القادة العسكريون لا يمكنهم تحريك جندي دون موافقة المالكي

   

يشرح خبراء وجنرالات أميركيون أسباب انهيار الجيش العراقي امام قوات داعش، مشيرين إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى المالكي وأساليب إدارته للحكم.

لم يكن انهيار الجيش العراقي دليل فشل ذريع لقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته فحسب، بل للجيش الأميركي أيضاً الذي دربه وبدأ عملية بنائه بعد حل الجيش السابق بجرة قلم من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر.

وهذا ما يعترف به ضباط اميركيون عملوا في العراق خلال الاحتلال، فيما يواجه المالكي اليوم أزمة قيادة فاشلة ومعنويات منهارة تهدد بكشف العراق والمنطقة إلى مخاطر لا تُعرف نتائجها.  
 
وحمَّل الضباط الأميركيون المالكي نفسه مسؤولية الفشل والانهيار بسبب التطهيرات التي اجراها مستهدفًا كوكبة من خيرة القادة العسكريين العراقيين. واعتمد المالكي في بناء الجيش العراقي معايير لا تمت بصلة إلى معايير الكفاءة والوطنية.
 
وفي هذا الشأن، قال المستشار العسكري الأميركي السابق في العراق، ديريك هارفي، إن المعضلة يمكن أن تُختزل إلى سؤال واحد يطرحه الجندي العراقي حين يتعرض الى خطر هجوم مباغت، هو "هل أنا مستعد للتضحية بحياتي من أجل المالكي؟"
 
حماية نظام حكمه
 
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الباحثة البريطانية، ايما سكاي، التي عملت مستشارة لقائد القوات الاميركية في العراق قولها إن المالكي بدلاً من التركيز على بناء الجيش تدريباً وتسليحًا: "استخدم كل ما بيده من أدوات لاستهداف خصومه السياسيين". واضافت سكاي أن همَّ المالكي كان "تعزيز السلطة وحماية نظام حكمه وأن خصومه يخافونه ولا يثقون به".  
 
واستعدى المالكي بصفة خاصة العشائر السنية في المحافظات الغربية والشمالية التي كانت العامل الحاسم في تغيير ميزان القوى ضد تنظيم القاعدة عام 2007 بتشكيل مجالس الصحوة لطرد مسلحي التنظيم من مناطقها.
 
ويشير بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين السابقين إلى رحيل الأميركيين دون توقيع اتفاقية امنية تتيح إبقاء وحدة من المستشارين والمدربين لمواصلة العمل، الذي بدأوه مع الجيش العراقي الجديد. ولكن غالبية المسؤولين الأميركيين الذين عملوا في العراق يتفقون على أن المشكلة الأكبر هي المالكي نفسه الذي بتركيز عملية صنع القرار بيده جعل من الصعب على الجيش العراقي أن يتحرك بسرعة ردًا على أي تطورات تحدث ميدانيًا.  
 
وقال الجنرال جيمس دوبيك الذي أشرف على برنامج تدريب الجيش العراقي من 2007 إلى 2009 لصحيفة واشنطن بوست إن القادة العسكريين العراقيين كانوا في كثير من الحالات ينتظرون مكالمة من مكتب المالكي قبل أن يتمكنوا من تحريك جنودهم.  كما أن القيادة العراقية لم تعرف مَنْ تبتعث للدورات العسكرية التي كان الجيش الأميركي ينظمها للضباط العراقيين. وقال الجنرال دوبيك "إن مكتب رئيس الوزراء المالكي لا يستطيع أن يقرر مَنْ يرسل فكانت الدورات تبقى شاغرة".
 
انتشار العدوى
 
وحذر دوبيك من أن "انهيار قوة قتالية في منطقة واحدة يمكن أن تنتشر عدواه بسرعة".  واضاف أن المالكي "يعرف أنه يواجه خطرًا وجوديًا وعليه أن يدرك أن حياته السياسية وحياته الجسدية في خطر".     
 
وكان القادة العسكريون الاميركيون يأملون بإبقاء نحو 10 آلاف جندي لمساعدة القوات العراقية في تخطيط عمليات من النوع المطلوب لاستعادة مدن مثل الموصل والفلوجة، واستمرار العمل مع الجيش العراقي لبناء منظومات لوجستية تؤمن إبقاء العربات المصفحة والمروحيات جاهزة للعمل.
 
ولكن ادارة اوباما قررت الانسحاب بالكامل مخلفة وراءها ثغرات خطيرة في قدرات الجيش العراقي. ويقول المستشار العسكري الأميركي السابق، ريك برينان، إن انهيار الجيش العراقي كان مفاجئًا رغم علم الأميركيين بهذه الثغرات، مشيرًا الى وقوع اسلحة ومعدات بمئات ملايين الدولارات بأيدي داعش.
 
وقال الجنرال الاميركي المتقاعد مايكل باربيرو الذي أشرف على تدريب الجيش العراقي من 2009 الى 2011 "إن واشنطن وبغداد كليهما تتحملان المسؤولية" مؤكدًا أن المسؤولين من الجانبين كانوا على علم بمواطن ضعف الجيش العراقي لكنهم لم يبذلوا محاولة جادة لمعالجتها.
 
وبعد انفاق مليارات الدولارات من اموال الشعب العراقي على صفقات اسلحة اعتراها كثير من الفساد تكفلت سياسات المالكي باختزال مهمات الجيش العراقي إلى "جيش من نقاط التفتيش" على حد وصف الجنرال الأميركي باربيرو، مهمته الرئيسية إقامة حواجز على الطرق ورفعها حين تمر مواكب المسؤولين.  
 
العمل الاستخباراتي
 
وقال باربيرو إن المدربين الأميركيين كانوا يؤكدون أن العمل الاستخباراتي عامل حاسم في تفكيك شبكات المسلحين، وأن المسؤولين الاميركيين أقاموا مراكز قيادة وسيطرة تستخدم التكنولوجيا المتطورة، في حين كان القادة العسكريون العراقيون يعملون بالهواتف الخلوية.  
 
وكشف باربيرو أنه كان في العراق قبل شهر وأن المسؤولين العراقيين أكدوا له احتواء خطر داعش.
 
ورأى خبراء عسكريون أميركيون أن مشاكل الجيش العراقي عَرَض من أعراض أزمة أعمق بكثير في العراق سببها سياسة المالكي الطائفية، وبالتالي عجزه عن بناء العلاقات بين مكونات الشعب العراقي على أساس الهوية الوطنية اولاً.  
 
وقال ديريك هارفي، الذي عمل مستشاراً استخباراتياً للجنرال، ديفيد بترايوس، قائد القوات الاميركية السابق في العراق "إن جوهر الأمر سياسي وما نواجهه اليوم ليس القاعدة، وأن رئيس الوزراء المالكي يريدنا أن نركز على داعش بوصفها التهديد الرئيسي. ولكن داعش تأتي في الصدارة وأن عمق ما نراه وسعته هو من حيث الأساس عرب سنة زهقوا وضاقوا ذرعًا".

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع