الكاتبة والناشرة اريانا هفنغتون
عبدالأله مجيد:اريانا هفنغتون كاتبة وناشرة يريد الجميع أن يحظى بشرف الحديث معها، ولا خطوط حمراء أمامها، تتصل بكبار الشخصيات في العالم في كل وقت، لها بصمتها الخاصة في الإعلام الاجتماعي، وأيضا لها نظرتها الخاصة للحياة وتقول ان موقفها مما يحدث أهم في نهاية المطاف مما يحدث على أرض الواقع.
قبل ايام فتح وزير الخزانة البريطاني جورج اوزبورن مقر اقامته الرسمي في داوننغ ستريت كي تطلق الكاتبة والناشرة اريانا هفنغتون، كتابها الجديد من غرفة المعيشة في بيته. وكان اوزبورن هو الممتن للتفضل عليه بهذا الامتياز. فالسيدة "لا هف" كما تُعرف تستطيع الاتصال بالرئيس اوباما متى تشاء وتعرف الجميع ، من اوبرا وينفري الى الدالاي لاما. وهي امرأة نشأت في شقة صغيرة في اليونان لكنها تعيش اليوم في قصور منيفة في لوس انجيليس بعد المرور بجامعة كامبريدج حيث درست الاقتصاد وأصبحت أول امرأة تتولى رئاسة اتحادها الطلابي.
كما ان هفنغتون التي تحمل الجنسية الاميركية رغم احتفاظها بلكنة يونانية لطيفة مؤلفة كتب كثيرا ما تتصدر قوائم المطبوعات الأكثر مبيعا تتناول فيها طائفة واسعة من المواضيع كالحركة النسوية والمغنية ماريا كالاس وبيكاسو.
وتكفي الاشارة الى ان هفنغتون انشأت موقع هفنغتون بوست بكلفة زهيدة لتبيعه بعد ست سنوات مقابل 315 مليون دولار مع الاحتفاظ بادارة التحرير في الموقع. وهي كاتبة عمود ومعلقة سياسية وربما أفضل من يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي في العالم. وهذا ما يفسر مستوى الحضور والاهتمام الذي لاقاه حفل اطلاق كتابها الجديد حيث القى اوزبورن كلمة مترعة بالمديح للمؤلفة امام حشد من المشاهير بينهم اميرات بريطانيات.
ومن رأى هفنغتون تتهادى في الغرفة يلاحقها موكب من المصورين لن يستغرب قول البعض إنها تجسيد للمرأة الخارقة.
أشواك في الطريق
ولكن طريق هفنغتون لم يكن على الدوام مفروشا بالورود. ففي عام 2007 انهارت بسبب الاعياء في منزلها فضربت رأسها بحافة مكتبها وتهشم فكها نتيجة الحادث. وعندما استعادت وعيها وجدت نفسها في بركة من الدم. بعد ذلك اتصلت بها ابنتها كريستينا من غرفة طوارئ قرب جامعة ييل حيث كانت تدرس وقتذاك. إذ أُدخلت كريستينا التي كانت في الثانية والعشرين المستشفى بسبب مشاكل في التنفس بعد تناولها جرعة كبيرة من الكوكايين.
وقالت هفنغتنون (63 عاما) ان تلك كانت اشد اللحظات رعبا في حياتها ولكنها حمدت الله على ان ابنتها لم تزل على قيد الحياة وشعرت بالامتنان لأن ابنتها اتصلت بها وكانت لديها عائلة تستطيع الاعتماد عليها في الشدائد.
وكانت اريانا انجبت كريستينا من عضو الكونغرس الجمهوري السابق والملياردير النفطي مايكل هفنغتون الذي طلَّقته بعد ان صرح انه يمارس الجنس المثلي ايضا. وقالت لصحيفة الديلي تلغراف انها لا تؤمن بالزواج بل "فقط بطلاقات حميدة". وما زال الطليقان يقضيان اجازات معا من اجل اطفالهما.
نظرية الهواتف الخلوية
حين تخرج هفنغتون للعشاء في احد المطاعم تفرض على الجميع ان يضعوا هواتفهم الخلوية وسط المائدة ومن يمد يده الى الجهاز قبل الآخرين يدفع فاتورة الجميع. فهي تؤكد ضرورة "ان نفك ارتباطنا بالأجهزة ونعيد شحن بطارياتنا نحن". ثم تضيف مازحة "حتى الله أخذ استراحة في اليوم السابع" بعد خلق العالم. ولكن هفنغتون وحدها القادرة على فك ارتباطها بالأجهزة واعادة شحن بطارياتها ثم تؤلف كتابا عن ذلك.
واعترفت هفنغتون بأنها كانت في السابق تتجول بحذاء ذي كعب عال وهاتف ذكي ملتصق بكل أذن ولكنها لا تفعل ذلك الآن وانها إذ اقلعت عن هذه العادة اصبحت "اكثر انتاجا وابداعا". ولاحظت ان الجميع اليوم مدمنون على العمل ويتباهون بانشغالهم مشيرة الى اللغة التي تُستخدم بسبب هذا الانشغال مثل "أنا غارق الآن وسأتصل بك حين اصعد الى الهواء للتنفس". واكدت هفنغتون ان هذا "مثير للسخرية".
ولد طفل هفنتغون الأول ميتا وقالت في حديثها لصحيفة الديلي تلغراف ان ذلك كان "اشد ما حدث ايلاما لأني كنتُ في السادسة والثلاثين ومتلهفة الى انجاب اطفال". وأنجبت كريستينا حين كانت في الثامنة والثلاثين. وتتذكر هفنغتون انها رفضت ان تفارق ابنتها حتى لحظات لقياس وزنها وقالت "كلا ، كلا ، كلا تستطيعون ان تقيسوا وزنها امامي".
تؤمن هفنغتون بالآخرة ، ورغم ان عائلتها لم تكن متدينة فانها تتذكر انها كانت تصلي وهي في سن الثالثة. وروت كيف رفض 36 ناشرا كتابها الثاني بحيث بقيت دون مورد مالي قائلة "كنتُ أعيش في لندن وقتذاك وكنتُ أمشي في الشارع حين رأيتُ فرعا لبنك باركليز فدخلت وطلبت قرضا ، ولسبب ما وافق مدير البنك على منحي القرض. كان اسمه ايان بيل وما زلتُ ارسل اليه بطاقة بمناسبة عيد الميلاد". واضافت هفنغتون ان ما تريد قوله من هذه الحكاية "اننا كثيرا ما نعتقد اننا وحيدون في عالم لا يبالي ولكننا كثيرا ما نلقى العون من آخرين ، من أماكن غير متوقعة. كما في قصص الجن حيث كل هذه الحيوانات التي تخرج من لا مكان لمساعدة البطل أو البطلة التي ضلت طريقها في الغابة المظلمة. وفي الحياة هناك حيوانات تمد يد العون لكنها متنكرة كبشر او مدير بنك".
لا يدفع موقع هفنغتون بوست اجورا لمدونيه والسبب هو شخصية هفنغتون الساحرة ، بحسب صحيفة الديلي تلغراف التي تسألها عما إذا كانت حقا سعيدة كما تبدو في الظاهر. وقالت هفنغتون "أشعر ان هذا بكل تأكيد أفضل وقت في حياتي رغم إني اقول ذلك طارقة على الخشب". ثم تطرق هفنغتون على الخشب مضيفة "أي شيء يمكن ان يحدث فالحياة هشة". وبعد تفكير تقول "ان موقفي مما يحدث أهم في نهاية المطاف مما يحدث". ثم تبتسم.
1212 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع