بغداد - حجم التدخل العسكري الإيراني في العراق يتكشّف تدريجيا عبر الحجج والدلائل، مؤكدا مواصلة رئيس الوزراء السير في نهج الارتهان للقرار الإيراني، ومثيرا المخاوف من إضفاء طابع طائفي خالص على الحرب ضد “داعش”.
سحب مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس صورة بعد ساعات من توزيعها له بين مقاتلي الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران أثناء زيارته لمنطقة جرف الصخر، ويظهر فيها شخص شبيه بقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، الذي تحوّل بلا منازع إلى أكبر رمز للتدخل الإيراني المباشر في العراق وسوريا ولبنان.
ويظهر في الصورة شخص يرتدي نفس ملابس سليماني التي سبق وظهر بها في صور وأفلام نشرت من قبل بعد مشاركته في معركة قضاء آمرلي الشهر الماضي.
ويبدو أن العبادي شعر بالحرج من أن يقف إلى جوار سليماني المتهم بالمشاركة في عمليات تطهير طائفية في العراق، مع أن البعض عرّف الشخص الذي يظهر خلف العبادي في الصورة بأنه جمال جعفر المعروف باسم أبي مهدي المهندس الممثل الشخصي لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في العراق.
وجعفر القيادي في ميليشيات بدر مطارد من قبل السلطات الأميركية بعد أن كشف عن هويته أثناء وجوده كعضو في البرلمان العراقي في دورة سابقة، بسبب الاتهامات التي وجهت له بتفجير مقر السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت عام 1983. وقد عاش أغلب حياته في طهران بعد هروبه من الكويت.
وعلّق مراقبون على حادثة الصورة هذه، بأنها حتى وإن تبين أنها ليست لقاسم سليماني، فقد قطعت الشكّ باليقين بشأن وجود حضور عسكري ميداني مباشر لإيران على أرض العراق، سبق وأنّ أكّد عراقيون أنه يرتقي إلى مستوى تسلّم القيادة الفعلية للقوات المسلّحة العراقية بعد انهيارها، وإلى تولي ضباط وخبراء إيرانيين إدارة الحرب على تنظيم “داعش”.
وفيما يناقض الحضور العسكري الإيراني في العراق، التأكيدات التي تتالت خلال الأيام الأخيرة على لسان رئيس الوزراء العبادي نفسه لعدم الحاجة إلى مساعدة قوات برية أجنبية للقوات العراقية في مواجهة تنظيم “داعش”، ولرفض حضور مثل تلك القوات على أرض العراق، قال مراقبون إنّ ذلك الحضور الإيراني ليس من دون تبعات وخلفيات سياسية.
واعتبر هؤلاء ظهور العبادي إلى جانب ممثل لسليماني في جرف الصخر دليلا على مواصلة رئيس الحكومة الجديد لنهج سابقه نوري المالكي في الارتهان للقرار الإيراني، مستدلّين باختياره مؤخرا لطهران وجهة له في أوّل زيارة قام بها خارج البلاد كرئيس للوزراء.
وبالنسبة إلى كثير من العراقيين تعني مشاركة إيران في العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” في العراق، إضفاء مظهر طائفي على تلك الحرب، غير مستبعدين أن تصب تلك المشاركة في صالح التنظيم المتشدّد بحيث يسهل عليه تصيّد المزيد من الأنصار بين صفوف الناقمين على التدخّل الإيراني سيئ السمعة والصيت في العراق.
وأظهرت صور وزّعها مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مشاركة الحرس الثوري الإيراني في عمليات جرف الصخر جنوب بغداد، في وقت أعلن وزير الداخلية العراقي محمد الغبان، عدم مشاركة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية في أي ضربات جوية في معركة ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل بوسط البلاد التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها الجمعة، في عملية إيحاء بأن الفضل في هذا الانتصار الجزئي إنما يعود لإيران دون الولايات المتحدة.
وفي مؤتمر صحفي عقده في محافظة كربلاء قال الغبان إن التحالف الدولي لم يشارك في شن أي ضربات جوية بمعركة جرف الصخر، وأن القوات العراقية هي من قامت بـ“تحرير” الناحية من قبضة تنظيم “داعش”. ولم يشر الغبان، وهو أحد قادة ميليشيا بدر التي تأسست في طهران إبان الحرب مع العراق، إلى مشاركة عناصر من الحرس الإيراني في القتال ولا إلى تواجد سليماني مع العبادي في منطقة جرف الصخر.
وقد سبق لسليماني شخصيا أن ظهر في ساحات العمليات العسكرية في العراق، وتحديدا في منطقة آمرلي وهو يرتدي ملابس عسكرية فاتحة اللون وقبعة بيضاء تماثل ما كان يرتديه أبو مهدي المهندس وهو يقف إلى جانب العبادي.
1450 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع