دلو الثلج يتحول في العراق إلى تراب على الرؤوس احتجاجًا

     

  عراقي يسكب دلو التراب على جسمه احتجاجا على اوضاع بلاده
 

        

في رد فعل مؤلم على ما يحدث في العراق من قتل مجانيّ وتهجير وسبيّ للنساء وسلوكيات، وردًا على الظاهرة العالمية التي تسمى بتحدي دلو الثلج، التي قام الكثير من العراقيين بتقليدها، قام شباب عراقيون بالتحريض على تحدٍ من نوع آخر، وهو سكب التراب على رؤوسهم.

عبدالجبار العتابي/بغداد:في ظاهرة احتجاجية لافتة، قامت مجموعة من الشباب من منظمة (نهضة شباب الرافدين) بالعراق بالترويج لسكب التراب على رؤوسهم احتجاجًا على المذابح التي يتعرض لها العراقيون في مختلف الأماكن واحتجاجًا على التهجير القسري وسبي النساء والكثير من السلوكيات التي تعرض لها ابناء الاقليات الذين مات منهم الآلاف بسبب القتل المباشر والعطش والجوع والتعب والكثير من الحوادث دون أن يقوم العالم بأية فعاليات من أجل التنبيه إلى ما يعانون، فيما العالم منشغل باللهو بسكب الماء الثلج وهو لا يعرف أن عدد الذين ماتوا في شمالي العراق اضعاف المصابين بمرض التصلب العضلي الجانبي.
 
ضد التقليد الاعمى للغرب
 
وقال قيصر حسن، احد شباب نهضة الرافدين لـ (ايلاف): "الأجانب عندما عملوا حكاية الماء البارد تضامنًا مع القضية التي شغلتهم وتخصهم والمرضى الذين عندهم، ومن خلال اعلاناتها حققوا مبالغ سيتبرعون بها لعلاج المرضى.. والمفروض عندما نقلدهم يجب أن نقلدهم بشيء مفيد أو أن نقدم شيئاً لبلدنا مثلما هم يعملون، وليس ان نصور لقطات فيديوية للضحك والسخافة، هم يعملونها لقضية انسانية فيما نحن نعملها للضحك والاستهزاء.
 
واضاف: "اين الفنانون العراقيون مما يحدث في العراق؟ لم نرَ احدًا منهم يذكر الناس الذين يهجرون من مدنهم والذين يموتون، ولم نجد منهم سوى فيديوات وأحدهم يتحدى الثاني، وواحد يضحك على الآخر، ونعتقد انهم فهموا القضية بالغلط لأننا نؤمن أن الفن ليس مجرد رقص وفوضى بل أن الفن رسالة".
 
وتابع : "هل يعرف العراقيون كم عدد النازحين؟ وهل يعرفون إلى أي عدد وصلت اعداد الشهداء؟ وهل يعرف الكثير من الشباب كيف يعيش ابناء بلدهم في هذا الجو الحار؟، هل يعرفون اننا حينما نذهب اليهم لاعطائهم  مواد غذائية وملابس، كيف أن الدمعة تطفر من عين الذي نعطيه الاغراض؟، وهل يعرف الشباب معنى أن يتخلى انسان عن بيته وكل ما يملك لمجرد أن يبقى حيًّا؟ هل يعرفون كم طفل في العراق مات بسبب العطش في هذه الاحداث الاخيرة ؟  
 
واضاف :"اذن.. لنتضامن ونتحدى مثل غيرنا، هات ترابًا وارمه على نفسك مثلما يحدث مع ابناء بلدك الساكنين في المخيمات بالصحراء وربما يأكلون ويشربون وربما لا".
 
وختم كلامه بالقول: "يكفي.. اصحوا، فالبلد يدمر، كل شيء بيدكم، ولا نريد أن يقول احد ماذا نفعل، فالذي ليس باستطاعته عمل شيء ليذهب لمساعدة الناس ولا يظل واقفا يتفرج فقط".
 
وأوضح الشاب أنه من خلال هذه الممارسة لدينا رسالة نريد ان نقول بها : بمناسبه تحدي الماء البارد ما رأيكم ان نعمل تحدياً عراقيًا، أن  نسكن في جامع او مدرسة او خيمة في صحراء، ان تذهب لوحدك واذا ما اردت أن تستمع فخذ معك طفلاً عمره سنة واحدة وليس لديه حليب أو خذ معك اباك او امك، وهما يشكوان من مرض السكري وضغط الدم، هذا هو احتجاجنا الذي جاءت في نهايته فكرة سكب التراب على الرأس.
 
ظاهرة لافتة للانظار
 
من جهته، اكد مروان سالم، طالب جامعي، أنه يشجع على هذه الظاهرة من اجل لفت انتباه العالم الى ما يحدث في العراق، وقال: "انشغل العالم بسكب الماء المثلج ورحنا نقلده تضامنًا معه لكننا نسينا أن لدينا قضية اكثر اهمية، انا كنت حزينًا جدا حينما شاهدت العالم والعرب يمارسون هذه الظاهرة فيما ابناء شعبنا يموتون يوميًا بالالاف".
 
واضاف: "انا سعيد بظاهرة رمي او سكب التراب على الرؤوس، إنه احتجاج مؤثر لابد أن يتضامن العراقيون معه، لان ما يحدث هو مأساة والله، وعلينا ان نبكي لا أن نضحك ونستهزء ونلعب، علينا أن نلفت انظار العالم الى كوارثنا التي نعيشها، علينا أن نملأ الانترنت بنا ونحن نسكب التراب على رؤوسنا احتجاجًا على ما يجري في بلادنا".
 
الضغوطات هي السبب
 
من جانبه، اكد الكاتب والصحافي علي لفتة سعيد أن العراقي اليوم يتحمل الكثير من المعاناة الضاغطة على وضعه وحالته النفسية، وقال: العراقي انسان تدرب على مواجهة الصعاب بطرق مختلفة ربما الوضع السياسي الماضي قبل السقوط ربما الحروب التي خاضها ربما  التأثيرات الدينية الكبيرة التي جعلته مختنقًا في التعبير عن حريته..كلها طرق يمكن عدها على أنها فروع لنهر المعاناة وربما بحر تعرض له العراقي.
 
واضاف: "لهذا، فإنه امام حالة من السخرية على  واقعه، سخرية من الوضع ومن الحياة واحتجاجاً على امور لم تكن من صنع يديه سواء كان واقعاً سياسيًا أو واقعًا دينيًا ضاغطاً والدينية لا تعني طائفة أو تياراً دينياً، بل هو ما يشمل الجميع بين حين يغلف التأويل بالتعصب، وهذه امور تركت لديه حالة واحدة وهي ردة الفعل الساخرة للتعبير عن خوالجه ودواخله".
 
 وتابع: "العراقي اليوم يحتج بطرق ليس فقط لايصال الصوت بل للتخفيف عن حال الاختناق التي يتعرض لها في واقعه النفسي لكي يتنفس لانه يدرك أن صوته واحتجاجه مجرد صراخ في علبة،  وهذا ما جعله يلجأ الى الاحتجاج بسكب التراب على رأسه لا ليقلد الآخرين بل ليقول ان معاناته اكبر".
 
تتلاءم مع الحزن  
 
اما الصحافي صالح الشيباني، مدير تحرير جريدة القلعة، فقد قال : اعتقد أن سكب التراب على الرؤوس له دلالة تتلاءم مع الحزن القاتم الذي يعيشه الناس، سابقاً كانت المرأة الريفية حين تفقد زوجها أو ولدها أو شخصاً عزيزاً جداً تقوم بـ(التمرغل) في التراب ونثره على الرأس والجسم.
 
 واضاف: "هناك ربما دلالة اخرى في اختيار التراب الذي هو النتيجة السريعة الحتمية  للإنسان العراقي المبتلي بالمفخخات والكواتم واللواصق والاختطاف والتهديد، كان الله في عون العراقيين المتكيفين مع الغبار والتراب، وستظل صورة المشهد السياسي غامضة وغير مفهومة بسبب عدم وضوح الرؤية".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

956 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع