شوارع العراق خالية
تعيش مدينة بغداد حالة من التوجس ليس من التهديدات التي اطلقها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) باختراق بغداد ، بل من التفجيرات التي تغدر بالناس لاسيما ان المواطنين يؤكدون ان هناك خلايا داعشية نائمة، فيما يتخوف البعض من حصول شحة في المواد الغذائية.
عبد الجبار العتابي من بغداد: يتابع الكثير من أهالي بغداد الشائعات التي تتكاثر مع تواصل المعارك بين القوات العراقية وتنظيم (داعش) وتاثيرها على معنويات الناس ويومياتهم على الرغم من ان اكثر ما يلفت الانظار، هو خلو الأسواق والشوارع من الزحمة، فضلا عن الانتشار الكثيف لقوات الأمن في الشوارع الرئيسية والفرعية وفي نقاط معينة حيث تقف سيارات الشرطة والجيش.
جولة عشوائية
تجولت (ايلاف) في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، وتحدثت الى الكثير من الناس فيها عن ما يستشعرونه هذه الايام التي تتواصل فيها المعارك وتزداد الازمات، فأكثر ما يمكن ملاحظته، ان بغداد تخلت تماما عن الزحامات التي كانت تكبل السيارات في شوارعها، فيما كانت نقاط السيطرة أقل تقييدا من قبل، فيما أرصفة الشوارع العامة في الصباحات والأسواق حركتها عادية، حيث المحال التجارية تفتح ابوابها والباعة الجوالون يمارسون صخبهم وغناءهم، لكن في الظهيرة وبسبب ارتفاع درجات الحرارة تخلو الشوارع من الحركة.
مللنا الحروب
سألت بائعا في منطقة السنك في الرصافة عما يجري فقال: الله يستر، العديد من الذين كانوا في هذا المكان يبيعون مثلي ذهبوا للتطوع تلبية لنداء المرجعية، انا اتمنى ذلك لكنني مصاب بداء السكري ولا استطيع المقاومة، اللعنة على داعش، والله مللنا الحروب .
واضاف: اسمع وانا جالس هنا او عندما اذهب الى البيت الكثير من الشائعات، مرة أصدقها ومرة لا، واشعر أحيانا أن الناس منزعجة من هذه الشائعات، لانهم يخافون على عوائلهم مثلما انا اخاف، ونتمنى ان تنتهي التفجيرات ونعيش بسلام .
كأس العالم
وهناك في المقهى الصغير في شارع السعدون، لا حديث غير داعش والمرجعية وثالثهما مباريات كأس العالم، وقد سأل شاب صديقه، اذا شاهد مباراة ليلة ـمس فأجابه بالنفي لانه منشغل باخبار داعش واخواتها، بينما راح يستفزه بتفصيلات المباراة واهدافها.
وعندما سال صاحبه هل يتطوع للقتال ضد داعش؟ أجاب الآخر نافيا "انا موظف وكفاني السيد السيستاني القتال"، فيما رد الشاب "اما انا فسوف انضوي تحت لواء سرايا السلام للدفاع عن بغداد وان كنت متيقنا ان الجرذان لن يصلوها ابدا" .
احاديث شتى
أما في المساء، فتبدأ الطرقات تخلو من المارة تدريجيًا قبل حلول الساعة العاشرة، وتدور أحاديث منها عن (داعش) والتطوع للجيش، كما يحتل كأس العالم وخاصة بين الشباب حيزا مهما، لكن الأحاديث الحامية هي أحداث المحافظات (الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار) وبالاخص نينوى.
ويطرح البعض فكرة داعش بالوصول الى بغداد لمجرد الطرح، رغم التأكيد على أنالعاصمة عصية ومن الصعب اختراقها، فيما تأخذ قضية التطوع لقتال حسب الفتوى التي أطلقها المرجع الديني اية الله علي السيستاني مساحة كبيرة من الأحاديث التي يتم تجاذبها، سواء في سيارات النقل، او الإدارات الحكومية او المقاهي، ترافقها أحاديث عن جشع التجار الذين يحاولون رفع اسعار المواد الغذائية وهناك من يشير الى شحة في غاز الطبخ، وان لم يكن صحيحا، فلا زال باعة الغاز يتجولون بعرباتهم في الشوارع .
بغداد محروسة
وتحدثت "إيلاف" إلى شرطي يقف في منطقة المنصور: انا صحافي وأريد أن أعرف منك اكثر ما يلفت انتباهك في ظل ما يحدث، فقال ضاحكاً: (الحلوات!!)، لكنه استدرك بعد ان قال انه يمزح: لا يوجد زحام مثل الايام الماضية، السيارات تمضي بسرعة ربما السبب ان السيطرة خففت الضغط في التفتيش او ان الناس لا تريد ان تخرج في هذه الاجواء الحارة، يعجبني ان اسمع من الناس عبارة (الله يساعدك)، نحن نخدم الوطن ولا نسمح لكائن من يكون ان يخل بالأمن لا داعش ولا غيرها، وستبقى بغداد محروسة بعين الله وقلوبنا، وبيني وبينك فتوى المرجعية اعطتنا قوة معنوية اكثر .
غاز وبيض وطماطة
أما المرأة التي كانت تجلس بالقرب في سيارة (الكيا) فقد تحدثت عن الوضع العام بعد ان استفزها منظر شابة سافرة تجلس على المقعد المقابل، فقالت لها اولا: والله انت شجاعة تسيرين سافرة في هذه الفوضى خاصة انك جميلة، فلم ترد عليها الفتاة، وتابعت السيدة قائلة: نتخلص من مشكلة تطلع لنا غيرها، الآن علينا داعش وهذه الوجوه القبيحة التي لا اعرف من اين اتتنا، وأخافت اطفالنا، وجفعت التجار إلى رفع اسعار المواد الغذائية، طبقة البيض من ثلاثة الاف ونصف الى ستة الاف دينار، ويقولون غاز لا يوجد، وهذا يعني نرجع نطبخ على الخشب، ونخاف ان ترتفع اسعار الخضراوات، (ضحكت) اذا غلت الطماطة انا اموري تتخربط !!
واضافت: والله لو عندي قوة اتطوع واقاتل هؤلاء الدواعش، انا احب الموصل وحرام الذي يحدث فيها.
استعراضات عسكرية بملابس مدنية
لكن الحدث اللافت خلال اليومين الاخيرين، هي الاستعراضات العسكرية التي تقام في الشوارع العامة لعدد من المناطق الشعبية، التي يقوم بها التيار الصدري وعصائب اهل الحق، المئات من الشباب بملابسهم الموحدة وبدون سلاح ينتظمون في طوابير لتقديم انفسهم، اسأل احدهم عما يجري فقال: نحن نستعد للمشاركة في المعارك ضد داعش للدفاع عن الموصل ونشكر المرجعية الدينية التي افتت بالجهاد ،نحن سرايا جيش السلام للدفاع عن المقدسات وارض العراق لكن والله لسنا طائفيين ولا نريد ايذاء اخواننا السنة لكن داعش هو عدونا وسوف نطرده ، نحن ابناء التيار الصدري سنكون رهن اشارة المرجعية .
1047 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع