بغداد ـ ناصر الجمّال:قال مسؤولون استخباريون اميركيون ان ايران تساعد العراق بمجال الاستخبارات وسرب طائرات من دون طيار، فيما تحدثت مصادر عن نية رئيس الوزراء نوري المالكي إلغاء اتفاقية الدفاع المبرمة مع واشنطن في العام 2008 لتعمدها بتأخير تسليح الجيش العراقي.
وتحدثت وسائل اعلام اميركية امس عن ان ايران ارسلت ثلاث طائرات من طراز Su-25 للعراق وأنها تنفذ مهام في مناطق من العراق. وترى تقارير اميركية ان هذه الخطوة تنطوي على مساعدة العراق في حربه ضد مسلحي تنظيم داعش، وتوسيع نطاق نفوذها على السياسيين العراقيين، الذين يكافحون لتشكيل حكومة جديدة.
وتنقل صحيفة نيورك تايمز عن مسؤول اميركي، رفض الكشف عن هويته لأنه يتحدث عن تقارير استخبارية، قوله ان هناك طائرة واحدة يقودها طيار ايراني. إلا ان مسؤولا عراقيا كبيرا شدد على ان الطائرات كلها يقودها عراقيون. وقال المسؤول ان الطائرات تعود اصلا للقوة الجوية العراقية وذهبت الى ايران في حرب الخليج، في العام 1991، للاختباء.
وقال المسؤول العراقي إن "ايران، بعد ان فهمت حراجة وضعنا على الارض، اعادت لنا بعضا من طائراتنا". ورفض المسؤول العراقي ايضا الكشف عن اسمه لأنه يتحدث بشأن استعدادات عسكرية في العراق. وكانت وزارة الدفاع العراقية اصدرت بيانا مرفقا بشريط مصور يبين نشر طائرات روسية مستعملة من طراز Su-25 وهي تلقم بالذخيرة والعتاد، وسط تقارير تحدثت عن مقتل طيار ايراني بالقرب من سامراء.
لكن اثنين من المسؤولين الاميركيين قالا ان ما ذُكر انه طيار ايراني، قالت وكالة ارنا نيوز انه العقيد شجاعة علمداري مرجاني، كان مع وحدة طائرات من دون طيار، وانه قتل بهجوم بقذائف الهاون شنته داعش.
لكن المسؤول العراقي نفسه اكد ان الرجل هو في الحقيقة زائر ايراني، وانه كان يعمل سابقا بصناعة الطائرات في ايران.
وسلاح الجو الايراني هو الحلقة الضعيفة في منظومة الدفاع الايرانية. اذ انه ما زال يعتمد على طائرات اميركية قديمة، ولم تتمكن ايران من تجديد سلاحها الجوي او تغيير معداته بسبب التشديد الدولي على وارداتها من السلاح، فضلا عن ميل طهران الى الابقاء على التسليح الاميركي، الذي ورثته من حكم الشاه. وحاجة العراق الى قوة جوية فاعلة شيء واضح. فسلاح الجو العراقي يتكون من عدد محدود من طائرات سيسنا، التي تتمكن من حمل صواريخ هلفاير الاميركية، كما لدى القوة الجوية العراقية ما يقرب من سرب متنوع من مروحيات اميركية وروسية، وهي التي يستعملها العراق في عملياته الحربية ضد داعش.
وكانت الولايات المتحدة باعت للعراق طائرات من طراز اف 16، ومن المقرر ان تسلّم اول طائرة منها في خريف العام الجاري. إلا ان حتى موعد التسليم هذا بدا غير مؤكد لان فريق المتعاقدين الاميركيين، الذين يوفرون الدعم الفني لبرنامج التسليح، انسحبوا من قاعدة بلد الجوية خلال هجوم داعش. ولهذا اعلن العراق انه بصدد شراء طائرات من طراز Su-25 ايضا من روسيا، إلا انه لا يعتقد ان هذه الطائرات دخلت العمليات. وتقول التقارير الاميركية ان اقدام ايران على ارسال ثلاث من طائرات العراق القديمة، Su-25، جاء بعد قرارها بإرسال اسطول من طائرات المراقبة من دون طيار، ابابيل، وإرسال وحدة استخبارات لاعتراض الاتصالات، ومستشارين.
وتقول التقارير الاميركية ان وحدات الطائرات من دون طيار والاستخبارات الايرانية موجودة في قاعدة الرشيد ببغداد. وان طائرات Su-25 الروسية تشبه الطائرة الاميركية من طراز A-10، فكلاهما مصمم لتنفيذ هجمات برية. والطائرة الروسية مجهزة بمدفع رشاش عيار 30 ملم ومسلحة بصواريخ وقنابل، وهي فاعلة لمكافحة تجمعات وأرتال مسلحي داعش، حسب ما يقول جوزف دمبسي، المحلل العسكري بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره لندن.
وقال مسؤول اميركي ان طائرات Su-25 نفذت فعلا مهام على الرمادي والفلوجة، غربي العراق، ومصفى بيجي، بشماله. ولم يذكر المسؤول الاميركي ما اذا نفذت الطائرات عمليات قصف أم لا. لكن المسؤول قال ان ايران ارسلت عناصر من الحرس الثوري وكادرا جويا للعراق مؤخرا.
بعض الاعضاء النافذين في لجنة الخدمة المسلحة في الكونغرس رددوا صدى هذه المخاوف من تنامي الوجود الايراني في العراق بعد ان اطلعهم وزير الدفاع، تشاك هاغل، والجنرال مارتن دمبسي، رئيس هيئة الاركان، على مجريات الاوضاع في العراق في اجتماع مغلق مع اللجنة. وقال السيناتور ساكسبي تشامبلس، وهو ايضا كبير الجمهوريين بلجنة الاستخبارات، "انا لا اثق بالايرانيين، لذلك اعتقد انهم في العراق لأغراض مؤذية يعملون عليها من اجل مصالحهم الخاصة".
لكن البنتاغون اكدت، وعلى لسان المتحدث باسمها، الادميرال جون كيربي، ان ايران ارسلت طائرات حربية وأسلحة وذخيرة ومستشارين عسكريين، لكنها لم ترسل اية قوات قتالية. وقال كيربي "ليس لدينا مؤشرات على وجود قوات ايرانية على الارض داخل العراق". وأضاف "ما قلته سابقا يبقى صحيحا حتى اليوم وهو: اننا نعرف ان هناك بعض الناشطين الايرانيين ـ ناشطين تابعين لفيلق القدس داخل العراق يوفرون التدريب والاستشارة لبعض القوات العراقية، وبنحو اخص وأكبر، لميليشيا شيعية". وقال الادميرال كيربي "نحن نفهم ان العراق، بوصفه دولة ذات سيادة، له الحق بالاتصال بجيرانه اذا رأى العراقيون ان من المناسب طلب الدعم منهم. فقد قلنا ـ ولم يتغير اي شيء عما قلناه سابقا ـ اننا لن ننسق انشطتنا العسكرية مع طهران". المحلل العسكري جوزف دمبسي قال ان هناك على الاقل طائرتين من طراز Su-25، وصلتا الى العراق، هي من بين 7 طائرات عراقية من طراز Su-25 توجهت الى ايران خلال حرب الخليج. وقال "الطائرة الثالثة، وهي الوحيدة التي فيها مقعد لمدرب الطيار، اخذت من روسيا بطلب لاحق من ايران".
لكن مسؤولين عراقيين يؤكدون ان كل طائرات سوخوي Su-25، التي وصلت الى العراق هي من الطائرات التي كانت في ايران، ما يثير توقعات بان الطائرات الاربع المتبقية ستعاد ايضا للعراق.
ويشدد العراقيون على ان هذه الطائرات عراقية وهم يقودونها، لكن الاميركيين يتساءلون كيف ان هذه الطائرات، التي لم تكن من ضمن الترسانة العراقية على مدى عقدين من الزمان، طارت الى العراق وهي الان موجودة. جوزف دمبسي يرى ان نشر وزارة الدفاع العراقية فيديو عن الطائرات وتزويدها بالسلاح محاولة "لإثبات قدرتهم على تشغيلها بمفردهم". في هذه الاثناء، هددت الحكومة العراقية بإلغاء اتفاقية الدفاع المبرمة مع الولايات المتحدة بسبب تأخر واشنطن وبطئها في تجهيز البلد بالطائرات.
مصادر مقربة من رئيس الوزراء نوري المالكي قالت انه يخطط لإلغاء اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة مع الولايات المتحدة في العام 2008.
وقال مصدر ان "إذا اثار المالكي موضوع الاتفاقية هذا، فان اوباما سيرى روسيا وإيران تدخلان العراق لسد الفراغ، بخاصة في ما يتعلق بالعقود العسكرية والدعم اللوجستي".
وكانت واشنطن صرحت في حزيران الماضي ان المعدات العسكرية التي تعاقد عليها العراق سيتأخر تسليمها لان فريق دعم الطائرات الاميركية العامل في العراق انسحب بعد هجوم داعش على قاعدة جوية.
في هذه الاثناء، قال عضو لجنة الدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، ان العراق يسعى لاسترداد ما يقرب من 41 مليار دولار كان قد دفعها الى الولايات المتحدة في مقابل شراء طائرات اف 16 ومروحيات اباتشي وأسلحة ومعدات اخرى لمكافحة الارهاب.
وقال الزاملي ان "الولايات المتحدة غير جادة وهي تتعمد تأخير تسليح الجيش العراقي لمحاربة الارهاب في البلد". واشنطن من جانبها تقول انها أخرت تسليم طائرات اف 16 ومروحيات اباتشي للعراق لأنها تخشى وقوعها بأيدي المسلحين.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية عن أن روسيا لم ترسل لمساعدة العراق طائرات هجومية فحسب، بل طيارين حربيين أيضاً. من جهتها، أكدت السفارة الروسية في العراق حقيقة وصول خبراء روس إلى العراق، لكنها لفتت الى أنهم لن يقوموا بقصف مواقع المسلحين. وأوضح إيليا مارغونوف، سفير روسيا في العراق، ان "مهمتهم الأولى تجميع الطائرات المستوردة، ثم العمل على أن تقوم هذه الطائرات بالتحليق، ولكن الحديث لا يدور أبداً حول مشاركة الخبراء الروس بالعمليات القتالية، فهذا ممنوع". خبير عسكري روسي قال ان إرسال طيارين روس أمر لا معنى له. اذ يقول رسلان بوخوف "يوجد لدى العراق خبراؤه، بالإضافة إلى وصول طيارين إيرانيين لتقديم المساعدة، لأنه يوجد لدى الجهورية الإسلامية 13 طائرة من هذه الطائرات".
ولفت الى ان "في أسوأ الحالات، العراق قادر على الاستعانة بالطيارين السوريين أو استئجار طيارين من السوق المفتوحة".
922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع