ثابت منذ سنوات.
ماجدة واصف رئيسة المهرجان تحدثت لـ”العرب”، وقالت “إن القاهرة مدينة ساهرة، ويحيا فيها ما يقرب من 20 مليون نسمة، وهؤلاء لا بدّ أن يعيشوا جميعا لحظات الاحتفاء بهذا الحدث الفني الكبير، كما كان الأمر في الماضي، لذلك قررت عودة العروض السينمائية لأفلام المهرجان إلى دور العرض بمنطقة وسط القاهرة، بعد انقطاع دام لثلاث دورات متتالية”.
وأكدت أن الظروف السياسية في مصر عقب أحداث ثورة يناير 2011 حالت دون ذلك، مشددة على أن المهرجان يريد أن يبعث برسالة للجميع عنوانها “مصر آمنة”.
وتقول واصف “يلاحظ المتابعون لحركة السينما المصرية أنها فقدت الكثير من قيمتها وأهميتها، والأمر يبدو محزنا، لأن هناك الكثير من دور العرض بشارع عماد الدين الشهير في منطقة وسط البلد بالقاهرة قد أغلقت أبوابها، فالشارع كان في الماضي يعبر عن ذروة الثقافة المسرحية ثم السينمائية، والإغلاق رأس مال مهدر، والسينما لم تعد موجودة إلاّ في المراكز التجارية الكبرى بالقاهرة وضواحيها”.
وتؤكد رئيسة المهرجان “ينبغي أن تعيد الحكومة المصرية النظر في سياسة المنظومة السينمائية بأكملها كي تعود إلينا السينما من جديد، وسأحاول توزيع الأفلام الفائزة في المهرجان بعد انتهاء دورته القادمة على دور العرض على مدار العام”.
الاتجاه إلى آسيا
أزمة الدعم المالي تظل حاضرة دائما، وإجمالي الميزانية المخصصة من الحكومة للمهرجان، حسب كلام واصف لـ”العرب” تسعة ملايين جنيه فقط (نحو 800 ألف دولار)، منها ستة ملايين من وزارة الثقافة، ومليونان من وزارة السياحة، ومليون آخر من وزارة الشباب.
في العام الماضي كانت اليابان ضيف شرف المهرجان، وكانت ثمّة رغبة في تقديم تطور السينما اليابانية، وجرى عرض مجموعة من أفلام التحريك و”أستوديو جيبلي”، وهذا العام يحتفي المهرجان بالسينما الصينية ضمن العام المخصص على مستوى الدولة للاحتفاء بمرور ستين عاما على العلاقات المصرية الصينية، فلماذا آسيا؟ ولماذا الصين؟
وجهة نظر ماجدة واصف أنها من خلال جولاتها في الكثير من الدول رأت أنه في ثمانينات القرن الماضي كان هناك حضور محدود للسينما الصينية، وبمرور الوقت أصبحت الصين على مائدة كل مهرجانات العالم، مثل كان وفينيسيا وبرلين، وبرز الكثير من المخرجين الصينيين الممتازين، ولأجل ذلك ارتأت لجنة المهرجان ضرورة إعادة الاكتشاف للسينما الصينية، وتقديمها للجمهور.
“نحن لا نجامل أحدا، ولا نعمل لحساب أحد، ولا على هوى أحد”، هكذا ترد واصف على الاتهام بأنها تُجامل النجم محمود حميدة الذي يتولى منصب الرئيس الشرفي للمهرجان، حين تم اختيار فيلمه “يوم للستات” للمشاركة في حفل الافتتاح والمسابقة الرسمية، مما أثار حفيظة البعض.
وأوضحت واصف “في النهاية هناك لجنة مشاهدة تتكون من فريق عمل محترف، وأعضاؤها يعرفون عملهم، وقيمة الأفلام التي يختارونها”.
و“يوم للستات” عمل عانى من عثرات عديدة قبل أن يخرج إلى النور، ويحمل اسم المخرجة كاملة أبوذكري، وهي إحدى المخرجات صاحبات البصمات في السينما، وكذلك فإن بطلة الفيلم هي إلهام شاهين، بالتالي فهذا عمل له أهميته وثقله، وهو يحكي عن مركز للشباب في حي شعبي بالقاهرة.
للرقابة رأي
في دورة العام الماضي لمهرجان القاهرة السينمائي تم توجيه انتقادات -لم تخل من حدّة- لإدارته بأنها سمحت بعرض أفلام وصفت بـ”الجنسية”، وبشأن تدخل الرقابة هذا العام في إجازة ما سيُعرض للجمهور وما لن يُعرض، قالت واصف “نحن أشخاص محترفون في مجالنا، واختيار الأفلام يكون بناء على اختيار المدير الفني ولجنة المشاهدة، وأنا أشاهد بنفسي كل الأفلام وأعطي رأيي فيها، والرقابة تمارس دورها، وسياستنا في المهرجان أن نعرض الأفلام دون حذف”.
وتابعت “نحن لدينا مشكلتان مع الرقابة حاليا بخصوص فيلمين، أحدهما أرى أنه تافه ولا يستحق المجادلة، والثاني تم فيه توظيف المشاهد الحميمة ضمن سياق درامي متعلق بالأحداث والبلد الذي يدور فيه، وفي النهاية، الرقابة هي التي تحدّد ما إذا كان الفيلم سيعرض على النقاد والصحافيين فقط، أم سيكون متاحا للجماهير”.
ويبدو أن المهرجان هذا العام سيعيد إلى الأذهان المشكلات نفسها التي تثار في كل مرّة، وفي مقدمتها، موضوع الميزانيات التي تخصصها الدولة للإنفاق على الإنتاج السينمائي، كذلك مسألة التشريعات المتعلقة بإدارة الفن السينمائي.
وفي هذا الخصوص، قالت واصف “هذه القضايا وغيرها ستكون على مائدة البحث في الندوة الرئيسية للمهرجان، وسيأتي المخرج خالد يوسف، الذي هو في الوقت نفسه عضو بالبرلمان المصري ورئيس لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، للحديث عن هذا كله، ليس بوصفه فنانا، بل لكونه سياسيا أيضا”.
وأشارت إلى أن الدعم الحكومي يجب ألا يتوقف عند حدّ زيادة الميزانية المخصصة للإنتاج السينمائي، بل لا بدّ من إعادة النظر في التشريعات السينمائية التي تحكم الصناعة بشكل عام.
وعلى حدّ قول واصف لـ”العرب” هناك تشريعات تعود إلى عقد الستينات من القرن الماضي، لذلك وجب تحديثها، و”ليتنا نضع في الاعتبار تجارب دول كبرى في هذا المجال كالصين مثلا، ضيف الشرف بالمهرجان، وأيضا عندنا المغرب الذي زاد إنتاجه السينمائي على 20 فيلما في السنة الواحدة”.
688 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع