بغداد ـ ناصر الجمّال: بتذمر واستياء شديدين شكا العديد من مواطني بغداد زحامات صباح امس وسط تفشي شائعات ومخاوف من تزايد تردي الامن في العاصمة، ووصف بعضهم هذا الوضع بأنه تعمد من السلطات لإفراغ المدينة من الحركة من خلال "معاقبة" الناس بـ"خطط امنية" لم تثبت نجاحها،
لكن بعد ساعات راحت شوارع بغداد تخلو من المارة والسيارات في جو يشير الى خوف وقلق متزايد. محمد هادي، عامل في مطبعة ومن سكنة البلديات، يقول "اذهب يوميا الى عملي في منطقة السعدون، ولا يستغرق وصولي للعمل اكثر من نصف ساعة"، مردفا "أما اليوم، فقد اكلت عليّ الساعات وشربت حتى وصلتُ للمطبعة". ويسخر هادي في حديثه لـ"العالم" امس من اجراءات الحكومة، متسائلاً "ما الذي تفعله الحكومة؟ ما هذا الانتشار الامني الذي لا جدوى منه؟ التفجيرات تحصد منا يوميا العشرات، ولا من رادع لها". سائق تاكسي، فضل عدم ذكر اسمه، ابتدأ حديثه لـ "العالم" قائلا ان "الموصل سقطت". ويواصل مستفهما "هل ستسقط بغداد بيد الداعشيين؟" وتمنى ان تتمكن الحكومة من "وضع خطط امنية حقيقية، لا ان تعاقب المواطنين بقطع الطرق والشوارع"، معتبرا هذه الخطط "غير مجدية من زمان". وأضاف انه خرج صباح امس من بيته في حوالي الساعة السادسة صباحا، ولم يشتغل "بغير خمسة الاف دينار"، متسائلا "ابني الصغير لا يرضى بهذا المبلغ، من اين استطيع توفير قوت عائلتي اليومي، وقسط السيارة الشهري، وايجار البيت؟ هل تعلم الحكومة بحالنا؟" ويقول سائق الاجرة بسخرية ان الزحامات تصنعها "الحكومة حتى نتمكن من التعارف مع بعضنا ونقوي اللحمة بيننا اثناء الزحام". وسأل مبتسما "ألا تلاحظون اننا الان نتعارف بسبب هذا الزحام؟!" وختم حديثه بالقول "والله ملينه انريد انعيش بكرامة، عمّي ما نريد حقوقنا"! وشكا ابو فراس، وهو صحفي، من زحامات العاصمة يوم امس، وقال ان "ما يزيد الطين بلة هو سوء خلق بعض سائقي سيارات الاجرة". واوضح ان بعضهم "ليس من الذوق والخلق في شيء... كنا نقف في طابور لساعات، وإذا بسائق اجرة يخالف السير ويتسبب بإرباك في جانبي الشارع، فزاد الحال سوءا وتوقف السير، ما اضطر عددا من افراد الشرطة الى شتمه وضربه". ابو فراس استدرك "ربما يعود هذا الى درجات الحرارة المرتفعة، التي تجعل السائق متوتراً، فيفقد السيطرة على اعصابه!" وتابع ابو فراس ان الوقت الذي استغرقه يوم امس للوصول من بيته في منطقة زيونة الى مكان عمله في الكرادة هو "ساعة ونصف، في حين أصل في الايام العادية الى العمل بربع ساعة". ودعا السلطات المسؤولة الى ان تضع حركة المواطن، عاملا وموظفا وكاسبا، "بنظر الاعتبار عند تنفيذ خططها الأمنية". مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة اللواء نجم عبد جابر وصف الزحامات التي شهدتها العاصمة يوم أمس بـ "الطبيعية"، قائلا "خرجت قبل يومين من المحافظة باتجاه جانب الكرخ ثم رجعت، استغرقت ساعة ونصف". وهذا الوقت كما يقول اللواء نجم "لمجرد عبرة الجسر". وأشار عبد جابر الى ان هناك اسباباً كثيرة تربك حركة سير المركبات وتحدث زحامات مرورية، منها الخطط الامنية التي تشهدها العاصمة، وتلقي بظلالها على حركة المركبات في الشوارع، "ما يؤدي إلى زخم مروري". وعلل عبد جابر في اتصال مع "العالم" أمس الزخم المروري بـ"زيادة عدد السيارات، ما اضطر السلطات الى العمل بنظام الزوجي والفردي، كما ان الشوارع لم يطرأ عليها أي تحسن او تغير او توسع يراعي هذه الزيادة". ودعا "الجهات الاخرى، التي لها علاقة بعمل المرور، الى توفير الارضية المناسبة لعملنا، مثل عمل انفاق وجسور للتخفيف من الزحام المتواصل". وأضاف اللواء نجم ان "هناك اماكن معينة فيها وزارات ودوائر خدمية ومستشفيات هي التي تشهد زخماً مرورياً"، في اشارة الى كثرة الزحامات في مركز العاصمة وشارع النضال والمناطق المحيطة بساحة الاندلس، في الكرادة. واشار مدير العلاقات والإعلام في مديرة المرور العامة نجم عبد جابر الى ان "الامانة العامة لمجلس الوزراء وضعت الكثير من القرارات والإجراءات، ورفعتها الى مجلس النواب من اجل التخفيف وتسهيل حركة سير المركبات في شوارع العاصمة بغداد". لكن كل هذا الزحام والنقاش راح يتبدد في جو يشير الى الخوف. خلت شوارع بغداد من السيارات التي كانت قبل ساعات تضج بالزحام. الناس انسحبوا الى بيوتهم قلقين واخبار انتشار الارهابيين والشائعات وإعلان رئيس الحكومة حالة الانذار، تضغط عليهم وتزيدهم قلقا وهما. احمد محمد، من سكان شارع السعدون، تحدث لـ"العالم" عن تزايد خوف الناس، ما دفعهم إلى الاسراع الى بيوتهم. وقال احمد "تعطل كل شيء. الشوارع فارغة. الناس خائفون. لم يعد احد يثق بالقوات الامنية". وأضاف "هناك كلام عن هرب جنود وشرطة امام الإرهابيين. هل يمكنك أن تثق بقوات كهذه؟"
1309 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع