انقلابات عسكرية عراقية فاشلة في تسعينيات القرن الماضي خفايا وأسرار الانقلاب الفاشل لجماعة اللواء المظلـي محمد عبـدالله الشهوانـي عام ١٩٩٦

           

 انقلابات عسكرية عراقية فاشلة في تسعينيات القرن الماضي خفايا وأسرار الانقلاب الفاشل لجماعة اللواء المظلـي محمد عبـدالله الشهوانـي عام ١٩٩٦

   

                                        إعداد/ شامل عبد القادر

                       الجزء الأول

شهدتْ حقبة تسعينيات القرن الماضي وبعد اجبار الرئيس السابق صدام حسين عسكريا على الخروج من الكويت التي احتلها في 2 آب 1990، سلسلة من المؤامرات والانقلابات الفاشلة التي استهدفت الاطاحة بنظام الحكم. وكان ابرزها انقلاب (المنصة) الذي اعد تفاصيله ضباط من صنف الدرع/ الحرس الجمهوري وهم مجموعة من عشيرة (الجبور) الساكنة جوار مدينة الموصل وفي الساعات الاخيرة من العرض العسكري الذي كان من المؤمل تنفيذه بناءً على رغبة صدام بمناسبة الذكرى (70) لتأسيس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني 1991 الا ان الجهات المختصة وضعت يدها على مخطط الانقلابيين واجهض الانقلاب وقبض على المتآمرين وتم اعدامهم في ما بعد. ويعد الانقلاب الفاشل الذي دبره اللواء المظلي محمد عبد الله الشهواني بالتنسيق مع المخابرات الامريكية التي قامت بتمويل الانقلاب مادياً وجهزت عناصر الانقلاب في داخل العراق بأجهزة الاتصال الحديثة وعبر الاقمار الصناعية ونجح الشهواني الى حد ما في كسب بعض الضباط وضباط الصف المتقاعدين الى تنظيمه السري كما كسب بعض الضباط الموجودين في الخدمة مقابل اغراءات مادية وتبين ان جهاز المخابرات العراقي كان يتابع بدقة تحركات الانقلابيين واتصالاتهم وسفراتهم بين بغداد وعمان ومن خلال (العين السرية) او (العميل السري) الذي جندته المخابرات العراقية وسلطته على الانقلابيين. نجح العميل السري بالاتصال باللواء الشهواني الذي كلفه بنقل معدات خاصة الى بغداد مقابل مبلغ كبير من المال. ولمعلومات القارئ فقد كان المخبر السري هو موظف بصفة سائق ناقل للبريد الدبلوماسي السري في السفارة المصرية في عمان واسمه (عزة محمد عبد الرزاق) وهو مواطن مصري نجح الى حد كبير في كشف الانقلاب الذي دبره الشهواني والذي انتهى بجماعته واولاد الشهواني الثلاثة وهم (اياد محمد الشهواني وانمار محمد الشهواني واثير محمد الشهواني) الى منصات الاعدام شنقاً حتى الموت. بين ايدينا الملف الكامل لانقلاب الشهواني وهو الملف الرسمي الذي اعده ونظمه جهاز المخابرات العراقي وقد سلم الينا من احد القراء لاطلاع قرائنا والعراقيين عموماً بتفاصيل حقبة مثيرة مرت في تاريخ العراق الحديث ونحن استوفينا المعلومات الواردة في هذا التحقيق الصحفي من خلال ما جاء في الوثائق والتقارير الرسمية في الملف الذي ضم عدداً من المذكرات السرية المتداولة والمتبادلة بين جهاز المخابرات ورئاسة الجمهورية (السكرتير) كما احتوى الملف على اعترافات تفصيلية كاملة للمتهمين واحتوى الملف على الاوراق التحقيقية والاحالة وقراري التجريم والحكم للمحكمة التي تولت محاكمة المتهمين في انقلاب الشهواني الفاشل. للأمانة التاريخية وللتوثيق العلمي والتاريخي نؤكد ان ما جاء في الملف الرسمي لا يمثل وجهة نظر صحيفة (المشرق) بل يمثل رأي الجهة الرسمية التي تولت التحقيق في هذه القضية واننا ننشرها من اجل الحقيقة التأريخية التي طمرت لسنوات طوال ونود ان نشير الى ان الجهات الرسمية من خلال التحقيق مع عناصر الانقلاب حصلت على اعترافات كاملة من المتهمين تؤكد علمهم بارتباط الانقلاب بالمخابرات الامريكية وان الشهواني هو رجل المخابرات الامريكية في عمان وبغداد.

                         صحيفة المشرق

   

جاء في ملف انقلاب الشهواني عدد كبير من الاوراق والوثائق والاعترافات والقرارات والمذكرات التي تداولها جهاز المخابرات العراقي مع الجهات العليا ومن جميع هذه الاوراق نروي قصة الانقلاب الكاملة: في 5 ايار 1995 التقط جهاز المخابرات العراقي اشارة من المصدر المصري المشار اليه اعلاه نقلا عن (ابداء) ابنة اللواء الشهواني المقيم في عمان مؤداها ان والدها يعمل لصالح المخابرات المركزية الامريكية ويمارس نشاطات (معادية) للعراق. وخلال التاريخ نفسه حصل الجهاز على معلومة من (دريد سمير جهاد) المتهم بالعمالة والتجسس لصالح المخابرات المركزية الامريكية اكد فيها – قبل اعدامه شنقاً حتى الموت- اكد فيها ارتباط الشهواني بالمخابرات الامريكية. ويفصح كتاب سري للغاية رقم 797 في 22 حزيران 1996 صادر عن جهاز المخابرات ومعنون الى (رئاسة الجمهورية – السكرتير) موضوعه (ضرب خطوط معادية) عن وجود معلومات مؤكدة عن تحرك الشهواني داخل العراق وقد اكد الكتاب المذكور نقلاً عن (مصدر سري) وهو مواطن مصري يعمل بصفة حامل للبريد الدبلوماسي للسفارة المصرية في عمان ان الشهواني كلفه بنقل حقيبة تحتوي على اجهزة فنية الى العراق مستغلاً الغطاء الدبلوماسي للسيارة الناقلة من دون علم السفارة مقابل اربعة الاف دولار. وقد نجح عزة محمد عبد الرزاق وهذا هو اسم حامل البريد الدبلوماسي والجاسوس بالمخابرات العراقية في توصيل الاجهزة وسلمها لرجال المخابرات العراقية الذين عكفوا على فحصها وتحديد نوعيتها ومواصفاتها وقد تم اطلاقها لغرض متابعة ابعادها وتحديد دائرة استخدامها والمتعاملين بها ومن خلال الفعاليات الاستخبارية المكثفة تم تحديد الاشخاص ومعرفتهم الذين كانوا يتعاملون بهذه الاجهزة حيث اتضح للمخابرات العراقية ان هذه الاجهزة تعمل ضمن دائرة ابناء واقارب واصدقاء الشهواني وقد تم وضعهم جميعاً تحت المراقبة السرية الدقيقة والمتابعة الاستخبارية المفصلة لتشخيص اتصالاتهم وعلاقاتهم. قام جهاز المخابرات العراقي بتكليف (عزة) المصري الناقل للاجهزة بادامة التماس مع العناصر التابعة للواء محمد الشهواني والموجودة داخل العراق ثم اتضح للمخابرات من خلال عزة تكليفه من قبل الشهواني بجلب حقيبة من عمان الى المتآمرين في يوم 15 حزيران 1996. وقد استلمها رجال المخابرات في بغداد وفحصوها من قبل الفنيين واتضح انها تحتوي على اجهزة تشويش متطورة جداً. بعد دراسة هذه الحالة قرر المسؤولون في جهاز المخابرات التحرك لالقاء القبض على افراد الشبكة كافة.. وبتوقيت واحد تحركت مجاميع من المخابرات باتجاه بيوت المتآمرين وتم القبض على (7) اشخاص الذين يمثلون الحلقة الرئيسة في الشبكة بينهم ثلاثة من اولاد اللواء الشهواني وفي بناية تابعة للمخابرات خضع الجميع الى التحقيق في يوم الاثنين الموافق 17/حزيران /1996..

         

انقلابات عسكرية عراقية فاشلة في تسعينيات القرن الماضي خفايا وأسرار الانقلاب الفاشل لجماعة اللواء المظلـي محمد عبـدالله الشهوانـي عام ١٩٩٦

                       الجزء الثاني

من خلال سير التحقيق اتضح ما يلي:
1- وجود تنظيم انقلابي عسكري – مدني يقوده اللواء الركن المتقاعد محمد عبدالله الشهواني بدعم وتمويل المخابرات المركزية الامريكية ومن عمان وتحت ما يسمى (الجيش العراق الحر) وهو تشكيل تابع لـ(الوفاق الوطني).
2- تم الكشف عن (3) خطوط تنظيمية تتوزع في بغداد وميسان ولكل خط اجهزة اتصالات خاصة به عبر الاقمار الصناعية وكالاتي:
أ‌- خط بغداد الاول: يديره النقيب المتقاعد قوات خاصة اياد صبري نعمة الساعدي واياد محمد الشهواني ويكون بـإشراف اللواء الشهواني.
ب‌- خط بغداد الثاني: يديره عقيد قوات خاصة متقاعد رياض طالب عيسى ويشرف عليه اللواء الركن المتقاعد محمد براء نجيب الربيعي المقيم في لندن من خلال الوسيط هيثم يحيى حسين حلمي ج- خط ميسان: يديره حسن ربيع حمادي الساعدي وهو مفوض امن متقاعد ويشرف عليه اللواء الشهواني.
3- بلغ عدد الموقوفين (61) شخصاً من ضمنهم (24) ضابطا تتراوح رتبهم بين عميد وما دون ومن ضمنهم خمسة طيارين منهم ثلاثة متقاعدين كما يوجد بينهم تسعة عسكريين متقاعدين اما الذين ما زالوا في الخدمة فعددهم عشرة اشخاص وقد اعترف (31) شخصاً من المتهمين.
يشير تقرير المخابرات الى ان الفنينين في الجهاز تمكنوا من حصر الاجهزة الفنية التي زودت بها الخطوط المشار اليها اعلاه:
- (6) اجهزة اتصالات عبر الاقمار الصناعية على شكل حاسبات مرسلة ومستلمة وبنظام الشاشة المرئية احدها يؤمن الاتصال مع الاجهزة الفرعية ونظام اتصال مع لندن وعمان.
- جهازين من نوع (jps) امريكي الصنع يستخدم في تحديد احداثيات الاهداف الذي يمكن بواسطتها توجيه اي صاروخ الى المكان الذي حدده الجهاز ولا توجد فيه اي نسبة للخطأ.
- ( 3) اجهزة تشويش ضد البث الاذاعي والتلفزيوني
- (3) اجهزة تشويش ضد الاتصالات اللاسلكية
- جهاز تصوير نقطوي
حدد جهاز المخابرات من خلال المعلومات المتوفرية لديه من مصدرهم المصري ان القائمين في التنظيم على اتصال مباشر فيما بينهم في عموم العراق وانهم رسموا خطة فنية للتأثير على الاتصالات الحكومية وتفجير سكك الحديد ونصب منظومات التشويش على القصر الجمهوري وكسب الضباط والطيارين الى صفوف التنظيم وعمل التنظيم الموجود في ميسان على تهيئة اعضاء جدد وتكليفهم بجمع المعلومات عن القطعات العسكرية.
ان التنظيم بشكل عام يعمل على اعداد الخطط الفنية لتغيير النظام في العراق من خلال توجيهات اللواء محمد الشهواني.
واشار التقرير المرفوع من جهاز المخابرات الى ديوان الرئاسة ان المخابرات المركزي الامريكية بالتنسيق مع المخابرات السعودية عملت منذ عام1992 على اختيار عناصر عراقية تتراوح اعدادهم بين 3-5 الاف شخص الموجودين في معسكري رفحا وارطاوي.
وورد في كتاب جهاز المخابرات السري للغاية والشخصي رقم 647في 22/ تموز /1996 خلاصة بالتحقيقات السرية التي اجرتها المخابرات مع عناصر التنظيم الذين تم اعتقالهم واوضحت اسماء المرتبطين بالخطوط التنظيمية في بغداد وميسان وهم :-
النقيب اياد صبري الساعدي
العقيد الركن عبدالسلام عبد العزيز ذنون القصاب
النقيب الطيار علي حنون الساعدي
الرائد الطيار رسول ديوان الساعدي
الملازم الاول عدنان زامل الساعدي
الملازم الاول عبد الحميد مظفر الصوالحي
الملازم الاول حيدر مظفر الصوالحي
المقدم المتقاعد مظفر عبد الحميد الصوالحي
صالح مهدي حسين / سائق شاحنة
النقيب عباس جبار الساعدي
فيصل عباس البياتي/ كاسب
نافع جبار الساعدي / كاسب
مصطفى مظفر عبد الحليم باش امام /جندي مكلف
مصطفى ربيع الساعدي / كاسب
اياد محمد الشهواني / كاسب
النقيب اثير محمد الشهواني
أنمار محمد الشهواني / كاسب
مازن لطفي المفتي /عريف متقاعد
الرائد حسين ناصر مجيد
نائب ضابط جواد شناواه
العقيد المتقاعد مثنى عسكر الحمامي
سرمد عبد الجليل الفتلاوي / كاسب
العميد الركن الطيار طارق مهنا المالكي
العقيد الطيار المتقاعد اسامة محمود حسين المهداوي
نوري ياسين الحلفي / تاجر
سعد عبد الحليم العبيدي / تاجر
صبري نعمه الساعدي / محامي
اشار تقرير المخابرات الى ان اعترافات المتهمين وكل حسب دوره جرت تحضير للانقلاب ووضع خططه الفنية والعسكرية في عمان بـإشراف الدكتور اياد هاشم علاوي و عدنان محمد نوري ومحمد عبدالله الشهواني ومحمد براء نجيب الربيعي.
واتضح من خلال الاوراق التحقيقية ان العميل السري عزت محمد عبد الرزاق المصري الجنسية قد تسلم (20) الف دولار من محمد الشهواني مقابل نقل اجهزة اتصالات متطورة في سيارة البريد الدبلوماسي التابعة للسفارة المصرية في الاردن الى بغداد وقام عزت بتسليمها الى جهاز المخابرات العراقي. وقد كوفئ الشخص المذكور بمبالغ طائلة وصلت الى حدود سبعة ملايين دينار عراقي وفتح مخبز للصمون الحجري في منطقة الكاظمية على حساب المخابرات.
تشكلت المحكمة الخاصة في بغداد بتاريخ 5/ ايلول /1996 برئاسة القاضي ابراهيم سهيل نجم وعضوية جاسم حمادي فياض وابراهيم احمد عبد واصدرت قرار الحكم الاتي:
1- حكمت المحكمة على كل من اياد صبري نعمة واياد محمد عبدالله وانمار محمد عبدالله واثير محمد عبدالله ورسول ديوان ونافع جبار وفيصل عباس وعبد السلام عبد العزيز وعدنان زامل وعلي حنون وحيدر مظفر وعبد الحميد مظفر ومازن لطفي وحسين ناصر وحسن ربيع وعلاء الدين سعيد وكريم حسن وكريم هاشم وفوزي سعيد وجبار ونيس ومصطفى سعدون وهيثم يحيى ورياض طالب وسعدي حسين وطه خضير وجواد شناوه ومثنى عسكر وعامر حسن وطارق مهنا ومحمد ستار ونوري ياسين وعزام عبدالله وباسم صالح وعلي عوده وغازي خشين وحيدر سعدون وصفاء محسن واحسان سعدون وجواد عبد علي بالاعدام شنقاً حتى الموت.
2-حكمت المحكمة على كل من صالح مهدي وسرمد عبد الجليل ومظفر عبد الحميد ورشيد فليح وضياء كاظم وعباس جبار واياد مصطفى وواثق مصطفى بالحبس مدة خمس سنوات.
3-وحكمت المحكمة على ديار حميد شكر بالسجن المؤبد .
4-حكمت بـإطلاق سراح باقي المتهمين لعدم كفاية الادلة.
ملاحظة:-نود اعلام القارئ الكريم بأن جميع ما ورد اعلاه في الحلقتين الاولى والثانية كان مستندا الى الملف الخاص بالمؤامرة وهو من ملفات جهاز المخابرات العراقي المنحل.

المصدر: صحيفة المشرق

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1452 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع