الدكتور مصطفى هاشم محمد الورد في ذمة الخلود
د. عمر الكبيسي
صباح يوم الاربعاء المصادف 8 تشرين الاول 2014 اختطفت حشجرات الموت السريعة في العاصمة الاردنية عمان من بين ايدينا جراح الصدر والقلب القدير والشهير الزميل الدكتور مصطفى محمد هاشم الورد ومضت روحه الراضية الى بارئها عسى الله ان يتقبلها بحسن انجازاته و واسع رحمته ومغفرته ويحسن مثواه.
اول لقائي بالفقيد( ابو محمد) كان اواخر عام 1974 في مستشفى برومتن في لندن حين كان يتخصص ويتدرب على جراحة الصدر وكنت للتو قد التحقت بدورة للتخصص في الامراض الصدرية بنفس المستشفى ، لفت نظري في حينها حجم الهمة والنشاط والاندفاع التي يمتلكها رحمه الله من اجل العمل والتعلم والتعليم والتي بقيت ملازمة له طيلة حياته بالرغم من معاناته من الالام الظهر والربو المعند في السنوات الاخيرة في عمان .
كان المرحوم مصطفى الورد في قسم الجراحة والمرحوم جعفر الكويتي في قسم امراض القلب في مستشفى ابن النفيس لأكثر من ثلاثة عقود رمزا عاليا لتدريب الاطباء وتعليمهم بشكل حميم وسخي وعلى ايديهما تدرب معظم أطباء وجراحي القلب والصدر في العراق .بالنسبة لي كان مصطفى الورد جراح المهمات الصعبة كلما كان المرض مستعصيا او حالة المريض وما يحتاجه من تداخل جراحي معقد او صعب ، وفي ظل ظروف الحصار قبل الاحتلال ولأكثر من عقد من الزمن لم نكن نفترق ليلا ونهارا ونحن نقدم اكثف الخدمات وأشدها عسرا للمرضى في أحلك الظروف وأشدها قسوة في العمل وتوفر الإمكانيات واستمرت جراحة القلب والصدر في قطاع وزارة الصحة في مستشفى ابن النفيس وفي القطاع الخاص في مستشفى الجادرية بلا انقطاع وبكثافة طيلة فترة الحصار ألوذ به ويرتكي عليَ في السراء والضراء .. تجدني جنبه في صالات العمليات واجده جنبي في العنايات المركزة من مستشفى الى آخر ، تلك فترة شكلت الفترة الذهبية فيما قدمّه المرحوم من عطاء في جراحة القلب والصدر لحالات كان من النادر ان تجد الجراح الذي يتحمل اجراء عمليات معقدة وصعبة تحمل احتمالات الاختلاطات والمخاطرة . ذهب ومضى ابو محمد ويسرني انه وثق على موقعه بعضا هذه الحالات الصعبة كي يستفاد من خبرته الاخرون .
مضى هذا الجراح القدير والعراقي الأصيل يحمل هموم العراقيين وتلامذته ومستشفاه والوضع الطبي والسياسي بشكل عام ، بقهر واحباط وتشائم منذرا بالشرر وصعوبة ان تظهر بالأفق ملامح خير وتحسن ، وهذا ما عقّد وضعه الصحي والنفسي بالانطواء والاكتئاب خلال السنوات الأخيرة من حياته .
رحمك الله يا أخي وزميلي ورفيقي (أبو محمد )، لقد فقدتك وانت القريب مني في كل سارة ونائحة ، كما فقدك ولدك محمد الوحيد واحفادك منه وفقدتك رفيقة حياتك زوجتك وكنت لهم تعني كل الحياة ، ولكن الله الذي انت في ظلال رحمته اليوم ، لن يتخلى عنهم وكفيل بهم وبرعايتهم ، نم قرير العين ، الهم الله الصبر والسلوان لهم وللسادة اخويك والعلويات اخواتك عائلتك ولكل محبيك وزملائك وطلابك وتلامذتكم ولمن اعددت من جيل اطباء الحاضر والمستقبل والذين زرعتهم في العراق وفي كل انحاء المعمورة التي توزعوا فيها مهجرين ومهاجرين ، بما فعل بهم الاحتلال وعرابيه ، نم قرير العين مع يوسف النعمان ومؤيد العمري وجعفر الكويتي وكل الاعلام من أطبائنا الذين توزعت جثامينهم هنا وهناك يحملون هموم الغربة والهم العراقي وهموم من خلفوا بعدهم من الكفاءات الطبية المشردة والمتعبة .
نم قرير العين برحمة الله ، أما جثمانك هنا ، فقسما ، بالله سياتي اليوم الذي سيكون فيه رفاتك مع رفاة الاعلام الأخرين الذين دفنوا خارج العراق ، طابوقة في بناء نصب التحرير والعطاء والوفاء في بغداد ، يا سليل الكاظم ، وابن الكاظمة للغيض والإبتلاء .
مشيناها خطاً كتبت علينا ومن كتبت عليه خطاَ مشاها
8 تشرين الاول 2014 عمان.
949 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع