سوق في مكة المكرمة
من السبحة وألعاب الأطفال، إلى التذكارات، وصولاً إلى لوحات ومجسمات الحرمين الشريفين، سيطرت بضائع مسمى (صنع في الصين) على أغلب الهدايا، حيث تكفي جولة سريعة، ليس فقط بالأسواق الشعبية أو الأرصفة، بل المراكز التجارية الكبرى أيضاً، لتجد تشكيلة واسعة من هدايا زوار بيت الله الحرام، اختلفت في الأشكال والأنواع واتفق أغلبها في المنشأ الصيني.
ويعتبر شراء الهدايا والتذكارات من مكة أو المدينة، عرفاً اجتماعياً ملزماً للكثير من حجاج الدول الإسلامية والعربية. ورغم أنها ترهقهم مادياً، وتمثل حمولات زائدة تعوق تحركاتهم وتنقلاتهم بين فنادق مكة وجدة والمدينة ومطاراتها، إلا أن أغلب الحجاج لا يتنازل عن شراء تذكاراً لو هدية يوثق عبرها رحلته الدينية، ويذكره بعبق الحرمين الشريفين، فضلاً عن هدايا الأهل والأصدقاء.
ولم يطل الزحف الصيني سوق الهدايا فقط، إنما أيضا مستلزمات الحجاج من إحرام وأمتعه وشمسيات، سيما أن السلع الصينية لم تعد مقصورة على المحال الشعبية أو ذات الأسعار المنخفضة، حيث دخلت المحال الكبيرة وذات الماركات العالمية على الخط، بعد أن تحول منتجيها للتصنيع بالصين بالعلامة التجارية ذاتها، مع بيعها بنفس أسعارها الأصلية.
صنع في الصين
الاخصائي بالصادرات الصينية، حسن أمير منسعاي، أوضح أن سبب تحول العديد من شركات الهدايا وغيرها للتصنيع في الصين هو بحثهم عن الأعباء المادية الأقل سواء في المواد الخام أو الأيدي العاملة، مشيراً في حديثه لـ"ايلاف" إلى أن الماركات العالمية سلكت هذا المنحى، لكن ولأنها تخشى على سمعه منتجاتها تتعاون مع مصانع محترمة تنتج بجودة عالية، في حين تقوم ماركات أخرى بإنشاء مصانعها الخاصة خوفاً من سرقة أفكارها وتصاميمها.
وأشار منسعاي، إلى أن مستويات جودة المنتج الصيني تتفاوت، وأن التاجر هو من بيده تحديد جودة المنتج، مشيراً إلى أنه عادة ما يطلب التاجر سلعة بتكلفة منخفضة حتى يستطيع تحقيق معدلات ربح عالية فيحصل على سلعه بمستوى جودة منخفض وهو ما ينعكس بالضرر على المستهلك، مؤكداً إن المملكة بدأت في تنفيذ إجراءات تهدف لمنع دخول السلع الرديئة غير المطابقة للمواصفات والمقاييس، وهو ما سيحسن صورة البضائع الصينية مستقبلاً.
صنع في مكة
هذا الزحف الصيني، دفع جهات متعددة للمطالبة بضرورة تفعيل شعار (صنع في مكة) على المنتجات والهدايا المصنوعة للحجاج والمعتمرين، حيث أكدوا على أهمية الاستفادة من الموارد البشرية الوطنية من خريجين وعائلات منتجة للانخراط في القطاع الصناعي لاسيما في مجالات الهدايا ومنتوجات زوار بيت الله الحرام، ما من شأنه أن يعزز مقدرات الاقتصاد الوطني.
وقال عبدالله محمود، المسؤول بمؤسسة حجاج جنوب شرق آسيا، أنه من خلال تعامله مع الحجاج بمختلف جنسياتهم، لاحظ أن الحيرة تواجههم دائما في اختيار الهدايا التي تعكس العبق الأصيل لمكة المكرمة، مشيراً في حديثه لـ"ايلاف" إلى أن صناعة الهدية تحتاج إلى لمسة ذات شغف مكاوي، وهذا ليس متوفراً في الهدايا القادمة من الخارج، وأضاف "أشعر بالحزن عندما أرى الحجاج يعودون إلى بلادهم وهم يحملون هدايا صينية".
من جهته، قال الدكتور إبراهيم الصيني، المستشار التنفيذي في ضيافة البلد الأمين، إن سوق هدايا الحجاج يبلغ سنويا 3 مليارات ريال سعودي، فيما يعتبر التصنيع الوطني للهدايا محدودا لعدم الخبرة، وعزوف كثير من رجال الأعمال، مشيرا في حديثه لـ"ايلاف" إلى إن ضيافة البلد وهي ذراع استثماري تابع لأمانة العاصمة المقدسة، بدأت خطوات متعددة تستهدف تدريب الشباب والأسر المنتجة للاستفادة من أفكارهم ومهارتهم في تأسيس مرحلة جديدة في قطاع صناعة الهدايا القائمة على المعايير الإسلامية والروحية للمكان.
وأوضح الصيني، أن المرحلة الأولى قامت على صناعة قلب الهدية أو 30% منها في مكة، واستيراد الباقي من الخارج، نظراً لإرتفاع تكلفة التصنيع محلياً، مؤكداً أنه تم فعلياً توزيع العديد من الهدايا المصنعة بمكة على مؤسسات الطوافة، وأضاف "ستكون هناك مراحل تالية للبيع على الجمهور، كما ستكون هناك إستراتيجية لتشجيع الخريجين على الانخراط في القطاع الصناعي واستقطاب أصحاب المصالح ورجال الأعمال، بغرض التمكن من تلبية ولو جزء بسيط من احتياجات الحجاج المتزايدة من الهدايا".
1082 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع