مقام الخضر في الديوانية
المدى برس / الديوانية:مع ان لامرقد معروف له، اذ انه بحسب القصة الاسلامية احد الذين لم يموتوا واختفوا عن الانظار لدور مستقبلي لهم، الا ان النبي الخضر، والذي يعرف ايضا بـ"خضر الياس"، يعد اكثر الشخصيات الدينية امتلاكا لمقامات يزورها الناس ويتبركون بها، على الرغم من انه احد الانبياء الذين لم يذكر اسمهم صراحة في القران، كتاب المسلمين المقدس.
168 مقاما في العراق للخضر
وتتنوع اماكن مقامات الخضر الممتدة على طول العراق وعرضه، لكنها عادة اماكن قديمة البناء، صغيرة، وتجاور الانهر، وتقول الروايات ان هذه الاماكن حظيت بزيارة الخضر لها، او صلاته فيها، او التوضأ فيها، ففي بغداد مثلا هنالك عدة مقامات للخضر، اشهرها الواقع تحت جسر الباب المعظم، في منطقة العلاوي وسط بغداد، واخر يقع على الحدود الادارية بين محافظتي الديوانية وبابل من جهة نهر الدغارة شمالي الديوانية.
يقول سادن مقام الخضر في ناحية الطليعة، شمال الديوانية، خضير يوسف العويدي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "أجداد أجدادي ولدو هنا وأشرفوا على خدمة الزائرين الذين يتوافدون على المقام، وتوارثناها أباً عن جد".
ويروي العويدي حادثة يقول انها حصلت في عام 1958، "حين جاءت شركة هولندية لتغير مجرى نهر الحلة فأراد المشرف على العمل إزالة المقام كونه يقع ضمن مخطط مجرى النهر الجديد".
ويضيف العويدي، أن "أهلي اعترضوا على ذلك لكن قوة من الشرطة كانت مع الشركة، التي أصر مديرها على إزاحة المقام من المخطط الذي وضعه"، مبينا أن "مركبا يحمل حفارة كان مع فريق العمل لتنفيذ المخطط فلما أمر العمال بالتنفيذ، توقف المركب والحفارة عن العمل، فظنوا أن عطلا فنيا أو ميكانيكيا أصابهما، فأتوا بفنيين لكنهم لم يجدوا أي عطل، فاقترح والدي على المشرف على العمل أن يبتعد 25 متراً ويجرب ليتأكد من كرامة صاحب المقام، فأذعن الرجل وأمر عماله بالتنفيذ على رأي أهلنا، فتحرك المركب والحفارة معا، فارتفعت أصوات الحاضرين بالتكبير والاهازيج وعم الفرح بعد أن شهد الجميع برهاناً ساطعاً على كرامة صاحب المقام الخضر".
ويذكر خادم المقام، أن "الحكومات المتعاقبة لم تلتفت يوماً إلى المقام أو ترممه على الرغم من إدراجه في دائرة الأوقاف والمزارات، ونضطر لعمل ذلك من أموالنا الخاصة أو تبرعات الزوار، بل وندفع ايجاراً إلى الدولة عن مساحة الأرض التي يقع فيها المقام"، ويعرب عن الأسف لأن "الحكومات المتعاقبة لم تخصص للمقام حتى حراسا أسوة بباقي المزارات على الرغم من مرور آلاف الزائرين به خاصة في محرم وصفر".
من جهته يقول الناشط والفنان، إياد الساعدي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "التاريخ وشهادات القائمين على المرقد وما تحقق من كرامات جعلت آلاف الزائرين يئمون إليه للزيارة والتبرك، الأمر الذي يوجب على الحكومات العراقية المحلية والاتحادية والمنظمات الدولية، الاهتمام بهذه الشواهد باعتبارها نقطة مشتركة بين الأديان والشعوب كلها، للحفاظ على التأريخ الإنساني والديني".
وزارة الثقافة: نريد ادراج الخضر على لائحة التراث العالمي
من جهته يقول مدير البيت الثقافي في الديوانية، ماجد البصري، في حديث إلى (المدى برس)، إن "دائرة العلاقات الثقافية بوزارة الثقافة أعدت مشروعا لإدراج مقامات الخضر، ضمن لائحة التراث العالمي، وتقديم ملفاً كاملاً عنه لمنظمة اليونسكو"، ويشير إلى أن "شخصية الخضر ترتبط بتراث الأمم والشعوب والديانات كلها إذ ورد بها أنه معلم ورفيق للأنبياء وعبد صالح حمل عدة صفات وأسماء ميزته وعرفت به من خلال الآيات في الكتب السماوية".
ويقول معاون المدير العام ورئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين في الديوانية، خالد ناجي فرحان، في حديث إلى (المدى برس)، إن "طرح موضوع نبي الله خضر الياس من الأمور المهمة التي يجب أن تضاف إلى أدبيات الأديان، ومبادرة وزارة الثقافة واليونسكو رائعة، فخضر الياس هو المعلم الذي رافق نبي الله موسى، وعلمه ما أراد له الله سبحانه".
ويوضح فرحان، أن "خضر الياس ورد في كتب الصابئة على أنه، تاليا بن عابر بن أرفخشد بن سام ثالث أنبياء الصابئة، بن نوح"، ويوضح أن "أنبياء الصابئة ثلاثة هم آدم وسام ويحيى بن زكريا، وخضر الياس سليل نبوة وبيوت موحدة لله سبحانه".
وكانت الروايات أوردت أن كنية الخضر ولقبه (أبو عباس وأبو محمد وقد اشتهر بأبي محمد عند العوام ، وأما ألقابه (الخضر) و (العالم) و(العبد الصالح) واشتهر بالخضر، ولم يأت في القرآن الكريم ذكر أسم الخضر صراحة، لكن طبقا للروايات المتعددة، فأن المقصود من آية (65) من سورة الكهف (الخاصة بقصة موسى عليه السلام والرجل العالم) هو الخضر إذ يصفه الله سبحانه وتعالى (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علما).
ويقول المؤرخون إن "الخضر كان ابن ملك من الملوك، وكان ابوه اسمه (ملكان) وكان ملكا عظيما، في الزمان الأول، له سيرة حسنة في اهل مملكته، ولم يكن لديه ولد غير الخضر ع، فسلمه الى المؤدب ليعلمه ويؤدبه، فكان الخضر يأتي اليه كل يوم، فيجد في الطريق رجلا عابدا ناسكا، فيعجبه حاله، فكان الخضر عليه السلام يجلس عند ذلك العابد، ويتعلم منه حتى شب على شمائل العبد وعباداته، فنشأ الخضر منقطعا لعبادة الله عز وجل في غرفة خاصة به في قصر ابيه ملكان".
وجاء في رواية اخرى أن "الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله تبارك وتعالى الى قومه فدعاهم الى توحيده والاقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكان آيته انه لا يجلس على خشبة يابسه ولا ارض بيضاء الا ازهرت خضراء وانما سمي الخضر لذلك".
1444 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع