بغداد: سنستبدل قيادات الجيش بعناصر وطنية غير فاسدة

  

وصف وزير الدفاع العراقي "احتلال" الموصل بالنكسة التي ضربت أركان البلاد، وإعلن عن سلسلة إصلاحات تشمل كل مفاصل الجيش وتقوم على استبدال قياداته بأخرى وطنية غير فاسدة، اضافة الى ترشيد الموارد المادية والبشرية، ووضع الجيش على مرحلة اعادة الثقة به بحيث يستطيع اخذ زمام المبادرة من جديد لـ"تحريرالاراضي المغتصبة".. بينما دعا إياد علاوي الى بناء عقيدة الجيش العسكرية على اسس من الوطنية والمهنية والكفاءة .. في حين وضع العبادي اكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول.

د.اسامة مهدي/لندن: قال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في كلمة متلفزة الى العراقيين الثلاثاء لمناسبة الذكرى 94 لتأسيس الجيش العراقي عام 1921 "إن هذا الجيش ظل مؤسسة وطنية وعنوان اكبار لكل العراقيين بمختلف تكويناتهم ومؤسسة وطنية ومرجعية عسكرية كفوءة لكن غزو تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وسقوط الموصل في حزيران (يونييو) الماضي شكل حدثًا استثنائيًا وصدمة رجت ارجاء العراق ووضعته على مفترق طرق حاسمة.. موضحًا ان ذلك حدث بسبب ضعف الاداء وضعف القيادات وقلة الانضباط وسوء الاداء وانفراط الثقة بين الجيش وابناء الشعب وهي اسباب حقيقية للنكسة اضافة للفساد المستشري في البناء غير السليم في التسليح والتجهيز والادارة والدعم.
 
لكن الوزير شدد على انه بالرغم من ذلك "استطاع شعبنا العراقي تفكيك الازمة واعادة الامور الى نقطة الشروع الجديد وتوكلنا على ناصر المؤمنين .. وارادة لبناء الجيش من القمة باستبدال قياداته بعناصر وطنية لم يلطخها الفساد وستليها مراحل اخرى، وبعد فترة قصيرة، رغم التركة الثقيلة التي ورثناها ننهض من جديد يدفعنا نداء الوطن وامل الناس للتحرير الكامل.
 
واعلن العبيدي عن "اتخاذ سلسلة من الاجراءات للاصلاح واعادة البناء شملت كل مفاصل الجيش بكل صنوفه ومحاسبة العناصر الفاسدة على مستوى الاشخاص والمؤسسات اضافة الى ترشيد الموارد المادية والبشرية بعضها معلن عنه وبعضها سري واستطعنا ان نضع الجيش على مرحلة اعادة الثقة به واستطعنا اخذ زمام المبادرة من جديد لزحف مظفر يساندنا الحشد الشعبي وابناء العشائر لتحريراراضينا المغتصبة".
 
ودعا وزير الدفاع العراقيين جميعاً الى ضرورة اغتنام الفرصة قوال "لاعزة الا بالله لاعزة الا بالعراق وحده ولا ولاء الا للعراق، وبهذه العناوين فقط ستعين فقط الجيش والا لا تنتظروا شعبًا موحدًا ووطناً متحابًا".. وخاطب الجيش قائلا "ان مشهد الوطن يستصرخكم لتكونوا جزءًا من ذخيرته لعمليات تحرير كبرى بمؤازرة ابناء شعبنا من رجس الدواعش.. الانبار ترنو اليكم وطال انتظارها وصلاح الدين قريب النصر منها وام الربيعين بانتظار معركة مرتقبة لتحريرها ونينوى ستكون المعركة الفصل بيننا وبين الدواعش ولنعمل جميعًا لعراق امن ومستقر".

العبادي يضع اكليلاً من الزهور وعلاوي يدعو لجيش بعقيدة وطنية
 
ومن جهته، وضع رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي صباح اليوم اكليلاً من الزهور على نصب الجندي المجهول في مراسم لمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي بحضور الوزراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في العراق.
 
وأكد العبادي حرصه على إصلاح المؤسسة العسكرية لإعادة "هيبة" الجيش العراقي وجنوده  وشدد على ملاحقة "المفسدين" داخل القوات المسلحة واوضح أن خطة الحكومة المقبلة تتضمن إخراج الجيش من المدن.
 
وقال العبادي خلال حضوره حفل تخرج 323 ضابطاً في الدورة 104 التي سميت "عهد الشرف" في معسكر الرستمية ببغداد إن "الجميع اليوم يدافعون عن العراق سنته وشيعته ومسيحييه وكرده وأيزيديته وشبكه، ونحن حريصون على إصلاح المؤسسة العسكرية".وأضاف أن "هذا الإصلاح سوف يعيد للجيش والجندي العراقي هيبتهما"، مشدداً على "عدم وجود مكان للمفسدين في المؤسسة العسكرية".
 
وتعهد العبادي بـ"ملاحقة جميع المفسدين الذين حاولوا المساس بالجيش العراقي وإخراج القوات المسلحة من داخل المدن لحماية حدود الوطن وتسلم وزارة الداخلية لمهامها في الداخل". وشدد العبادي على أن "العراق هو الدولة الوحيدة التي تقاتل الإرهاب من خلالها جيشها".. مشيراً إلى أن "هناك الكثير من الأصدقاء الذين ينظمون ضمن دائرتنا والتحالف الذي أيّدنا في حربنا ضد الإرهاب".
 
ومن جهته، دعا نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي الى بناء عقيدة الجيش العسكرية على أسس من الوطنية والمهنية والكفاءة.
 
واضاف علاوي في بيان صحافي تلقت "ايلاف" نسخة منه، "ببالغ الفخر واﻻعتزاز نستعيد هذه اﻻيام  مع ابناء شعبنا وقواتنا المسلحة البطلة، الذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس جيشنا الباسل حيث روى رجاله بعرقهم ودمائهم الزكية تراب العراق الطاهر، في تضحيات جليلة ملؤها الشجاعة والوطنية والوفاء".
 
واضاف: "لقد استطاع جيشنا الوطني من خلال تضحيات ابنائه حماية سلامة العراق، والدفاع عن كرامة الأمة العربية متحديًا الهزائم والنكسات التي يخطط لها اﻻعداء". وقال "لقد تمكنت الحماقات السياسية من زج جيشنا البطل في محارق ومعارك خاسرة في الداخل والخارج بعيدًا عن رسالته السامية، وانتهت الى حل هذه المؤسسة العريقة بقرار سيئ من الحاكم اﻻميركي، لتبدأ معاناة ابنائه والتي حاولنا تذليلها في رئاستنا للحكومة اﻻولى من خلال اعادة تشكيله وبنائه وطنيًا ومهنيًا استطاع بمؤازرة الشعب الكريم من دك اوكار اﻻرهاب وسحق قياداته".
 
واشار علاوي من ان تسيس الجيش واجراءات الدمج غير المدروسة واضعاف عقيدته الوطنية وبنيته المهنية واستشراء الفساد كلها وغيرها، عوامل ساهمت في انتكاسة التاسع من حزيران عام 2014. وقال "اننا اذ نحتفي بالمناسبة الكريمة لتأسيس الجيش متمنين له العزة والنصر على اعداء العراق، ندعو شعبنا الكريم لمؤازرته ونتطلع إستعادة دوره الريادي وبناء عقيدته العسكرية على اسس من الوطنية والمهنية والكفاءة".
 
رئيس البرلمان: الجيش يواجه اليوم المرحلة الاصعب في تاريخه
 
ومن جانبه، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إن الجيش العراقي بقي طوال مسيرته حامياً للعراق وسورًا للوطن بغض النظر عن المراحل التي حاول الحاكم فيها جرّه الى المزاج الشخصي والدوافع الذاتية التي أربكت مشهد العراق وكلفته الكثير من الاثمان ودخل بسببها دوامة السنوات العجاف وخاض تداعياتها حروبًا مرهقة كلفتنا وقتًا وجهدًا ومالاً طائلاً والأغلى من ذلك الأرواح التي ازهقت.
 
 واضاف في كلمة ارسل نصها الى "ايلاف" أن الجيش مر بمراحل عدة في تاريخه الطويل تطور فيها تطورًا ملحوظًا حتى غدا واحداً من اهم جيوش المنطقة، ما أضفى على العراق حلة الهيبة والقوة وأصبح الجميع يحسب للعراق الف حساب وتمكن بفعل هذه الترسانة من صناعة مكانة مهمة بين دول العالم.
 
 وقال "اليوم يواجه جيشنا مرحلة ربما هي الاصعب في تاريخه والأكثر حساسية في مسيرته بعد احداث العاشر من حزيران، وما حصل من تراجع في الأداء اقلقنا وأزعجنا  ووضعنا في دائرة المسؤولية للعمل على قراءة التجربة وتحليلها والوقوع على الأسباب الحقيقية وراء ما حصل" .
 
 وخاطب الجبوري افراد القوات المسلحة قائلاً "وأنتم تخوضون معركة الشرف مع الارهاب يتعين عليكم استحضار معاني حب الوطن والتضحية لأجله والتمسك بعقيدة المؤسسة العسكرية وتجذيرها في النفوس والابتعاد عن الانتماءات الفرعية بكل صورها وأشكالها الى انتماء واحد هو العراق وأمنه وسيادته، ومن هنا يتعين على السياسيين في البلد التزام هذا المعنى ودعمه وتعزيزه من خلال تجنيب المؤسسة العسكرية كل صور التدخل والانحياز والميول لصالح احزابهم وتكتلاتهم" .
 
 وشدد بالقول: "ينتدبنا الواجب الى مراجعة جادة وشجاعة وجريئة للغتنا السياسية في تعاملنا مع كثير من الملفات وعلى رأسها المؤسسة الأمنية والتي اصبح لزامًا علينا العمل على شمولها بمشروع الإصلاح وذلك لن يكون الا بتطهير هذه المؤسسة من كل أشكال الفساد، فالفساد في الجيش لا يشبه اي فساد آخر في أية مؤسسة اخرى ووجوده فيها يعني خرقًا في الأمن القومي وهذا ما لا ينبغي التهاون فيه او تأجيله، وعملية الإصلاح تقتضي التوازن الشامل في كل مفاصله ولا أعني التوازن بمفهومه العددي الضيق بل ببعده المهني التخصصي، وهذا ما نصت عليه المادة التاسعة من الدستور، وحين نتطرق الى التوازن ايضاً فإننا لا نقصد ان يشارك الجميع في إدارة الملف الأمني بل أن يشترك الجميع، وفرق شاسع بين الاشتراك والمشاركة وكذلك لا نريد بحديثنا عن التوازن أن تحصل الأطراف على استحقاقاتها الوظيفية في المؤسسة عن طريق المحاصصة بل ان يتحمل الجميع بالتساوي المسؤولية ويشعر الكل بضرورة الحفاظ على مكتسبات هذا الجيش العظيم عبر تاريخه، فحين يكون الكل في هذا الموقع سيكون احرص على حمايته وتحصينه من الانهيار والدمار".
 
واكد قائلاً "واجبنا اليوم جميعًا كمواطنين يتلخص في دعم المؤسسة الأمنية بكل انواع المساندة والمساعدة فرجل الأمن لا يمكنه بمفرده ان يقوم بالمهمة ما لم يضع المواطن جهده الى جهد العسكري وفي ذات الوقت فالجندي مطالب بتطمين المواطن بأنه له ومنه ليكون عونًا وسندًا ومؤازرًا، وهذه القناعة تتولد من عدة أمور أهمها الأداء المهني الذي يتمتع به العسكري, وتمتعه بالأخلاق الجندية الأصيلة وجيشنا جدير بهذه المنظومة القيمية وتاريخه يشهد بذلك .. كما يتوجب علينا جميعاً أن نعمل على تخليص الوطن من كل مظاهر السلاح المتفلت وتحت أي عنوان او سبب وهذا يتطلب وقتًا وجهدًا من الجميع واعتقد ان البداية تكون من تعزيز قدرات الجيش والقوات الأمنية من النواحي التدريبية والتسليحية وتسخير مقدراتنا المالية والمهنية لتطوير هذه المؤسسة المهمة، والتي يتوقف عليها مستقبل البلد واستقراره وسيادته".
 
ودعا رئيس البرلمان الى الاستفادة من كل خبرات الجيش العراقي والتي تم استبعاد بعضها  أو الزهد في قدراتها فترة طويلة تحت مبررات شتى فقد ان الاوان لإعادة النظر بكل هذه الإجراءات حرصاً على مستقبل العراق وصلاح جيشه واستقرار امنه .. وقال ان قانون الحرس الوطني يمثل حالة تحول إيجابية في هيكل المؤسسة الأمنية وهو ما يدعونا الى الدعوة للإسراع في إكماله من الجهات التنفيذية المختصة لتقديمه الى البرلمان ليكون اضافة نوعية في تشكيلات الجيش.
 
وعبر عن الامل في ان ينتقل الجيش قريبًا الى حدود العراق ليمارس مهمته ووظيفته التي شكل من اجلها، وهي حماية العراق من الاعتداءات الخارجية وحسب، وان تأخذ قوى الأمن بعد تحرير الارض من داعش دورها في حفظ الأمن الداخلي.
 
وامس اكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم اليوم أهمية مواصلة بناء الجيش وتحريره تمامًا من اي انحياز وولاء سواء لفرد أو لحزب أو لجماعة معينة، وقال انه "في ذكرى تأسيس الجيش العراقي الباسل يستعيد العراقيون بفخر واعتزاز الكثير من المآثر البطولية التي خاضها الجيش ورجاله المخلصون من أجل الكرامة والحرية والاستقلال الوطني".
 
واضاف في رسالة الى العراقيين بهذه المناسبة إن "هذه المآثر التي بقيت تقترن بالمراحل التي كان فيها جيشنا الوطني بأبهى صوره مهنياً ووطنياً وشجاعاً في مواجهة التحديات، وبما جعل منه واحداً من أكفأ الجيوش من حيث الاعداد المهني والانضباط والشعور بالمسؤولية الوطنية ومن حيث القدرة البطولية على اداء المهام النبيلة التي أوكلت إليه".
 
الجيش العراقي .. سيرة مؤسسة وطنية حققت انتصارات ومنيت بنكسات
 
تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني (يناير) عام 1921 في خطوة اولى نحو بناء الدولة العراقية الحديثة، وذلك حين تشكيل فوج حمل اسم  "فوج موسى الكاظم" في قاعدة عسكرية تقع في الكاظمية بضواحي بغداد الشمالية يقوده ضباط سابقون كانوا يعملون في الجيش العثماني.
 
وتشكلت بعد تأسيسه وزارة الدفاع التي رأسها الفريق جعفر العسكري، حيث بدأت بتشكيل الفرق العسكرية بالاعتماد على المتطوعين فتم تأسيس الفرقة الأولى مشاة واصبح مقرها مدينة الديوانية الجنوبية والفرقة الثانية مشاة ومقرها كركوك الشمالية.
 
وطيلة فترة عشرينات القرن الماضي الى منتصف الثلاثينات منه حافظ الجيش العراقي على عسكريته دون الدخول في المعترك السياسي حتى عام 1936 حيث اشترك في أول انقلاب عسكري بقيادة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي.
 
وقام الجيش بعد ذلك بدور بارز في الحروب العربية الاسرائيلية منذ عام 1948 وفي حرب حزيران 1967 وحرب تشرين 1973 .. ثم خاض حرب الثماني سنوات مع ايران عام 1980 ثم تضاعف حجمه وقوته اثر ذلك ليبلغ عدده اكثر من مليون رجل حيث صنف رابع أكبر جيش في العالم من حيث عدد الأفراد وكان يتشكل من 50 فرقة من القوات البرية .
 
وأدخل النظام السابق الجيش العراقي بمغامرة غزو دولة الكويت في الثاني من آب (أغسطس) عام 1990 والتي انتهت بتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة واعلانها الحرب على العراق لتحرير الكويت وسميت العملية بعاصفة الصحراء التي انهكت جيش العراق وانتهت بفرض حصار اقتصادي على البلد.
 
وبعد احتلال القوات الأميركية للعراق وسقوط النظام السابق ربيع عام 2003 أعلن الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر حل ما تبقى من الجيش العراقي وتم تشكيل جيش جديد مكون من 17 فرقة لكل فرقة 4 ألوية بالإضافة إلى قوات للبحرية والجوية. ثم تم تشكيل أول لواء في الجيش الجديد نهاية عام 2003 وهو اللواء الأول للتدخل سريع الذي يعتبر نواة الجيش الجديد الذي يبلغ تعداده حاليًا حوالي 350 الف عسكري. ومنذ ذلك الوقت يخوض الجيش حربًا ضد مجاميع مسلحة تخوض حرب عصابات.
 
ثم مني الجيش في حزيران (يوينو) الماضي بنكسة عسكرية كبيرة حين استطاع تنظيم الدولة الاسلامية احتلال مدينة الموصل الشمالية وتمدده منها الى محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك وديالى.. لكن الجيش وبدعم من تحالف دولي يضم حوالي 60 دولة عربية واجنبية استطاع أن يستعيد قوته وبدأ عملية تحرير لأراضٍ سيطر عليها التنظيم ، وحيث لاتزال المعارك مستمرة في اكثر من منطقة عراقية.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

972 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع